زيارات المديرين للخطوط الأمامية تُحفّز العمال وتزيد الإنتاجية

«الإدارة بالتجوُّل» تُشعِرهم بأهميتهم وبأنهم مسموعون

موظفون في مصنع بمدينة فويانغ بمقاطعة آنهوي الصينية (أ.ف.ب)
موظفون في مصنع بمدينة فويانغ بمقاطعة آنهوي الصينية (أ.ف.ب)
TT

زيارات المديرين للخطوط الأمامية تُحفّز العمال وتزيد الإنتاجية

موظفون في مصنع بمدينة فويانغ بمقاطعة آنهوي الصينية (أ.ف.ب)
موظفون في مصنع بمدينة فويانغ بمقاطعة آنهوي الصينية (أ.ف.ب)

حين يزور كبير الرؤساء (Big boss) في الشركة العمّالَ على الخطوط الأمامية ويتواصل معهم، فإنّ الدافع المتزايد، وليس بالضرورة فكرة أنهم تحت المراقبة، يمكن أن يؤدّي إلى زيادة الإنتاجية.

هذا ما توصَّلت إليه دراسة قادها فريق بحثي من جامعة «كورنيل» الأميركية، تضمَّنت تجربة ميدانية أُجريت على كبار المديرين الذين يزورون مواقع في الخطوط الأمامية، وتأثير هذه الزيارات في تحفيز الموظَّفين ورفع إنتاجيتهم، وفق الدراسة المنشورة في دورية «مراجعة الدراسات المحاسبية».

وشملت التجربة أحد البنوك في أميركا اللاتينية، حيث وجد الباحثون أنّ مبيعات بطاقات الائتمان، والودائع لأجَل، والتأمين، وغيرها من المنتجات البنكية، زادت بشكل كبير في الأيام التي سبقت مباشرةً زيارة المدير، وفي الأسابيع التي تلتها.

وقال أسيس مارتينيز جيريز، أستاذ في كلية نولان لإدارة الفنادق، بجامعة «كورنيل إس سي جونسون للأعمال»: «عملتُ مستشاراً، وأجريتُ باستمرار عدداً من الزيارات الميدانية»، مضيفاً، في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «كانت هذه الزيارات تجعل الموظفين يشعرون بأهميتهم، وبأنهم مسموعون. إنها حافز قوي جداً».

ويتضمّن نطاق بحث مارتينيز جيريز الإدارة والمنظمات، وكيف تجد الفلسفات والاستراتيجيات طريقها من غرفة الاجتماعات إلى مواقع الإنتاج داخل المصانع والمؤسّسات.

وتابع: «السؤال الكبير الذي نطرحه هو؛ أنا الرئيس التنفيذي، لكنني لستُ الشخص الذي يتواصل مع العميل، كيف أُصمِّم مؤسّستي بحيث يتفاعل الأشخاص الموجودون في الخطّ الأمامي مع العميل بالطريقة التي قد أتفاعل بها بوصفي رئيساً تنفيذياً؟».

وذكر أنّ إحدى الطرق لتحقيق ذلك هي «الإدارة بالتجوّل»؛ أي زيارة أولئك الموجودين في «الصفوف الخلفية»؛ للمراقبة، وتقديم الدعم، وإظهار أنّ الإدارة تهتمّ بموظفيها.

ولاختبار نظريتهم أجرى جيريز وفريقه تجربة ميدانية في قسم التجزئة بأحد البنوك المتوسّطة الحجم في أميركا اللاتينية. كان البنك في خضم «مسابقة» يتنافس فيها نحو نصف فروعه الـ170؛ للفوز بجوائز تستند إلى تحقيق أهداف المبيعات.

وفي تجربتهم، نسّق الباحثون مع مدير قسم جرى تعيينه حديثاً، والذي حدّد مواعيد لسلسلة من الزيارات إلى 79 من فروع البنك على مدى 3 أشهر، وكان قد تولّى الوظيفة منذ أقل من 6 أشهر، ويستخدم هذه الزيارات لتقديم نفسه، والتعبير عن فخره بكونه جزءاً من الفريق.

في المقابل أجرى باحثو الدراسة نمذجة رياضية وسيلةً لقياس التأثيرات التحفيزية لزيارات الفروع، وبناءً على نماذجهم وضعوا فرضيتين؛ عندما يزور مدير كبير الموظفين العاديين يزيد أعضاء الفريق في موقع الخطّ الأمامي من جهودهم، ويكون التأثير الحافز لزياراته أعلى بالنسبة إلى الفروع ذات الأداء الجيّد في الماضي، مقارنةً بالفروع ذات الأداء الضعيف.

ودرس الباحثون معلومات المبيعات لكل فرع من قسم تحليل البيانات في البنك، ووجدوا أنّ إنتاجية المبيعات زادت بشكل كبير في الأيام التي سبقت الزيارة مباشرةً، ولمدّة شهر تقريباً بعد ذلك.

وأجرى الفريق مقابلات ميدانية، توصّلوا خلالها إلى أنّ زيادة الدافع، بما فيها التأثيرات المتوقَّعة للزيارة السابقة، كانت السبب وراء تحسّن الأداء.

ويعتقد مارتينيز جيريز أنّ الشركات تستفيد بشكل عام من «الإدارة بالتجوُّل»، ولا يعتقد أن التأثير سيتلاشى مع الزيارات المتكرّرة.


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».