زيارة «الأربعينية» تؤجل الحراك الشعبي في العراق لأسبوعين وسط إحباط من نتائج الإصلاح

العبادي ينوي إصدار حزمة جديدة من الترشيق تستهدف 8 وزارات

قوات خاصة عراقية تواكب مسيرة الزوار من بغداد إلى المراقد الشيعية في مدينة كربلاء (أ.ف.ب)
قوات خاصة عراقية تواكب مسيرة الزوار من بغداد إلى المراقد الشيعية في مدينة كربلاء (أ.ف.ب)
TT

زيارة «الأربعينية» تؤجل الحراك الشعبي في العراق لأسبوعين وسط إحباط من نتائج الإصلاح

قوات خاصة عراقية تواكب مسيرة الزوار من بغداد إلى المراقد الشيعية في مدينة كربلاء (أ.ف.ب)
قوات خاصة عراقية تواكب مسيرة الزوار من بغداد إلى المراقد الشيعية في مدينة كربلاء (أ.ف.ب)

في وقت أعلنت فيه مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عزمه على إطلاق حزمة جديدة من الإصلاحات بعد نحو أربعة شهور على إعلانه عن الحزمة الأولى منها، أدت زيارة «الأربعينية» إلى ضريح الإمام الحسين بن علي في مدينة كربلاء الأسبوع المقبل إلى تأجل المظاهرات الجماهيرية لنحو أسبوعين منذ يوم أمس، فيما كشف مسؤول رفيع أن دمج الوزارات ضمن الهيكلية الجديدة لم يستكمل، نظرا إلى المشاكل الأمنية والسياسية وهبوط أسعار النفط.
وكان التحالف الوطني المقرب من العبادي، أعلن أن الأخير يعتزم إطلاق حزمة جديدة من الإصلاحات تطال 8 وزارات ضمن تشريع قانوني، فضلا عن تغييرات أخرى ستشمل الوكلاء والمديرين العامين. وقال النائب عن التحالف علي المرشدي إن «التحالف الوطني جدد في الاجتماع الأخير دعمه لإصلاحات العبادي وتقويته لمواجهة التحديات التي تتطلب من الكتلة النيابية الأكبر الوقوف مع الحكومة»، مبينا أن «قيادات التحالف أكدت دعمها لأي إجراء يتخذه رئيس الوزراء شريطة عدم الإضرار بالمواطن على أن تقدم تلك الإجراءات عبر قوانين إلى البرلمان».
وأوضح المرشدي في بيان صحافي أصدره أول من أمس أن «التحالف الوطني حث رئيس الوزراء على تقديم دراسة مفصلة إلى مجلس النواب عن طبيعة الترشيق الوزاري الجديد من خلال تشريعها بقانون»، مؤكدا أن «التحالف الوطني يريد إنجاح مشروع رئيس الوزراء الإصلاحي شريطة أن لا يؤثر على معيشة الشعب العراقي». وأشار إلى إن «التأخر في تطبيق بعض الإصلاحات تعود أسبابه إلى المشاكل الأمنية والسياسية وهبوط أسعار النفط».
بيد أن وزيرا في الحكومة الحالية أضيفت إلى وزارته وزارة أخرى تم دمجها بها، أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم ذكر اسمه أن «عملية دمج بعض الوزارات مع بعضها لم تستكمل حتى الآن بالطريقة التي يمكننا من خلالها الحديث عن وزارة جديدة موحدة من حيث الهيكلية والإدارة الوظيفية»، مبينا أن «الملاكات بدء من الوكلاء نزولا لا تزال مثلما هي، وتدار من قبل ملاكاتها ما عدا الوزراء الذين دمجت وزاراتهم أقيلوا بحسب عملية الدمج». وأوضح الوزير أن «الموازنة الخاصة بالوزارة جاءت على أساس أن عملية الدمج قد اكتملت والأهم من هذا أن الموازنة قليلة جدا، بينما الواقع أن الوزارة لا تزال كما لو كانت وزارتين».
إلى ذلك، تغاضت المحكمة الاتحادية عما سبق أن أعلنته قبل أسبوع عن تأجيلها البت بالطعن الذي قدمه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي بشأن قرار العبادي إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية الذي كان من المقرر أن يبت به أمس (25 من الشهر الجاري).
وفي هذا السياق، يقول الوزير العراقي إن «المشكلة في قرار الإلغاء هي أن الأساس القانوني والدستوري له ضعيف لأن هناك قانونا ينظم عمل نواب رئيس الجمهورية، إضافة إلى أن العبادي لم يتشاور مسبقا مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بخصوص الأمر الذي أدى إلى حصول هذا الإرباك الذي يعاني منه الجميع، بمن في ذلك المحكمة الاتحادية التي يبدو إنها محرجة إلى حد كبير بين إعادة نواب الرئيس، وهو ما يعني مواجهتها لغضب الشارع والعبادي والسيستاني وإلغاء الطعن وهو ما يعني مخالفتها للدستور».
على صعيد آخر، أكد نائب السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي منسق التيار المدني الديمقراطي رائد فهمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المظاهرات كانت في الأصل من أجل دعم حركة الإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين، ولم تكن تستهدف طرفا معينا أو جهة ما بدليل أنها حظيت بدعم وتأييد أكبر مرجعية دينية في العراق هي مرجعية النجف ممثلة بالسيستاني، لكن المشكلة أن رئيس الوزراء لم يتعامل بشكل جدي حتى مع حزم الإصلاح التي أطلقها، الأمر الذي أدى إلى تقوية من استهدفتهم الإصلاحات من مافيات الفساد». وأضاف أن «حركة الاحتجاجات سوف تستمر بصرف النظر عن أعداد المتظاهرين بين أسبوع وأسبوع، لكنها كحراك جماهيري أثبت جدارته وقوته وقدرته على مواجهة كل التحديات، ومنها ليس عدم استجابة الحكومة فقط لحركة الإصلاح بل حتى لعدم تأمين الحماية الكافية للمتظاهرين بدليل الاعتقالات وعمليات الاختطاف التي حصلت للكثير منهم خلال الفترة الماضية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».