عودة «مدرسة الروابي»... وتيما الشوملي تَعِد بـ«موسم خطير»

المخرجة الأردنية تطلّ بدور «مس فريدة» وتَصف عبر «الشرق الأوسط» القصة بالقويّة جداً

الملصق الرسمي للموسم الثاني من مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» (نتفليكس)
الملصق الرسمي للموسم الثاني من مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» (نتفليكس)
TT

عودة «مدرسة الروابي»... وتيما الشوملي تَعِد بـ«موسم خطير»

الملصق الرسمي للموسم الثاني من مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» (نتفليكس)
الملصق الرسمي للموسم الثاني من مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» (نتفليكس)

لا تقلق تيما الشوملي من أن يختبئ الموسم الثاني من «مدرسة الروابي للبنات» في ظلّ موسمه الأوّل، فهي تراهن على «قصة قوية جداً» وعلى «مواضيع خارجة عن المألوف والمتداول» في الدراما العربيّة.

يوم بُثّ الموسم الأول من المسلسل في صيف 2021، سرعان ما تحوّل إلى ظاهرة، نظراً لفرادة محتواه الأوّل من نوعه في الدراما العربية. وقد أيقنت «نتفليكس» آنذاك، أنها أصابت في التعاون مع المخرجة والكاتبة الأردنية ضمن ثاني الإنتاجات العربية الأصليّة للمنصة العالميّة.

سنة جديدة في «الروابي»

بعد سنتَين ونصف من إقفال «مدرسة الروابي» بوّابتها على قصة «مريم» و«ليان»، تعود لتفتحها أمام حكاياتٍ مختلفة وطالباتٍ جديدات. الإطار هو ذاته؛ حرَم المدرسة بنشيدها الحماسيّ الشهير وزيّها الزهري والرمادي الموحّد، لكنها «سنة جديدة في مدرسة الروابي»، وفق ما تقول الشوملي لـ«الشرق الأوسط»، مبررةً التأخير بين الموسمَين بعبارة «الشغل النظيف بدّو وقت». تبدو مؤلّفة العمل متأكّدةً من أنّ الوقع الذي سيتركه الموسم الثاني على مشاهديه، لن يكون عابراً.

المخرجة الأردنية تيما الشوملي مبتكرة وكاتبة مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» (نتفليكس)

هو «موسم خطير» وفق تعبيرها، «يشرّح أضرار (السوشيال ميديا) على الصحة النفسية للمراهقين، بأسلوب لم يجرِ الغوص فيه درامياً بما يكفي، حتى على المستوى العالمي». بين «سارة» (تارا عبود) و«تسنيم» (سارة يوسف) منافسةٌ على صدارة «تيك توك». تغار الأولى من زميلتها المحبوبة والمشهورة على المنصّة الشبابيّة، فتقع في شرك أرقام المتابَعات و«اللايكات»، ولا تعرف أنّ دوّامةً مظلمة ومخيفة بانتظارها في المقلب الآخر للشُهرة الافتراضيّة.

غير أنّ التركيز ليس محصوراً بشخصيّتَي «سارة» و«تسنيم»، بل تتّسع المساحة الدراميّة لـ«نادين» (تارا عطا الله) و«هبة» (كيرا يغنم) و«شمس» (تاليا الأنصاري) و«فرح» (رنيم هيثم). تشرح الشوملي أنه جرى «العمل بشكلٍ أوسع خلال هذا الموسم على تركيبة الشخصيات كافةً وتحوّلاتها. لكلٍ منهنّ حضورها المميّز وقصتها التي سيُبحر فيها المشاهدون».

في الموسم الثاني من «مدرسة الروابي» الجمهور على موعد مع وجوه وقصة جديدة (نتفليكس)

واقع يفوق الخيال ببشاعته

لكن ماذا عن الإبحار في الخيال في هذه القصصٍ المستقاةٍ من الواقع، وممّا يجري في المدارس ووسط الأجيال العربية الصاعدة؟

تكشف الشوملي أن الأبحاث التي قامت بها والكاتبَان المساعدَان شيرين كمال وإسلام الشوملي قبل الخوض في كتابة الموسم الثاني، أظهرت «واقعاً بشعاً» تتسبّب به سطوة وسائل التواصل الاجتماعي على عقول المراهقين. قد يظنّ الجمهور أنّ ما يرونه مضخّم، «لكننا قلّلنا كثيراً من نسبة البشاعة الحاصلة على أرض الواقع»، تؤكد الشوملي. وتضيف أنها حافظت على الخيط الرفيع الفاصل بين الخيال والواقع، مع العلم بأنّ «أحداث مسلسل مدرسة الروابي متخيّلة، إلا أنها تلامس الواقع إلى حدٍّ ستجد الفتيات العربيات انعكاساً لهنّ في شخصيّاته».

الشوملي في كواليس الموسم الثاني الذي انطلق تصويره في مطلع 2023 (نتفليكس)

أن تدور السرديّة حول طالباتٍ مراهقات، فهذا لا يعني أنّ العمل التلفزيوني هو دراما للمراهقين أو أنه موجّه حصراً لهذه الفئة العمريّة. «لا يعرف الأهالي سوى اليسير عمّا يدور في هواتف أولادهم وعن المخاطر المختبئة خلف شاشاتها، والمسلسل بالتالي موجّه لهم كذلك، ولأي شخص مَعنيّ بعالم السوشيال ميديا كالمؤثّرين مثلاً»، توضح الشوملي.

المفاجأة... مس فريدة

المشاهدون على موعد مع أحداثٍ ستسمّر عيونهم على الشاشة، أما المفاجأة التي تنتظرهم في الحلقات الـ6 فهي إطلالة تيما الشوملي ممثّلةً بدور «مس فريدة». إنها المديرة الجديدة لمدرسة الروابي، الآتية حاملةً معها التغيير. تعترف الشوملي بأنّ قرار التمثيل لم يكن سهلاً عليها هي المنهمكة بإدارة المسلسل، مع العلم بأنّ أرشيفها حافل بصولاتٍ وجولات كوميديّة أمام الكاميرا.

مفاجأة الموسم الثاني هي إطلالة الشوملي كممثلة بدور مديرة «مدرسة الروابي» (نتفليكس)

بعد تردّد وتراجع، رضخت أخيراً لإجماع فريق العمل على أنّ الدور يليق بها، فقدّمت الشخصية لأنها تحب أن تتحدّى نفسها، وفق تعبيرها. بين «فريدة» وتيما نقاطٌ مشتركة كثيرة؛ «هي تشبهني فعلاً في حبها للتغيير وعدم التزامها بالقواعد المعلّبة، كما أنها تعبّر عن الكثير من آرائي الشخصية».

مدرسة تيما للمواهب

مثلما تُدير مس فريدة «مدرسة الروابي»، فإنّ الشوملي تُدير «مدرسة تيما»، وهي التسمية التي تحب أن تطلقها على مخيّم التدريب حيث تجتمع الممثلات قبل قراءة أدوارهنّ وخوض مغامرة التصوير. فبعد الانتهاء من كتابة نص المسلسل، وهي المرحلة الأطول والأهم في نظر الشوملي، تنطلق عمليّة «الكاستينغ» التي لا تقلّ أهميةً.

معظم نجماتها لم يتخصصن في التمثيل ولم يمثّلن من قبل. توضح الشوملي هنا: «عندما نختارهنّ لا نعتمد على القدرات التمثيليّة حصراً، بل نبحث عن الشخصية المميزة التي لديها ما تقوله بغضّ النظر عن الدور والمسلسل».

هي التي تعدّد «اكتشاف المواهب» من بين هواياتها، تتعمّد الشوملي انتقاء ممثلين جدداً لشخصيات «الروابي». تنطلق في ذلك من قناعتها بأنّ الشاشة العربية بحاجة إلى وجوه شابّة، يجد الجيل الجديد فيها وفي هواجسها ولغتها وهندامها انعكاساً له. «أردت أن أصنع هذا النموذج التلفزيوني الشبابيّ الخاص بعالمنا العربي»، تقول الشوملي. وتتابع المخرجة والكاتبة: «هذا كان حلمي وقد حقّقته في الموسم الأوّل، وأرجو أن أكون قد تابعت ذلك في الموسم الثاني».

الشوملي تتوسط بطلات «مدرسة الروابي» خلال العرض الأول للمسلسل في عمّان (نتفليكس)

رسالة توعية حول خطر «السوشيال ميديا»

تعلّق آمالاً كثيرة على الموسم الجديد، من بينها ما هو أبعد من الصورة البرّاقة والحبكة المثيرة؛ «كلّي أمل في أن يصنع هذا الموسم صحوة وتوعية حول الاستخدامات السيئة للسوشيال ميديا، وما ينتج عنها من غيرة ومقارنات سامّة وضغط نفسي وعلاقات افتراضيّة مؤذية تتحوّل إلى ابتزاز».

ستجسّد «سارة» هذا الصراع الذي تَسبّب به تَحوّلُها من فتاة عاديّة، إلى شخصيّة معروفة على «تيك توك» بين عشية وضُحاها، وما تأتّى عن ذلك من أخطاء فادحة.

أبعد من الصورة البرّاقة والقصة المثيرة يحمل الموسم الثاني رسالة توعية من مخاطر «السوشيال ميديا» (نتفليكس)

بين الموسم الأول الذي يُستَحضر عبر إشاراتٍ خاطفة إنما معبّرة كاسم «ليان» المحفور على طاولتها الخشبيّة في الصفّ، والموسم الثالث الذي ما زال رؤيةً تسكن أفكار الشوملي، موسمٌ ثانٍ محصّن بنصٍ متماسك وبأداء آسر لـ«فتيات الروابي».


مقالات ذات صلة

«خيال بلون الدم»... من أين جاءت وحوش غييرمو ديل تورو؟  

يوميات الشرق كائنات لا اسم لها تخرج من ذاكرة ديل تورو (فيسبوك)

«خيال بلون الدم»... من أين جاءت وحوش غييرمو ديل تورو؟  

مُخرج حوَّل خوفه إلى خيال، ورأى في الوحوش رفقاء طريق، وفي الرعب وسيلة لقول الحقيقة بطريقة لا تقولها الأنوار الساطعة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الشيب صار جزءاً من الحكاية (أ.ب)

جورج كلوني يتحايل على الشيب ويُحوّل العمر إلى بطولة جديدة

يؤدّي نجم هوليوود جورج كلوني في فيلمه الجديد «جاي كيلي» دور ممثل متقدّم في السنّ يلجأ في خريف مسيرته المهنية إلى بعض الحيل التجميلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق عملية السطو على اللوفر أعادت إلى الأذهان مجموعة من الأفلام والمسلسلات (نتفليكس/ رويترز) play-circle 00:33

هل استوحى لصوص اللوفر خطّتهم من «لوبين» وأبطال «كازا دي بابيل»؟

مَن يتمعّن في احترافية عملية اللوفر قد يتساءل ما إذا كان اللصوص استوحوا خطواتهم وجرأتهم من «البروفسور» في «لا كازا دي بابيل»، أو من «أسان ديوب» في «لوبين».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق «تيتان» في رحلتها الأخيرة (رويترز)

لغز كارثة «تيتان»... خلل هندسي قاتل وراء انفجار غواصة «تايتانيك»

الانفجار الداخلي المأساوي الذي أودى بحياة 5 أشخاص في غواصة كانت في طريقها إلى موقع حطام السفينة «تايتانيك» عام 2023، كان نتيجة خللٍ هندسي فادح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يطلق حملة لمقاطعة «نتفليكس» بسبب ترويجها لمحتوى جنسي موجّه للأطفال... وأسهمها تنخفض

شهدت أسهم شركة «نتفليكس» تراجعاً بنسبة 2 في المائة يوم الأربعاء، تلاه انخفاض إضافي بنسبة 2 في المائة يوم الخميس في بورصة وول ستريت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.