جودة الخدمات وإدارة الحشود... ركائز نجاح موسم عمرة رمضان

السعودية تسخّر إمكاناتها لراحة المعتمرين

فن التعامل مع الحشود والكثافة كان حاضراً في المسجد الحرام (واس)
فن التعامل مع الحشود والكثافة كان حاضراً في المسجد الحرام (واس)
TT

جودة الخدمات وإدارة الحشود... ركائز نجاح موسم عمرة رمضان

فن التعامل مع الحشود والكثافة كان حاضراً في المسجد الحرام (واس)
فن التعامل مع الحشود والكثافة كان حاضراً في المسجد الحرام (واس)

رفعت الأجهزة الأمنية في السعودية من جاهزيتها لما تبقى من شهر رمضان المبارك؛ وذلك من أجل مواجهة الزيادة المرتقبة للمعتمرين والمصلين في المسجد الحرام، خاصة يومي 27 و28 اللذين يوافقان ختم القرآن الكريم. ووضعت الأجهزة الأمنية خططها وبرامجها لهذه الأيام، والتي تعتمد على 5 محاور رئيسية، تتضمن «الجانب الأمني، وإدارة وتنظيم الحشود، وإدارة الحركة المرورية، وتقديم الخدمات الإنسانية، ودعم وتمكين الجهات الخدمية المشاركة».

وطوعت الأجهزة الأمنية التقنية والذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود ومعرفة أعداد الموجودين في «صحن الطواف»، وعدد القادمين من خارج المسجد الحرام، وكذلك تسهيل الوصول إلى المنطقة المركزية وتخفيف ازدحام الحركة المرورية للحافلات المخصصة لنقل الزوار من وإلى الحرم المكي.

يبدأ التنظيم من البوابات الخارجية لضمان سلامة المعتمرين (واس)

رحلة المعتمر

ونظراً لكون المنافذ «البرية، البحرية، الجوية» هي واجهة البلد، حرصت المديرية العامة للجوازات على تدريب منسوبيها في المنافذ وصالات المطار للتعامل باحترافية عالية مع القادمين، وتأهيل موظفيها لاستخدام التقنيات الحديثة في التعامل مع أكثر من 160 جنسية، بحيث لا تتجاوز مدة تسلم الجواز ومطابقته مع حامله والتأكد من سلامته وإنهاء الإجراءات في المنافذ، أكثر من 10 ثوان في الأوضاع الطبيعية.

كما خصصت المديرية كاونترات لاستقبال المعتمرين بأكثر من 10 لغات، إضافة إلى توفير أجهزة ثنائية اللغة تحتوي على (137) لغة وكاونترات متنقلة لخدمة الحالات الطارئة والإسعافية في أثناء وجودهم في مستشفيات المطارات، إضافة إلى وضع الخطط البديلة للتعامل مع أي ظروف تطرأ على آلية العمل، وسرعة معالجتها، بالتعاون مع الجهات الشريكة والمختصة.

واعتمدت المديرية العامة للجوازات على التقنية في رفع مستوى جودة الخدمة المقدمة لضيوف الرحمن مع تخصيص فريق عمل لمتابعة أداء المستخدمين وتقييمهم بصفة دورية، كما تعتمد الجوازات على تقنيات حديثة في المنافذ الدولية للكشف عن التزوير في وثائق المسافرين، وذلك من أجل تعزيز الجوانب الأمنية في كافة المنافذ الدولية.

إحدى منسوبات الجوازات تقوم بعملها في إنهاء إجراءات إحدى القادمات للعمرة (الشرق الأوسط)

المتابعة المروية

بعد ذلك تكون الخيارات متاحة أمام المعتمر في اختيار طريقة الوصول إلى مكة المكرمة، وذلك من خلال استخدام «الحافلات، أو قطار الحرمين»، الذي رفعت الخطوط الحديدية السعودية «سار» عدد رحلاته خلال موسم رمضان للعام الحالي إلى 2700 رحلة بزيادة 9 في المائة عن عدد رحلات الموسم الماضي، وبعدد مقاعد تجاوز 1.3 مليون مقعد بارتفاع يقدر بـ26 في المائة.

وقبل الوصول إلى مكة تستقبل قوات أمن العمرة لشؤون المرور، المعتمرين في المواقف الخمسة التي توجد على مداخل العاصمة المقدسة، وهي «موقف الشميسي، موقف النورية، موقف الشرائع، موقف طريق الهدا، موقف الليث»، وتكون هذه المواقف محطة لنقل المعتمرين إلى المسجد الحرام عبر حافلات مخصصة لذلك، وتتحكم في عملية ضبط المنطقة المركزية لمنع الازدحام وإتاحة المجال أمام المشاة.

ادارة الحشود

واكتسبت السعودية قدرة عالية أبهرت المجتمع الدولي في إدارة الحشود، وكيفية التعامل مع التدفقات البشرية في مناطق وأيام محددة منها «الحرم المكي، المشاعر المقدسة، المدينة المنورة»، ومع وجود التقنية طوعت وزارة الداخلية الذكاء الاصطناعي لخدمة المعتمرين؛ للتنبؤ بالكثافة القادمة للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، والتعامل معها، وضبط المخالفات والظواهر السلبية.

ويتجاوز فن إدارة الحشود فك التكتلات البشرية إلى التحول السريع في تنفيذ الخطط الموازية مع ارتفاع الوجود في أدوار الحرم التي استخدمها المعتمرون، وتيسير تدفق المعتمرين إلى منطقة الصحن، والدور الأرضي وأجزاء من السطح، والمواءمة بين الخطط المرورية وخطط تنظيم الحشود، حيث يدار الحرم من خلال محطات النقل العام الخارجية، وقد أشار إليها مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، أن هناك 9 محطات تنقل إلى الجهات الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية من الحرم.

أحد رجال الأمن يقوم بإرشاد المعتمرين (واس)

مركز القيادة

ويعد مركز القيادة والسيطرة لأمن العمرة، ومركز عمليات المسجد الحرام، بمثابة وحدة التحكم والقيادة لهذا الحدث الكبير؛ إذ يوجد مدير الأمن العام في أوقات الذروة، وقائد قوات أمن العمرة، ومن هذا المركز تجري إدارة ومتابعة جميع الجهات المشاركة في عمليات التنظيم في الساحات الخارجية وداخل الحرم، وتساعد على ذلك «قناة القيادة» التي تُنقل عبرها المعلومة من القائد للشبكة الخاصة التي يديرها. هذا المركز يعتمد في مجمله على الكادر البشري المدرب لمنسوبي وزارة الداخلية، والتقنية والذكاء الاصطناعي من جانب آخر، في رصد كل التحركات ومعرفة وإدارة الحشود في كافة جنبات وباحات المسجد الحرام، مع استخدام كاميرات ذكية وأجهزة حديثة للتحرك السريع في أي لحظة.

سلامة المعتمر

ويأتي هذا الحراك والخطط للاستفادة من التنقية؛ للحفاظ على أمن وسلامة ضيوف الرحمن، وهو ما أشار إليه مدير الأمن العام الفريق، محمد البسامي، الذي أكد أن هذه من المهمات المهمة لقطاعات وزارة الداخلية، والتي تقوم قوات أمن العمرة بتنفيذ مهامها لحفظ النظام وإدارة وتنظيم الحشود وتوظيف التقنية وتسخيرها لخدمة قاصدي الحرمين الشريفين.

ولسرعة وتنفيذ الخطط وضمان تطبيقها للحفاظ على السلامة العامة، كثفت الأجهزة الأمنية الوجود الميداني لمنسوبيها من كافة القطاعات، كما تعمل على رصد أنواع الحالات والملاحظات الأمنية والاستجابة السريعة بالإجراءات المناسبة حيالها، واتخاذ التدابير الوقائية لمنع وقوع الجريمة، ومكافحة النشل، وأي ظواهر سلبية تؤثر في أمن وسلامة ضيوف الرحمن.

موظف الجوازات يقوم بخدمة إحدى القادمات للعمرة (الشرق الأوسط)

جولة

ومع قدوم شهر رمضان، قامت «الشرق الأوسط»، وبالتنسيق مع المديرية العامة للجوازات، بجولة داخل صالة القدوم الدولية في مطار الملك عبد العزيز الدولي، ورصدت التنظيم العالي على كافة الكاونترات المخصصة لاستقبال المعتمرين والزائرين، وسرعة الإنجاز التي كانت محط إعجاب عدد من المعتمرين الذين عبروا عن مدى رضاهم عن الحفاوة والتجاوب السريع الذي لاقوه.

بعد ذلك توجهت «الشرق الأوسط» لنقطة فرز الشميسي الواقعة على طريق «مكة - جدة» السريع، والتي تقع على مساحة 170 ألف م2، وتضم 16 مساراً مزودة بأحدث التقنيات الذكية، وبها مبنى مخصص لـ10 جهات حكومية، ومساكن للعاملين، ورصدت في أثناء وجودها انسيابية الحركة المروية، حيث لعب توفر مسارات كثيرة دوراً مهماً في سرعة الإنجاز، في حين لعبت مواقف المركبات على أطراف مكة دوراً مهماً في تخفيف الضغط المروري على المنطقة المركزية لقدرة استيعابها الكبير للكثير من المركبات


مقالات ذات صلة

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

كشف دبلوماسي تايواني أن السلطات القضائية التايوانية تحقق حالياً في تحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجرز».

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شمال افريقيا الأمير فيصل بن فرحان خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة المصري في الرياض أغسطس الماضي (واس)

تشديد «سعودي - مصري» على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان وغزة

شددت المملكة العربية السعودية ومصر على «ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والدائم في كل من لبنان وقطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق التركي والشمسان انضما للإمامة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (واس)

تعيين 4 أئمة في الحرمين الشريفين

صدرت موافقة ملكية بتعيين ‎بدر التركي والدكتور الوليد الشمسان إمامين في المسجد الحرام، والدكتور محمد برهجي والدكتور عبد الله القرافي بالمسجد النبوي.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
الخليج 5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)

السعودية: الكشف عن مستهدفات مبادرتي حماية الطفل وتمكين المرأة «سيبرانياً»

كشفت «مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني» عن المستهدفات الاستراتيجية للمبادرتين العالميتين للأمير محمد بن سلمان؛ لـ«حماية الطفل» و«تمكين المرأة» في المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الصحة النفسية أولى ضحايا الحرب... ما وسائل إنقاذها؟

طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
TT

الصحة النفسية أولى ضحايا الحرب... ما وسائل إنقاذها؟

طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)

في أحد مشاهد الفيلم التوثيقي «من المسافة صفر» الذي جرى تصويره تحت القصف في غزة، تصعد فتاة إلى سطح بيتها وترقص فيما السمّاعات على أذنيها، تردّ عنها هدير الطائرات الإسرائيلية المحلّقة فوق رأسها.

لكلٍ أسلوبه في التصدّي للحروب. منهم مَن يرقص ويغنّي، ومنهم مَن يعبّر كتابةً أو كلاماً، في وقتٍ يلوذ آخرون بالصمت ويبتلعون الصدمة تلو الأخرى.

لكن مهما تعدّدت أساليب ترويضها، تبقى «الحروب من أقسى الأحداث التي يمرّ بها الفرد والمجتمع، وهي تترك آثاراً كبيرة على الصحتَين النفسية والجسدية»، وفق ما تشير الاختصاصية في علم النفس العيادي باسكال نخلة في حديث مع «الشرق الأوسط».

يصنّف علم النفس الحروب كأقسى تجارب ممكن أن يمرّ بها البشر (أ.ف.ب)

يتلاقى كلام نخلة والأرقام الواردة من أوكرانيا إلى «المنتدى الاقتصادي العالمي» قبل 5 أشهر. فالحرب الروسية أدّت إلى ارتفاع عدد مرضى السكّري الأوكرانيين بنسبة 20 في المائة، كما تزايدت النوبات القلبية في صفوفهم بنسبة 16 في المائة، أما الجلطات الدماغية فارتفعت بنسبة 10 في المائة. وتلفت إحصائيات المنتدى إلى أنّ 57 في المائة من الأفراد غير المتأثرين مباشرةً بالحرب، أي المتواجدين في أماكن بعيدة نسبياً عن القصف، يواجهون صعوبات في أداء واجباتهم اليومية بسبب القلق العاطفي الذي يصيبهم.

(أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي 2024)

تشرح نخلة كيف أن الحرب، بما فيها من أصواتٍ مرعبة ومشاهد دمارٍ وموت، تنعكس «خوفاً وقلقاً وصدمةً وغضباً على البشر، ما قد يعرّضهم للاكتئاب وللقلق المزمن ولاضطرابات ما بعد الصدمة، إلى جانب مواجهة صعوبة في التركيز، ومشكلات في النوم، ونوبات هلع». وقد أثبتت الدراسات على مرّ العصور والحروب أنّ المدنيين يعانون من تفاقم الأعراض النفسية، ولا يقتصر الضرر على مَن خسروا أحبّة لهم أو على من اضطرّوا إلى النزوح عن منازلهم، بل ينسحب على مَن هم في أمانٍ نسبيّ والذين يشعرون بذنبِ هذا الأمان، وكذلك بالخطر الذي قد يداهمهم في أي لحظة.

في مراكز الإيواء التي نزحت إليها العائلات اللبنانية الهاربة من النيران الإسرائيلية جنوباً، غالباً ما تشتكي الأمهات من تبدّلاتٍ صادمة في تصرّفات أولادهنّ وردود أفعالهم. يتحدّثن لـ«الشرق الأوسط» عن بكاءٍ متواصل وعن أطفالٍ يستفيقون ليلاً بحالة ذعر وصراخ. تفسّر نخلة الأمر بالقول إنّ «أكثر الفئات تأثراً بالحروب هم الأطفال والمراهقون لأنّ شخصياتهم ما زالت في طور النموّ ولم تكتمل بعد، ما يجعلهم عرضةً لاضطرابات النوم والانعزال الاجتماعي والصعوبة في التعبير عن مشاعرهم».

أكثر الفئات عرضة للأذى النفسي بسبب الحرب هم الأطفال والمراهقون (رويترز)

أما الأجيال الأكبر سناً فعرضة «لحالات نفسية معقّدة أكثر من سواهم، لأنّ لديهم تراكمات من تجارب سابقة مشابهة لم تجرِ معالجتها»، تشرح الاختصاصية النفسية. في المقابل، يتميّز الجيل الصاعد بوَعيِه إلى أهمية الصحة النفسية، ما قد يقيه الصدمات إلى حدٍ ما.

تتعدّد الفئات المتأثرة بالحرب إذاً ويتفاوت عمق الندوب النفسية، مع تفاوت الأعمار والتجارب والأماكن الجغرافية. لكن المؤكّد أنّ التعامل مع الضغوط النفسية الناجمة عن الحرب ضروري، أكان بمجهودٍ فرديّ أو من خلال الاستعانة بالعلاج النفسي المتخصص.

سيدة من جنوب لبنان نزحت إلى أحد مراكز الإيواء (د.ب.أ)

في ظلّ ما يمرّ به اللبنانيون من ظرفٍ استثنائيّ وفائق الصعوبة، تنطلق نخلة من عبارةٍ بسيطة لكن ذات معنى عميق: «ما يحصل غير طبيعي وغير شرعي، لكن كل ما يشعر به المواطن اللبناني نفسياً حياله طبيعي وشرعي». أهمّ ما في الأمر عدم إهمال الآلام النفسية التي تتسبب بها الحرب وعدم نكرانها، بل الاعتراف بها. أما السبل المتاحة للتعامل معها فكثيرة.

كُن لطيفاً مع نفسك

تنصح نخلة بالتعبير عن المشاعر كلاماً أو كتابةً، إلى جانب التحدّث إلى أشخاص هم محطّ ثقة؛ قد يكونون أصدقاء أو أفراداً من العائلة. هذا جزء من الإقرار بالتعب النفسي وعدم تجاهله، بل تقبّله من دون إطلاق أحكامٍ هدّامة أو لوم النفس. فالتعامل بلطفٍ مع الذات ومنحُها الحقّ بالشعور بالقلق والخوف يشكّلان مدخلاً لتحسين الحالة النفسية في ظلّ الحرب.

الاختصاصية في علم النفس العيادي باسكال نخلة (الشرق الأوسط)

خفّف من متابعة الأخبار

من بين الخطوات الأساسية كذلك، التخفيف من الاستهلاك المتواصل للأخبار. هذا لا يعني الامتناع كلياً عن متابعة التطوّرات، لكن يجب وضع ضوابط لذلك، لا سيّما عندما يتعلّق الأمر بكثافة المعلومات الواردة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تكون أحياناً مضلّلة.

تنفّس عميقاً

ربّما يبدو الأمر مستحيلاً وسط أصوات القصف وأزيز الطيران، لكنّ محاولة ممارسة تقنيات الاسترخاء وإن لـ5 أو 10 دقائق تعود بفائدة نفسية كبيرة. تعدّد نخلة من بين تلك التقنيات التأمّل، والتنفّس العميق، واليوغا. وتضيف أنّ «الحركة الجسدية كالمشي وممارسة الرياضة الخفيفة تساعد كذلك في ضبط القلق ومعالجة المشاعر المكبوتة».

نازحات يتابعن أخبار الحرب في لبنان على هواتفهنّ (أ.ب.)

الروتين المفيد

تذكّر نخلة بأهمية «الحفاظ على روتين يوميّ ضمن الإمكانيات المتاحة». يحصل ذلك من خلال تكريس بعض الوقت للعناية بالذات، كتخصيص نصف ساعة يومياً للمشي في الهواء الطلق، ومحاولة تثبيت مواعيد تناول الطعام، وإطفاء الهاتف قبل ساعة من الخلود إلى النوم.

فكّر بغيرك

من السلوكيّات البشريّة التي تساعد على تخطّي الحرب بأقلّ أضرار نفسية ممكنة، الانخراط في المساعدة الاجتماعية. فمدّ يد العون إلى الفئات الأكثر تضرُراً يمنح شعوراً بالاكتفاء والرضا عن الذات. لذلك فإنّ علم النفس ينصح مَن هم قادرون على فعل ذلك بأن يتطوّعوا لإعانة النازحين أو أهالي الضحايا، أو على الأقلّ بأن يقدّموا ما يستطيعون من مساعدات وتبرّعات.

التطوّع في خدمة الفئات الأكثر تضرراً يعود بفائدة نفسية كبيرة (أ.ب)

العلاج النفسي أوّلاً وأخيراً

تلفت الأخصائية النفسية باسكال نخلة إلى أنّ «مشاهدة القصف والدمار والتعرّض للأصوات العنيفة يولّدان حالة من التأهّب وبالتالي ضغطاً على العضلات وآلاماً جسدية». وهي تشدّد في هذا السياق على أنّ «العلاج النفسي والسلوكي ضروري حتى لمَن ليسوا في أماكن الخطر». من هنا أهمّية خلايا الدعم النفسي التي تنشط في ظل الحرب، وتقدّم استشاراتٍ مجانية لمَن هم بحاجة إليها.

لكن لعلّ أبرز ما تذكّر به نخلة هو ضرورة تصويب سرديّة الصمود التي اقتاتت عليها أجيالٌ متعاقبة من اللبنانيين. فالصمود، في المفهوم النفسيّ، ليس التأقلم مع الظروف القاهرة ولا اعتماد النكران والتجاهل للمصائب المحيطة. الصمود، وفق ما تعرّفه الأخصائية النفسية، هو «نموّ ما بعد الصدمة أي محاولة النهوض والازدهار من جديد». وقد تكون باكورة الصمود مجرّد تذكير الذات بأنه لا حرب تدوم وبأنّ لكل محنةٍ نهاية.