الأنشطة الاجتماعية تقي المسنِّين التدهور المعرفي

التدهور المعرفي يحدث مع التقدم في العمر (رويترز)
التدهور المعرفي يحدث مع التقدم في العمر (رويترز)
TT

الأنشطة الاجتماعية تقي المسنِّين التدهور المعرفي

التدهور المعرفي يحدث مع التقدم في العمر (رويترز)
التدهور المعرفي يحدث مع التقدم في العمر (رويترز)

بيَّنت دراسة هولندية أن الأنشطة الاجتماعية، مثل التفاعل مع الآخرين، والمشاركة في الأحداث المنظمة، يمكن أن تقي كبار السن التدهور المعرفي وصعوبات الإدراك.

وأوضح الباحثون المشاركون في الدراسة التي نشرت نتائجها الثلاثاء، في دورية «مرض ألزهايمر» أن الأنشطة الاجتماعية مرتبطة بتعزيز الوظائف الإدراكية؛ خصوصاً لدى نزلاء دور رعاية المسنين.

والتدهور المعرفي عند كبار السن، هو عملية طبيعية مع التقدم في العمر، ويمكن أن يشمل تغيرات في الذاكرة، والتركيز، والتفكير السريع، ويمكن أن يؤثر هذا التدهور على قدرة الفرد على أداء المهام اليومية بكفاءة. ومع ذلك، يمكن اتخاذ بعض الخطوات للمساعدة في التحكم بهذه العملية وتأخيرها.

وراقب فريق الدراسة 3600 مريض في 42 دار رعاية بهولندا وبلجيكا، عبر تحليل الأداء المعرفي لهم كل 6 أشهر، ثم تم تصنيف نزلاء دور الرعاية على أساس مستوى انخفاض الضعف الإدراكي لديهم.

ونظر الباحثون في تأثير كل من الأنشطة العامة، بالإضافة إلى أنشطة اجتماعية محددة، مثل التحدث، واسترجاع الذكريات، ومساعدة الآخرين، والذهاب في رحلات، أو حتى مجرد الذهاب إلى المتاجر.

ووجدت الدراسة أن الأنشطة الاجتماعية توفر تأثيراً وقائياً لأولئك الذين لا يعانون من ضعف إدراكي أو لديهم ضعف إدراكي بسيط؛ حيث تبين أنها تمنع مزيداً من التدهور أو بداية التدهور.

ولم تتأثر هذه النتائج بمستوى النشاط البدني، مما يشير إلى أن النشاط الاجتماعي له علاقة محددة بالوظيفة الإدراكية.

من جانبه، قال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة أمستردام، البروفسور هاين فان هوت، لـ«الشرق الأوسط»: «ارتبط النشاط الاجتماعي بالحفاظ على الإدراك مع مرور الوقت، لدى كبار السن الذين يعيشون في دور رعاية المسنين».

وأضاف أن «هذا الارتباط كان أقوى لدى أولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي معتدل في الأساس، ولكن ليس لدى أولئك الذين يعانون من ضعف إدراكي شديد».

وكشف هوت أن «المشاركة في أنشطة اجتماعية محددة، مثل التحدث ومساعدة الآخرين، أظهرت ارتباطاً إيجابياً مماثلاً، لذلك يبدو أن العلاقة بين النشاط الاجتماعي والضعف الإدراكي ثنائية الاتجاه؛ حيث كان التدهور المعرفي مرتبطاً بنشاط اجتماعي أقل».

وذكر أن «تكرار ممارسة النشاط الاجتماعي كان مهماً؛ خصوصاً كل 3 أيام، وكان تأثيره أكبر من الانخراط في النشاط الاجتماعي مرة واحدة في الأسبوع أو مرة واحدة في الشهر».

وعن أهمية النتائج، أشار إلى أن التأثيرات الوقائية للنشاط الاجتماعي توفر فرصة للحفاظ على الأداء المعرفي لدى المسنين في دور الرعاية، لذلك من الأفضل التخطيط للأنشطة الاجتماعية بانتظام، وأوضح: «بدلاً من زيارة جميع أفراد العائلة للمسنين مرة واحدة في الشهر، من الأفضل تنظيم جدول زمني بشكل متكرر، وربما أقصر، ومع عدد أقل من الأشخاص كل مرة، لتحقيق زيارات أكثر شهرياً».


مقالات ذات صلة

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أفريقيا تظهر العلامات على يد طفلة بعد تعافيها من جدري القردة (رويترز)

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن اعتقاده أن تفشي فيروس جدري القردة في أفريقيا قد يتوقف في الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك يمكن للقناع تحليل المواد الكيميائية في التنفُّس فوراً (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

طوّر باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قناعاً ذكياً يُستخدم لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وتشخيص مجموعة من الأمراض بشكل فوري من خلال التنفُّس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك تزايد مستمر في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض (رويترز)

تتسبب في أمراض «قاتلة»... كيف تحمي نفسك من لدغات البعوض؟

رصدت الولايات المتحدة تزايداً مستمراً في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض. ومؤخراً، توفي أحد سكان نيوهامشير الأميركية بسبب مرض نادر، ولكنه خطير ينقله البعوض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تنفي ظهور إصابات بـ«الكوليرا»

لدى مصر برنامج ترصد وتقصٍّ للأمراض الوبائية يعمل بشكل فعال في الاكتشاف والرصد المبكر لأي أوبئة أو أمراض قد تتسرب داخل البلاد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أوروبا اختبارات إيجابية لفيروس «جدري القردة» (رويترز)

إسبانيا تتبرع بنحو 500 ألف جرعة من لقاح «جدري القردة» لأفريقيا

أعلنت وزارة الصحة الإسبانية في بيان، الثلاثاء، أن البلاد ستتبرع بعدد 500 ألف جرعة من لقاح «جدري القردة» لمكافحة تفشي المرض في أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».