انتقد وزير الاتصال الجزائري، محمد مزيان، صحافيين في الخارج «يعملون دون هوادة من أجل تشويه صورة البلاد»، في إشارة ضمناً إلى وسائل إعلام فرنسية، مؤكداً أن الجزائر «ليس لديها أي مشكلة مع الشعب الفرنسي، أو مع الدولة الفرنسية التي نحترمها، لكن التصرفات الاستعمارية غير مقبولة».
ونشرت وزارة الاتصال في حساباتها بالإعلام الاجتماعي كلاماً مثيراً للوزير مزيان في محاضرة، ألقاها الثلاثاء بالعاصمة، عن «دور وسائل الإعلام بوصفها أداة للتنمية في البلاد»، حيث ربط مضمون مشاركته بالتوترات الحادة التي تشهدها العلاقات بفرنسا منذ الصيف الماضي.
وقال مزيان، الذي كان بجانبه وزير التعليم العالي كمال بداري: «سأقول لكم شيئاً خطيراً، هناك أكثر من 9 آلاف (صحفي) في جميع أنحاء العالم يعملون لتشويه صورة الجزائر... يتابعون الأحداث العالمية، وعندما تظهر صورة الجزائر، يسارعون إلى الهجوم عليها»، من دون تقديم أي تفاصيل أخرى، مثل ذكر الدول التي يوجد فيها هؤلاء الصحافيون، وما إن كانوا مستقلين أم ينتمون لمؤسسات إعلامية.
وحثّ الوزير، صاحب المسار الطويل في قطاع الشؤون الخارجية، مؤسسات الدولة على «تقديم الدعم لوسائل الإعلام»، حتى يكون بمقدورها الرد على «الحملات الدعائية التي تستهدف سمعة البلاد»، وفق ما فُهم من كلام السفير السابق لدى موزمبيق، الذي لفت أيضاً إلى «وجود ما تسمى (المصفوفة الإعلامية)»، ويقصد بها الطريقة التي تُفهم وتفسَّر وتنظَّم بها المعلومات عبر وجهات نظر أو «فلاتر» مختلفة.
ولمواجهة هذا «التشويه الإعلامي المقصود»، في تقديره، يرى مزيان أن التلفزيون العمومي «يجب أن يأخذ المكانة التي يستحقها. وكذلك القناة الدولية. ويجب أن تحتل (وكالة الأنباء الجزائرية) أيضاً مكانتها اللائقة بها، وأن يكون لديها مراسلون خاصون في الخارج»، مبرزاً أنه «من الضروري أن تؤدي وسائل الإعلام دوراً كبيراً لتحسين صورة البلاد».
وتابع الوزير موضحاً: «عندما يريد أميركي أن يتعرف على الجزائر، فإنه يستقي المعلومات عنها من (وكالة الأنباء الفرنسية). هل تعرفون القيم التي تتبناها (وكالة الأنباء الفرنسية؟)... إنها قيم مدمِّرة!».
ووفق مزيان: «كان يجب على فرنسا أن تشكر الجزائر، التي دعمتها عندما كانت في أزمة... قمح الجزائر وأموالها أنقذا هذا البلد عندما كان محاصراً من كامل أوروبا»، في إشارة إلى أحداث تعود إلى العشرينات من القرن الـ19، داعياً المؤرخين إلى «التذكير بهذه الحقائق بموضوعية».
وبشأن هذا الموضوع بالتحديد، وقعت الأسبوع الماضي ملاسنة حادة بين المؤرخ الفرنسي الشهير، المولود في الجزائر، بن جامان ستورا، ورئيس حزب «الاسترداد» الفرنسي اليميني، إيريك زمور، الذي عاش والداه في الجزائر خلال الاستعمار. فبينما صرح الثاني على «إكس» بأن الجزائر «لم تكن مطلقاً أمة، ولا شعباً، ولا دولة، ولم تكن مطلقاً صاحبة سيادة» قبل الغزو الفرنسي عام 1830، جاءه الرد من الباحث في التاريخ على المنصة نفسها، قائلاً إن «رياسة الجزائر كانت حقيقة كياناً سياسياً واقتصادياً منظماً، وقد أقرضت المال لفرنسا، التي كانت بحاجة إليه في وقت الثورة الفرنسية، ورفضُ سداد دينها هو الذي تسبب في صفعة الداي حسين (الحاكم التركي) للقنصل الفرنسي في عام 1827»، في إشارة إلى الواقعة التاريخية المعروفة بـ«حادثة المروحة» التي كانت سبباً في حشد فرنسا جيشها لاحتلال الجزائر.
يذكر أن تصريحات الوزير مرتبطة بأزمة حادة مع باريس تقترب يومياً من القطيعة الدبلوماسية، وقد بدأت في نهاية يوليو (تموز) الماضي بإعلان «الإليزيه» اعترافه بخطة الحكم الذاتي المغربية. وزادت الأزمة حدة باحتجاج فرنسا على سجن الكاتب مزدوج الجنسية بوعلام صنصال في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ثم جاءت بعده حملة اعتقال مؤثرين جزائريين بفرنسا بتهمة «العنف»، لتصعّد من حدة التوتر.