«فتح» تخشى توريطها في صراع مسلح داخل مخيم «عين الحلوة»

«حماس» تستعد لمرحلة الإمساك بقرار المخيمات في لبنان

مشهد من اشتباكات سابقة في مخيم عين الحلوة (أ.ف.ب)
مشهد من اشتباكات سابقة في مخيم عين الحلوة (أ.ف.ب)
TT

«فتح» تخشى توريطها في صراع مسلح داخل مخيم «عين الحلوة»

مشهد من اشتباكات سابقة في مخيم عين الحلوة (أ.ف.ب)
مشهد من اشتباكات سابقة في مخيم عين الحلوة (أ.ف.ب)

فاقمت عودة عمليات الاغتيال إلى مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين، الواقع جنوب لبنان، الخشية من انفجار الوضع الأمني فيه مجدداً، على وقع الصراع المتجدد بين حركتي «فتح» و«حماس»، بعد أشهر من التهدئة فرضتها الحرب على قطاع غزة.

وسُجِّل الأسبوع الماضي اغتيال أحد عناصر قوات «الأمن الوطني الفلسطيني» من قبل أحد الإسلاميين المتشددين، بعدما كان قد تم اغتيال عنصر في حركة «فتح» في أبريل (نيسان) الماضي. ويأتي هذان الاغتيالان بعد أشهر من الاستقرار شهدها المخيم الذي لا تتجاوز مساحته كيلومتراً مربعاً واحداً، والذي كان قد شهد في الصيف الماضي جولتين من القتال العنيف، بين حركة «فتح» والمجموعات المتشددة، أسفرت الأولى عن مقتل 13 شخصاً بينهم قيادي في «فتح» في كمين، وأسفرت الثانية عن سقوط 15 قتيلاً وأكثر ‏من 150 جريحاً.

«زكزكات حمساوية»

وترى مصادر «فتح» داخل «عين الحلوة» أن «الإشكال الأخير قد يكون فردياً؛ لكن له بُعداً سياسياً- أمنياً»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن من قاموا بعملية الاغتيال «أفراد يحملون فكراً متطرفاً، وهم غير مسيطَر عليهم حتى من التنظيمات الإسلامية الراديكالية، ولهم تواصل مع جهات خارجية لها مصلحة في توتير الأجواء بالمخيم، بين فترة وأخرى». وتستبعد المصادر «تورط (حماس) بشكل مباشر في دفع هذه المجموعات للقيام بعمليات اغتيال بحق عناصر (فتح) لأنها منشغلة بالعمل العسكري في غزة، وإن كانت هذه العمليات تخدم الحركة وتصب في صالحها»، منبهة إلى أن هناك «شيئاً ما يُحضّر للمخيم؛ حيث الوجود الكبير لـ(فتح) المسيطرة سياسياً وأمنياً عليه، لذلك يجد خصوم الحركة أنه لا بد من خلق مشكلات، للقول إن (فتح) غير قادرة على ضبط الأوضاع في المخيم».

وتتحدث المصادر عن «(زكزكات) حمساوية لعدم إراحة (فتح) وجرها إلى معارك داخلية، وإشغالها عن وضعها الداخلي، كما عن إعادة بناء نفسها، بعد انتخاب قيادة جديدة لها في لبنان، وبعد الضربة التي تلقتها إثر اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي»، مؤكدة أن «لا زيادة لنفوذ المتطرفين داخل (عين الحلوة) باعتبار أن هناك شبه إجماع فلسطيني على عدم إعطاء فرصة لسيطرة هؤلاء على المخيم».

وتوضح المصادر أن «(حماس) لا تزال تعمل ليل نهار على تنظيم صفوفها، وضم أفراد جدد إليها تأثروا بعملية (طوفان الأقصى) وبما يحصل راهناً في غزة».

دور توفيقي لـ«حماس»

في المقابل، يؤكد المسؤول الإعلامي لحركة «حماس» في لبنان، وليد كيلاني، أن «المشكلة التي حصلت في المخيم مؤخراً فردية، وليست لها علاقة بالانتماءات الحزبية، وإن كان من المعروف أن معظم شعبنا ينتمي إلى فصائل وأحزاب، وعند وقوع أي مشكلة يصبح البحث عن انتماء هذا الشخص أو ذاك»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «طرفَي الإشكال هما واحد ينتمي إلى (فتح) والآخر إلى المجموعات الإسلامية».

وينفي كيلاني أي علاقة لـ«حماس» بالموضوع «لا من قريب ولا من بعيد؛ بل بالعكس، كان لنا دور في حل المشكلة، ودخلنا على خط عدم الانجرار إلى تصعيدها والاحتكام إلى السلاح»؛ مشيراً إلى أن «الوضع يتجه نحو التهدئة، باعتبار أن لا مصلحة لأحد في العودة إلى الاشتباكات والاقتتال الداخلي»، مضيفاً: «اليوم، حديث سكان المخيمات في لبنان وعين الحلوة، هو أن معركتنا الأساسية هي ضد العدو الصهيوني في فلسطين، والجميع حريص على أمن واستقرار المخيمات وجوارها».

الإمساك بقرار المخيمات

ويتخوف معارضو «حماس» من أنها «تسعى لاستثمار الحرب في غزة لصالحها»، من خلال العمل على زيادة شعبيتها في المخيمات الفلسطينية، وتعزيز دورها وحضورها فيها على حساب حركة «فتح» التي لطالما عُدَّت الفصيل الفلسطيني الأبرز في لبنان. وفي هذا الإطار جاء تأسيس «طلائع طوفان الأقصى» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ولا ينفي الباحث الفلسطيني هشام دبسي وجود «تحولات في المخيمات لمصلحة (حماس) في المزاج الجماهيري العام، تضعها أمام ضرورة البحث عن الإمساك بقرار المخيمات»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحركة غير مستعجلة حالياً لترتيب هذا الوضع، ما دامت الحرب في غزة لم تتوقف، لذلك لن يكون هناك راهناً أي مبادرة من قبلها بأي عمل عسكري في مواجهة حركة (فتح) على الرغم من فشل كل جهود المصالحة بين الطرفين». ويضيف أن «حركة (حماس) لا تريد أي مصالحة قبل إنجاز اتفاق رئيسي لها مع الولايات المتحدة الأميركية، حول اليوم التالي في غزة».

ويرى دبسي أن «الأحداث الأخيرة في (عين الحلوة) قامت بها القوى الإسلامية المتطرفة، وتنذر بأن هذه المجموعات قادرة على تفجير المخيم في أي لحظة، بغض النظر عن القتال المستمر في غزة. يضاف إلى ذلك أن الحرب المفتوحة على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية عامل كفيل وحده بأن ينقل حالة التوتر الفلسطيني الداخلي إلى مرحلة التفجير خارج فلسطين، أي في المخيمات، لإعادة ترتيب المشهد الفلسطيني برُمته».

ويختم دبسي قائلاً: «ما جرى في (عين الحلوة) جزء من هذا المشهد، بحيث إن القوى المتطرفة التي جُلبت إلى المخيم تتخذ دور الصاعق والمفجر، لهذه التناقضات المرتبطة ارتباطاً شديداً بما يجري جنوب لبنان».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يجدد التمسك بمعادلة غزة - لبنان

المشرق العربي عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية فعاليات اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)

«حزب الله» يجدد التمسك بمعادلة غزة - لبنان

جدّد «حزب الله» التأكيد على المعادلة التي يتمسك بها في حربه مع إسرائيل بربط «توقف العدوان على غزة بتوقف جبهة المساندة في جنوب لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)

أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

عادت أزمة الكهرباء في لبنان لتطلّ مجدداً على أبواب موسم الاصطياف، جرّاء الفساد المستحكم في هذا القطاع وامتناع مصرف لبنان المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر الذي اغتالته إسرائيل باستهداف سيارته يوم الأربعاء (د.ب.أ)

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

تراجعت المواجهات على جبهة الجنوب بشكل ملحوظ، الجمعة، بعد يوم تصعيدي غير مسبوق، إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر.

كارولين عاكوم (بيروت )
المشرق العربي اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

لقاء بين نصرالله ونائب رئيس «حماس»: تنسيق ميداني وسياسي

عقد الأمين العام لـ«حزب الله» لقاءً مع وفد من «حماس»، حيث كان بحث في التطورات الأمنية والسياسية في فلسطين عموماً وغزّة خصوصاً وأوضاع جبهات الإسناد.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي هوكستين وبري خلال لقاء سابق لهما في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

هوكستين يقترح تسوية تستبعد إلحاق الـ«نقطة-ب» والمزارع بلبنان

سيكون الوضع في جنوب لبنان محور المساعي الدولية بعد غزة على أن تتركز جهود الوسيط الأميركي أموس هوكستين على إبرام تسوية لعودة الهدوء والنازحين إلى أماكن سكنهم.

محمد شقير (بيروت)

«حزب الله» يعلن قصف قاعدة رئيسية إسرائيلية بعشرات الصواريخ

نيران مشتعلة على الجانب الإسرائيلي من الحدود بعد استهدافه بعشرات الصواريخ من جانب «حزب الله» اللبناني الأسبوع الماضي (رويترز)
نيران مشتعلة على الجانب الإسرائيلي من الحدود بعد استهدافه بعشرات الصواريخ من جانب «حزب الله» اللبناني الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

«حزب الله» يعلن قصف قاعدة رئيسية إسرائيلية بعشرات الصواريخ

نيران مشتعلة على الجانب الإسرائيلي من الحدود بعد استهدافه بعشرات الصواريخ من جانب «حزب الله» اللبناني الأسبوع الماضي (رويترز)
نيران مشتعلة على الجانب الإسرائيلي من الحدود بعد استهدافه بعشرات الصواريخ من جانب «حزب الله» اللبناني الأسبوع الماضي (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، اليوم الأحد، قصف قاعدة «نيمرا» غرب طبريا بعشرات صواريخ الـ«كاتيوشا»، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال «الحزب»، في بيان صحافي أوردته قناة «المنار» اللبنانية، إنه «رداً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو (الإسرائيلي) في منطقة البقاع، قصف مجاهدو المقاومة الإسلامية اليوم قاعدة (نيمرا) غرب طبريا بعشرات صواريخ الـ(كاتيوشا)».

وأشار «الحزب» إلى أن «نميرا» إحدى القواعد الرئيسية في المنطقة الشمالية الإسرائيلية.

وتشهد المناطق الحدودية في جنوب لبنان تبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله»، منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزة، وتهدد إسرائيل بشن حرب واسعة على لبنان.