موقف الاتحاد الأوروبي يُفاقِم أزمة لبنان مع النازحين السوريين

عَدَّ شروط عودتهم الآمنة والطوعية غير متوفرة

تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
TT

موقف الاتحاد الأوروبي يُفاقِم أزمة لبنان مع النازحين السوريين

تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)
تصريحات لويس ميغيل بوينو الناطق الرسمي باللغة العربية في الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أثارت استياء السلطات اللبنانية (تصوير: سعد العنزي)

أدت مواقف الاتحاد الأوروبي إلى تعميق أزمة لبنان مع النازحين السوريين، خصوصاً بعد التصريح الأخير للناطق باسم الاتحاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو، الذي أكد فيه أنّ «الاتحاد الأوروبي يتفق مع الأمم المتحدة على أن شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة ليست موجودة الآن». ورفض بوينو ما سماها «السرديات» التي «تدّعي أن النازحين السوريين في بعض البلدان هم أنفسهم المشكلة»، مؤكداً أنهم «ضحايا الصراع في سوريا».

ولم يأخذ هذا الموقف في الحسبان رأي الدولة اللبنانية الذي عبّر عنه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب في بروكسل قبل أيام، والذي شدد على «إعادة النازحين إلى بلادهم بشكل سريع»، وأعاد التذكير بأن «لبنان بلد عبور، وليس بلد لجوء».

شرف الدين: توزيع عادل للنازحين

رأى وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أن «أي مقاربة في موضوع النازحين يجب أن تشمل البروتوكولات الدولية والقانون المحلّي الذي يتماهى مع المعاهدات الدولية التي وقَّع عليها لبنان». وقال شرف الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يتمسك بالموقف الذي عبَّر عنه وزير الخارجية في مؤتمر بروكسل، حيث طالب بتقاسم الأعباء، أي بالتوزيع العادل للنازحين على دول العالم المنتمية إلى الأمم المتحدة، كما طالب بتسليم داتا المعلومات الخاصة بالنازحين»، مشيراً إلى أن لبنان «يصرّ على عودة النازحين إلى بلادهم أو ترحيلهم إلى بلد ثالث». ويرفض لبنان الرسمي رفضاً مطلقاً ربط ملف النزوح بالحلّ السياسي في سوريا.

وشدد وزير شؤون المهجرين على «ضرورة إعادة بناء المناطق والبلدات المدمرة في سوريا، لتصبح صالحة للسكن، ويعود أصحابها إليها»، داعياً إلى «فصل السياسة عن ملف النازحين، وعدم ربط عودتهم بتغيير النظام داخل سوريا»، مشدداً على أهمية «تسهيل القوافل البحرية الشرعية إلى 194 دولة عضواً في الأمم المتحدة». ورأى أنه «لا بد من تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا ومفوضية اللاجئين لحلّ هذه الأزمة، ورفع العقوبات عن سوريا لأنها تشكل عائقاً أساسياً أمام عودتهم».

الصائغ: عواقب وخيمة على لبنان

بينما تتفق كلّ الأطراف اللبنانية على حتميّة حلّ مشكلة النزوح، بخلاف الموقف الدولي منها، لا يرى الباحث في السياسات العامة واللجوء والهجرة، زياد الصائغ، جديداً في تصريح الاتحاد الأوروبي الذي يربط عودة النازحين بالحلّ السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، لكنه دعا إلى «التنبه إلى أن استدامة أزمة اللاجئين في لبنان تنذر بعواقب وخيمة على لبنان على المستويين الإقليمي والدولي». وأكد الصائغ لـ«الشرق الأوسط» أن «مقاربات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تصبّ في صالح معالجة العوارض لا الأسباب، وبهذا المعنى يجب أن ينتهج لبنان مساراً دبلوماسياً متعاوناً مع الاتحاد الأوروبي، يطرح فيه بدقة عوائق العودة التي تفرضها قوى الأمر الواقع في سوريا ضمن التحالف الروسي الإيراني مع نظام بشار الأسد»، مطالباً بـ«ضرورة الذهاب باتجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأن نأخذ في الحسبان اختراق المسار الدبلوماسي المعطل في جنيف، ومحاولة الدفع نحو تحريكه بالتزامن مع توجه لبنان نحو جامعة الدول العربية، التي شكلت مجموعة الـ5+ 1، وناقشت مشكلات أساسية مع النظام السوري، منها وقف تصدير الممنوعات، وإعادة اللاجئين إلى بلادهم، وبدا واضحاً أن النظام السوري لم يلتزم بأي شيء مما تعهد به».

مسؤولية «حزب الله»

أضاف الصائغ: «نحن أمام أزمة معقدة، أحد عناصرها الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254، وتفعيل المسار الإقليمي من خلال جامعة الدول العربية»، ورأى أن «ما تحذر المنظومة السياسية في لبنان من الحديث عنه هو أن فريقاً لبنانياً؛ أي (حزب الله)، يحتل جزءاً من سوريا، خصوصاً خلف الحدود الشرقية والشمالية المتاخمة للبنان، وأن خروج الحزب مع الميليشيات الشيعية منها يسهل عودة هؤلاء النازحين، على أن تكون العودة ممأسسة وممرحلة، بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين، وبضمانات أمنية وقانونية واجتماعية».

المعارضة: النظام السوري يمنع العودة

في ذروة التجاذب السياسي حول هذا الملف، تحمّل المعارضة اللبنانية النظام السوري مسؤولية عدم عودة النازحين إلى بلادهم. وكشف مصدر نيابي في قوى المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن «نحو 1100 نازح سوري ممن عادوا طوعاً إلى بلداتهم، أعيدوا إلى لبنان بقرار رسمي من النظام، وأن 400 منهم فقط قبلت عودتهم»، لافتاً إلى أن النظام «يصنّف أغلب النازحين بأنهم غير مرغوب بهم، ويشكلون خطراً أمنياً وديموغرافياً على بقائه».

وفي هذا الصدد يقول زياد صائغ، إنه ما دام النظام السوري يلقي بتبعة هذه المشكلة على دول الجوار فإنني «أخشى أن يكون لبنان قد دخل في مرحلة الخطر الوجودي والكياني، لكن هذه الخشية قائمة عند البعض على اعتماد المسار الشعبوي والارتجالي في معالجة العوارض لا الأسباب، وأيضاً عدم اندفاع الدولة اللبنانية لتطبيق القوانين المرعية الإجراء كما يجب، في ظل التعطيل الكامل للمؤسسات»، مؤكداً أن «ما حمله الوفد الدبلوماسي اللبناني إلى بروكسل يفتقد إلى رؤية السياسات العامة، ويفتقد إلى الدبلوماسية المبادِرة».

وشدد الصائغ على أن «خطيئة الاتحاد الأوروبي هي عدم الانخراط في تزخيم الحل السياسي وتسريعه، وخطيئة منظومة الأمر الواقع في لبنان أنها تتعاطى بشكل موسمي مع هذه المسألة، وفي تقديري أنها تطلب زيادة حجم الدعم المالي أكثر مما تطلب تسهيل العودة، ناهيك عن مسار الابتزاز الذي تنتهجه قوى الممانعة بالدعوة لرفع العقوبات عن النظام السوري، وإلا تفعيل الهجرة غير النظامية عبر البحر».


مقالات ذات صلة

غارة جوية إسرائيلية على شرق لبنان

المشرق العربي مواطنون يسيرون بالقرب من مسجد مدمر في قرية خيام اللبنانية (رويترز)

غارة جوية إسرائيلية على شرق لبنان

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (الأربعاء)، منطقة بعلبك شرق لبنان، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد نجيب ميقاتي (وسط الصورة من اليسار) في صورة مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (وسط الصورة من اليمين) والوزراء بعد اجتماع وزاري في مدينة صور (مكتب رئيس الوزراء)

السندات الدولية تنذر بمقاضاة لبنان أمام القضاء الأميركي

بلغت السندات اللبنانية السيادية السقوف المرتقبة للارتفاع بنسبة قاربت 100 في المائة من أدنى مستوياتها في الأسواق المالية الدولية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ) play-circle 02:51

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)

18 ألف سوري يعودون من الأردن إلى بلدهم بعد سقوط الأسد

شاحنات وسيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنات وسيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

18 ألف سوري يعودون من الأردن إلى بلدهم بعد سقوط الأسد

شاحنات وسيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنات وسيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

عبر نحو 18 ألف سوري الحدود الأردنية إلى بلدهم منذ سقوط حكم بشار الأسد، حسبما أفاد وزير الداخلية الأردني، الخميس.

وقال مازن الفراية لقناة «المملكة» الرسمية، إن «قرابة 18 ألف سوري عادوا إلى بلدهم منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 وحتى الخميس».

وأوضح أن من بين هؤلاء «بلغ عدد اللاجئين السوريين المغادرين الأردن والمسجلين في (سجلات) الأمم المتحدة 2300 لاجئ من المخيمات وخارجها»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

سيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي في 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتقول عمّان إنها تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011. وبحسب الأمم المتحدة، ثمة نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجّل في الأردن.

وكان الوزير الأردني رأى في التاسع من الشهر الحالي أن «الظروف أصبحت مهيأة إلى حد كبير» من أجل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بعد سقوط نظام الأسد، مشيراً إلى أن «اللاجئين قد يكونون في حاجة إلى أيام أو أسابيع قبل أن يباشروا العودة».

شاحنات وسيارات تنتظر العبور إلى سوريا عبر معبر جابر - نصيب الحدودي 19 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ويعدّ المعبر الحدودي جابر - نصيب الذي يقع على بعد نحو 80 كيلومتراً غرب عمان، المعبر الوحيد العامل بين البلدين في الوقت الحالي.

وكان الأردن الذي تربطه حدود برية مع سوريا تمتد على 375 كيلومتراً، قرَّر في السادس من الشهر الحالي غلق هذا المعبر قبل يومين من سقوط نظام الأسد بسبب «الأوضاع الأمنية» في سوريا.

لكن أُعيد فتح المعبر الجمعة الماضي أمام حركة الشاحنات التجارية، وكذلك السوريون العائدون إلى بلدهم.

وأغلق معبر جابر مرات عدة منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال زيارته القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع في دمشق 23 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وزار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق، الاثنين، والتقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وأعرب عن استعداد بلاده للمساعدة في إعادة إعمار سوريا.

واستضاف الأردن في 14 ديسمبر اجتماعاً حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل الأمم المتحدة.