هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

منصات البث تخرج من احتفاليّة الأكاديميّة خالية الوفاض رغم إنتاجاتها الضخمة

أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
TT

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

كادت منصات البث العالميّة أن تخرج خالية الوفاض من احتفاليّة «الأوسكار» الـ96 قبل أيام، لولا الجائزة اليتيمة التي نالتها «نتفليكس» عن فئة أفضل فيلم قصير لـ«The Wonderful Story of Henry Sugar» (القصة الرائعة لهنري شوغر) من إخراج ويس أندرسون.

تأتي هذه الخيبة بعد 3 سنوات ذهبيّة اختبرتها منصات البثّ الرقمي في ليالي «الأكاديميّة». فالأعوام 2021، 2022، و2023 حملت كثيراً من المفاجآت السارّة لكلٍّ من «نتفليكس» و«أبل تي في بلاس». أما هذه السنة، ورغم 32 ترشيحاً إلى «الأوسكار» نالتها المنصّتان مجتمعتَين عن أفلامهما الأصليّة، فالحظّ لم يكن حليفهما.

أفضل فيلم قصير هو الفوز الوحيد لـ«نتفليكس» في «أوسكار» 2024 (إكس)

«أوبنهايمر» المنافِس اللدود

لكن ليست لعبة الحظّ وحدها المسؤولة عن خسارة هذا العام، فأفلام «نتفليكس» و«أبل» وقفت في وجه ظاهرة سينمائيّة استثنائية تُدعى «أوبنهايمر». كان من الصعب جداً منافسة فيلم كريستوفر نولان الذي أدهشَ النقّاد والمشاهدين سنة 2023، فحصد 7 جوائز «أوسكار» الأسبوع الماضي.

ثمّ إنّ نجاحات السنوات الثلاث المنصرمة، فرضها واقع جائحة «كورونا» التي تسببت في إقفال دور السينما، ما وضع منصات البث في الصدارة، لتصبح بذلك المنبر المستحدث لمشاهدة الأفلام وإنتاجها. أما مع انحسار الجائحة وفتح القاعات حول العالم، فاسترجعت سلوكيّاتُ مشاهدة الأفلام صيغتَها التقليديّة، وإن ببطء.

فهل هي ظاهرة «أوبنهايمر»؟ أم أنها عودة دور السينما إلى نشاطها؟ أم هي أسباب أخرى التي حالت دون تصدّر «نتفليكس» و«أبل» وسواها من المنصات حفل «الأوسكار» الأخير؟

الممثل كيليان مورفي بطل فيلم «أوبنهايمر» الحائز على 7 جوائز «أوسكار» هذا العام (أ.ف.ب)

«روما»... اعترافٌ رغم الاعتراض

شكّل الترشيح الذي نالته «نتفليكس» إلى جوائز «الأوسكار» عام 2014، خرقاً وظاهرة. كانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي تدخل فيها منصة بثٍّ حلبة المنافسة ضدّ استوديوهات هوليوود العملاقة، وقد جاء الأمر بمثابة اعترافٍ بمحتوى تلك المنصات الناشئة. لم ينل وثائقي «The Square» (الميدان) اللقب حينذاك، وكان على المنصة أن تنتظر 3 أعوام حتى تفوز بأوّل «أوسكار» عن الوثائقي القصير «The White Helmets» (الخوَذ البيضاء)، واستتبعته بعد سنة بـ«أوسكار» ثانٍ ناله وثائقي «Icarus» (إيكاروس).

حتى 2018، اكتفت «نتفليكس» بتكريم وثائقياتها. ولم يَحِن موعد التفات «الأكاديميّة» إلى أفلام المنصة سوى في مارس (آذار) 2019، يوم حصد «روما» 3 جوائز بالجُملة عن فئات أفضل مخرج لألفونسو كوارون، وأفضل فيلم أجنبي، وأفضل تصوير سينمائي.

المخرج ألفونسو كوارون حاملاً الجوائز الـ3 التي حصدتها «نتفليكس» في «أوسكار» 2019 (أ.ف.ب)

تزامن الفوز مع موجة اعتراض عارمة ضدّ صعود منصات البث، إلى درجة أنّ عدداً من المؤثّرين في هوليوود اقترحوا منع أفلامها من الترشّح إلى «الأوسكار»، إن لم تكن قد انتشرت بشكل واسع في دور العرض العالمية. لم يحصل المنع، ثم جاءت الجائحة لتفرض أمراً واقعاً كان لا بدّ من أن يأتي، مع تعاظم سطوة المنصات على المشهد الترفيهي.

أثر الجائحة

سرّعت الجائحة والحجر المنزلي من نجاح المنصات في اختراق الجوائز العالمية، فإغلاق دور السينما ضاعف أعداد المشتركين فيها. وقد انعكس ذلك على ترشيحات «أوسكار» 2021، ففي سابقة هوليووديّة فازت «نتفليكس» وحدها بـ7 جوائز ذاك العام. صحيح أنها اقتصرت على الوثائقيات، والرسوم المتحركة، والملابس، وغيرها من الفئات الثانوية، إلا أنّ ذلك الفوز شكّل إثبات وجود للمنصات في أهمّ محفل سينمائي عالميّ.

ما عجزت «نتفليكس» عن تحقيقه في 2021، كان من نصيب منصة «أبل» عام 2022، إذ اقتنصت «أوسكار» أفضل فيلم عن «CODA» (كودا). صُنّف الفوز إنجازاً تاريخياً، بما أنها كانت المرة الأولى التي تنال فيها منصة بث جائزة أفضل فيلم من إنتاجها، وقد ترافق الفوز ذاك العام و37 ترشيحاً إلى «الأوسكار» نالتها منصات البث.

حقق «كودا» من إنتاج «أبل» إنجازاً تاريخياً حاصداً «أوسكار» أفضل فيلم عام 2022 (أ.ب)

23 «أوسكار» لـ«نتفليكس»

أما 2023، فرغم أنها شهدت تراجعاً في عدد الترشيحات التي نالتها أفلام المنصات من 37 إلى 19، فإنها كانت سنة مزدهرة لـ«نتفليكس». فمن أصل 16 ترشيحاً، حصلت المنصة على 6 جوائز «أوسكار» بما فيها أفضل فيلم أجنبي لـ«All Quiet on the Western Front» (كل شيء هادئ على الجبهة الغربية). كما حاز الفيلم الألماني الذي تدور أحداثه على خلفية الحرب العالمية الأولى، على جوائز أفضل موسيقى، وإنتاج، وتصوير سينمائي. وفي العام نفسه، حصلت «نتفليكس» على «أوسكار» أفضل فيلم رسوم متحرّكة لنسخة المخرج غييرمو دل تورو من قصة «بينوكيو»، وأفضل وثائقي قصير لـ«The Elephant Whisperers».

حتى العام الماضي كانت منصات البثّ قد بدأت احتراف لعبة «الأوسكار»، فباتت تدخل ميدان السباق متسلّحة بقيمتها السوقيّة، وبالملايين من المشتركين، وبأفلامٍ ذات إنتاجٍ ضخم ومحتوى مقنِع. حققت «نتفليكس» و«أبل» و«أمازون» بذلك أحد أبرز أهدافها، وهو الحصول على الاعتراف والتقدير من أهمّ منبرٍ سينمائي عالميّ.

منذ 2017، راكمت «نتفليكس» 23 جائزة «أوسكار». كان في ودّ المنصة أن تضاعف العدد هذا العام، فبالنسبة لها ولسائر المنصات، يساهم الفوز بجوائز «الأكاديميّة» في تعريف الجمهور بأفلامها على نطاق واسع، كما أنه يرفع أعداد المشتركين، هذا إضافة إلى أنه يلفت أنظار صنّاع السينما في هوليوود إلى جدّيّة المنصات في صناعة محتوى نوعيّ.

لكنّ الفرحة لم تكتمل هذا العام، فرغم عدد الترشيحات المطمئن في 2024، وهي 19 لـ«نتفليكس» و13 لـ«أبل»، فشل فيلم «مايسترو» لبرادلي كوبر في الحصول على أي من الألقاب الـ7 التي كان مرشّحاً إليها. أما فيلم «Killers of the Flower Moon» (قتلة زهرة القمر) لمارتن سكورسيزي، والذي كلّف إنتاجه منصة «أبل» 215 مليون دولار، فخرج هو أيضاً خالي الوفاض رغم الترشيحات الـ10 التي نالها. صفرُ «أوسكار» من أصل 3 ترشيحات كذلك، لفيلم ريدلي سكوت «نابوليون» ذي الإنتاج الباهظ.


مقالات ذات صلة

مونيكا بيلوتشي ستقلّل نشاطها السينمائي لترى ابنتيها تكبران

يوميات الشرق ذهبٌ لا يفقد قيمته (غيتي)

مونيكا بيلوتشي ستقلّل نشاطها السينمائي لترى ابنتيها تكبران

لمونيكا ابنتان رُزقت بهما على كبر من شريكها السابق الممثل والمنتج الفرنسي فنسان كاسيل، تُدعيان ديفا وليوني. وقد حرصت على أن تولدا في العاصمة الإيطالية روما...

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود تكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أسرار سلفستر ستالون الصحّية

تنصح أنجي قصابية بالإكثار من شرب المياه وتناوُل الأطعمة المحتوية على الزيوت الطبيعية، مثل الأفوكادو والطحينة. أما النوم، فلا يجب الاستهتار به...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لحظات من التكريم والحوار شكَّلت تقديراً لجهود النجوم (تصوير: عمار عبد ربه)

إيميلي بلانت... من التلعثم إلى العالمية

تحدَّثت النجمة إيميلي بلانت عن مشوارها الفنّي الحافل، مؤكدةً على التنوُّع الكبير الذي شهدته أدوارها في أفلام الأكشن، والدراما، والرعب، والموسيقى.

أسماء الغابري (جدة)
سينما جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
يوميات الشرق أبكتها القسوة (غيتي)

يوم قَلَب نقّاد «تيتانيك» كيلوغرامات كيت وينسلت إلى «إهانة للجسد»

انهارت كيت وينسلت باكيةً، وهي تتذكّر وَصْف نُقّاد فيلم «تيتانيك» (1997) الشهير لها بـ«البدينة».

«الشرق الأوسط» (لندن)

قصص ملهمة وعروض متنوعة تتوج الدورة الثانية لمهرجان الرياض للمسرح

المهرجان يساهم في تسليط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي (تصوير: تركي العقيلي)
المهرجان يساهم في تسليط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي (تصوير: تركي العقيلي)
TT

قصص ملهمة وعروض متنوعة تتوج الدورة الثانية لمهرجان الرياض للمسرح

المهرجان يساهم في تسليط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي (تصوير: تركي العقيلي)
المهرجان يساهم في تسليط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي (تصوير: تركي العقيلي)

اختتم «مهرجان الرياض للمسرح»، الخميس، دورته الثانية التي شهدت على مدى اثني عشر يوماً، مجموعة من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وقال سلطان البازعي الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية، إن المهرجان يساهم في تسليط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي، ويعكس أهمية استدامة الجهود لتطوير المشهد المسرحي السعودي، وتعزيز التفاعل مع التجارب المسرحية العالمية.

شارك في نسخة هذا العام 20 عرضاً سعودياً (تصوير: تركي العقيلي)

من جهته، أكد مدير المهرجان الدكتور راشد الشمراني، أن المهرجان شكَّل منصة استثنائية للإبداع المسرحي، حيث نجح في جمع نخبة من المبدعين والمواهب الواعدة على خشبة واحدة، في حدث يُبرز مدى تطور قطاع المسرح في المملكة.

وأشار إلى أن المهرجان أكد التزام المملكة بتعزيز دور المسرح لكونه من الركائز الثقافية المهمة، ويُمثل بداية لحقبة جديدة من الوعي الفني والإبداعي، تُساهم في اكتشاف المواهب وبناء جيل جديد من الفنانين المسرحيين القادرين على مواكبة التطورات العالمية.

المهرجان شكَّل منصة استثنائية للإبداع المسرحي السعودي (تصوير: تركي العقيلي)

وخلال الحفل، أعلنت الأعمال الفائزة وتكريم الفائزين بجوائز الدورة الثانية للمهرجان، وقدمها على خشبة المسرح، رئيس لجنة التحكيم المخرج السعودي عامر الحمود.

ونالت ‏«مسرحية غيمة» جائزة أفضل مكياج مسرحي، و ‏«مسرحية سليق وباقيت» جائزة أفضل أزياء مسرحية، و «مسرحية رشيد واللي سواه في بلاد الواه واه» جائزة أفضل موسيقى مسرحية، و‏«مسرحية كونتينر» جائزة أفضل إضاءة مسرحية، ‏و«مسرحية طوق» جائزة أفضل ديكور مسرحي.

شهد الحفل إعلان الأعمال الفائزة وتكريم الفائزين بجوائز الدورة الثانية للمهرجان (تصوير: تركي العقيلي)

وجائزة أفضل نص مسرحي، نالتها ‏«مسرحية قمم: الكاتب عبد العزيز اليوسف»، وجائزة أفضل إخراج مسرحي لـ«مسرحية كونتينر: المخرج عقيل عبد المنعم الخميس».

‏وعلى صعيد الجوائز الفردية، نالت ‏«آمال الرمضان» جائزة أفضل ممثلة دور ثانٍ، وذهبت جائزة أفضل ممثل دور ثانٍ لـ«سعيد محمد عبد الله الشمراني»، وجائزة أفضل ممثلة دور أول لـ«فاطمة علي الجشي»، وجائزة أفضل ممثل دور أول، لـ«حسين يوسف».

يعكس المهرجان أهمية استدامة الجهود لتطوير المشهد المسرحي السعودي (تصوير: تركي العقيلي)

واختتمت سلسلة الجوائز، بتتويج «مسرحية طوق» بجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل (المسار المعاصر)، و ‏«مسرحية حارسة المسرح» بجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل (المسار الاجتماعي).

وتمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة.

نجح المهرجان في جمع نخبة من المبدعين والمواهب الواعدة على خشبة واحدة (تصوير: تركي العقيلي)

وشارك في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج شمل 3 ندوات، و6 ورشات عمل، و20 قراءة نقدية، وتوزعت العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر وضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي وضم 9 عروض.

وشهدت الدورة الثانية من المهرجان، تكريم رائد المسرح السعودي، أحمد السباعي، الذي ساهم في إدخال المسرح إلى المملكة، وتطوير الفنون المسرحية، وأُقيم معرض فني يستعرض مسيرته الرائدة تضمّن عرضاً لمؤلفاته المسرحية والأدبية ومقتنياته الشخصية، إلى جانب الجوائز والشهادات التكريمية التي حصل عليها خلال مسيرته، وفيلماً وثائقياً يُبرز أبرز محطاته وإنجازاته الأدبية منذ الخمسينات، وصولاً إلى تأسيسه أول مسرح سعودي عام 1961م تحت اسم «دار قريش للتمثيل القصصي».