العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

المعارضة حذرت الحكومة من ممارسة ألعاب على دماء الجنود

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
TT

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)
عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

ولم تظهر أي مؤشرات بعد حول توقيت العملية أو مداها بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، خلال الاحتفال بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية التركية، أن تركيا ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من الحزام الأمني على حدودها الجنوبية مع سوريا.

وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش التركي يمكن أن يقوم بأي عمليات في أي وقت انطلاقاً من القانون الدولي وحق الدفاع المشروع عن النفس.

إردوغان أعلن أكثر من مرة أنه قد تكون هناك عملية عسكرية تركية ضد «قسد» شمال سوريا (الرئاسة التركية)

وأثارت تصريحات إردوغان، التي كررها بعد ذلك في أكبر من مناسبة، تساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه العملية قبل أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، فضلاً عن التنسيق مع الأطراف الفاعلة على الأرض وفي مقدمتها روسيا.

اتهامات للحكومة

علقت المعارضة التركية التي تطالب بالانتهاء من مشكلة اللاجئين السوريين عبر الإسراع في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، على التصريحات بشأن العملية العسكرية، متهمة الحكومة بممارسة الألعاب على دماء الجنود الأتراك.

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزال استبعد تنفيذ العملية من جانب الجيش (من حسابه في إكس)

وقال زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال: «نعلم أن العملية في شمال سوريا سيجري تنفيذها من جانب الجيش الوطني السوري، وليس القوات المسلحة التركية».

ولفت إلى أن الانتخابات المحلية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا ألغيت بسبب اعتراضات تركيا رغم دعم الولايات المتحدة، لكن الحكومة «تحالف الشعب» (حزبا العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية) يمارسان لعبة أخرى الآن، عبر دعوة زعيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان للحديث في البرلمان، وإعلان حل المنظمة وانتهاء الإرهاب في تركيا.

وقال أوزال: «إذا جاء أوجلان إلى البرلمان، فسوف يوزعون بطاقات الانتخابات في شمال سوريا، وستطلب الحكومة التركية من الجيش الوطني السوري أن ينفذ العملية العسكرية وليس القوات التركية... لا تلعبوا (الحكومة) لعبة الروليت الروسية أو البوكر الأميركي على دماء جنودنا».

رفض روسي وترقب لموقف ترمب

وعبَّرت روسيا صراحة عن رفضها لقيام تركيا بعملية عسكرية جديدة، وقال المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إنه من غير المقبول أن تقوم تركيا بعملية في سوريا.

وأضاف لافرنتييف، بحسب ما نقلت عنه وكالة «سبوتنيك»: «مثل هذه العملية قد تكون لها عواقب سلبية في سوريا، ولن تكون حلاً، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما تستفيد منها أطراف مثل (هيئة تحرير الشام)».

المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أعلن رفض موسكو قيام تركيا بعمليات عسكرية جديدة (إعلام تركي)

وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأميركية الداعمة لقوات «قسد» و«وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تشكل غالبية قوامها، ستنسحب من شمال شرقي سوريا بعد إعادة انتخاب ترمب رئيساً لأميركا.

وتعد أميركا وروسيا دولتين ضامنتين للوضع في شمال شرقي سوريا، من خلال تفاهمين وقَّعتهما مع تركيا لإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية في شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتي توقفت بعد أيام قليلة من انطلاقها بعد تعهد واشنطن وموسكو بإبعاد «وحدات حماية الشعب الكردية» عن الحدود التركية لمسافة 30 كيلومتراً، وتسيير دوريات تركية روسية على خطوط التماس شمال وجنوب المنطقة لضمان التفاهم التركي الروسي.

غضب تركي

وتتهم أنقرة كلاً من واشنطن وموسكو بعد تنفيذ تعهداهما بموجب التفاهمين، كما تشكو دائماً من الدعم الأميركي للوحدات الكردية بدعوى التحالف معها في الحرب على «داعش»، بينما تعدها تركيا امتداداً في سوريا لـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه وحلفاؤها الغربيون «تنظيماً إرهابياً».

وقال إردوغان إنه طلب من ترمب، خلال اتصال هاتفي لتهيئته بالفوز في الانتخابات وقف الدعم الأميركي المقدم للقوات الكردية في شرق سوريا، وأكد أن تركيا لن تتوانى في اتخاذ أي خطوات، والقيام بأي عمليات لحماية أمن حدودها وشعبها.

وأضاف أنه إذا قررت أميركا الانسحاب من المنطقة، فإنه سيناقش ذلك مع ترمب من خلال «دبلوماسية الهاتف».

قوات «قسد» إلى جانب القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا (إعلام تركي)

وعبَّر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات منذ أيام، عن اعتقاده أن ترمب، الذي سبق أن وعد 3 مرات في ولايته السابقة بالانسحاب من سوريا، سيركز على المسألة في ولايته الجديدة.

لكن المحلل السياسي التركي، نامق دوروكان، لفت إلى أنه بينما قيَّمت روسيا العملية التركية المحتملة بأنها «غير مقبولة»، يخطط ترمب لتعيين مايك والتز مستشاراً للأمن القومي، ومايك روبيو وزيراً للخارجية، وكلا الاسمين من «الصقور» المدافعين عن بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وأضاف أن إسرائيل تزيد من عملياتها الجوية في سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على «حزب الله» في لبنان، وتعمل على نقل العملية إلى الأراضي السورية، وقد نبَّه البيان الصادر عن الاجتماع 22 لمسار أستانة للحل السياسي في سوريا، الثلاثاء الماضي، ضرورة إنهاء الحرب الأهلية السورية، وتم التأكيد على القلق المشترك بشأن محاولة إسرائيل توسيع الحرب، والعزم على العمل معاً للوقوف ضد الأجندات الانفصالية.


مقالات ذات صلة

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

شؤون إقليمية تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي»، والتخلُّص من «الإرهابيين» بصفوفها، والاندماج في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

المشرق العربي جندي أميركي يزود مقاتلة من طراز «إف-16 إي» بقنبلة «جي بي يو-31» في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأميركية (رويترز) play-circle 00:39

5 ساعات من القصف... ضربات أميركية واسعة ضد «داعش» في سوريا

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة 3 أميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

دمشق و«قسد» تُسارعان لإنقاذ اتفاق الدمج قبل انقضاء المهلة

قال عدة أشخاص مشاركين في محادثات لدمج القوات الكردية مع الدولة السورية إن المسؤولين السوريين والأكراد والأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدم في اتفاق متعثر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

حذرت تركيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
TT

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)
صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)

عثر على مسيّرة مجهولة المصدر محطّمة في حقل شمال غربي تركيا، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقلّ من 24 ساعة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام تركية.

وأشارت عدّة قنوات تلفزيونية خاصة وصحيفة «جمهورييت» التي نشرت صوراً قالت إنها للمسيّرة المتحطّمة التي لا تحمل أيّ إشارات تسمح بالتعرّف عليها، إلى أنّه تمّ العثور على هذه الطائرة المُسيرة الصغيرة في حقل خالٍ بالقرب من مدينة باليكسير (بالي قصر) على بعد نحو ثلاث ساعات من جنوب غربي إسطنبول.

وأفادت قناة «هالك تي في» و«هابرترك» بأن المسيّرة نُقلت إلى أنقرة لتحليلها.

طائرة مسيّرة محطمة مجهولة الهوية في حقل خالٍ بمنطقة مانياس في باليكسير (أ.ف.ب)

ويبدو أن الحادثة وقعت منذ أيّام، حسبما نقل الإعلام التركي استناداً إلى روايات قرويين في المنطقة. وهي ثاني حادثة من هذا النوع في أقلّ من 24 ساعة والثالثة منذ الاثنين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وكشفت السلطات التركية عن أن إحدى المسيّرات المنخرطة في هذه الحوادث «روسية الصنع».

والجمعة، عُثر على مُسيّرة محطّمة في منطقة ريفية بالقرب من إزميت شرق إسطنبول على بعد نحو 30 كيلومتراً من سواحل البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص، بأنّه يُعتقد أن المسيّرة «روسية الصنع من طراز أورلان-10، وتُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، وفقاً للنتائج الأولية».

تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا وهما في حالة حرب.

والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها.

وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود.

وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».


تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
TT

تركيا تُطالب «قسد» بخريطة طريق لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري

تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)
تركيا تطالب «قسد» بالاندماج في الجيش السوري أفراداً وليس وحدة منفصلة (أ.ف.ب)

طالبت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بالتخلّي عن خطابها «الانفصالي» واللامركزي، والتخلّص من العناصر «الإرهابية» في صفوفها، والاندماج التام في الجيش السوري، والخضوع لسلطة مركزية واحدة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن «قسد» يجب أن تنفصل عن «عناصرها الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تُشكل عمادها الأساسي، وتُعدها أنقرة ذراعاً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، وأن يتم القضاء التام على الهياكل الأمنية الموازية على الأرض.

وأكد غولر أنه ينبغي على «قسد» أن تنفذ اتفاقية الاندماج في الجيش السوري، الموقعة بين الرئيس أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، برؤية واضحة وخريطة طريق محددة.

خريطة طريق للاندماج

ولفت وزير الدفاع التركي، خلال لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية لمراجعة وتقييم التطورات والأحداث خلال عام 2025، إلى أن الاتفاقية، التي أُعدت في إطار مبدأ «دولة واحدة وجيش واحد» في سوريا، لم تُترجم بعد إلى واقع ملموس، ولم تُدعم بخطوات عملية.

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي يشار غولر مع ممثلي وسائل الإعلام التركية (الدفاع التركية)

وأضاف: «نودّ أن نؤكد بوضوح أن عملية الاندماج يجب أن تتم، ليس بتصريحات غامضة ومفتوحة، بل برؤية واضحة وخريطة طريق محددة المعالم وملزمة وقابلة للتنفيذ، وفي هذا السياق، يُعدُّ القضاء على العناصر الإرهابية من قِبل (قسد) أمراً بالغ الأهمية».

وتابع غولر: «جرى تشكيل حكومة جديدة في سوريا، وهناك رئيس دولة جديد، ونعتقد أنه من الضروري منحهم بعض الوقت لإرساء النظام في البلاد، وأعلن الرئيس السوري أنه سيحتضن جميع الفصائل في بلاده، والتزم، ولا يزال، بذلك، ولا يزال ملتزماً به، خلال اجتماعاتنا مع القادة السوريين، نرى ونتفهم موقفهم تجاه دمج (قسد)».

الرئيس الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاقية الاندماج في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وعن الموقف الأميركي بشأن اندماج «قسد»، وما إذا كانت هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن في هذا الشأن، قال غولر إن المحادثات بين الجانبين مستمرة، وقد تغيَّرت وجهة نظر الولايات المتحدة بشكل كبير.

وأضاف: «أصبح أصدقاؤنا الأميركيون الآن أكثر وعياً بالواقع، وتتضاءل خلافاتنا في هذا الشأن، لقد أوضحنا ما نريده بوضوح، لا رجعة في هذا الأمر، سيتم دمجهم حتماً في الجيش السوري».

وتابع: «تتحدث (قسد) أيضاً عن الدمج، لكن ما تتحدث عنه هو الدمج بوصفها وحدة، لكنهم يجب أن يندمجوا أفراداً وليس وحدة، وإلا، لما سُمي ذلك دمجاً؟».

الخيار العسكري

وعن موقف تركيا إذا لم تلتزم «قسد» بتنفيذ الاندماج، قال غولر إن «تركيا لديها خطط جاهزة للتعامل مع جميع التطورات، نعرف جيداً ما سنفعله، ولدينا القدرة والإمكانية للقيام بما فعلناه حتى اليوم».

وأضاف: «خلال عملياتنا في سوريا منذ عام 2016، كانت الولايات المتحدة وروسيا موجودتين في سوريا، وقد فعلنا ما كان يجب فعله دون استشارة أحد، وأنجزناه، وفي المستقبل، إذا لزم الأمر، سنفعل ما هو ضروري دون استشارة أحد».

فيدان بحث مع برّاك تنفيذ اتفاقية اندماج «قسد» خلال لقائهما بوزارة الخارجية التركية الثلاثاء (الخارجية التركية)

كان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد حذّر، الخميس، يعد يومين من لقائه السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك بمقر «الخارجية التركية»، من نفاد صبر الأطراف المعنية بسبب عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج.

وقال فيدان إنه «يجب على (قسد) الالتزام بالاتفاق من دون تأخير»، مضيفاً: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ لكن صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق و(قسد) من خلال الحوار».

وأفاد وزير الدفاع التركي بأن بلاده تتابع التطورات في سوريا من كثب، قائلاً: «حددنا موقفنا منذ البداية، ولا مجال للتراجع عنه، ضمان الاستقرار والأمن في سوريا ومكافحة الإرهاب أمران حيويان للأمن القومي التركي».

التعاون مع دمشق

وأضاف غولر: «نحن على اتصال وثيق مع الحكومة السورية، التي قطعت شوطاً مهماً على طريق العيش بسلام والاندماج مجدداً في المجتمع الدولي بعد معاناة طويلة، ونحن منخرطون في تنسيق قوي وتعاون بناء».

غولر ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة خلال توقيع مذكرة التفاهم للتعاون العسكري بين أنقرة ودمشق في أغسطس الماضي (الدفاع التركية)

وأشار إلى أنه في إطار مذكرة التفاهم للتدريب والاستشارات الموقعة بين البلدين، في أغسطس (آب) الماضي، «نواصل إسهاماتنا في مجالات مثل تعزيز القدرات الدفاعية للجيش السوري، وتطوير وتحديث هيكله التنظيمي، وتدريب الأفراد، ولا سيما في مكافحة الإرهاب».

ولفت غولر إلى أنه عندما سيطرت القوات التركية على عفرين (ريف حلب) من أيدي «قسد» عام 2018، كانت جميع المساجد والكنائس والمدارس قد تحوّلت إلى «معاقل للإرهابيين» (في إشارة إلى عناصر «قسد»/ و«وحدات حماية الشعب» الكردية)، وقامت القوات «بتطهير عفرين من الإرهاب» ودمّرت جميع الأنفاق التي اكتشفتها.

وأضاف: «رغم أن أكبر سد في المنطقة يقع شمال عفرين، فإن السكان كانوا يعانون انقطاع المياه، لقد جعلنا المنطقة آمنة وصالحة للعيش، ونراقب من كثب أنشطة حفر الأنفاق الجارية التي تقوم بها المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى «قسد») في الرقة ودير الزور».

جنود أتراك يعملون في تطهير الأنفاق في شمال سوريا (الدفاع التركية)

وتابع أن القوات التركية دمّرت 732 كيلومتراً من الأنفاق، منها 302 كيلومتر في تل رفعت (ريف حلب) و430 كيلومتراً في منبج (ريف حلب)، ما جعل المنطقتين صالحتين للسكن مجدداً.

من ناحية أخرى، انتقد غولر النهج الإسرائيلي القائم على «فهم أمني خاطئ»، والذي يستفز جهات فاعلة غير حكومية ضد الحكومة السورية، ويستخدم قوة مفرطة، ويُلحق مزيداً من الضرر بالتوازنات الهشة أصلاً في المنطقة، ويُعمِّق حالة عدم الاستقرار، ويُشكل تهديداً للأمن القومي التركي.

وقال إن على إسرائيل أن تُدرك أنها لا تستطيع حلّ مخاوفها الأمنية بمهاجمة سوريا وزعزعة استقرارها؛ بل يجب أن تقوم بذلك من خلال التعاون مع الحكومة السورية الجديدة على أساس حسن الجوار، وإقامة العلاقات وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.


تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
فلسطينيون فوق دبابة إسرائيلية سيطر عليها مقاتلو «كتائب القسام» قرب خان يونس في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن هيئة البث العام الإسرائيلية (كان)، أن إسرائيل جمعت معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة على الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» وأشعل الحرب في غزة، مشيرة إلى أن الحركة كانت تخطِّط لعمل ما في صباح اليوم التالي.

وحسب التقرير، جاءت المعلومات عبر عملية جمع استخباراتية نُفِّذت باستخدام طائرات مُسيَّرة فوق قطاع غزة، وركَّزت على عناصر «حماس» الذين كانوا يتولُّون حراسة نفق كانت إسرائيل تعتقد أن الأسير أفيرا منغستو محتجز فيه.

أكثر من 70 % من سكان غزة يعيشون في ملاجئ مؤقتة بسبب الحرب الإسرائيلية التي دمرت القطاع (أ.ف.ب)

ووفق «تايمز أوف إسرائيل»، كان منغستو الذي يعاني من مرض نفسي، قد دخل قطاع غزة من تلقاء نفسه عام 2014، قبل أن تعتقله الحركة وتحتجزه. وأُفرج عنه في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير (شباط) من العام الجاري.

وأشارت «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن إحدى المعلومات التي جُمعت خلال تلك العملية بالطائرات المُسيَّرة، ورغم عدم وضوحها، أثارت «إشارة تحذير»، فتم تمريرها إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن «كان» استناداً إلى «مصادر»، أن قيادة المنطقة الجنوبية قلَّلت من أهمية هذه المعلومة، واعتبرتها على الأرجح مؤشراً إلى تدريب تجريه «حماس»، وليس إلى هجوم وشيك.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن عملية السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لا تظهر في سجلات الجيش الإسرائيلي، كما لم يُشر إليها في التحقيقات التي أُجريت بشأن الأحداث التي سبقت الهجوم الواسع اللاحق أو رافقته، لافتة إلى أن سبب إغفالها لا يزال غير واضح.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد أفادت في وقت سابق من الشهر الحالي بهذه العملية الاستخبارية، ولكنها نُسبت حينها إلى مصدر مطَّلع قوله إنها لم تسفر عن اختراق استخباري يتعلق بمنغستو، ولا عن أي مؤشر على هجوم وشيك من جانب «حماس».

ويأتي هذا التقرير -وفق «تايمز أوف إسرائيل»- بعد نحو أسبوعين من قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بتعيين لجنة من الخبراء للتحقيق في إخفاقات الجيش في التعامل مع التقارير الاستخبارية التي وردت منذ عام 2018، والتي أشارت إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، وهي مسألة لم تُدرج ضمن التحقيقات الأولية التي أجراها الجيش بشأن هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وجاء هذا القرار عقب مراجعة أجراها فريق آخر من الضباط الكبار السابقين لتحقيقات الجيش الداخلية بشأن إخفاقات السابع من أكتوبر؛ حيث خلص الفريق إلى أن كثيراً من هذه التحقيقات كانت غير كافية، كما أشار إلى ملفات عدة لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً، وفي مقدمتها التقارير الاستخبارية المتعلقة بخطة «حماس» للهجوم التي كانت تحمل في الجيش الاسم الرمزي «أسوار أريحا».

وفي فبراير، خلص التحقيق الداخلي للجيش الإسرائيلي في الإخفاقات الاستخبارية التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر إلى أن المؤسسة العسكرية كانت قد تلقت على مدى سنوات معلومات وخططاً تشير إلى نية «حماس» شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، ولكنها اعتبرت هذه الخطة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، في وقت واصلت فيه الحركة استعداداتها للهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر.