«الشرق الأوسط» في مهرجان كان - 3: خمس فئات لمخرجي «كان» هذا العام

جدد ينتظرون وقدامى مخفقون وكوبولا على القمة

«أعلى الشحنات قيمة» (كانال بلوس)
«أعلى الشحنات قيمة» (كانال بلوس)
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان - 3: خمس فئات لمخرجي «كان» هذا العام

«أعلى الشحنات قيمة» (كانال بلوس)
«أعلى الشحنات قيمة» (كانال بلوس)

كل مخرج اشترك سابقاً أو يشترك حالياً حلم بمغادرة المهرجان بعد حفل الاختتام وهو يحمل السّعفة الذهبية، هذا طبيعي، فالمخرج الجيد والفنان هو المخرج الطموح الذي يريد تبوء المكانة التي تتيح له أن يفخر بما أنجزه خلال حياته.

وهذا ينسحب على الجميع في أصغر المهرجانات وأكبرها. الجائزة هي أكثر من دليل تفوّق. هي تأكيد على الإبداع والموهبة وصعود مكانة مرموقة في العالم الذي ينتمي إليه السينمائي.

مهرجان «كان» هو أكبر الملاعب السينمائية. جائزته هي الأولى بين المهرجانات كافة والثانية في الشهرة بعد الأوسكار. وربما توازيه نظراً لتفاوت المزايا والمعايير التي تتحكم في كل من الجائزتين الأميركية والفرنسية.

من فرنسا وخارجها

هذا العام، وفي هذه الدورة الـ77 التي بدأت منذ أيام في 14 مايو (أيار) وتنتهي في 25 منه، هناك 22 مخرجاً يتوقون للفوز بالسعفة الذهبية.

سبعة من هؤلاء يشتركون في المسابقة لأول مرّة.

أغاثا رايدنجر هي واحدة من 3 مخرجين فرنسيين جُدد، وتدخل المسابقة بفيلم «ماس مجنون» (Mass Diamond). الفرنسيان الآخران هما كورالي فارجت عن فيلمها الروائي الطويل الثاني لها تحت عنوان «المادّة» (The Substance)، وجيل ليلوش وهو ممثل في نحو 80 فيلماً سبق أن حقق أربعة أفلام لم تدخل هذا المهرجان سابقاً. فيلمه الخامس هو «قلوب نابضة»، وهو يجمع بين الدراما والنوع الموسيقي.

«حبيسة المد» (MK2).

‫الباقون الآتون من خارج فرنسا ضمن هذه المجموعة التي يشترك من فيها للمرّة الأولى في المسابقة هم الهندي بايا كابديا عن «كلنا نتخيل كضوء» (We All Imagine as Light)، والإيراني محمد رسولوف عن «بذرة التين المقدّسة»، و‬السويدي ماغنوس ڤون هورن يتسابق بفيلمه الدرامي الذي تقع أحداثه في عام 1919 تحت عنوان «الفتاة ذات الإبرة» (The Girl with a Needle).

وهناك المخرج الروماني (القادم من تحت جناح التمثيل أيضاً) مانويل بارڤو عن «ثلاثة كيلومترات حتى نهاية العالم» (The Kilometers to the End of the World).

خمسة من الموجودين سبق لهم أن اشتركوا مرة واحدة من قبل وهم كريم عينوز (جزائري الأب، برازيلي الأم)، الذي سنشاهد له «موتِيل دستينو» (Motel Destino)، وعلي عبّاسي (وُلد في طهران ويعيش في الدنمارك) ويقدّم هنا «المتدرب»، وشون بايكر (بريطاني صوّر فيلمه الجديد في نيويورك) الذي يدخل المسابقة بفيلم كوميدي عن تجارة الأجساد في الحانات الليلية.

هناك كذلك البرتغالي ميغويل غوميز الذي سيقدّم «جولة كبرى» (Grand Tour)، وهو الذي سبق وقدّم جولته المتميّزة في العقد الماضي عبر ثلاثية مستقاة من حكايات «ألف ليلة وليلة» تحت عنوان «ليالٍ عربية».

من الفيلم الهندي «كلنا نتخيل كضوء» (مهرجان كان)

زبائن دائمون

هناك فئة ثالثة يمكن تمييزها هنا بأنها اشتركت مرّات عديدة من دون أن تُحرز السعفة. يقودها الكندي ديفيد كروننبيرغ العائد بفيلمه الجديد «الأكفان» (The Shrouds)، وهو كان اشترك آخر مرة قبل عامين عندما عرض هنا «جرائم مستقبلية» (Crimes of the Future).

مثله في تعدّد الزيارات والعودة بلا سعف، الإيطالي باولو سورنتينو الذي كان عرض هنا «شباب» (Youth) سنة 2015. حالياً يدفع بفيلمه الجديد «بارثينوب» (Parthinope) عن امرأة ومدينة بالاسم نفسه.

المخرج الصيني المتميّز بأفلام تأملية بديعة جيا جانغي يتقدم بـ «محبوسة بالمد» (Caught by the Tides)، والروسي كيريل سربرنيكوڤ يعاود الكرّة «ليمونوف» (يقاطع المهرجان أي فيلم مُنتج روسياً لكن «ليمونوف» موّل من شركات أوروبية غربية).

المخرجة الآيرلندية أندريا أرنولد اشتركت مرّتين وتعود هذا العام بفيلمها «بيرد» (Bird) ومثلها الفرنسي ميشيل أزاناڤشيوس (سبق ونال أوسكاراً عن فيلمه «الفنان» سنة 2018 لكنه بعد ذلك لم ينل جائزة كبيرة أخرى). هذه المرّة يصوّب بندقيته نحو «كان» من جديد ويقدّم فيلم أنيميشن بعنوان «أعلى الشحنات قيمة» (The Most Precious of Cargoes).

ضمن هذه الفئة هناك ثلاثة مخرجين اشترك كل منهم مرتين سابقاً هم اليوناني يرغوس لنتيموس الذي ينبري بفيلم جديد هو «أنواع اللطف» والأميركي بول شرادر، الذي يودع المسابقة فيلمه الجديد «أو كندا»، والفرنسي كريستوف أونوري الذي يعرض «مارشيللو ميو» (Marcello Mio).

أصحاب السعفتين

الفئة الأخيرة هي تلك التي فازت فعلاً بالسعف سابقاً يقودهم فرنسيس فورد كوبولا، فهو خرج بالسعفة لأول مرّة عن فيلمه «المحادثة» (The Coversation) سنة 1975 وفي عام 1979 نالها عن «القيامة الآن» (Apocalpyse Now) سنة 1979 (مناصفة مع الألماني ڤولكر شلندروف عن فيلمه «الطبل التنك»). بذا هو الوحيد المشترك هذه العام وفي خلفيته أكثر من سعفة.

الفرنسي جاك أوديار كان فاز بدوره بسعفة واحدة عن «ديبان» (Dheepan) سنة 2015.

كوبولا في الواقع هو واحد من ثمانية مخرجين فاز كل منهم مرتين. هو الوحيد المشترك بينهم في سباق هذا العام. الآخرون هم البريطاني كن لوتش، والدنماركي بيل أوغست، والنمساوي ميشيل هانيكه، والبلجيكيان جان بيير ولوك داردين، والبوسني أمير كوستريتزا، والياباني شوهاي إيمامورا، والهولندي روبن أوستلند.

إذا فاز كوبولا في هذه الدورة فسيكون الأول والوحيد بين كل مخرجي العالم الذي فاز بالسعفة ثلاث مرّات.


مقالات ذات صلة

بشير الديك يصل إلى نهاية «المغامرة»

يوميات الشرق السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

بشير الديك يصل إلى نهاية «المغامرة»

قبل أن يطوي عام 2024 صفحته الأخيرة، غَيّب الموت، الثلاثاء، السيناريست المصري بشير الديك عن عمر ناهز 80 عاماً إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة الأفغانية رويا سادات أثناء حضورها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

المخرجة رويا سادات: نساء أفغانستان صوت النضال في وجه التحديات

المخرجة الأفغانية رويا سادات، التي أخرجت أعمالاً سينمائية تسلط الضوء على معاناة وطنها، تمثل هذا النموذج الفريد للمرأة الأفغانية التي تحارب من أجل الحرية

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج خالد منصور مع الكلب «رامبو» (الشركة المنتجة)

«البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»... يبدأ رحلته التجارية في مصر

يبدأ فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» رحلته التجارية في دور العرض المصرية بدءاً من أول أيام عام 2025، حيث يخوض المنافسة وسط الأفلام.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق ضمت 20 عملاً موزعة على فئات الرواية والسيناريو والرواية المترجمة (هيئة الترفيه)

الإعلان عن القائمة القصيرة لـ«جائزة القلم الذهبي» للأدب الأكثر تأثيراً

أعلنت هيئة الترفيه السعودية عن القائمة القصيرة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً، وضمت 20 عملاً موزعة على فئات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أبطال الفيلم مع المخرج طارق العريان (حساب كريم قاسم على «فيسبوك»)

السينما المصرية في 2024... إيرادات قياسية وولادة مخرجات جديدات

شهدت السينما المصرية أحداثاً وظواهر عدة خلال عام 2024... لكن 3 منها كانت لافتة وجديرة بتسليط الضوء عليها.

انتصار دردير (القاهرة )

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.