خطة يمنية - أممية للتعامل مع غرق «روبيمار» وتجنب كارثة بيئية

الحكومة حمّلت مالك السفينة مسؤولية التقاعس عن الإنقاذ

السفينة البريطانية الغارقة قبالة ميناء المخا اليمني إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة قبالة ميناء المخا اليمني إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
TT

خطة يمنية - أممية للتعامل مع غرق «روبيمار» وتجنب كارثة بيئية

السفينة البريطانية الغارقة قبالة ميناء المخا اليمني إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية الغارقة قبالة ميناء المخا اليمني إثر قصف حوثي (أ.ف.ب)

قالت مصادر يمنية حكومية إنه من المنتظر إعلان اتفاق بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة على خطة مشتركة للتعامل مع السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة قبالة ميناء المخا منذ أن استهدفها الحوثيون الشهر الماضي، فيما تمسك الجانب الحكومي بموقفه الداعي إلى تحمل الشركة المالكة للسفينة مسؤولية كل ما سيلحق بالبيئة البحرية أو أي أضرار لخط الملاحة الدولي.

وذكرت مصادر حكومية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن خلية إدارة أزمة سفينة الشحن التي غرقت بعدما استهدفها الحوثيون بالصواريخ في 18 فبراير (شباط) الماضي، والتي يرأسها وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي، ستلتقي، الخميس، مع فريق خبراء الأمم المتحدة.

غرق السفينة بكامل حمولتها يهدد بكارثة بيئية غير مسبوقة (تلفزيون الجمهورية)

وسيناقش اللقاء، بحسب المصادر - الملاحظات التي سجلت على الخطة التي وضعها الجانب الحكومي، وأنه وفي ضوء هذه الملاحظات والنقاشات سيتم التنسيق لخطة عمل مشتركة، وبموجبها سيكون هناك تحرك وعمل مشترك بين الجانبين على المستويين الداخلي والخارجي.

هذه الخطوة أتت بعد يوم على عقد خلية الأزمة لقاء هو الأول من نوعه منذ الهجوم على السفينة، وضم ممثلي الدولة التي تحمل السفينة علمها والشركة المالكة لها، وعدداً من المختصين لمناقشة كيفية معالجة وضع السفينة، وتجنيب اليمن والمنطقة كارثة بيئية في حال تسربت حمولتها من الوقود والأسمدة شديدة الخطورة.

مسؤولية المالك

وفق ما أورده الإعلام الحكومي اليمني فإن اللقاء الذي عقد عبر الاتصال المرئي، وحضره وزير الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان، ناقش السبل الممكنة للتعامل مع أزمة السفينة الغارقة، وتجنيب البلاد والمنطقة كارثة بيئية خطيرة قد تمتد تداعياتها لسنوات طويلة، في حال تسربت حمولة السفينة من الأسمدة والوقود إلى مياه البحر.

وأعاد وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية توفيق الشرجبي التحذير من خطورة الوضع العام الحالي للسفينة المنكوبة، نظراً لما يترتب عليها من تهديدات واسعة على البيئة البحرية والمجتمع الذي يعتمد في معيشته على خيرات البيئة البحرية.

نقاشات بين اليمن وخبراء الأمم المتحدة لتجنب كارثة غرق السفينة البريطانية (إعلام حكومي)

وأكد الشرجبي على مسؤولية الشركة المالكة في كل ما يلحق البيئة البحرية اليمنية أو أي أضرار لخط الملاحة الدولي، وكل ما يلحق بالدول المطلة على البحر الأحمر من تبعات، وانتقد الشركة المالكة؛ لأنها لم تقم بالإجراءات الضرورية اللازمة لإنقاذ السفينة وتعويمها بعد الهجوم عليها مباشرة رغم التعاون والتسهيلات التي قدمتها الحكومة.

وأكد الوزير اليمني على ضرورة تحمل كل جهة مسؤولياتها لتفادي الكارثة البيئية الوشيكة، فيما أبلغ وزير الشؤون القانونية الحضور، بوجود اتفاقية بحرية دولية منذ عام 1979، وهي تلزم مالك السفينة بتحمل مسؤوليته في التعامل مع وضعها، وتجنيب اليمن والمنطقة الكارثة.

دعم دولي

هذه التطورات أتت مع استكمال فريق خبراء الأمم المتحدة مراجعة الخطة التي أعدها الجانب الحكومي للتعامل مع السفينة، وتجنب كارثة بيئية، حيث ذكر مصدران في الجانب الحكومي لـ«الشرق الأوسط» أن الفريق الأممي وبعد الانتهاء من مراجعة المقترحات الحكومية وإدخال التعديلات اللازمة عليها، سينتقل إلى موقع السفينة الغارقة لتقييم الوضع على الطبيعة من جهة وضع السفينة وكيفية التعامل معها وتقييم الوضع من جهة تلوث المياه في المنطقة الغارقة فيها.

ووفق ما أكده المصدران، فإن الخيارات العملية هي الاستعانة بإحدى الشركات المتخصصة في مجال الإنقاذ والتعامل مع الكوارث، للتعامل مع السفينة وانتشالها لتجنب تسرب حمولتها إلى مياه البحر، والجانب الحكومي مستمر في مطالبته المجتمع الدولي بتقديم المساعدات العاجلة حتى يتمكن من التعامل مع السفينة، وتجنب كارثة باتت وشيكة.

يهدد غرق «روبيمار» بكارثة بيئية في البحر الأحمر بسبب خطورة حمولتها (تلفزيون الجمهورية)

وبحسب المصادر الحكومية، فإن فرنسا أبدت استعدادها لإرسال فريق من الخبراء لمساعدة الحكومة على احتواء التداعيات الناجمة عن غرق السفينة بحمولتها من الأسمدة والوقود في البحر الأحمر. وذكرت أن السفيرة الفرنسية لدى اليمن كاترين قرم كمون، أبلغت رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بهذا الموقف.

تقييم أممي

وكان منسق فريق الخبراء الأمميين نبيل الشملي، أكد خلال لقائه مع الجانب الحكومي أن الأمم المتحدة ستقوم بدعم الحكومة للاستجابة لتبعات حادثة غرق السفينة باستخدام الآلات والتقنيات الدقيقة للمساهمة في تقييم وضعها، وتفادي أي كارثة بيئية محتملة.

وأكد الشملي على أن يقوم الفريق خلال الأسبوع الأول بتقييم وضع السفينة ودراسة أفضل الاحتمالات الممكنة لتجنب تسرب لزيوت أو حدوث كارثة بيئية، وبعدها سيتم البدء بتنفيذ الخطة.

أما الجانب الحكومي اليمني فقد استعرض المخاطر البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي ستواجهها البلاد والمنطقة جراء تداعيات الغرق، وتسرب حمولتها من المواد الكيماوية والوقود إلى مياه البحر.

وكانت منظمة التنمية الدولية في شرق أفريقيا (إيغاد) حذّرت من أن بيئة البحر الأحمر ستحتاج إلى أكثر من 30 عاماً للتعافي من التلوث الناتج عن تسرب الوقود والأسمدة الموجودة على متن السفينة «روبيمار»، التي تحمل أكثر من 21 ألف طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم و200 طن من الوقود.

أدى هجوم الحوثيين على السفينة «تروي كونفيدينس» إلى مقتل 3 من طاقمها (الجيش الأميركي)

ونبهت المنظمة، مقرها بجيبوتي، إلى أن تسرب الوقود سيؤدي إلى تدمير الحياة البحرية وتدمير الشعاب المرجانية، وتعريض مئات الآلاف من الوظائف في صناعة صيد الأسماك للخطر، بالإضافة إلى قطع إمدادات الغذاء والوقود عن الدول الساحلية. وحذرت من تعطل أحد أكثر ممرات الشحن البحري ازدحاماً، ما يؤثر على الحركة السلسة للسلع والخدمات عبر الممر المائي للبحر الأحمر.

ودعت «إيغاد» الأطراف المعنية كافة إلى الاستثمار في الخيارات السلمية لمعالجة الكارثة البيئية التي تلوح في الأفق في البحر الأحمر وخليج عدن، وأعلنت أنها تواصل النظر في صياغة موقفها المشترك وخطة عملها الإقليمية تجاه هذه الكارثة بهدف ضمان السلامة البحرية وحرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.


مقالات ذات صلة

اليمن: اتهامات للانقلابيين بإخفاء 7 قاصرين في ذمار

تدهور التعليم وتسرب الأطفال منه يسهم في الزج بهم بمعارك الحوثيين بحثاً عن مصدر دخل (رويترز)

اليمن: اتهامات للانقلابيين بإخفاء 7 قاصرين في ذمار

شكا سكان في محافظة ذمار اليمنية من تصاعد حالات اختفاء القاصرين، في ظل اتهامات مباشرة لقادة حوثيين بالوقوف خلفها بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

غوتيريش: الغارات الإسرائيلية على اليمن «مثيرة للقلق»

ندّد أمين عام الأمم المتّحدة بـ«التصعيد» في الأعمال العدائية بين الحوثيين في اليمن وإسرائيل، معرباً عن «قلقه» إزاء الغارات التي شنّتها إسرائيل على مطار صنعاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية بالقرب من مطار صنعاء باليمن 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:38

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء... ونتنياهو يتوعد الحوثيين

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو، الخميس، في أعقاب ضربات شنّها جيشه في اليمن، على أن بلاده ستواصل ضرب المتمرّدين الحوثيين «حتى إنجاز المهمة».rn

«الشرق الأوسط» (لندن)

اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
TT

اليابان: شراكتنا مع السعودية «بلا سقف» ومجلس أعلى مرتقب

السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)
السفير السعودي لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر (الشرق الأوسط)

قال متحدث الخارجية اليابانية، توشيهيرو كيتامورا، إن السعودية دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، فالمملكة أهم دولة بالمنطقة وتعتبر امتداد الأمن القومي للطاقة لليابان، فيما تعد منطقة الشرق الأوسط برمتها في غاية الأهمية لليابان، من حيث موارد الطاقة والملاحة البحرية.

وأضاف توشيهيرو: «اليابان تقدر الدور السعودي الحيوي في ضمان إمدادات الطاقة، خاصة في ظل التوترات التي تنتظم العديد من مناطق العالم، بما في ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتوترات الصينية التايوانية، وغيرهما من الأزمات التي انتظمت العالم».

وكشف كيتامورا عن مباحثات مستمرة مع الجانب السعودي، لترجمة فكرة التعاون بين البلدين في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين، مبينا استمرارية المناقشات بين الشركات اليابانية ونظيرتها السعودية، ومتطلعا إلى ترجمتها على أرض الواقع لترى النور قريبا.

وتابع: «شراكاتنا مع السعودية استراتيجية مستمرة في مختلف المجالات، خاصة في مشاريعها الكبرى الجديدة، حيث نساهم في تطوير مشروع القدية، إذ توجد شركات يابانية تعمل على إنشاء برامج ومدينة للألعاب بالقدية، فضلا عن أننا نستقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الثنائية، وقطعنا شوطا في شراكات جيدة في المجالات الثقافية والرياضية».

وزاد كيتامورا: «العام المقبل سنطلق معرض (إكسبو 2025 أوساكا)، وفي عام 2030 سينطلق نفس المعرض في الرياض، وبالتالي بالضرورة هناك تبادل معلومات وخبراء من السعودية للاستفادة من تجربة (إكسبو 2025 أوساكا) بنظيره في الرياض 2030، على ضوء تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، وتبادل زيارات وخبراء كما قمنا بمشاركة شبيهة في عام 2017».

ولفت كيتامورا إلى أن هناك 4 اتفاقيات بين البلدين، أولاها تستهدف تعزيز الاستثمار وحمايته، والاتفاقيتان الثانية والثالثة تستهدفان الإعفاء من الازدواج الضريبي، بغية تطوير التعاون الاقتصادي، والاتفاقية الرابعة تهتم بزيادة الرحلات بين البلدين، مشيرا إلى دراسة تجري حاليا لتحديث وتقييم عدد الرحلات دوريا.

وأوضح متحدث الخارجية اليابانية أن التجارة بين البلدين في حالة ازدهار، مبينا أن قيمة التبادل التجاري بلغت 35 مليار دولار، فيما عزا وجود عجز في الميزان التجاري من قبل اليابان إلى غلبة الاستيراد التي تتمحور في استيراد البترول من السعودية بكميات كبيرة، بينما تستورد السعودية من اليابان ما يقدر بقيمة 4 مليارات دولار.

العلاقات السعودية اليابانية

وقال متحدث الخارجية اليابانية: «إن العلاقات الثنائية بين الرياض وطوكيو بدأت في عام 1955، حيث نشأت العلاقات مع السعودية منذ تاريخ طويل، فيما يستقبل البلدان العام المقبل الذكرى الـ 70 للعلاقات الرسمية بين البلدين».

وتابع: «عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اليابان في عام 2017 وجدنا فرصة للاطّلاع على رؤية السعودية 2030، وتشاركنا في ذلك الأمر الذي يعزز التعاون بين البلدين من خلال الرؤية السعودية اليابانية المشتركة 2030، ولا تقتصر العلاقات الثنائية على مجال الطاقة فحسب، إذ لدينا علاقات طيبة في الاقتصاد والثقافة والرياضة، فضلا عن السياسة».

وأضاف: «عندما زار رئيس الوزراء الياباني السابق كشيدا جدة في شهر يوليو (تموز) عام 2023، وقتها تم توقيع اتفاق في الطاقة النظيفة والهيدروجين والأمونيا ضمن (مبادرة المنارة)، حيث نقوم حاليا بإعداد المشاريع في مجالات متعددة ذات صلة، وهناك تعاون واتفاقيات بمجالات الاقتصاد والطاقة، ولكننا نعمل على توسيع التعاون بمجالات أخرى كالثقافة والرياضة».

وزاد توشيهيرو: «مع أنني لم أزر السعودية بعد، ولكن علمت أن عددا كبيرا من الشباب السعودي مولع بأعمال الرسوم اليابانية المتحركة، التي طالما تمتعت بشعبية كبيرة في المملكة، بجانب اهتمام سعودي بالأكلات اليابانية الصحية».

وأضاف: «هناك مجال أيضا للاستفادة من استثمار الطاقة الشبابية السعودية في مجالات متصلة مشتركة، للتكامل مع الفكرة اليابانية في استثمار الطاقة والخبرة الكامنة في كبار السن في اليابان، في ظل قلة الإنجاب، من خلال الدفع بتقنية جادة تتكامل في مجال التكنولوجيا والطاقة الشبابية في المستقبل».