كيف استقبلت القوى السياسية السودانية «إعلان أديس أبابا»؟

«الإخوان» تتوعد... و«الشيوعي» يرحب... واحتفاء على منصات التواصل

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (يمين) وقائد (قوات الدعم السريع) خلال مباحثات في أديس أبابا (تويتر)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (يمين) وقائد (قوات الدعم السريع) خلال مباحثات في أديس أبابا (تويتر)
TT

كيف استقبلت القوى السياسية السودانية «إعلان أديس أبابا»؟

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (يمين) وقائد (قوات الدعم السريع) خلال مباحثات في أديس أبابا (تويتر)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (يمين) وقائد (قوات الدعم السريع) خلال مباحثات في أديس أبابا (تويتر)

حظي الإعلان عن توقيع «إعلان أديس أبابا» بين «قوات الدعم السريع» و«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، بقبول واسع لدى قطاعات شعبية كبيرة، كما أثار ردود فعل أخرى بين القوى السياسية تراوحت بين «التأييد، والترحيب الحذر، والرفض المطلق». وفي حين رحب «الحزب الشيوعي» مبدئياً بالاتفاق، اعتبرته «الحركة الإسلامية» (جماعة الإخوان المسلمين بالسودان) الداعمة للجيش، «اتفاقاً ممهوراً بالدم بين خونة ومرتزقة لا يحقق سلاماً ولا يحل أزمة البلاد».

كما ظهر تغير في اتجاه التفاعل مع الاتفاق في منصات التواصل السودانية، إذ راجت التعليقات «الداعمة»، بعد أن كانت في مجملها سابقاً مناوئة لأي تواصل مع «قوات الدعم السريع».

ووقعت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، الثلاثاء في إثيوبيا، اتفاقاً يمهد ويسعى لإنهاء الحرب عبر «التفاوض بين طرفي القتال (الجيش و«قوات الدعم السريع»)» والقوى المدنية أطلقت عليه «إعلان أديس أبابا». وجاء الاجتماع استجابة لطلب من «تقدم» لكل من الجيش و«الدعم السريع» للجلوس والتفاوض، فاستجاب «الدعم السريع»، بيد أن قيادة الجيش لم ترد بالموافقة أو الرفض على الطلب.

وقالت الخبيرة المصرية في الشؤون السودانية د. أماني الطويل، إن «قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لم يعد أمامه خيار إلا الانخراط في (مبادرة تقدم)». ووجهت حديثها الذي جاء في منشور عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» إلى البرهان: «أن تخسر جزئياً خير من أن تخسر كلياً».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أرشيفية)

وأرجعت الطويل خسارة الجيش السوداني للمواقع التي كانت تحت سيطرته إلى «رهان قيادته على (الإخوان)». ورأت أن «أساليب الاستنفار التي تعمل عليها الجبهة الإسلامية لن تحدث فرقاً في الموازين العسكرية».

وفي الوقت الذي حذرت فيه الطويل من «حرب أهلية واسعة حال إصرار البرهان عليها (الاعتماد على جبهة الإخوان)، فإنها خاطبته بالقول: (سوف تتحمل وحدك المسؤولية الأخلاقية والسياسية بمفردك عن حرب أهلية واسعة في السودان)».

وللمرة الأولى منذ خروجه عن الحكومة الانتقالية وخلافاته مع تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» رحب «الحزب الشيوعي السوداني» مبدئياً بـ«إعلان أديس أبابا»، وقال عضو اللجنة المركزية المتحدث باسم الحزب فتحي فضل لراديو «دبنقا» إن حزبه «يرحب مبدئياً بأي جهود ومحاولات لإيقاف الحرب والعمل على إنهائها، وإزالة ورفع معاناة الشعب». وأضاف: «رغم عدم توفر معلومات لدينا حول اللقاء والمباحثات التي تمت بين (تقدم) وقيادة (الدعم السريع)، والنتائج التي توصلت إليها، فإن الحزب الشيوعي يرحب بشكل عام، بأي جهود في هذا المجال».

لكن «الحركة الإسلامية» (الإخوان) رفضت الإعلان جملة وتفصيلاً، ووصفته بأنه «ممهور بدم الشعب السوداني البريء». واعتبرته «عاراً لمن وصفتهم بالخونة والمرتزقة، وأنه لا يريد سلاماً ولا يطلب مخرجاً لأزمة البلاد»، على حد قولها.

وأعادت تكرار اتهاماتها لـ«تقدم» بأنها كانت ظهيراً لـ«الميليشيا» التي افتعلت الحرب (تقصد الدعم السريع). وأضافت: «هم يحاولون جاهدين لتقنين انفصال البلاد، من أجل العودة للحكم ليجلس حمدوك ورهطه من العملاء والمأجورين في مقاعد سلطة متهالكة، تتوسد جماجم الأبرياء ممن اغتالتهم يد الغدر، واستباحت دماءهم قوات آل دقلو».

وتوعدت «الحركة الإسلامية» بالوقوف مع الجيش الذي حثته على رفض الاتفاق، بقولها: «موقع الشرفاء في خندق المقاومة الشعبية المسلحة التي نبارك انطلاقتها، ونقف في صفها كتفاً بكتف مع كل أبناء السودان لأجل استئصال هذا السرطان المنتشر بأورام الميليشيا وبقايا (قوى الحرية والتغيير)».

واعتبر رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» ياسر سعيد عرمان، وهو قيادي في «تقدم»، في تعليق نشره على صفحته بمنصة «إكس»، أن «اجتماع أديس أبابا خطوة نحو تراجع البندقية وتقدم السياسة».

وقال محذراً من انزلاق البلاد في حرب أهلية: «لم أخش على بلادي منذ التحاقي بالعمل السياسي المنظم... كما أخشى عليها اليوم، فهي تنزلق رويداً رويداً نحو حرب إثنية ومجتمعية شديدة الخطر وعظيمة الأثر».

الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)

أما قائد «حركة تحرير السودان» حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، الذي أعلن أخيراً وقوفه إلى جانب الجيش والقتال معه، فقد وصف اجتماعات أديس أبابا بأنها «انتهت بلا جديد»، وقال في تغريدة على منصة «إكس»: فقط تم تحديد لجنة من عدد من «القحاته» - يقصد تحالف التغيير - واثنين من «الدعم السريع» بغرض تفكيك «حركة تحرير السودان» التي يقودها، ولخلق ضغط عليه لينضم للمجموعة.

وعلى مستوى وسائط التواصل الاجتماعي، تصاعدت التريندات المؤيدة لإعلان أديس أبابا، ولرئيس «تقدم» رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وتراجعت أصوات دعاة استمرار الحرب، وارتفع تريندات مثل «تقدم تمثلني» و«نعم للسلام»، وكذلك الهتاف القديم المؤيد لرئيس الوزراء السابق لصدارة المنصات وهو: «حمدوك المؤسس يمثلني».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

شمال افريقيا قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

قالت مصادر سودانية إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 9 وإصابة 20.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا إردوغان مستقبلاً البرهان في أنقرة 12 أغسطس 2021 (رويترز)

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان والإمارات على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا في أرض الصومال

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.

شمال افريقيا عمر البشير حكم السودان بقبضة من حديد وأُطيح به بعد 30 عاماً (أ.ف.ب)

حرب بيانات بين قادة حزب البشير... والانشقاقات إلى العلن

اشتعلت «حرب بيانات» داخل حزب المؤتمر الوطني «المحلول»، الحاكم في السودان في حقبة الرئيس السابق عمر البشير، تبودلت خلالها الاتهامات، في خطوة وصفت بـ«الخطيرة».

أحمد يونس (كامبالا)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.