«الدفاع أكثر تكلفة من الهجوم» في معركة الصواريخ بين إيران وإسرائيل

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
TT

«الدفاع أكثر تكلفة من الهجوم» في معركة الصواريخ بين إيران وإسرائيل

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الجمعة، الضوء على تكلفة الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، الثلاثاء، وتصدي الجيش الإسرائيلي له.

وقالت الصحيفة إن هناك القاعدة غير المكتوبة التي تقول إن تكلفة الصاروخ الاعتراضي أعلى دائماً من تكلفة الصاروخ الذي يتم اعتراضه.

ولفتت إلى أن أحد المفاهيم التي ظهرت منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» هو «اقتصاد الصواريخ»، حيث لا يكفي أن يكون لديك أفضل صاروخ أو قنبلة، بل تحتاج أيضاً إلى الحفاظ على مخزون كافٍ لتلبية احتياجاتك والقدرة على تجديد هذا المخزون في حالة الحرب الطويلة.

وحتى في تطوير الأسلحة القادرة على الطيران بسرعات آلاف الكيلومترات في الساعة، والمسلحة برؤوس حربية وأجهزة استشعار متطورة مثل الصواريخ والمسيرات، فإن الترسانة العسكرية الناجحة قد تتلخص في التمويل.

وذكرت أن لجنة التحقيق الحكومية الإسرائيلية في الحرب ستحتاج إلى معالجة قضية تمويل أعداد كبيرة من الصواريخ الاعتراضية، فقبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى جانب الإخفاقات السياسية والاستخباراتية، كان هناك قصور كبير في تجهيز القوات الجوية الإسرائيلية والمدرعات والمدفعية بالذخائر الكافية، وهذا يترك إسرائيل الآن في موقف محفوف بالمخاطر إلى حد ما.

وذكرت أن تكلفة الصاروخ الاعتراضي أعلى دائماً من تكلفة الصاروخ الذي يتم اعتراضه، وفقاً لقاعدة الدفاع أغلى من تكلفة الهجوم.

كان هذا هو الحال مع نظام «باتريوت» ضد صواريخ «سكود» في حرب الخليج عام 1991، وكان هذا هو الحال مع القبة الحديدية ضد الصواريخ من «حماس» و«حزب الله» منذ عام 2011.

وتعدّ قضية التكلفة هي التي دفعت إلى تطوير نظام الاعتراض بالليزر (آيرون بيم)، والذي يتم تطويره حالياً من قبل وزارة الدفاع شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية (رافائيل).

من المتوقع أن يتم تسليم أول منظومة تعمل بالليزر إلى الجيش الإسرائيلي بحلول نهاية عام 2025، فبدلاً من استخدام صاروخ يكلف نحو 100 ألف دولار، يمكن لليزر إسقاط الصواريخ بتكلفة بضعة دولارات فقط - وهي تكلفة الكهرباء في الأساس، وحتى عند إضافة تكاليف الصيانة والتآكل، فإن هذا يمثل ثورة اقتصادية وأمنية كبيرة.

ووفقاً لتقارير الجيش الإسرائيلي، أطلقت إيران 181 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، الثلاثاء الماضي، واعترض معظمها، وكذلك اعترضت الولايات المتحدة، من خلال مدمراتها الصاروخية 12 صاروخاً، وفقاً لتقارير أميركية، وهذا يعني أن الإيرانيين أطلقوا ما يقرب من 200 صاروخ، مع سقوط عدد قليل منها في الطريق في إيران والعراق.

ويعدّ الصاروخ الباليستي الذي يتراوح مداه ما بين 1500 و2000 كيلومتر باهظ الثمن، وتشير التقديرات إلى أن الإيرانيين كلفتهم مليون دولار على الأقل لإنتاج كل صاروخ، كما استخدموا صواريخ حديثة مثل «عماد» و«خيبر»، وحتى «فاتح - 1»، الذي تزعم أنه أسرع من الصوت - أي أنه يمكنه الطيران والمناورة بسرعات تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت - في محاولة لخداع أنظمة الدفاع الجوي التي تحاول اعتراضه.

ويعدّ مبلغ 200 مليون دولار أميركي ضخماً بالنسبة لقصف صاروخي، وهو بالتأكيد ليس جزءاً ضئيلاً من مخزون الصواريخ الإيراني، لكن من وجهة نظر طهران، فإن هذا المبلغ يمثل ضربة خفيفة نسبياً لميزانيتها.

ووفقاً لتقرير لوكالة «رويترز» للأنباء، تمكنت إيران، حتى في ظل العقوبات الدولية، من تصدير نفط بقيمة 35 مليار دولار سنوياً وقد كلفها هذا القصف الصاروخي ما يعادل يومين فقط من الصادرات وهو ليس شيئاً قد تفعله يومياً، لكنه أيضاً ليس نفقات قد تكافح الدولة لإدارتها كل بضعة أشهر، خصوصاً في حين تهمل فروع أخرى من الجيش للاستثمار في تكنولوجيا الصواريخ.

ورداً على الصواريخ الإيرانية، أطلقت القوات الجوية الإسرائيلية صواريخ «آرو - 2» و«آرو - 3» التي تنتجها إسرائيل، ولا يتم إطلاقها ضد الصواريخ التي يحددها النظام على أنها تستهدف مناطق غير مأهولة أو غير ذات أهمية عسكرية.

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ومع ذلك، استخدم الإيرانيون صواريخ أكثر دقة هذه المرة؛ وهو ما أدى على الأرجح إلى تحسين قدرتهم على الاستهداف، ودقة الصواريخ الإيرانية أقل مقارنة بالمحاولات السابقة؛ مما يستلزم المزيد من عمليات الاعتراض.

ولم يكشف الجيش الإسرائيلي عن عدد صواريخ «آرو» التي تم استخدامها أو ما إذا كان يتطلب أيضاً استخدام «مقلاع داود» أو القبة الحديدية لاعتراض شظايا أو أجزاء أكبر من الصواريخ الإيرانية التي ليست مزودة برؤوس حربية، لكنها لا تزال قادرة على التسبب في أضرار ثانوية.

ويبلغ سعر صاروخ «آرو - 2»، الذي يعترض هدفه على ارتفاعات عشرات الكيلومترات في الغلاف الجوي، نحو 3 ملايين دولار، ويبلغ سعر صاروخ «آرو - 3»، الذي يعترض الصواريخ الباليستية في الفضاء على مسافات أكبر من الحدود الإسرائيلية، نحو مليونَي دولار.

ومع ذلك، حتى لو تم استخدام نحو 180 صاروخ «آرو»، باستخدام كلا النوعين، فإن تكلفة الاعتراض ستكون نحو 450 مليون دولار - أكثر من ضعف تكلفة وابل الصواريخ الإيرانية.

وبحسب البنك الدولي، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل يزيد على ضعف نصيب الفرد في إيران: 50 ألف دولار مقارنة بـ20 ألف دولار في عام 2022.

ومع ذلك، فإن إسرائيل دولة يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، في حين يبلغ عدد سكان إيران 90 مليون نسمة، وجاء معظم تمويل شراء صاروخ «آرو» الاعتراضي من الولايات المتحدة، التي استثمرت حتى الآن نحو 4 مليارات دولار في المشروع.

ووفقاً للصحيفة، فبينما تفكر إسرائيل في ردها على الهجوم الإيراني الأخير، من المهم أن تتذكر أنها تستطيع أن تقوض بشكل كبير قدرة طهران على الحصول على صواريخ إضافية، إما من خلال العمل العسكري الذي يدمر منشآت إنتاجها أو من خلال التدابير الاقتصادية التي تستهدف أنظمة إنتاج وتصدير النفط التي تمول هذه الجهود.


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تتبنى 3 هجمات في الجولان وطبريا

المشرق العربي صورة إطلاق طائرة مسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

فصائل عراقية تتبنى 3 هجمات في الجولان وطبريا

تبنَّت الجماعة التي تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» هجمات صاروخية على أهداف في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك (أ.ب) play-circle 00:42

إيهود باراك: إسرائيل قد تشنّ هجوماً «رمزياً» على المنشآت النووية الإيرانية

توقع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أن تشنَّ إسرائيل ضربة جوية واسعة النطاق على المنشآت النفطية الإيرانية، وربما تشنّ هجوماً رمزياً على هدف عسكري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (د.ب.أ)

مجلس الأمن يؤكد دعمه «الكامل» لغوتيريش

أكّد مجلس الأمن الدولي، مساء الخميس، دعمه «الكامل» للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعدما عدّته إسرائيل «شخصاً غير مرغوب فيه».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
تحليل إخباري المرشد الإيراني يلقي خطبة الجمعة في 16 يناير 2020 بعد أسبوع من رد انتقامي إيراني على مقتل سليماني (موقع خامنئي)

تحليل إخباري خطبة خامنئي الجمعة... عرض قوة ومحاولة لطمأنة الحلفاء

من المقرر أن يؤم المرشد الإيراني علي خامنئي صلاة الجمعة في طهران، بعد أكثر من أربع سنوات على آخر مشاركة له في أعقاب مقتل الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ما المخاطر التي تحيط بخيارات إسرائيل للانتقام من إيران؟

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن إسرائيل لديها عدة خيارات إذا أرادت شن ضربات انتقامية ضد إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي

دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)
دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)
TT

فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي

دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)
دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)

بالتزامن مع تبنّي هجمات بالطيران المُسيّر على أهداف إسرائيلية، توعدت فصائل عراقية بـ«حرب طاقة» في الخليج العربي والمنطقة.

وكان العراق قد أكد «السعي إلى حماية الممرات البحرية لنقل النفط في الخليج العربي»، وسط تحذيرات من اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران.

ماذا يحدث؟

هددت «كتائب حزب الله» في العراق، وهي إحدى أجنحة «المقاومة الإسلامية»، بفقدان العالم أكثر من 12 مليون برميل نفط يومياً، «ما إن تبدأ حرب الطاقة».

وقال المتحدث باسم «الكتائب» في منصة «إكس»، إن المنطقة أمام خيارين «إما أن ينعم الجميع بالخيرات، أو يُحرَم الجميع».

بدوره، شدّد المتحدث باسم كتائب «سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، على أن «الدستور العراقي لا يمنع (الفصائل) من الرد على الانتهاكات الإسرائيلية».

وقال الفرطوسي، في حوار مُتَلفز: «لدينا أسلحة مهمة. نستطيع أن نهدد بملف الطاقة، كما فعلت روسيا حين قلبت سوق الغاز العالمية في حرب أوكرانيا». وتابع: «إذا لم يرتدع هذا الكيان عن القتل، فسنذهب بعيداً، وبإمكاننا استهداف القواعد العسكرية في الخليج العربي، وسيكون ملف الطاقة هو الفيصل».

وتُصعّد الفصائل العراقية من لهجتها بعد تصاعد التحذيرات من هجمات إسرائيلية محتملة، رداً على شن إيران هجوماً بعشرات الصواريخ الإسرائيلية على مناطق متفرقة من إسرائيل، الثلاثاء الماضي.

وتداولت أحزاب «الإطار التنسيقي» ما قيل إنه «تقرير أمني بشأن عشرات الأهداف التي حددتها إسرائيل لضربها في العراق».

وتُرجح تقارير بأن منشآت حيوية للنفط والغاز في إيران ستكون ضمن أهداف الرد الإسرائيلي.

العراق يعتمد على مبيعات النفط لتأمين تشغيل موازنته المالية (رويترز)

خسائر عراقية

وتثير تهديدات الفصائل بشأن «حرب الطاقة» قلق نواب عراقيين على مداخيل النفط، وتأمين إيرادات الموازنة.

وقال النائب المستقل سجاد سالم، في منشور على «إكس»، إن «الفصيل المسلّح الذي يهدد بحرب الطاقة هل يستطيع تأمين رواتب شهرين فقط إذا توقّف تصدير النفط العراقي».

وتذهب 90 في المائة من مبيعات النفط لتأمين الموازنة الاتحادية التي يخصص العراق 70 في المائة منها لتأمين رواتب الموظفين الحكوميين ومصروفات تشغيلية عامة.

وكانت «بلومبرغ» قد ذكرت، نقلاً عن تقديرات أولية من «كليرفيو إينرجي بارتنرز»، أن أسعار النفط قد ترتفع بواقع 7 دولارات للبرميل، إذا فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات اقتصادية على إيران، أو 13 دولاراً إذا ضربت إسرائيل البنية التحتية للطاقة الإيرانية.

لكن القلق الأساسي، الآن، من تعطل تصدير النفط من منابع كبرى في الشرق الأوسط، فيما لو وصلت الحرب إلى الموانئ والحقول.

ويوم الجمعة، أكد الناطق باسم الحكومة العراقية، أنها «تُساند كلَّ فعل أو جهد دبلوماسي يُوقف الحرب ويضع حدّاً لسلوك إسرائيل واستهتارها بالقيم والمبادئ التي توافقت عليها البشرية».

كان رئيس الحكومة العراقية قد دعا الاتحاد الأوروبي إلى التدخل لوقف «العدوان على غزة والتصعيد في لبنان».

وقال بيان حكومي إن السوداني بحث، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، «احتمالات انزلاق المنطقة في حرب شاملة».

صورة إطلاق طائرة مُسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

3 هجمات منفصلة

ميدانياً، تبنّت «المقاومة الإسلامية في العراق»، الجمعة، مهاجمة 3 أهداف في طبريا والجولان المحتلّ بواسطة الطائرات المسيّرة.

وقال بيان لـ«المقاومة»، اليوم الجمعة، إن «مسلّحيها هاجموا ثلاثة أهداف بثلاث عمليات منفصلة في الجولان وطبريا بالأراضي المحتلة، بواسطة الطائرات المسيّرة».

كانت الفصائل نفسها قد أعلنت، في وقت سابق، هدفاً في جنوب إسرائيل بواسطة طائرة قالت إنها «ذات قدرات متطورة تُستخدم للمرة الأولى».

وتعهدت «المقاومة الإسلامية» بأنها «ستستمر باستخدام هذا النوع من الطائرات في دك معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة».

إلى ذلك، أكد مسؤول في «حزب الله» اللبناني «عدم حاجة لبنان إلى مقاتلين متطوعين من العراق».

وقال عضو المجلس السياسي في الحزب، غالب أبو زينب، في تصريح مُتَلفز، إن الحزب «ليس بحاجة إلى مقاتلين وخبرات ليكونوا معهم في مواجهة إسرائيل».

وتابع أبو زينب أن «الحكومة العراقية والحشد الشعبي يفعلون ما يرونه مناسباً، ونحن لا نتدخل في الأمور الداخلية في العراق، وتركيزنا الأساسي على المواجهة مع العدو».