كيف تقاوم «غريزة الاسترخاء» لتقوم بالتدريبات الرياضية «المهمة»؟

لدى البشر ميل تلقائي لاختيار الاسترخاء بدلاً من الحركة (رويترز)
لدى البشر ميل تلقائي لاختيار الاسترخاء بدلاً من الحركة (رويترز)
TT

كيف تقاوم «غريزة الاسترخاء» لتقوم بالتدريبات الرياضية «المهمة»؟

لدى البشر ميل تلقائي لاختيار الاسترخاء بدلاً من الحركة (رويترز)
لدى البشر ميل تلقائي لاختيار الاسترخاء بدلاً من الحركة (رويترز)

تشير الدراسات إلى أن النشاط البدني يعمل على تحسين كل جانب من جوانب الصحة تقريباً؛ حيث يساعد على تعزيز النوم والقوة والصحة العقلية، مع تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة المبكرة.

ومع ذلك، فإن معظم الناس لا يمارسون الرياضة بشكل كافٍ. وقد يعود السبب في ذلك إلى القيود البدنية والمشكلات الصحية وأيام العمل الطويلة التي تجبر الأشخاص على الجلوس لساعات طويلة.

إلا أن هناك دراسات حديثة أشارت إلى أن هناك عقبة أخرى تؤثر على رغبتنا في ممارسة الرياضة، وهي «عقولنا».

ونقلت مجلة «التايم» الأميركية عن دانييل ليبرمان، عالم الأحياء التطوري البشري، قوله إن «منذ بدء الخليقة، كان على الناس أن يكونوا نشيطين بدنياً للقيام بالوظائف الأساسية للحياة، مثل العثور على الطعام أو زراعته. وقد تطور البشر ليتحملوا مستوى عالياً من النشاط، ولكنهم أيضاً ينجذبون نحو الراحة عندما يكون ذلك ممكناً، للحفاظ على الطاقة عندما تكون الحركة ضرورية».

ولفت إلى وجود «غريزة تطورية للحفاظ على الطاقة» لدى البشر، مضيفاً: «هذا النفور، وذلك التردد، وذلك الصوت العقلي الذي يقول لك: (لا أريد ممارسة الرياضة) هو أمر طبيعي، وطبيعي تماماً».

وقد ناقش باحث النشاط البدني ماتيو بويزجونتييه، الأستاذ في جامعة أوتاوا، هذه القضية أيضاً في دراسة أجريت عام 2018. وفي الدراسة تم توصيل أدمغة المشاركين بأجهزة لمراقبة نشاط الدماغ، قبل أن تعرض أمامهم على شاشات كومبيوتر صورة لشخص افتراضي بجوار صور تظهر سلوكاً مستقراً، وأخرى تظهر نشاطاً بدنياً.

وطُلب من المشاركين تحريك صورة الشخص الافتراضي بعيداً عن الصور الخاصة بالسلوك المستقر، ونحو صور النشاط البدني.

ووجد بويزجونتييه وزملاؤه أن تجنب السلوك المستقر يتطلب مزيداً من قوة الدماغ، مما يشير إلى «أن لدينا ميلاً تلقائياً» لاختيار الاسترخاء بدلاً من الحركة، وفقاً لما أكدوه.

ويتوافق هذا الاستنتاج مع نتائج دراسات أخرى أظهرت أن اختيار الراحة هو «غريزة طبيعية لدى البشر». إلا أن بويزجونتييه أشار إلى أن هذا الأمر «وصل بالبشر إلى حد لم يعد مفيداً لصحتهم».

ومن جهته، يقول جاكي هارغريفز، كبير المحاضرين في الرياضة وعلم النفس الرياضي في جامعة ليدز بيكيت بالمملكة المتحدة، إن كثيراً من الأشخاص لديهم أيضاً مشاعر سلبية تجاه التمارين الرياضية تعود إلى مرحلة المراهقة.

ويقول هارغريفز إن الإحراج في صالة الألعاب الرياضية، أو التجربة غير السارة مع فريق رياضي للشباب، يمكن أن يجعل الشخص يتجنب ممارسة التمارين الرياضية بشكل جيد في مرحلة البلوغ.

النشاط البدني يعمل على تحسين كل جانب من جوانب الصحة (رويترز)

كيف تخدع عقلك لممارسة الرياضة؟

يقول سام زيزي، عالم النفس الرياضي في جامعة وست فرجينيا، إن الشعور بالرضا عن قدرتك هو أمر بالغ الأهمية للعثور على الدافع لممارسة الرياضة.

ويوصي زيزي بالبدء في ممارسة تمارين بسيطة، ربما بالمشي بضع دقائق فقط يومياً في البداية، ثم زيادة مدة وقوة التمرينات تدريجياً.

ومن جهتها، ترى ستيفاني ويليامز، عالمة السلوك البريطانية، أن «مراقبة أحد الأقران وهو يفعل ما تريد القيام به؛ خصوصاً إذا كان من عمرك نفسه أو جنسك أو حالتك الصحية، يمكن أن يمنحك شعوراً بسهولة إنجاز الأمر ذاته أيضاً».

ويقول ليبرمان: «عندما يجد الناس صعوبة في ممارسة الرياضة، يقال لهم إنهم كسالى، أو أن هناك خطأ ما فيهم، في حين أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة من أجل اللياقة البدنية فقط هم الذين يعملون ضد غرائزهم الطبيعية. ومن ثم فإنني أرى أن التعاطف مع الذات، وفهم كيفية عمل الدماغ البشري، بدلًا من الشعور بالذنب والعار، يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً في هذا الشأن».

أما هارغريفز، فينصح بالقيام بتمارين يجدها الشخص أكثر متعة، بدلًا من بعض التمارين المرهقة وغير المحببة للنفس.

وأضاف قائلاً: «الأمر لا يتعلق بالخروج وممارسة رياضة قوية. يتعلق الأمر بالحركة فقط وممارسة أي نشاط بدني ممتع للشخص. يمكن أن يشمل ذلك القيام ببعض المهام المنزلية أو البستنة أو ركوب الدراجة مع الأصدقاء».


مقالات ذات صلة

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
TT

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)
تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)

تمكن باحثون من معهد كارولينسكا في السويد من تطوير طريقة للكشف المبكر عن العوامل التي تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأوضح الباحثون، أن الطريقة تعتمد على تحليل صور الدماغ لتقييم صحة الأوعية الدموية ودورها في التأثير على سرعة شيخوخة الدماغ. ونُشرت الدراسة، الجمعة، في دورية «Alzheimer's & Dementia».

ووفق الدراسة، يُصاب أكثر من 20 ألف شخص في السويد سنوياً بأنواع مختلفة من الخرف، حيث يمثل مرض ألزهايمر نحو ثلثي هذه الحالات. وتُعد شيخوخة الدماغ عملية طبيعية تحدث مع التقدم في العمر؛ إذ تشهد بنية الدماغ ووظائفه تراجعاً تدريجياً. ومن بين هذه التغيرات تقلص حجم الدماغ وضعف كفاءة الاتصال بين الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية مثل الذاكرة والتركيز. لكن النتائج كشفت أن عوامل مثل الالتهابات، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وأمراض الأوعية الدموية، يمكن أن تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ. وعلى النقيض، فإن اتباع عادات صحية كالحفاظ على مستويات مستقرة للسكر في الدم وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن يساعد ذلك في الحفاظ على شباب الدماغ لفترة أطول.

وشملت الدراسة 739 مشاركاً، بينهم 389 امرأة، من مدينة غوتنبرغ السويدية. وتم تحليل نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي متطورة طورها الفريق لتقدير العمر البيولوجي للدماغ. بالإضافة إلى ذلك، أُخذت عينات دم لقياس مستويات الدهون، والسكر، ومؤشرات الالتهابات، وأُجريت اختبارات معرفية لقياس الأداء العقلي.

وأظهرت النتائج أن المصابين بالسكري، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ، كان لديهم أدمغة تبدو أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية. على الجانب الآخر، أظهرت أدمغة الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة صحياً مظاهر أكثر شباباً مقارنة بأعمارهم.

وأكد الباحثون أن الأداة التي طُورت تُظهر دقة كبيرة، ويمكن أن تُستخدم كوسيلة بحثية واعدة، مع إمكانية توسيع تطبيقاتها لتشمل الدراسات السريرية المستقبلية، مثل أبحاث الخرف.

كما لاحظ الفريق البحثي وجود اختلافات بين الرجال والنساء في العوامل التي تؤثر على شيخوخة الدماغ، مما يشير إلى أن الجنس قد يلعب دوراً في كيفية بناء المرونة الدماغية.

وأوضح الباحثون أنهم يخططون لدراسة هذه الفروقات بشكل أعمق من خلال التركيز على عوامل بيولوجية مثل الهرمونات، بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية والثقافية.

ويعمل الباحثون حالياً على إطلاق دراسة جديدة العام المقبل لفهم تأثير عوامل مثل الانخراط الاجتماعي، والدعم النفسي، والنوم، ومستويات التوتر، على مرونة الدماغ، مع التركيز بشكل خاص على صحة الدماغ لدى النساء.

وأشار الفريق إلى أن هذه الدراسة تشكل خطوة نحو تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز فهم صحة الدماغ، وفتح آفاق جديدة للحفاظ على مرونة الدماغ، والتصدي لتحديات الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.