جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.