تجدد الجدل حول الهجرة غير الشرعية في الأوساط السورية، بعد إعلان وزارة الداخلية السورية القبض على مهرب بشر قالت إنه تسبب بموت سبعة عشر مهاجراً سورياً غير شرعيين غرقاً أمام شواطئ مدينة طبرق الليبية.
وقال رئيس فرع الأمن الجنائي في ريف دمشق، عبد الرحيم كيالي، في بيان مصور بثته وزارة الداخلية السورية عبر صفحتها على موقع «فيسبوك»، إن «وسائل الإعلام تداولت مؤخراً حادثة غرق مركبة مقابل سواحل طبرق الليبية راح ضحيتها 17 شخصاً من السوريين في أثناء تهريبهم إلى أوروبا، ونتيجة المتابعة والتواصل مع ذوي الضحايا وهم من بلدتي كناكر وسعسع، في ريف دمشق، تبين أن جميعهم كانوا على تواصل مع شخص واحد مجهول الهوية بالنسبة لهم، معروف فقط برقم هاتف خارجي أوروبي». وأضاف بأنه «من خلال البحث والتحري استطعنا معرفة هوية الفاعل»، وقد تم القبض عليه «بعملية نوعية»، وقد اعترف بإقدامه على تسفير الأشخاص بطريقة غير مشروعة إلى ليبيا لقاء مبلغ مالي (1250 دولاراً أميركياً)، بالاشتراك مع شخص آخر يقوم بانتظارهم في ليبيا لتهريبهم إلى إيطاليا عبر السواحل الليبية، «من خلال قوارب متهالكة ومكتظة بالركاب في ظل انعدام معايير السلامة».
وكان قارب يُقلّ نحو 26 مهاجراً غالبيتهم سوريون بينهم نساء وأطفال، قد غرق في يونيو (حزيران) 2023، قبالة الشواطئ الجزائرية، في أثناء ركوبهم البحر أملاً بالوصول إلى الشواطئ الإسبانية. ويجرم القانون السوري تهريب البشر باعتبارها تندرج في إطار الاتجار بالبشر، القائم على الاستغلال الذي قد يسبب إزهاق بالأرواح.
مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة ليست في وجود شبكات لتهريب البشر، وإنما في الأسباب التي تجبر مئات السوريين، لا سيما الشباب، على الهروب من بلاد فقد أهلها الأمل بتحسن الأوضاع فيها، فالشباب والعائلات التي لديها أطفال يغامرون بأرواحهم سعياً نحو مستقبل معلوم. ولفتت المصادر إلى أن نزيف الهجرة متواصل على نحو متصاعد مع غياب تام لأي رقم تقريبي حول أعدادهم، سوى ما يذاع من أرقام في حوادث الغرق. ولفتت المصادر إلى أن أربيل مثلت خلال العامين الماضيين وجهة رئيسية للمهاجرين السوريين الشباب، وبالأخص من هم في سن الخدمة الإلزامية العسكرية، أي مواليد 2003 ـ 2004 ـ 2005 ـ لتكون أربيل إما مستقراً للعمل وإما محطةً للهجرة إلى أوروبا. وقالت المصادر: «رغم ملاحظة ذلك لم تتخذ الحكومة أي إجراء جدي لكبح هذا النزيف الذي أفقد المستقبل القريب لسوريا كوادر شابة، بالإضافة إلى ما فقدته من كوادر طبية وعلمية وتجارية وصناعية، وغيرها».
ويشار إلى أن وزارة الداخلية لإقليم كردستان العراق أوقفت، نهاية الشهر الماضي، منح تأشيرات دخول لحملة الجنسية السورية، لفئة الشباب، وقبل أيام أوقفت منح التأشيرات لجميع السوريين، فيما عبرت قبرص، الأسبوع الماضي، عن قلقها العميق بعد تسجيل وصول أكثر من 350 من اللاجئين إليها في يومين، وقالت إن معظمهم من السوريين القادمين من لبنان.
وقال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إنه من «المقلق للغاية» أن يتزايد باستمرار وصول المهاجرين السوريين في الأسابيع القليلة الماضية. و«تصدير المهاجرين إلى قبرص لا ينبغي أن يكون الحل، ولا يمكن قبوله». وذلك في إطار طلب نيقوسيا من الاتحاد الأوروبي دراسة إعلان أجزاء من سوريا آمنة، بهدف السماح بإعادة طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد المجاورة.