انتشار أمراض جلدية خطرة بين الأطفال في غزة

طفلة فلسطينية تتلقى العلاج في رفح وسط الحرب الإسرائيلية على غزة (د.ب.أ)
طفلة فلسطينية تتلقى العلاج في رفح وسط الحرب الإسرائيلية على غزة (د.ب.أ)
TT

انتشار أمراض جلدية خطرة بين الأطفال في غزة

طفلة فلسطينية تتلقى العلاج في رفح وسط الحرب الإسرائيلية على غزة (د.ب.أ)
طفلة فلسطينية تتلقى العلاج في رفح وسط الحرب الإسرائيلية على غزة (د.ب.أ)

تروي وفاء علوان أن طفلها لا يستطيع النوم جراء الوجع الناتج عن طفح جلدي أصيب به، كما أطفال آخرون في دير البلح في وسط قطاع غزة جرّاء ظروف صحية سيئة ونقص في النظافة واكتظاظ.

وتقول وفاء علوان، النازحة من مدينة غزة في شمال القطاع، بقلق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ابني لا يستطيع النوم طوال الليل؛ لأنه لا يتوقّف عن حكّ جسده».

ولم يتجاوز عمر الطفل خمس سنوات، ويمكن رؤية بقع بيضاء وحمراء منتشرة على قدميه وساقيه وبطنه وظهره عندما يرفع قميصه. وهو ليس الوحيد في المنطقة الذي يعاني من التهابات جلدية تتراوح بين الجرب وجدري الماء والقمل والقوباء وغيرها من الأمراض الجلدية المنهكة، وفق شهود ومصادر طبية.

فلسطيني يحمل طفلاً بعد خروجه من تحت الأنقاض في منزل بمنطقة الزوايدة في غزة (أ.ف.ب)

وأصيب أكثر من 150 ألف شخص في قطاع غزة بأمراض جلدية بسبب الظروف غير الصحية التي يعيشها النازحون في الملاجئ والخيام منذ بداية الحرب، وفقاً لـ«منظمة الصحة العالمية».

وتقول علوان، وهي أم لسبعة أطفال، من خيمتها: «يخرج دود من الأرض الرملية التي ننام عليها في أثناء نومنا». وتتكدّس آلاف العائلات على رقعة رملية بالقرب من مدينة دير البلح.

وتضيف: «لم نعد نحمّم أطفالنا كما في السابق. مواد النظافة والتعقيم غير متوافرة للاستحمام أو غسل الملابس وتنظيف المكان. لا يوجد شيء بتاتاً».

وتتابع: «حتى لو أردنا تحميم الأطفال، فالملابس غير متوافرة لتغييرها... والدواء كذلك غير متوافر كما يجب».

وتوضح: «بالتالي حتماً سيعانون من هذه الأمراض»، مشيرة إلى أنها أخذت طفلها إلى البحر حتى يشفى جسمه من البثور، «مثلما كنا نفعل في السابق، لكن الوضع ازداد سوءاً».

وتشير إلى أن «البحر الأبيض المتوسط بات مصباً للمجاري. حتى النفايات والفوط الصحية يلقونها في البحر. لم يعد البحر يصلح للسباحة، والرائحة كريهة».

وتضيف: «أصبحت أخاف أن أصل إلى هناك، بسبب وجود حشرات تدخل إلى العيون».

وأكدت «منظمة الصحة العالمية» وجود 96.417 إصابة بالجرب والقمل في قطاع غزة منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، و9274 حالة جدري ماء، و60.130 حالة طفح جلدي، و10.038 حالة قوباء.

وينتشر الجرب وجدري الماء والريقان بشكل خاص، بحسب الدكتور الصيدلاني سامي حميد الذي يدير وحدة صحية مؤقتة أسسها مع مجموعة متطوعين من الكادر الطبي الفلسطيني بجهد شخصي في مخيم النخيل للنازحين في مدينة دير البلح، بعد خروج العديد من العيادات الطبية عن الخدمة.

وأفادت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) بأن عدد النازحين في قطاع غزة وصل حتى مارس (آذار) إلى 1.9 مليون، ومن المرجح أن يكون العدد ازداد بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية العديدة في جنوب غزة منذ ذلك الحين.

وبدأت الحرب بهجوم شنته «حماس» في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، ما أدى إلى مقتل 1195 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى أرقام إسرائيلية. وأدى الردّ الإسرائيلي في قطاع غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 37.925 شخصاً، معظمهم أيضاً من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة التي تديرها «حماس».

طابور للحصول على مساعدات في رفح (رويترز)

في الوحدة الطبية لدى سامي حميد (43 عاماً)، يمكن رؤية بثور وقشور على أيدي فتيان في المكان وأقدامهم وظهورهم وبطونهم.

ونظراً لنقص الأدوية، قام الدكتور حميد النازح من مدينة غزة، بفركهم بغسول «الكالامين»؛ لتهدئة أجسادهم وتخفيف الحكة، موضحاً أن الأمراض الجلدية سببها «الطقس الحار ونقص المياه النظيفة بشكل خاص»، مضيفاً أن تأثيرها كارثي «خصوصاً على الأطفال». ويشير إلى أن «الوحدة تستقبل يومياً مائة مريض».

ويقول المنسّق الطبي لمنظمة «أطباء بلا حدود» في غزة، محمد أبو مغيصيب: «الأطفال معرّضون للخطر؛ لأنهم يلعبون في الخارج، ويلمسون أي شيء، ويأكلون أي شيء دون غسله».

ويوضح أن «الطقس الحار يزيد من العرق وتراكم الأوساخ التي تسبّب الطفح الجلدي والحساسية، والتي إذا تمّ خدشها تؤدي إلى الالتهابات».

ويؤكد أن «منظمة (أطباء بلا حدود) تخشى ظهور أمراض جلدية أخرى مثل داء الليشمانيات الذي يمكن أن يكون قاتلاً في أشدّ أشكاله فتكاً»، موضحاً أن «أطفال قطاع غزة هم بالفعل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وأجهزتهم المناعية معرّضة للخطر بسبب سوء التغذية».

ويوضح الصيدلاني حميد «أن فريقه زار مؤخراً مدرسة مؤقتة يعاني فيها 24 من أصل 150 طالباً، من الجرب».

وتقول علا القلى، وهي معلمة في إحدى مدارس الخيام، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في ظلّ انقطاع الماء وندرتها، أصيب بعض التلاميذ عندي بعدوى جلدية، وتنتقل الالتهابات بينهم».

وحذّرت «منظمة الصحة العالمية» من انتشار أمراض أخرى في مخيمات النازحين تنتج عن شحّ النظافة. ويقول حميد: «المراحيض ومجاري تصريف المياه هنا بدائية تسير بين الخيم، وتؤدي إلى انتشار الأوبئة».

وقالت «منظمة الصحة العالمية» إنه تم التبليغ عن 485 ألف حالة إسهال بسبب تفاقم سوء التغذية.


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
TT

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف وسط بيروت

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (ا.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، في حين تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله شهرها الثالث.

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (ا.ب)

وأوردت الوكالة الرسمية، أن العاصمة اللبنانية «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».