الجزائر: «التجمع من أجل الديمقراطية» يقاطع الاستحقاق الرئاسي

الموالون للرئيس تبون يحضّرون لعقد مؤتمر كبير حول ترشيحه لولاية ثانية

عثمان معزوز رئيس حزب «التجمع من أجل الديمقراطية» المعارض (إعلام الحزب)
عثمان معزوز رئيس حزب «التجمع من أجل الديمقراطية» المعارض (إعلام الحزب)
TT

الجزائر: «التجمع من أجل الديمقراطية» يقاطع الاستحقاق الرئاسي

عثمان معزوز رئيس حزب «التجمع من أجل الديمقراطية» المعارض (إعلام الحزب)
عثمان معزوز رئيس حزب «التجمع من أجل الديمقراطية» المعارض (إعلام الحزب)

على عكس أحزاب المعارضة الجزائرية الكبيرة، قرر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (تيار علماني)، مقاطعة انتخابات الرئاسة المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، بذريعة أنها «لا تثير أي اهتمام لدى المواطنين»، فيما كانت الأحزاب المؤيدة للرئيس عبد المجيد تبون، أعلنت عن تنظيم «مؤتمر كبير»، السبت المقبل، لمناشدته الترشح لدورة رئاسية ثانية.

وانتهت أشغال «المجلس الوطني» لـ«التجمع من أجل الديمقراطية»، مساء الجمعة، بالعاصمة، بخطاب ألقاه رئيس الحزب عثمان معزوز، على القياديين، أكد فيه أن «هناك إجماعاً في الحزب» على عدم تقديم مرشح عنه للاستحقاق، وألا يدعم أياً من المرشحين له.

الرئيس تبون يضفي غموضاً حول ترشحه لولاية ثانية (الرئاسة)

وقال معزوز إن الاستحقاق المقبل «هو الأكثر انغلاقاً منذ بداية التعددية الحزبية»، التي تم اعتمادها في دستور 1989 بعد انتفاضة شعبية ضد نظام الحزب الواحد في أواخر 1988، مؤكداً أن وسائل الإعلام «تتعرض للتقييد مما لا يمكن الحديث عن وجود منافسة انتخابية»، مشيراً إلى أن «تقديم أو دعم مرشح في هذه الظروف لا يمكن إلا أن يكون انخراطاً في مسعى انتهاك سيادة الشعب الجزائري».

وأعلن معزوز التحضير لـ«مذكرة سياسية»، تتضمن توضيحاً لـ«مشاركتنا في الحملة الانتخابية»، التي ستنطلق منتصف الشهر المقبل، في إشارة إلى أن الحزب يعتزم إطلاق حملة مضادة للمشاركة في الانتخابات.

يوسف أوشيش السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» ومرشحها للاستحقاق الرئاسي (إعلام الحزب)

يشار إلى أن «التجمع من أجل الديمقراطية» غاب عن انتخابات الرئاسة التي نظمت في 2019، بذريعة أن المظاهرات التي قامت يومها في إطار الحراك الشعبي، كانت رافضة لها على أساس أنها «لا تحقق التداول على الحكم»، الذي طالب به ملايين الجزائريين عندما خرجوا إلى شوارع البلاد في 22 فبراير (شباط) 2019، مطالبين الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، بالتخلي عن قراره الترشح لولاية خامسة، في وقت كان فيه عاجزاً عن الحركة بسبب المرض.

و«التجمع» هو الحزب المعارض الوحيد من بين ثلاثة أحزاب معارضة أخرى، الذي اختار مقاطعة الاستحقاق الرئاسي، فقد قرر «حزب العمال» اليساري خوضه بزعيمته لويزة حنون، وللمرة الرابعة. ورشحت «جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم حزب معارض، سكرتيرها الأول يوسف أوشيش، فيما قدم «إخوان الجزائر» في «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، رئيسها عبد العالي حساني.

مرشحة انتخابات الرئاسة لويزة حنون خلال لقاء نظمه الرئيس تبون مع الأحزاب (إعلام الحزب)

أما ما يسمى «أحزاب الموالاة» التي لها تمثيل في الحكومة والبرلمان، فقد انخرطت في حملة دعائية لترشيح الرئيس تبون لولاية ثانية، على الرغم من أنه لم يعلن صراحة رغبته بتمديد إقامته في «قصر المرادية». وأبرز هذه الأحزاب: «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«حركة البناء الوطني» و«جبهة المستقبل»، وقد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن عقد «مؤتمر وطني» يوم 13 يوليو (تموز) الحالي، بهدف مناشدة الرئيس من جديد، التعاطي إيجابياً مع رغبتها دخوله الانتخابات.

في مقابل هذا التكتل الحزبي الداعم لتبون، أطلقت 5 أحزاب صغيرة ائتلافاً داعماً لترشيح الوزير الأسبق بلقاسم ساحلي رئيس حزب «التحالف الوطني الجمهوري»، الذي أسسه رجل الثورة ورئيس الحكومة سابقاً، الراحل رضا مالك.

المرشح الرئاسي بلقاسم ساحلي (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

ووفق تقارير صحافية، واجه غالبية «المرشحين للترشح» صعوبات كبيرة في جمع التواقيع التي يشترطها قانون الانتخابات، وتتمثل في 50 ألف توقيع فردي في 29 محافظة على الأقل من 58، مع شرط ألا يقل عن 1200 توقيع في كل محافظة، أو جمع 600 توقيع منتخبين محليين، في نفس عدد الولايات.


مقالات ذات صلة

الجزائر تسرّع تحويل الأملاك المصادرة وتعزيز جهود مكافحة الفساد

شمال افريقيا رجال أعمال في السجن بتهمة غسل أموال (الشرق الأوسط)

الجزائر تسرّع تحويل الأملاك المصادرة وتعزيز جهود مكافحة الفساد

إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر ثلاثة فنادق فاخرة من فئة خمس نجوم كانت مملوكة لأحد رجال الأعمال المسجونين... والمقصود هو الملياردير علي حداد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا في 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

تصاعد التوترات بين الجزائر وفرنسا... والتجارة إحدى ضحاياها البارزة

حادثة سجن الكاتب مزدوج الجنسية بوعلام صنصال في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) زادت الخلافات بين البلدين حدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

​مطالب دولية لفرنسا بتعويض ضحايا تجاربها النووية في الجزائر

دعت 30 منظمة دولية مناهضة لانتشار السلاح النووي والحروب الحكومتين الجزائرية والفرنسية إلى «تحمل مسؤولياتهما» تجاه سكان المناطق المتضررة من التفجيرات النووية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وزير الاتصال الجزائري (الوزارة)

وزير جزائري: 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوهون صورة بلادنا

انتقد وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، صحافيين في الخارج «يعملون دون هوادة من أجل تشويه صورة البلاد».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا سفير النيجر بالجزائر يسلم أوراق اعتماده للرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

استئناف الحوار بين الجزائر والنيجر بعد تصاعد الأزمة في 2023

يسعى وفد من حكومة النيجر يزور الجزائر حالياً، لطي خلاف حاد نشأ في صيف 2023 بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، واشتدت الأزمة باحتجاج نيامي على …


كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
TT

كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)
احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)

لم تُنسِ الأحداث الجسام والصراعات الدموية، التي شهدتها ليبيا، مواطنيها الاحتفال بـ«ثوراتهم»، كل حسب انتمائه وآيديولوجيته، ما جعل المشهد السياسي والاجتماعي يبدو «فسيسفائياً»، ويغلفه الانقسام.

الدبيبة يشارك في الاحتفال بذكرى ثورة 17 فبراير (قناة ليبيا الوطن)

في ليبيا لم يطو الزمن المناسبات السياسية، ولا ذكرى الأحداث الأليمة بعد، ففي هذا البلد الأفريقي يحتفل كل مواطن بثورته في مواعيدها. أنصار الملكية يحيون «يوم الاستقلال»، ومؤيدو «الفاتح من سبتمبر» يتمسكون بذكراها، بينما تعمّ الاحتفالات في ذكرى «ثورة 17 فبراير»، التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، كما يحدث راهناً.

ويرى متابعون ليبيون أن «هذا الاستحضار للمناسبات السياسية يعد انعكاساً للإقصاء والتهميش، الذي تستشعره كل فئة، بعدما كانت ملء السمع والبصر في حقبة سابقة».

واحتفلت ليبيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بالذكرى الـ73 لاستقلالها، وهي المناسبة التي يطالب فيها أنصار الملكية بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد للأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، وتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة».

عدد من المسؤولين خلال حضورهم الاحتفالات في «ميدان الشهداء» (منصة حكومتنا)

ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي، الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992.

وخلال العام الماضي، التقى السنوسي، المولود عام 1962، شخصيات ليبية، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق، بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

جانب من الاحتفالات (منصة حكومتنا)

ويرى أكرم النجار، رئيس تحرير منصة «علاش»، أن الليبيين «يبحثون عن أنفسهم، وإلى الآن لا توجد ذكرى جامعة لذاكرة الليبيين، وهذا يبين بشكل واضح أزمة تعريف الليبيين لأنفسهم».

وقبل 73 عاماً تقريباً، أعلن الملك الليبي الراحل، إدريس السنوسي، استقلال بلاده بعد عقود من الاحتلال الإيطالي، الذي بدأ عام 1911، وتمت مقاومته بمعارك دامت أكثر من عقدين خاضها «شيخ المجاهدين»، عمر المختار، مع رفاقه.

ومن شرفة قصر «المنار» في بنغازي، زفّ السنوسي لشعبه عام 1951 بشارة الاستقلال، وقال: «نتيجة جهاد أمتنا وتنفيذاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949، تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة».

وبعد سنوات طوال من انتهاء الاحتلال الإيطالي، ثم رحيل الملك إدريس، حكم القذافي ليبيا إثر «ثورة الفاتح من سبتمبر» قرابة 42 عاماً، قال معارضوه إنها اتسمت بـ«الديكتاتورية»، قبل إسقاط نظامه بـ«الثورة»، التي اندلعت في 17 فبراير (شباط) عام 2011.

خوري خلال مشاركتها في الاحتفال بذكرى «ثورة 17 فبراير» (منصة حكومتنا)

ويرجع النجار في حديث إلى «الشرق الأوسط» سبب تمسك الليبيين بـ«ثوراتهم» إلى «عدم تمكن هذا الشعب من تأسيس كيان سياسي واجتماعي جامع»، معتبراً أن «هذا العجز كان سببه في الغالب انعدام الفرصة التاريخية ليتحدث أفراد هذا الشعب لبعضهم، ويقرروا الإجابة عن هذه الأسئلة: من نحن؟ وكيف سنعيش مع بعضنا على هذه الأرض؟».

وفي الأول من سبتمبر (أيلول) من كل عام، تكون ليبيا على موعد مع احتفالات أنصار القذافي بذكرى «ثورة الفاتح» في مدن عدة، لا تخلو من ملاسنات ومشادات كلامية غير معهودة من المناوئين لهم.

ولوحظ مؤخراً استحضار أطياف متباينة ومن أعمار مختلفة، لذكرى القذافي، الذي ربما قُتل قبل أن يعاصروا حكمه ويشهدوا أيامه، وذلك الهتاف الشهير في مناسبات عدة: «الله ومعمر وليبيا وبس».

وخلال الاحتفال بذكرى «ثورة 17 فبراير»، مساء الاثنين، فاجأ طفل صغير مراسل «قناة الوطنية»، التابعة لحكومة «الوحدة»، بالإجابة عن سؤاله: هل تحب «17 فبراير»؟ فقال: بالتأكيد لا... نحب عيد الفاتح».

وعمّت الاحتفالات، أمس، مدناً ليبية عديدة بذكرى «17 فبراير»، تزامناً مع افتتاح عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، «ميدان الشهداء»، والنافورة الرقمية بالعاصمة، بعد استكمال أعمال الصيانة والتطوير.

وتخلل الحفل، الذي رعته الحكومة، فقرة بعنوان «حماة الراية»، وهي عرض عسكري، بالإضافة إلى «أوبيريت في ليلة الحمد» مع المنشد الشهير ماهر زين، بجانب لوحة فلكورية بعنوان «ليبيا واحدة».

ولم تخلُ ذكرى مرور 14 عاماً على «ثورة 17 فبراير» من اتهامات وُجّهت لحكومة الدبيبة بـ«البذخ» في الإنفاق خلال الاحتفالات، التي شهدت عرضاً جوياً باستخدام طائرات «الدرون»، وحضره أيضاً عدد من الدبلوماسيين والسفراء، إلى جانب أسر «الشهداء والجرحى»، تكريماً لتضحياتهم خلال أحداث «ثورة فبراير».

إطلالة على «ميدان الشهداء» وسط طرابلس خلال الاحتفالات (قناة ليبيا الوطن)

وبالنظر إلى تمسّك كل فصيل بـ«ثورته»، ينتهي متابعون إلى أن «ليبيا لن تعود إلى الوراء»، وذلك رداً على من يدعون من مؤيدي نظام القذافي، أو أنصار الملكية بـ«العودة إلى حكم ليبيا».