اعتراف حوثي بـ1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر

تقرير حقوقي اتهم الجماعة بمئات الجرائم في صنعاء

الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
TT

اعتراف حوثي بـ1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر

الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)

بالتوازي مع رصد تقرير يمني حقوقي أكثر من 400 جريمة ارتكبها عناصر الجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء ضد المدنيين خلال عام، أقر تقرير أمني للجماعة بتلقي 1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر، وسط اتهامات لعناصرها بالمسؤولية عن تلك الانتهاكات.

وفي حين أفادت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بارتفاع منسوب الانتهاكات التي ارتكبها مشرفون وعناصر أمن حوثيون ضد السكان، تنوعت الانتهاكات بين أعمال القتل والاعتداء والملاحقة والدهم والخطف ونهب الممتلكات ومصادرة الحقوق وفرض الإتاوات.

عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

ومع غياب حصول الضحايا على الإنصاف، اعترف تقرير أمني صادر عن الجماعة الحوثية بأن ما يسمى «جهاز المفتش العام» التابع لداخليتها في حكومة الانقلاب غير المعترف بها تلقى خلال الفصل الثالث من العام الهجري الحالي 1941 شكوى من الانتهاكات بزيادة نحو 519 شكوى، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، الذي سجلت فيه 1422 شكوى.

وجاءت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء في الترتيب الأول بواقع 381 شكوى تلتها محافظة ريف صنعاء بالمرتبة الثانية بواقع 242 شكوى، ثم عمران بعدد 189، وذمار بـ136 شكوى، ومحافظة إب بعدد 129 شكوى، وصعدة (المعقل الرئيسي للجماعة) بنحو 109 شكاوى، كما توزعت بقية شكاوى وتظلمات المواطنين تباعاً على محافظات الحديدة وحجة والمحويت وريمة والجوف وتعز والضالع.

وزعمت الجماعة الحوثية أنها أحالت كثيراً من تلك الشكاوى إلى بعض جهاتها المختصة التي لم تسمها، بينما ألغت بعضاً منها بزعم أنها تندرج ضمن ما تسميه «الشكاوى الكيدية» المقدمة ضد عناصرها.

وكان المتحدث باسم وزارة داخلية الحوثيين عبد الخالق العجري، قد أقر في وقت سابق بتلقي مركز الشكاوى التابع لهم أكثر من 6535 شكوى ضد عناصر جماعته، وزعم حينها أن أغلب تلك الشكاوى لا تزال قيد المتابعة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات.

غياب الإنصاف

يشكو جميل محسن، وهو اسم مستعار لمالك متجر في صنعاء، من عدم حصوله على الإنصاف منذ تقديمه قبل نحو 45 يوماً شكوى عاجلة إلى الجهات الأمنية الحوثية بعد أن قام أحد مشرفي الجماعة بالتهجم عليه وعلى متجره الكائن في سوق السنينة غرب مدينة صنعاء بغرض نهب أمواله.

قادة حوثيون أمام أحد مقرات الشرطة في المختطفة صنعاء (إعلام محلي)

ويؤكد التاجر أن المشرف الحوثي، الذي يعمل في قسم شرطة السنينة التابع للجماعة، صادر لحظة اقتحام متجره بالقوة كمية من المواد الغذائية دون أن يدفع ثمنها.

ووفق ما رواه لـ«الشرق الأوسط»، برر المشرف الحوثي فعلته بأنه «من المجاهدين المؤمنين»، وأن على أصحاب المتاجر أن يقدموا الدعم المستمر للمجهود الحربي والمناسبات.

وسخر التاجر من دعوات الجماعة للمدنيين بمدن سيطرتها لتقديم شكاواهم إلى مراكزها بغية الحصول على العدالة، وذكر أنه منذ تقدم بشكواه لم ير أي تجاوب من قبل قادة أجهزة أمنها، ويضيف بمرارة: «كيف يمكن أن تقوم بالتسلط على الناس ونهبهم ثم تدعي أنك ستقوم بمعالجة مظلومياتهم»!

انتهاكات بالجملة

وثق تقرير حقوقي يمني ارتكاب جماعة الحوثي أكثر من 481 حالة انتهاك لحقوق الإنسان في العاصمة المختطفة صنعاء، خلال العام الماضي، وأوضح التقرير الصادر عن منظمة «دي يمنت» للحقوق والتنمية، أن الانتهاكات التي جرى رصدها شملت 10 مديريات هي: (صنعاء القديمة، الثورة، بني الحارث، الوحدة، شعوب، الصافية، معين، السبعين، التحرير، وآزال».

وتوزعت الانتهاكات بين جرائم القتل والإصابات، والاعتداء، والتعذيب والاختطاف، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال، والانتهاكات بحق المرأة والطفولة.

ووفق التقرير ارتكب أتباع الجماعة الانقلابية نحو 16 حالة قتل منها 9 حالات بالرصاص المباشر، و7 حالات قتل تحت التعذيب، إلى جانب 69 حالة اعتداء جسدي وإصابة بينها 23 حالة تعرضت لها نساء، و11 حالة تعرض لها أطفال.

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

كما جرى توثيق ارتكاب 65 حالة اختطاف وإخفاء قسري في مختلف مديريات صنعاء، بينها 9 حالات اختطاف نساء و7 أطفال، و67 حالة اقتحام للممتلكات العامة، و42 حالة فصل وتعسف وظيفي، و27 حالة تهجير قسري وهدم منازل.

وكانت تقارير حقوقية يمنية عدة قد سلطت في أوقات سابقة الضوءَ على آلاف الانتهاكات والخروق وأعمال القمع والتعسف التي ارتكبتها جماعة الحوثي ضد المدنيين القاطنين في مختلف المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرتها، بما في ذلك أعمال القتل والخطف ونهب الممتلكات.


مقالات ذات صلة

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

العالم العربي مخاوف من انعكاسات سلبية للصراع الاقتصادي في اليمن على الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

حذر تقرير أممي من آثار عميقة على الوضع المعيشي والاقتصادي في اليمن جراء المواجهة الاقتصادية بين الحوثيين والحكومة اليمنية مع الخشية من عودة القتال

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي مروحية حوثية تحلق فوق سفينة شحن قبيل احتجازها في البحر الأحمر في 21 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي

قالت جماعة الحوثي اليمنية، يوم أمس (الأحد)، إن قواتها استهدفت سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، باستخدام «زورق مسير» و«بعدد من الصواريخ المجنحة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «أيزنهاور» (رويترز)

هجمات الحوثيين تزداد خطورة... وواشنطن تنفي إصابة «أيزنهاور»

زادت هجمات الحوثيين البحرية خطورة في الأسابيع الأخيرة مع مزاعم توسعها إلى الموانئ الإسرائيلية والتنسيق مع الفصائل العراقية واستمرارها في البحرين الأحمر والعربي.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مدير مكتب زعيم الحوثيين يشرف على التعبئة الطائفية في حجة وعمران (إعلام حوثي)

لماذا يفرض الحوثيون حكماً صارماً في محافظات أقصى الشمال؟

تعمل الجماعة الحوثية منذ سنوات على تشكيل جغرافيا لإمارة خاصة بسلالة زعيمها في أقصى شمال البلاد، تضم محافظتي حجة وعمران، إلى جانب محافظة صعدة المعقل الرئيسي لها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

الإغاثة الإنسانية أهم موارد إثراء الانقلابيين في اليمن

كشف تقرير دولي حديث عن البنية التنظيمية التي أنشأتها الجماعة الحوثية للتحكم في المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى أحد أهم موارد إثرائها

وضاح الجليل (عدن)

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
TT

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)
إجراءات حاسمة من قبل البنك المركزي اليمني في عدن تجاه البنوك في مناطق الحوثيين (إعلام حكومي)

بينما يواصل الحوثيون تصعيد حربهم الاقتصادية مع الحكومة اليمنية، حذر تقرير أممي من آثار عميقة على الوضع المعيشي والاقتصادي بشكل عام في حال استمرت هذه المواجهة، منبهاً إلى أن الأسر التي تعتمد على التحويلات المالية من أقاربها المغتربين في الخارج سيكونون في طليعة المتضررين من هذا الصراع الذي قد يؤدي إلى تفجير القتال من جديد.

وأكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود التي بُذلت بغرض احتواء المواجهة لم تؤدِّ إلى نتائج ملموسة مع إصرار الحوثيين على مواقفهم من تداول فئة العملة التي تم سكها من طرف واحد وسعيهم لطباعة فئة أخرى من العملة، ورفضهم وقف الهجمات على منشآت تصدير النفط.

عملة نقدية معدنية سكها الحوثيون فجرت المواجهة الاقتصادية مع الحكومة اليمنية (إكس)

وذكرت المصادر أن البنك المركزي في عدن، حيث العاصمة المؤقتة لليمن، ماضٍ في تطبيق قراره بخصوص فروع البنوك العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين التي رفضت حتى الآن نقل مراكز عملياتها المصرفية إلى مدينة عدن.

ووسط هذه التطورات، وصفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) الأزمة المصرفية والمالية في اليمن بـ«الخطيرة». وتوقعت أن تكون لها آثار عميقة على المشهد الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، إذا تُركت من دون حل؛ لأنه من المحتمل أن تؤدي إلى إعادة إشعال الصراع بعد فترة من الهدوء النسبي من انتهاء الهدنة الرسمية، وذلك بدوره قد يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

وذكرت المنظمة الأممية أنه في أعقاب سلسلة من الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات من جانب واحد على الحوثيين، وقد أدى ذلك إلى تعطيل أو إيقاف العديد من المعاملات الدولية في المناطق التي تنطبق عليها هذه العقوبات، مما قد يؤثر على الاقتصاد والأنشطة المالية في مناطق سيطرة الحوثيين.

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يساند البنك المركزي في المواجهة مع الحوثيين (إعلام حكومي)

ونبهت «فاو» إلى أهمية إدراك الطبيعة المترابطة للتحديات العسكرية والسياسية والاقتصادية في اليمن، ورجحت أن تؤثر الضغوط الاقتصادية على ديناميكيات الصراع، ما قد يؤدي إلى تجدد الأعمال العدائية في ساحات القتال بين الحكومة اليمنية والحوثيين، اعتماداً على تأثير هذه الإجراءات.

تأثير على الواردات

قالت «فاو» في تقريرها إنه من المحتمل أن يؤثر عدم امتثال فروع البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين لتعليمات البنك المركزي في عدن، على قدرة هذه البنوك على استخدام سويفت المعاملات مع البنوك المراسلة. وبينت أن تلك التعليمات أثارت قلقاً عاماً وعطلت بشكل كبير القطاعات المالية والمصرفية وتحويل الأموال في البلاد، كما واجه المتعاقدون مع الأمم المتحدة تحديات في الوصول إلى أموالهم المودعة في تلك البنوك، مما تسبب في تعطيل مسارات التحويلات، وأدى إلى نقص حاد في الدولارات.

ووفق ما جاء في التقرير، فإن انخفاض قيمة العملة، إلى جانب زيادة تكاليف التأمين البحري بسبب أزمة البحر الأحمر المستمرة، لا يؤدي فقط إلى تضخم تكاليف المعاملات وفواتير الواردات، بل يؤدي أيضاً إلى تقليل التوافر الإجمالي للدولار الثابت للتجار، وكلها مثبطات للواردات.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

وذكر التقرير أنه على الرغم من أن واردات اليمن تحافظ على درجة من الاستقرار النسبي منذ بداية الاضطرابات في البحر الأحمر، فإن هناك مخاطر متزايدة من أن يؤدي النقص المطول في الدولار إلى انخفاض حجم واردات الغذاء والوقود التجارية، وربما يؤدي إلى نقص الغذاء وتفاقم الأزمة، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وتوقع التقرير أن يكون الانخفاض في الواردات أكثر وضوحاً في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية التي شهدت انخفاضاً خلال العام الماضي مقارنة بالموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

التحويلات النقدية

أشارت المنظمة الأممية إلى تأثير الصراع المصرفي على التحويلات النقدية في مناطق الحوثيين التي يسكنها أكثر من ثلثي سكان اليمن، حيث يعتمد غالبية السكان في هذه المناطق بشكل كبير على التحويلات المالية؛ إذ تأتي 64 في المائة منها من السعودية والنسبة المتبقية 36 في المائة من دول أخرى، بإجمالي يصل إلى 4.2 مليار دولار تقريباً في عام 2022.

وبحسب «فاو»، فإن التحويلات المالية برزت كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية ودعم تمويل الواردات وتعزيز ميزان المدفوعات، وكان هذا الأمر بالغ الأهمية بشكل خاص بسبب تضاؤل ​​عائدات صادرات النفط واستنفاد احتياطات العملات الأجنبية منذ عام 2022.

وعلى مستوى الأسرة، نبهت المنظمة إلى أن التحويلات المالية تعد شريان حياة رئيسياً لملايين اليمنيين؛ إذ تغطي المتطلبات الغذائية وغير الغذائية الأساسية وتساعد في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي.

ونسبت «فاو» إلى البنك الدولي القول إن التحويلات المالية الخاصة المحلية والخارجية تظل حاسمة بالنسبة لمستويات معيشة الأسر في اليمن؛ إذ تصل إلى 27 في المائة من السكان.

مخاوف من انعكاسات سلبية للصراع الاقتصادي في اليمن على الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

وقالت إن تدفق التحويلات المالية إلى اليمن زاد منذ عام 2016 بعد بدء النزاع وحتى 2021 مع انخفاض طفيف في 2019 بسبب تأثيرات فيروس «كورونا»، ومع ذلك استأنفت هذه التدفقات اتجاهها التنازلي منذ عام 2022.

وحذر التقرير من تفاقم الانخفاض الحالي في تدفقات التحويلات المالية إلى اليمن، مما يؤدي إلى تسارع انخفاض قيمة العملة، واتساع الفجوة في تمويل الواردات، وزيادة انعدام الأمن الغذائي للأسر، وزيادة الضغط على الاقتصاد.

واستند إلى تحليل لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، توقع من خلاله أن يواجه النظام المصرفي اليمني خللاً متصاعداً؛ إذ تتأرجح العديد من البنوك على حافة الإفلاس بسبب المناخ الاقتصادي غير المستقر، ونقص السيولة، والتحديات في الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.

ورأى التقرير أن هذا الوضع سيؤدي إلى فرض القيود المتزايدة على الوصول إلى الخدمات المصرفية، مما يمنع العديد من اليمنيين من الوصول إلى مدخراتهم، أو المشاركة في المعاملات، أو الحصول على الائتمان، مما يزيد من عرقلة الأنشطة الاقتصادية؛ إذ تشير التوقعات الاقتصادية إلى المزيد من التدهور بسبب تأخر اتفاقات السلام، وارتفاع أسعار النفط.

وبحسب ما أوردته «فاو»، فمن المتوقع أن تؤدي المواجهة الاقتصادية إلى عدم قدرة التجار والمستوردين على الوصول إلى الدولارات الكافية، وتحويل الأموال، وتأمين خطوط الائتمان، إلى جانب انخفاض قيمة العملة وزيادة تكاليف المعاملات، وتباطؤ تدفقات الواردات التجارية، مما يؤثر على الموانئ بشكل غير متناسب.