مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

مجوهرات رفيعة مستوحاة من الماء والخضرة

عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
TT

مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)
عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)

ليس جديداً أن تُلهم المحيطات والبحار عالم الموضة والمجوهرات. فقد ألهمت قبل ذلك الأدب والرسم والموسيقى. بالنسبة للمصممين، كانت ولا تزال بألوانها المتغيرة وشعابها المتوهجة تثير بداخلهم مزيجاً من الفضول والرغبة في الغوص في أعماقها لاستكشاف كنوزها.

جيريمي موريس، الرئيس التنفيذي والمدير الفني لدار «ديفيد موريس»، يعشق السفر والترحال، وبالتالي كان قيامه برحلة بحرية مسألة وقت لا أقل ولا أكثر. غالبية مجموعاته الأخيرة تستكشف إما شواطئ وبحار الريفييرا أو أعماق المحيطات. منها ما ترصد انسيابية مياه زرقاء لازودية، أو سحر نباتاتها وشعابها. في مجموعته الأخيرة من المجوهرات الرفيعة وهي بعنوان «ميستيك كوف (Mystic Cove)»، رصد تفاصيل تداخلات ألوان هذه النباتات والشعاب المرجانية وانعكاسات الضوء وما تولده من شفافية آسرة من خلال الألماس والأحجار الكريمة الملونة. ما يحسب له فيها أنه تعدى رسم زبد البحر عند تلاطم الأمواج وزرقة المياه. غاص فيما هو أعمق باستعماله أحجاراً نادرة مثل الألماس الوردي.

أقراط «باسيفلورا» تحاكي النباتات المائية والشعاب المرجانية (ديفيد موريس)

طرح كماً من القلادات والأساور والخواتم والأقراط تأخذ سمات أسماك من انحناءات وحراشف، أو تتلون بألوان الشعاب المرجانية وشقائق النعمان. كان التورمالين بارايبا، حجراً رئيسياً فيها، بحكم أنه من الأحجار التي يُفضلها جيريمي. في هذه المجموعة كان له ما يُبرر استعماله. بلونه الأزرق الصافي، كان مثالياً لرسم لوحة مائية يتخللها انتعاش ينبعث من بريق الألماس، أو توهجاً يستمده من الزمرد الكولومبي والياقوت اللذين استعملهما بتدرجات تحاكي الشعاب المرجانية والنباتات المحيطة بها.

عقد «أكواسيما» (ديفيد موريس)

هذه التلاعبات الضوئية كانت مثلاً مصدر إلهام عقد «أكواسيما (Aquissima)»، المتميز بقطعة ألماس بيضاء بلون من الدرجة «دي»، 15.22 قيراط، وقطعة تورمالين بارايبا 9.58 قيراط، تزينها مجموعة من حجر الألماس الرقيق على شكل الكمثرى، فيما يعرف باسم «البريوليت». منحتها الدار نعومة وخفة جعلتها تبدو مثل رذاذ البحر.

أقراط أذن «باترفلاي راي» من الماس والتورمالين (ديفيد موريس)

أما أقراط «باترفلاي راي (Butterfly Ray)»، فكانت رفيقاً رائعاً لعقد مصنوع من الأحجار نفسها، التورمالين والألماس . تتكون هي الأخرى من أحجار كريمة صافية وبياض ساطع، تم تقطيعها على شكل وردة. إبداع جيريمي ظهر أيضاً في طريقة رصها بشكل ينساب بخفة وجمال يستحضر صورة أشعة الشمس الساطعة وهي تنعكس على سطح البحر.

خاتم «أوديسي» يتوسطه حجر تورمالين ضخم وتزينه قطع أخرى من الماس (ديفيد موريس)

خواتم اليد أيضاً خضعت للاهتمام نفسه الدقيق للتفاصيل. حدد جريمي موريس خطوطها وحجمها على مقاس الحجر المركزي الذي تم اختياره. وليس أدل على هذا من خاتم «أوديسي (Odyssey)»، الذي حدد حجر تورمالين بارايبا 6.75 قيراط، انحناءاته على نحو يشبه منحنيات شقائق النعمان البحرية.

خاتم «لاغونا (Laguna)» أيضاً تميز بترصيع هندسي الشكل، مع شارات مرصعة بالألماس تستحضر التسلسل الطبيعي لذيل السمكة، ما يعكس براعة وحرفية كبيرة من جانب الدار. وتتجلى هذه البراعة أكثر في خاتم «مانتا (Manta)»، الذي يتضمن حجر زمرد نادراً واستثنائياً بزنة 33.40 قيراط، على شكل نصف قمر بأسلوب «كابوشون».

أقراط «لاغونا أماريليس» من الياقوت والألماس (ديفيد موريس)

إضافة إلى تورمالين بارايبا والزمرد والياقوت، كان لا بد من استعمال أحجار أخرى لكي تكتمل الصورة. وهنا يأتي دور الألماس بمختلف ألوانه، علماً بأنه منذ أن تولى جيريمي منصبه، خلفاً لوالده ديفيد موريس عام 2003، أدخل الألماس الوردي في مجموعات الدار. يشرح أن لونه النادر لم يكن العنصر الوحيد الذي شده، بل أيضاً ما يتيحه من إمكانات كبيرة للابتكار والإبداع، وهو ما جسّده في قطع تعكس الظلال الرقيقة للأصداف والحياة البحرية المتلألئة بأعماق البحر في هذه المجموعة.

خاتم «باسيفيكا» مستوحى من حراشف سمكة وتتوسطه ماسة نادرة باللون الوردي (ديفيد موريس)

مثل خاتم «باسيفيكا (Pacifica)» الذي صاغه على شكل مروحة، تتوسطه ماسة وردية بعمق أرجواني لا يتوفر عادة بسهولة. واحدة من بين مليونَي ماسة تتميز بخصائص مماثلة. سلّط جيريمي الضوء على ظلها الوردي بمزجه الذهب الوردي والأبيض. من المجموعة نفسها، تم عرض خاتم «نبتون (Neptune)»، تتوسطه ماسة بشكل هندسي، تزن 5.33 قيراط، تزينها قطع من الألماس الوردي، بهدف التأكيد على زواياها الفنية.

أقراط «بلوسوم (Sea Blossom)» هي الأخرى صُمِّمت بانسيابية معتمدة على أحجار مركزية يزن كل منها أكثر من 10 قراريط، مع أحجار الماس الوردي Fancy Intense، بشكل كمثرى. فجيريمي حرص على أن تكون اللوحة فنية من دون أن ينسى أن المجوهرات الرفيعة هي أولاً وأخيراً استثمار للمدى البعيد.


مقالات ذات صلة

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

لمسات الموضة المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

كانت لإلسا نظرة مختلفة للطبيعة عن باقي مصممي المجوهرات في سبعينات القرن الماضي. كانت نابعةً من شغف بالأشكال العضوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة ساعة بحركة «فلايباك» من البلاتين (إم بي & إف)

«شانيل» و«إم بي آند إف» توقّعان شراكة مستقلة

أعلنت «شانيل» و«إم بي آند إف» (MB&F) حديثاً عن توقيع شراكة مهمة بينهما، مؤكّدة مرة أخرى أنها تطمح للمزيد من التميز والتفرد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

ألوان أزياء الساسة الحاليين متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة تنص على ابتعادهم عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرد شخصي.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق رئيس بوتسوانا موكجويتسي ماسيسي يحمل الماسة الكبيرة التي تم اكتشافها في بوتسوانا بمكتبه في غابورون في 22 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

اكتشاف ثاني أكبر ماسة بالعالم في بوتسوانا

تم اكتشاف ثاني أكبر ماسة على الإطلاق - حجر خام يبلغ وزنه ألفين و249 قيراطاً - في بوتسوانا في منجم مملوك لشركة «لوكارا» الكندية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الميناء الأخضر يعزز لون الذهب ويجعل الأرقام والعقارب أكثر وضوحاً (فاشرون كونستانتان)

ساعات من ذهب

سلاسل من «فان كليف آند آربلز» كانت إلى عهد قريب حكراً على المرأة أقبل عليها مؤخراً نجوم عالميون وعرب، مثل المغربي سعد لمجرد والمصري عمرو دياب.

جميلة حلفيشي (لندن)

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
TT

«تيفاني آند كو» تحتفل بـ50 عاماً من إبداعات إلسا بيريتي

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)
المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)

في عام 1974، فتحت دار «تيفاني آند كو» للمجوهرات أبوابها لإلسا بيريتي أول مرة، وبهذا فتحت مرحلة من الفوران الفني لا يزال قسم التصميم والإبداع يستلهم منها. هذا الثراء الفني الذي أبدعته استدعى الاحتفال بمرور 50 عاماً على انضمام مُصمِّمة استثنائية إليها.

المصممة إلسا بيريتي (تيفاني آند كو)

كانت لإلسا نظرة مختلفة للطبيعة عن باقي مصممي المجوهرات في سبعينات القرن الماضي. كانت نابعةً من شغف بالأشكال العضوية؛ مما أسفر عن قطعٍ بأشكال غريبة نوعاً ما. فهي لم تستلهم من الورود والأزهار مثل غيرها، بل من أشياء لا تخطر على بال مصمم مجوهرات آنذاك، مثل العظام، وقلوب مفتوحة، وعبوات ماء، وحبات بن، وتلاطم الأمواج وانسياب الشلالات وهلم جرا. كان كل شيء حولها يثير خيالها وترى لها مكاناً سامياً في حياتنا.

قلادة مستوحاة من عبوة ماء (تيفاني آند كو)

ورغم أن هذه الأشكال كانت غريبة وجديدة في ذلك الوقت، فإنها اليوم معاصرة تفتح جدالات فنية وفكرية شتى حول ما إذا كانت قطع مجوهرات أم تحفاً وظيفية.

أقراط أذن من مجموعة «ميش» المستوحاة من الشبك (تيفاني آند كو)

تقديراً لإلسا بيريتي واحتفالاً بالذكرى الخمسين لانضمامها إليها، تطلق «تيفاني آند كو» إبداعات خاصة بالُمصمِّمة، طوال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2025. هذا الاحتفال يتضمن طرح قطع جديدة تُرصِّعها أحجار ثمينة مثل التنزانيت والروبيليت والزمرد والماس، مع الاحتفاظ بأشكالها. وتشمل الإصدارات الجديدة مثلاً، خواتم «بون آند سبليت»، و«فانسي كولور»، إلى جانب أساور «بون» النادرة، وستظهر في المجموعة الاحتفالية أيضاً أنماط شبكية «ميش» بأعداد محدودة.

نظرة جديدة للطبيعة

ما يُحسب لإلسا أنها بحرفيتها استطاعت أن تستكشف الطبيعة بعيون عالِم أحياء ونظرة نحات. رغم غرابة تصاميمها، فإنها كانت دائماً تصرّح بأنها بسيطة تُمليها الفطرة الطبيعية، مشيرة إلى أنها كلما كانت مُصمَّمة باحترافية وبأشكال مبتكرة أصبحت قطعاً لا تعترف بزمن.

سوار «بون» يحاكي عظم المعصم بشكل رائع (تيفاني آند كو)

سوار «بون» مثلاً، الذي كما يشير اسمه مستلهم من عظم معصم اليد، أصبح من الأشكال المعروفة عالمياً، ويتم التعامل معه شكلاً فنياً لمحاكاته شكل المعصم وبروز عظمه بشكل رائع.

عندما طرحت المصممة هذه السلاسل أدخلت الماس عالم المرأة اليومي (تيفاني آند كو)

مجموعتها Diamonds by the Yard®أيضاً كانت بتصميم ثوري عند طرحها. كانت عبارة عن مجموعة سلاسل ناعمة تؤطرها وتتوسطها أحجار ثمينة. سرعان ما أصبحت من القطع الأيقونية، لا سيما أنها غيّرت دور الماس وطريقة استعماله في الموضة إلى الأبد. فقد كان تركيبه ورصه مختلفَين يتتبعان انعكاسات الضوء بشكل مثير ومحسوب، حيث يبدو من زاوية كأنه قطرات ندية، ومن زاوية أخرى مثل تيار يشدك بقوته. الأهم من هذا غير الطريقة التي تستعمل فيها المرأة مجوهراتها. لم تعد تحتفظ بها لمناسبات المساء والسهرة، بل أدخلتها حياتها اليومية.

مصممة عبّدت الطريق لبنات جنسها

رغم إبداعاتها التي صمدت في وجه التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وأثرت في الأذواق وسلوكيات التعامل مع المجوهرات بوصفها استثماراً، فإن ما يحسب لإلسا أيضاً أنها عبّدت الطريق وفتحت الباب على مصراعيه أمام نساء دخلن المجال بعد أن كان الرجل هو المسيطر عليه.

درست إلسا في إيطاليا وسويسرا، قبل أن تعود إلى روما لتتخصص في الديكور الداخلي. لكن الأقدار أخذتها إلى مجال الموضة، حيث أصبحت في 1969 عارضة أزياء معروفة في نيويورك وبرشلونة. في هذا الوقت، بدأت تصميم المجوهرات ما أثار انتباه المصمم الأميركي جيورجيو دي سانت أنجيلو الذي بدأ يستعمل تصاميمها في عروضه.

بروش «أمابولا» مستوحى من زهرة الخشخاش (تيفاني آند كو)

لم يكن غريباً أن تحقق نجاحاً سريعاً أدى إلى لقائها مع المصمم هالستون، الذي أصبح صديقاً وداعماً لها، وأيضاً أحد المعجبين بأسلوبها الفني. في الثمانينات، تعاونت مع «تيفاني آند كو» لتصميم أدواتها المنزلية المصنوعة من الخزف والكريستال والفضة. هنا أيضاً استعملت الأسلوب ذاته الذي استعملته في تصميم المجوهرات، الأمر الذي أضفى على هذه الأدوات المنزلية أيضاً قيمة فنية يمكن أن تزين أي ركن من البيت.