نتائج متواضعة لاجتماع باريس الخاص بمواجهة «حماس»

الرئيس إيمانويل ماكرون في حديث ضاحك في بروكسل الأربعاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرت متسولا (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون في حديث ضاحك في بروكسل الأربعاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرت متسولا (أ.ف.ب)
TT

نتائج متواضعة لاجتماع باريس الخاص بمواجهة «حماس»

الرئيس إيمانويل ماكرون في حديث ضاحك في بروكسل الأربعاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرت متسولا (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون في حديث ضاحك في بروكسل الأربعاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرت متسولا (أ.ف.ب)

خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى إسرائيل يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اقترح في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إقامة تحالف إقليمي دولي، على غرر التحالف الذي أنشئ في عام 2014 لمحاربة «داعش». لكن مشروع إيمانويل ماكرون واجهه استهجان الأطراف العربية المعنية ورفض الجانب الإسرائيلي ولامبالاة الطرف الغربي، وبالتالي فإن خطته «ولدت ميتة».

بيد أن باريس لم تتخل عن الفكرة التي طوّرتها وحوّلها الرئيس الفرنسي «مبادرة من أجل السلام والأمن للجميع»، وجعلها ثلاثية الأبعاد بحيث تشمل الجوانب الأمنية والإنسانية والسياسية. وفي ما خص الجانب الإنساني، دعا ماكرون إلى قمة دولية لمساعدة مدنيي غزة، نجحت في توفير ما يزيد على مليار دولار من المساعدات الإنسانية (من الاتحاد الأوروبي والصناديق الدولية...). وترأست كاترين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية، الأسبوع الماضي، اجتماعاً «عن بعد» للأطراف المعنية لتقييم المرحلة والتنسيق بين الدول والصناديق المانحة. بيد أنه لم يصدر عن الاجتماع أي أرقام عما صرف من المساعدات الموعودة وعن الأطراف التي قدمتها.

الدخان الكثيف يتصاعد من شمال قطاع بسبب هجمات إسرائيلية الأربعاء (أ.ف.ب)

أما البعد السياسي الهادف إلى الدفع باتجاه حل يقوم على أساس دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان بأمن وسلام جنباً إلى جنب، فلم يحصل بشأنه أي تحرك بينما الحرب في غزة ما زالت مشتعلة. وبالمقابل، فإن البعد الأمني عرف أول ترجمة ملموسة له عبر الاجتماع الذي استضافته وزارة الخارجية الفرنسية، يوم الثلاثاء، وحضره ممثلو عشرين دولة، بينهم، لا، بل أولهم إسرائيل، وغاب عنه أي حضور عربي. وكان محوره النظر في كيفية محاربة «حماس» ومن زاويتين رئيسيتين: تجفيف مواردها المالية من جهة ومواجهة دعايتها وحضورها على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تنسيق المواقف والأعمال بين المجتمعين.

تمويل «حماس»

لم تتوافر عن الاجتماع معلومات كافية. بيد أن الخارجية الفرنسية أصدرت، مساء الأربعاء، بياناً جاء فيه: إن فرنسا «تدعو من أجل مواجهة (حماس) كما لمواجهة أي تنظيم إرهابي عالمي، إلى مقاربة شاملة أمنية ومالية كما تغطي النواحي الدعائية كافة». وأضاف البيان، أن الاجتماع الذي التأم برئاسة المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في وزارة الخارجية، فريديريك موندوليني، «وفّر الفرصة لتبادل الرأي بشأن الأعمال الملموسة الواجب القيام بها ضد التنظيم الإرهابي وحول الوسائل الكفيلة بتعزيز التنسيق الدولي».

وفي خلاصة المداولات، وفق البيان الرسمي، فإن المجتمعين «توافقوا على ضرورة محاربة تمويل (حماس) وناقشوا سبل تعبئة المنصات المعنية وتعزيز العقوبات المفروضة على (حماس) وأعضائها، والرقابة من خلال (مجموعة العمل المالية الدولية) واستخدام العملة المشفرة». من جانب آخر، شدد البيان على ضرورة التنسيق والتشدد في محاربة «المحتويات الإرهابية» التي تبثها «حماس» مع الالتفات إلى احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير المعمول بها في دولة القانون.

3 ملحوظات

يتعين التوقف عند ثلاث ملحوظات، أولاها أن اجتماع الأربعاء كان معقود اللواء لإسرائيل وتبنى المقاربة والمطالب الإسرائيلية بخصوص «حماس». وثانية الملحوظات، أن المبادرة الفرنسية لم تكن معزولة؛ إذ إن باريس بادرت إلى فرض عقوبات على شخصيات من «حماس»، منها تجميد أصول يحيي السنوار الذي تعدّه إسرائيل العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي مرسوم مؤرخ في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت باريس أنها ستجمد لمدة ستة أشهر أصول محمد الضيف، القائد العام لـ«كتائب عز الدين القسام» المدرج على القائمة الأميركية لـ«الإرهابيين الدوليين» المطلوبين منذ عام 2015.

مظاهرة الأربعاء في الضفة الغربية للمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

ودعت سكرتيرة الدولة الفرنسية المكلفة شؤون أوروبا لورانس بون، الشهر الماضي، إلى فرض عقوبات أوروبية تستهدف كبار مسؤولي «حماس»، خصوصاً عقوبات مالية قد تأخذ شكل تجميد للأصول. وبالتوازي، فإن فرنسا وألمانيا وإيطاليا، دعت الاثنين إلى «فرض عقوبات مخصصة على (حماس) ومؤيديها»، وفق ما جاء في رسالة مشتركة لوزراء خارجية الدول الثلاث إلى منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.

وجاء في الرسالة: «نعرب عن دعمنا الكامل للاقتراح الداعي إلى إنشاء نظام عقوبات مخصص ضد (حماس) ومؤيديها، الذي تعمل المفوضية الأوروبية على الترويج له». وبحسب الدول الثلاث، فإن «الإقرار السريع لنظام العقوبات هذا سيمكننا من إرسال رسالة سياسية قوية حول التزام الاتحاد الأوروبي ضد (حماس) وتضامننا مع إسرائيل».

أما الملحوظة الثالثة، وربما تكون الأهم، فإن اجتماع باريس تجاهل تماماً حال الحرب في غزة والعدد المخيف من القتلى المدنيين الذين يسقطون يومياً، وكأن المجتمعين يرون أن الحرب انتهت وأن واجبهم الأول هو حرمان قادة «حماس» من أموالهم، التي هي غير موجودة أصلاً في البنوك الأوروبية.

تجاهل ترويج كاذب

أما بشأن المحتويات، فإن المجتمعين لم يتوقفوا أبداً عند بث محتويات خاطئة روّجت لها إسرائيل وادعت أن «حماس» ألقت أطفالاً رضعاً في الأفران أو قطعت رؤوسهم أو بقرت بطون نساء حوامل. كما لم تتوقف عند كلام وزير الدفاع الإسرائيلي الذي وصف جماعات «حماس» بأنهم «حيوانات بشرية».

صورة وزَّعتها حركة «حماس» لعملية الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين 24 نوفمبر (رويترز)

واللافت، أن الدول الثلاث التي روّجت لعقوبات على قياديي «حماس» (فرنسا وألمانيا وإيطاليا)، لم تنضم إلى المبادرة التي أطلقتها إسبانيا وبلجيكا ومالطا وآيرلندا، ودعت وزراء الاتحاد الأوروبي إلى إصدار بيان يدعو لوقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية. والسبب في ذلك معارضة دول مثل ألمانيا أو المجر أو غيرهما.

ومن المحير أن فرنسا التي صوّتت لصالح وقف لإطلاق النار في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، لم تنضم لدعوة الدول الأربع في بروكسل. ويبقى التساؤل حول ما إذا كان القادة الأوروبيون المجتمعون ليومين (14 و15 ديسمبر/كانون الأول) الحالي في العاصمة البلجيكية، سينجحون في بلورة موقف موحد حول وقف إطلاق النار، أم أن انقساماتهم وولاءاتهم ستمنعهم من ذلك، ما يبين مرة أخرى عجزهم عن لعب دور مستقل في حرب تدور على أبواب أوروبا.


مقالات ذات صلة

معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

المشرق العربي لافتة مدمَّرة في معبر كرم أبو سالم تشير إلى الاتجاه نحو رفح (رويترز)

معبر رفح معضلة لإسرائيل بعد السيطرة عليه وإغلاقه

يرفرف العلَم الإسرائيلي فوق الجانب الفلسطيني من معبر رفح، لكن المستقبل الغامض والشائك لهذا المنفذ الحدودي بين القطاع الفلسطيني ومصر بات يشكّل معضلة لإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم المقر الرئيسي للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا (أرشيفية-رويترز)

«الجنائية الدولية» لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والسنوار وهنية والضيف

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الاثنين)، تقديم طلبات لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو وآخرين.

«الشرق الأوسط» (أمستردام )
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان (أ.ف.ب)

«حماس» و«حزب الله» و«الحوثي» تنعى رئيسي

جماعة «حزب الله» اللبنانية و«الحوثي» وحركة «حماس» تعرب عن تعازيها في وفاة الرئيس الإيراني رئيسي ووزير خارجيته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أم فلسطينية وأقاربها يوم الأحد في دير البلح يحملون جثمان طفلة قتلتها غارة إسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تكثف قصف غزة على وقع زيارة سوليفان

كثّف الجيش الإسرائيلي الأحد قصف غزة بينما التقى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية غانتس يتحدث الاثنين الماضي في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب بمناسبة ذكرى ضحايا الحروب الإسرائيلية (مكتب غانتس)

شرارة المعركة الانتخابية المبكرة في إسرائيل تنطلق... ونتنياهو يستنفر

توضح القراءة المتأنية لخطاب عضو مجلس قيادة الحرب، بيني غانتس، أنه الشرارة الأولى في المعركة الانتخابية المبكرة التي يتهرب منها ويحاول الجنرالات فرضها عليه.

نظير مجلي (تل أبيب)

اليمين المتطرف يتأهب للانقضاض على الانتخابات الأوروبية

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي تتحدث بدعوة من حزب «فوكس» في اجتماع مدريد السبت (أ.ف.ب)
مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي تتحدث بدعوة من حزب «فوكس» في اجتماع مدريد السبت (أ.ف.ب)
TT

اليمين المتطرف يتأهب للانقضاض على الانتخابات الأوروبية

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي تتحدث بدعوة من حزب «فوكس» في اجتماع مدريد السبت (أ.ف.ب)
مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي تتحدث بدعوة من حزب «فوكس» في اجتماع مدريد السبت (أ.ف.ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية ما بين 6 و9 يونيو (حزيران)، تستجمع أحزاب اليمين المتطرف في الفضاء الأوروبي قواها، لتعبئة محازبيها وأنصارها، بالتركيز على الملفات الرئيسية التي يشكل العداء للمهاجرين عصبها الآيديولوجي المتلازم مع العداء للإسلام، ومن زاوية الدفاع عن الهوية الأوروبية.

وبرز ذلك مجدداً في مدريد خلال نهاية الأسبوع المنصرم؛ حيث دعا حزب «فوكس» اليميني المتطرف، قادة وممثلي الأحزاب الشقيقة في أوروبا وخارجها، للمجيء إلى العاصمة الإسبانية لإبراز وحدة المواقف، والسعي لتغيير موازين القوى داخل البرلمان الأوروبي ومنظومات الاتحاد بشكل عام.

وقال سانتياغو أباسكال، رئيس «فوكس»، إن غرض التجمع «إعداد تحالف عالمي للوطنيين»؛ لكن الهدف المباشر -بلا شك- عنوانه الاتحاد الأوروبي.

بعض الكلمات التي أُلقيت خلال هذا التجمع تعكس «ضيق» الأوروبيين بالهجرات المتواصلة.

مارين لوبان، زعيمة حزب «التجمع الوطني» الفرنسي الذي تفيد استطلاعات الرأي بأنه سيحصل على نتائج استثنائية في الانتخابات المقبلة، لم تتردد في القول: «إن مناطق بأكملها من بلدي، فرنسا، تغمرها الهجرة، ولم تعد تحت سلطة الدولة»، منددة بـ«حالة من الانفصالية» التي تتسبب فيها الهجرات، ودعت إلى «إعادة توجيه (سياسات) الاتحاد الأوروبي».

ومن جانبه، دعا أندريه فينتورا، رئيس حزب «تشيغا» (كفى) البرتغالي، وعضو حزب «الهوية والديمقراطية» في البرلمان الأوروبي، إلى إقامة وتعزيز «الحدود القوية» الخارجية للاتحاد، من أجل «مكافحة الهجرات الإسلامية»، ووصف الأحزاب اليمينية المتطرفة بأنها «الأمل الأخير» عندما يكون «مستقبل حضارتنا الأوروبية على المحك».

رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني «رائدة» إبرام اتفاقية مع ألبانيا لإرسال المهاجرين إليها تنتظر وصول أمين عام الحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في 8 مايو أمام مقر رئاسة الوزراء (أ.ف.ب)

أما جيورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، فقد وصفت الانتخابات بأنها «حاسمة» من أجل وضع حد لهيمنة تحالف حزب «الشعب الأوروبي» اليميني التقليدي، و«الحزب الديمقراطي الأوروبي»، وهما المجموعتان الرئيسيتان في البرلمان الأوروبي المنتهية ولايته اللتان تسيطران على المراكز الأساسية في الاتحاد، وإليه تنتمي رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، وأغلبية المفوضين الـ26؛ بيد أن رسالة ميلوني الرئيسية جاءت من خلال تحذيرها من «محو الجذور المسيحية» لأوروبا.

صعود أسهم اليمين المتطرف

اللافت في هذا التجمع أنه جاء بعد أسبوع واحد من مصادقة المجلس الأوروبي النهائية يوم 14 الجاري، على «اتفاقية الهجرة» التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي مؤخراً، بعد 4 سنوات من المراوحة. وسبق أن صوَّت البرلمان الأوروبي لصالح الاتفاقية التي يتعين أن تدخل حيز التنفيذ خلال العامين المقبلين. والغاية منها تشديد الرقابة على الهجرات المتدفقة على القارة القديمة، ومراقبة الوافدين إلى دول التكتل، وإرساء الأسس لنظام تضامن بين الدول الأعضاء في مجال رعاية طالبي اللجوء وتقاسم المهاجرين، في حال تدفقات كبيرة للتخفيف من وقعها على بلدان المدخل، أي الواقعة على الحدود الخارجية لأوروبا، وتحديداً إيطاليا واليونان وإسبانيا، بدرجة أقل.

وترغب الأحزاب اليمينية المتطرفة في كثير من الدول الأعضاء في إغلاق الحدود الداخلية بشكل دائم، بمعنى فرض رقابة على الداخلين إليها، وهو أمر محظور بموجب «اتفاقيات شينغن» لحرية التنقل داخل الفضاء الأوروبي. ومع ذلك، فإن الاستثناءات المؤقتة ممكنة: فمع بداية عام 2024، أعاد نصف دول الاتحاد الأوروبي تقريباً فرض الضوابط، متذرعة بتهديد الإرهاب أو ضغط الهجرة.

ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني أهم المدافعين عن الاتفاقية التي وقعتها بلاده مع ألبانيا لاستقبال المهاجرين الواصلين إلى الأراضي البريطانية متحدثاً في مجلس العموم يوم 15 مايو (أ.ف.ب)

ومن بين أفكارهم الأخرى للحد من الهجرة: توجيه طالبي اللجوء الذين يصلون إلى أوروبا إلى «بلدان ثالثة» يتم الاتفاق معها على استقبالهم. ونموذجهم في ذلك الاتفاقية التي أبرمتها إيطاليا مع ألبانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من أجل إنشاء مركزين على الأراضي الألبانية لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية، شرط أن يدار المركزان بموجب القانون الإيطالي، وحيث يتاح لهم تقديم طلبات اللجوء وانتظار البت فيها.

ومن المقترحات الأكثر تطرفاً، الفكرة التي طرحها المنظِّر اليميني المتطرف، النمساوي مارتن سيلنر، لحزب «البديل من أجل ألمانيا» في ألمانيا، وحزب «الحرية» في النمسا، بشأن خطة «الهجرة المعاكسة» التي تتمثل في إعادة المهاجرين الواصلين حديثاً إلى بلادهم؛ لا؛ بل أيضاً تطبيق ذلك على الذين حصلوا على الجنسية الجديدة، بسبب «عدم اندماجهم» في المجتمع الجديد. وتبنى هذا الطرح أيضاً حزب إريك زيمور، الفرنسي المتطرف الذي يركز آيديولوجيته السياسية على مبدأ «سياسة الاستبدال» بمعنى أن المهاجرين الجدد آخذون في الحلول محل الفرنسيين، ما سيفضي إلى زوال الحضارة الأوروبية وتغيير الهوية الفرنسية؛ لا؛ بل إلى استبدال الوافدين الجدد بالسكان «الأصليين».

مطالبات بإجراءات إضافية لمحاربة الهجرات

ليست أحزاب اليمين المتطرف وحدها التي تريد المزيد في محاربة الهجرات. فاللافت أن الاتفاقية الجديدة لا ترضي كل الدول الأوروبية؛ إذ بعد يومين فقط على إبرامها، وجهت 15 دولة (بلغاريا، وتشيكيا، والدنمارك، وفنلندا، وإستونيا، واليونان، وإيطاليا، وقبرص، وليتوانيا، ولاتفيا، ومالطا، وهولندا، والنمسا، وبولندا، ورومانيا) رسالة إلى المفوضية الأوروبية، تطالب فيها بالذهاب إلى أبعد مما جاءت به الاتفاقية، من خلال اعتماد تدابير من شأنها حقيقةً لجم الهجرات وردع الراغبين في الوصول إلى أوروبا عن القيام بمغامرات غير محسوبة النتائج.

وبوصلة الدول الـ15 للبحث عن «حلول جديدة» يمكن تصنيفها في وجهين: الأول، إبرام اتفاقيات إضافية مع «دول العبور» من أجل إبقاء الأشخاص الراغبين في التوجه إلى أوروبا على أراضيها، مقابل مساعدات مالية ولوجيستية. وسبق للاتحاد الأوروبي أن أبرم اتفاقيات مماثلة مع تركيا في عام 2016، وفي الأشهر الأخيرة مع تونس ومصر، وآخرها مع لبنان بمناسبة الزيارة التي قامت بها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين والرئيس القبرصي إلى بيروت. وبكلام آخر: يريد الاتحاد من الدول الواقعة جنوب وشرق المتوسط «وهي دول عربية» أن تقوم بدور الشرطي والحارس للحدود الأوروبية، وهو ما تقوم به فرنسا إزاء بريطانيا.

مهاجرون يستمعون إلى التعليمات على متن سفينة الإنقاذ «أوشن فايكنغ» التابعة لمنظمة «إس أو إس ميديتيراني» الأوروبية الإنسانية بعد عملية إنقاذ قبالة مالطا صباح الأحد (أ.ف.ب)

أما الوجه الثاني، فعنوانه «إعادة تصدير» المهاجرين إلى دول ثالثة، احتذاء بالاتفاق الذي أبرمته إيطاليا مع ألبانيا، وقبله الاتفاق بين بريطانيا ورواندا؛ حيث تتم دراسة طلبات اللجوء هناك بدل أن يقدموها في أول دولة أوروبية يصلون إليها. وحقيقة الأمر أن «اتفاقية الهجرة» تتيح هذا الأمر، ولكن بشرطين: أن يكون البلد المعني خارج الاتحاد «آمناً»، والثاني أن يكون للمهاجر الجديد «رابط كافٍ» مع البلد الثالث. والشرط الثاني لا تأخذ به بريطانيا (وهي خارج الاتحاد). وما تريده الدول الموقعة على الرسالة المشتركة إلى المفوضية إعادة تعريف البلد الآمن من جهة، ومن جهة ثانية التخلي عن الشرط الثاني، ما من شأنه تسهيل ترحيل الوافدين الجدد.

ولتفعيل تدابير كهذه، يتعين –بدايةً- على الاتحاد الأوروبي -بوصفه كتلة- أن يوافق على مطالب الدول الـ15، وأن يعثر على «دول ثالثة» تقبل استقبال المهاجرين على غرار ألبانيا ورواندا. وجاء في الرسالة الجماعية: «تجب إعادة تقييم تطبيق مفهوم الدولة الثالثة الآمنة في قانون اللجوء الأوروبي».

وبالتوازي مع تجمع الدول الـ15، برز مؤخراً تجمع آخر يضم 8 دول (النمسا، وتشيكيا، وقبرص، والدنمارك، واليونان، وإيطاليا، ومالطا، وبولندا) تداعت لقمة في قبرص، للنظر في وضع اللاجئين السوريين (النازحين) وتكاثر وصولهم إلى شواطئ قبرص ومالطا وإيطاليا، انطلاقاً من لبنان بوجه خاص. وحتى تاريخه، كان الاتحاد الأوروبي (ومعه الهيئات والمؤسسات الدولية الداعمة لهم) متمسكاً بـ«العودة الطوعية والآمنة والكريمة» للسوريين إلى بلادهم. وبشكل عام، قال الاتحاد إن هذه الشروط «غير متوفرة بعد». من هنا، فإن الدول الثماني تريد إعادة تقييم الوضع في سوريا؛ حيث ترى أنه قد «تطور بشكل كبير». وأعربت هذه الدول عن توافقها على القيام بعملية إعادة التقويم التي من شأنها الوصول إلى «طرق أكثر فعالية» للتعامل مع هذه الظاهرة. ودعت الاتحاد الأوروبي إلى «التخفيف من خطر وصول مزيد من التدفقات من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي». ولم يستبعد وزير الداخلية القبرصي كونستانينوس يوانو أن تتحول العودة الطوعية إلى «قسرية في مرحلة لاحقة» عند توفر ظروفها.


موسكو تصعِّد ضد زيلينسكي مع انتهاء ولايته الرئاسية

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مقابلة صحافية مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة الماضي
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مقابلة صحافية مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة الماضي
TT

موسكو تصعِّد ضد زيلينسكي مع انتهاء ولايته الرئاسية

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مقابلة صحافية مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة الماضي
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مقابلة صحافية مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الجمعة الماضي

استعدت موسكو لتصعيد تحركها السياسي والاستخباراتي ضد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع انتهاء ولايته الرئاسية رسمياً بحلول مساء الاثنين. ومع تصاعد زخم الضغط العسكري على محاور القتال، وخصوصاً في خاركيف شرقاً، وعلى جبهتي دونيتسك وزابوريجيا جنوباً، بدا أن موسكو حضرت لتكثيف الضغوط بهدف إضعاف موقف زيلينسكي داخلياً، بعد أن وصفته بأنه غدا «فاقداً للشرعية»، و«لم يعد رئيساً لأوكرانيا».

وتزامنت تصريحات المستوى السياسي بهذا الشأن مع نشر جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية تقريراً مفصلاً عن الوضع الداخلي في أوكرانيا، تحدث عن «انخفاض مستوى شعبية فولوديمير زيلينسكي إلى 17 في المائة، مع استمرار هذا المنحى في الانخفاض». وقال التقرير إن «أكثر من 70 في المائة من السكان فقدوا ثقتهم بالمؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام الأوكرانية، كما أن نحو 90 في المائة من المواطنين يرغبون في مغادرة البلاد».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يسلم جندياً وساماً (أرشيفية- أ.ف.ب)

وأضاف أن «الأمور في الجيش ليست أفضل، فحتى بين جنود القوات المسلحة الأوكرانية، فإن شعبية زيلينسكي لا تتجاوز 20 في المائة».

ولفت التقرير الاستخباراتي إلى أن زيلينسكي «يشعر بضعف مواقفه بين الأوكرانيين، لذلك أطلق عمليات (تطهير) لكبار المسؤولين الأوكرانيين».

وقال: «يتم تنفيذ عمليات تطهير واسعة النطاق في الجيش وفي الحكومة وقيادة إدارة أمن الدولة ومجلس الأمن القومي (...) أطلق زيلينسكي الذي يسيطر عليه الخوف على حياته حملة إعلامية واسعة النطاق، لفضح مؤامرة مزعومة قال إنه تم التخطيط لها من قبل قيادة إدارة أمن الدولة في أوكرانيا لاغتيال رئيس الدولة».

وختم التقرير: «إن الغرب بدوره يشعر بقلق بالغ إزاء الانخفاض الكارثي في شعبية القادة الأوكرانيين؛ خصوصاً بعد اعتماد (سلطات الميدان) قانوناً جديداً بشأن التعبئة».

اللافت أن صدور التقرير الأمني الروسي تزامن مع انطلاق حملة إعلامية واسعة ضد زيلينسكي. وعنونت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية تغطياتها بعبارة «زيلينسكي لم يعد رئيساً لأوكرانيا»، وأوردت تعليقات من مجلس «الدوما» (النواب) حول أن الرئيس الأوكراني «غدا فاقداً للشرعية، ولا يمكن التعامل معه بعد الآن بوصفه رئيساً لدولة (...) سيتم التعامل معه بصفته مجرم حرب».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح جندياً جريحاً (أرشيفية- أ.ف.ب)

كانت موسكو قد مهدت لتحرك على هذا الصعيد منذ مطلع مايو (أيار) عندما أدرجت وزارة الداخلية الروسية زيلينسكي على لائحة المطلوبين بسبب «ارتكاب جرائم حرب». وقال مسؤولون روس إن هذه الخطوة تعد مقدمة لتحرك واسع لملاحقة زيلينسكي بعد انتهاء ولايته الرئاسية الشرعية.

وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا نهاية مارس (آذار) الماضي، على أن يتم تنصيب رئيس الدولة المنتخب في مايو؛ لكن الاستحقاق الانتخابي ألغي على خلفية الحرب المتواصلة، وحال الأحكام العرفية المفروضة. وذكر زيلينسكي أن «الوقت ليس مناسباً حالياً لإجراء انتخابات».

في السياق ذاته، قال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن الرئاسة الروسية «تقوم بتحليل الوضع فيما يتعلق بانتهاء فترة ولاية زيلينسكي، وسيتم إعلان موقف حيال ذلك»؛ مؤكداً في الوقت ذاته أن انتهاء فترة ولاية زيلينسكي «لن يؤثر بشكل مباشر على مسار العملية العسكرية الخاصة».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يرحب بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في كييف قبل أسبوع (أ.ب)

وزاد أن الرئيس فلاديمير بوتين كان قد تحدث عن هذا الموضوع خلال زيارة الصين أخيراً.

وكان بوتين قد قال إن «مسألة شرعية زيلينسكي بعد انتهاء صلاحياته بوصفه رئيساً للدولة، يجب أن يجيب عليها النظام السياسي والقانوني في أوكرانيا نفسها». وأشار الرئيس الروسي إلى أن «دستور الدولة المجاورة يحتوي على بعض الخيارات التي ينبغي أن تقيمها المحكمة الدستورية للجمهورية».

وعكست تصريحات بوتين في هذا الشأن تعويلاً على «تحرك داخلي يفاقم الضغوط على زيلينسكي، ويجبره على الإقرار بحقيقة أنه لم يعد رئيساً للبلاد» وفقاً لتعليقات صحف روسية.

في الإطار ذاته، سلطت وسائل إعلام حكومية روسية الضوء، الاثنين، على تعليقات صدرت في الصحف الأميركية عن الموضوع.

ونقلت «نوفوستي» عن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه «في الظروف الحالية، يمكن اتهام رئيس نظام كييف بتقويض الديمقراطية في أوكرانيا».

وكتبت الصحيفة أنه «بسبب ظروف الحرب واعتماد الأحكام العرفية، أصبحت إدارة الرئيس الأوكراني سلطة غير تقليدية، مما جعل رئيس مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك أقوى رئيس للمكتب الرئاسي في تاريخ البلاد، ولا يمكن تمييز صلاحياته عملياً عن صلاحيات رئيسه».

ورأت الصحيفة أن «قرب يرماك من زيلينسكي وتأثيره الواضح عليه يسببان موجة من الانتقادات التي تفيد بأنه عزز سلطته بشكل غير ديمقراطي في مكتب الرئيس، وتسبب في عمليات عزل غير ضرورية للمسؤولين الكبار في البلاد، بما في ذلك القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني».

وأضافت أنه «سيكون هناك تشكيك كبير في شرعية الرئيس ورئيس مكتبه، بعد انتهاء فترة ولاية زيلينسكي في 20 مايو».

وفي وقت سابق، ذكر موقع «سينسور» نقلاً عن مصادره أن وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف قد يترك منصبه؛ مشيراً إلى أن سبب الاستقالة المحتملة هو «التطهير التدريجي» الذي ينفذه رئيس المكتب الرئاسي أندريه يرماك بحق جميع المسؤولين الكبار الذين يستطيعون الوصول إلى زيلينسكي بشكل مباشر، ومن دون موافقته.


السجن 25 عاماً لروسي حاول إحراق مركز تجنيد

إيليا بابورين (تلغرام)
إيليا بابورين (تلغرام)
TT

السجن 25 عاماً لروسي حاول إحراق مركز تجنيد

إيليا بابورين (تلغرام)
إيليا بابورين (تلغرام)

حكمت المحكمة العسكرية الروسية اليوم (الاثنين) على رجل بالسجن 25 عاماً بتهمة تجنيده لصالح أوكرانيا لإشعال حريق في مكتب تجنيد عسكري في سيبيريا.

وقالت المحكمة، في بيان، إنّ إيليا بابورين أُدين بتهمة الاتصال بوحدة آزوف الأوكرانية المصنّفة «إرهابية» في روسيا، وبإشعال حريق في مدرسة في نوفوسيبيرسك، بناء على أوامر من هذه الوحدة، والتخطيط لهجوم على مكتب تجنيد عسكري في المدينة نفسها.

وأفادت وكالة «إنترفاكس» بأنّ إيليا بابورين متهم -من بين أمور أخرى- بـ«الإرهاب»، و«المشاركة في جماعة مسلّحة غير قانونية»، و«الخيانة العظمى»، وهي من بين أخطر الجرائم في قانون العقوبات الروسي.

وأضافت الوكالة أنّه أُلقي القبض عليه في خريف عام 2022.

وفي 16 مايو (أيار)، ندّد بابورين بالاتهامات «السخيفة» الموجّهة إليه، خلال الجلسة التي سبقت النطق بالحكم، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

واتهم محقّقي جهاز الأمن الفيدرالي بالرغبة في «التقدّم في حياتهم المهنية» عبر اتهامه بارتكاب «جرائم وهمية».

كذلك، نفى إيليا بابورين أنّه عمل لصالح وحدة آزوف. وقال إنه تعرّض لضغوط أثناء الاحتجاز ولظروف سجن قاسية، كي يتعاون مع جهاز الأمن الفيدرالي، ولكنّه أشار إلى أنّه رفض ذلك.

ومنذ بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا، والإعلان عن التعبئة العسكرية في روسيا في خريف عام 2022، أُبلغ عن عشرات الهجمات أو محاولات الهجوم على مراكز إدارية أو مكاتب تجنيد عسكرية في جميع أنحاء البلاد.

وصدرت أحكام سجن مشدّدة تتجاوز في كثير من الأحيان السجن لمدّة عشر سنوات، ضدّ مشتبه فيهم بإشعال حرائق، ولكن هذه المرة كان الحكم أكثر قسوة.


روسيا تعلن سيطرتها على قرية شرق أوكرانيا

رجال شرطة وخبراء أوكرانيون يفحصون جثث المدنيين الذين لقوا حتفهم نتيجة هجوم صاروخي على مركز ترفيهي في قرية تشيركاسكا لوزوفا بالقرب من خارين وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)
رجال شرطة وخبراء أوكرانيون يفحصون جثث المدنيين الذين لقوا حتفهم نتيجة هجوم صاروخي على مركز ترفيهي في قرية تشيركاسكا لوزوفا بالقرب من خارين وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

روسيا تعلن سيطرتها على قرية شرق أوكرانيا

رجال شرطة وخبراء أوكرانيون يفحصون جثث المدنيين الذين لقوا حتفهم نتيجة هجوم صاروخي على مركز ترفيهي في قرية تشيركاسكا لوزوفا بالقرب من خارين وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)
رجال شرطة وخبراء أوكرانيون يفحصون جثث المدنيين الذين لقوا حتفهم نتيجة هجوم صاروخي على مركز ترفيهي في قرية تشيركاسكا لوزوفا بالقرب من خارين وسط الغزو الروسي لأوكرانيا (أ.ف.ب)

أعلنت روسيا اليوم (الاثنين) أن قواتها سيطرت على قرية بيلوغوريفكا الأوكرانية، وهي إحدى القرى القليلة في منطقة لوغانسك (شرق) التي كانت لا تزال تحت سيطرة كييف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: «نتيجة لعمليات قتالية نشطة، حرّرت وحدات من المجموعة الجنوبية للقوات قرية بيلوغوريفكا في جمهورية لوغانسك الشعبية».

كما أدى القصف الروسي إلى مقتل شخص في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، كما أعلنت السلطات المحلية الاثنين بعد أن اعترضت البلاد سرباً من الطائرات دون طيار إيرانية التصميم التي أطلقتها روسيا خلال الليل. واستعادت القوات الأوكرانية السيطرة على خيرسون في أواخر عام 2022، بعد أشهر من غزو القوات الروسية لأوكرانيا، لكن المنطقة وأكبر مدنها تتعرض لهجمات روسية مستمرة منذ ذلك الحين، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وأعلن حاكم المنطقة أولكسندر بروكودين على وسائل التواصل الاجتماعي أن أحد سكان خيرسون قُتل في القصف الروسي، مضيفاً أن رجلاً يبلغ من العمر 72 عاماً أصيب أيضاً في الهجوم.

ومن جهتها، أعلنت أوكرانيا في وقت سابق أنها أسقطت أكثر من 29 طائرة روسية مسيّرة خلال الليل استهدفت مناطق في غرب ووسط وجنوب البلاد. وقال حاكم منطقة ميكولايف الجنوبية إن حطام طائرة دون طيار ألحق أضراراً بمسكن خاص وأدى إلى إصابة امرأة بحروق. وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت طائرات «شاهد» الهجومية دون طيار من الطراز الإيراني فوق منطقة بولتافا الوسطى، ومنطقة أوديسا الجنوبية على البحر الأسود، ومنطقة لفيف الغربية المتاخمة لبولندا. وأطلقت روسيا أيضاً صاروخاً بالستياً من طراز «إسكندر» على منطقة خاركيف بشمال شرقي البلاد، حيث شنت القوات الروسية أخيراً هجوماً برياً وسيطرت على عدة قرى. وقد أجبرت الهجمات الجوية الروسية على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مقدمي الخدمات على تقديم انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي للحد من الاستهلاك. وحذرت وزارة الطاقة الاثنين من انقطاعات جديدة، وأكدت أن أوكرانيا قامت مرة أخرى باستيراد الطاقة من جاراتها رومانيا وسلوفاكيا وبولندا.


روسيا تصعِّد هجومها على خاركيف وسط اتهامات بـ«استهداف المدنيين»

تسبب القصف الروسي لخاركيف في قتل 4 أشخاص على الأقل الأحد (رويترز)
تسبب القصف الروسي لخاركيف في قتل 4 أشخاص على الأقل الأحد (رويترز)
TT

روسيا تصعِّد هجومها على خاركيف وسط اتهامات بـ«استهداف المدنيين»

تسبب القصف الروسي لخاركيف في قتل 4 أشخاص على الأقل الأحد (رويترز)
تسبب القصف الروسي لخاركيف في قتل 4 أشخاص على الأقل الأحد (رويترز)

اتّهمت أوكرانيا روسيا بـ«استهداف المدنيين»، بينما تصعد موسكو هجومها البري على منطقة خاركيف.

وقُتل 4 أشخاص على الأقل، وأصيب 8 آخرون بجروح، في قصف روسي طال مشارف مدينة خاركيف الواقعة شمال شرقي أوكرانيا. وقال حاكم منطقة خاركيف، أوليغ سينيغوبوف: «قُتل 4 مدنيين، وأصيب 8 أشخاص على الأقل بجروح»، مشيراً إلى أنّ القصف الروسي طال «منطقة كان السكّان يستريحون فيها». وأضاف أنّ القصف طال منطقة مالودانيفكا شمال غربي خاركيف، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

مكاسب عسكرية

وسمح هجوم الجيش الروسي في هذه المنطقة، والذي بدأ في 10 مايو (أيار) بعد تكثيف الغارات الجوية، لموسكو بتسجيل أهم مكاسبها الإقليمية خلال عام ونصف. وسيطرت روسيا على 278 كيلومتراً مربعاً بين 9 مايو و15 منه في شرق أوكرانيا، لا سيما في منطقة خاركيف في أكبر اختراق لها منذ سنة ونصف، وفق بيانات للمعهد الأميركي لدراسة الحرب (ISW).

رجال شرطة يتفقدون موقع هجوم روسي على خاركيف السبت (رويترز)

والجمعة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ القوات الروسية تمكنت من التقدم ما بين 5 و10 كيلومترات على طول الحدود الشمالية الشرقية، قبل أن توقفها القوات الأوكرانية.

وفي المقابل، أعلنت السلطات المعيّنة من روسيا أنّ شخصاً قُتل، وأصيب آخرون بجروح في هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية طال حافلة ركاب صغيرة في المنطقة الواقعة جنوب أوكرانيا، والخاضعة لسيطرة موسكو جزئياً. وقال رئيس السلطة المعيّن من موسكو، فلاديمير سالدو، في منشور على «تلغرام» إنّ «طائرة مسيّرة أصابت حافلة صغيرة تقلّ مدنيّين جاءوا للعمل في قطف الفراولة» في قرية رادينسك. وأضاف أنّ الهجوم «أدّى إلى مقتل شخص، وإصابة كثير من الأشخاص بجروح». وفي منطقة دونيتسك، الواقعة شرق أوكرانيا، وتسيطر عليها روسيا جزئياً أيضاً، أصيبت امرأة بجروح، الأحد، في غارة أوكرانية، وفق ما أفاد به رئيس بلدية دونيتسك الموالي لروسيا أليكسي كوليمزين. وفي جنوب روسيا، أعلنت السلطات المحلية أنّ مصفاة نفط تقع في منطقة كراسنودار اضطُرت إلى تعليق أنشطتها، الأحد، إثر هجوم استهدفها بـ6 طائرات مسيّرة.

نداء بريطاني

في سياق متصل، ناشد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس ألمانيا والدول الحليفة الأخرى بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها في شن هجمات على أهداف في القرم. ورفض شابس التأكيد على ما إذا كانت بريطانيا سوف تسمح باستخدام الأسلحة التي تزود بها أوكرانيا لشن هجمات على أهداف في روسيا، لكنه أكّد استخدامها ضد قوات موسكو في شبه جزيرة القرم التي قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضمها عام 2014.

من آثار المعارك في منطقة خاركيف (إ.ب.أ)

جاءت تصريحات شابس بعد ساعات على توجيه زيلينسكي انتقادات لحلفائه الغربيين. وقال: «يمكنهم (الروس) ضربنا انطلاقاً من أراضيهم، وهذا أكبر تفوّق تتمتّع به روسيا، ولا يمكن لنا أن نفعل أيّ شيء لأنظمة أسلحتهم الموجودة على الأراضي الروسيّة باستخدام الأسلحة الغربيّة. ليس لدينا الحقّ في القيام بذلك»، مؤكداً أنه اشتكى من ذلك مجدداً، هذا الأسبوع، إلى وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن. ورأى شابس أنّ بوتين «يخادع» في حربه بأوكرانيا، مضيفاً أنه «قلق للغاية» بشأن تعزيز التحالف بين الرئيس الروسي ونظيره الصيني شي جينبينغ. ويشار إلى أن بريطانيا قامت بمنح أوكرانيا صواريخ «ستورم شادو» طويلة المدى، كما قامت الدول الحليفة بتزويدها بأسلحة مماثلة. وقال شابس لشبكة «سكاي نيوز» إن «المملكة المتحدة كثيراً ما كانت تتحرك للأمام فيما يتعلق بطريقة استخدام أسلحتنا، ولكن دولاً أخرى لم تقم بذلك في بادئ الأمر، ولكنها حذت حذونا في القرم، التي نرى أنها جزء من أوكرانيا، وحقيقة أن بوتين قام بغزوها في عام 2014 لا تغيّر ذلك». وأضاف: «لا أستطيع أن أتحدث عن القرارات بشأن كيفية السماح باستخدام الأسلحة، ولكنني أستطيع أن أقول إن أوكرانيا تخوض حرباً من أجل بقائها».


بريطانيا تنفق 12.7 مليار دولار على تعويضات في فضيحة الدم الملوث

العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

بريطانيا تنفق 12.7 مليار دولار على تعويضات في فضيحة الدم الملوث

العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن بريطانيا ستنفق أكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني (12.7 مليار دولار) لتعويض آلاف الأشخاص الذين تلقوا خلال خضوعهم للعلاج دماً ملوثاً بفيروس «إتش آي في» المسبب لنقص المناعة المكتسب (إيدز)، أو بفيروس التهاب الكبد الوبائي (سي) في السبعينات والثمانينات.

وبحسب «رويترز»، يُنظر إلى فضيحة الدم الملوث على نطاق واسع على أنها واحدة من أسوأ الكوارث العلاجية في تاريخ خدمات الصحة الوطنية التي تمولها الدولة البريطانية.

ونُقل دم ملوث لنحو 30 ألف شخص، ويُعتقد بأن قرابة 3000 منهم توفوا. وتأثرت حياة كثيرين آخرين ولم يتسن الوصول إلى بعض من أصيبوا بالعدوى.

ولا يزال الضحايا وعائلاتهم يطالبون بالعدالة والتعويضات وبإجابات عن كيفية السماح بحدوث ذلك رغم التحذيرات من المخاطر.

ونقل الدم ومشتقاته التي جُلب بعضها من الولايات المتحدة لأشخاص يحتاجون لعمليات نقل الدم أو لعلاج مرض سيولة الدم.

وقبيل نشر تقرير بنتائج تحقيق مستقل غداً (الاثنين) حسبما تقرر، قالت صحيفة «صنداي تايمز» إن رئيس الوزراء ريشي سوناك سيقدم اعتذاراً رسمياً.

وستعلن الحكومة بعد ذلك عن حزمة تعويضات ممولة من القروض في وقت مبكر من يوم (الثلاثاء).

وقال وزير المالية جيريمي هانت للصحيفة: «أعتقد أن هذه أسوأ فضيحة شهدتها في حياتي».

وأضاف: «أعتقد أن للعائلات كل الحق في الشعور بالغضب الشديد لأن سياسيين في إدارات متعاقبة، بمن فيهم أنا عندما كنت وزيراً للصحة، لم يتصرفوا بالسرعة الكافية لمعالجة الفضيحة».

ولم يؤكد التكلفة أو ترتيبات التمويل لنظام التعويضات.

ودفعت الحكومة بالفعل 100 ألف إسترليني تعويضات مؤقتة لعدد من الضحايا بتكلفة تقدر بنحو 400 مليون جنيه إسترليني بناء على توصية لتحقيق في 2022.


زيلينسكي يخشى اتساع الهجوم الروسي

دخان كثيف يتصاعد بعد قصف روسي لمنطقة خاركيف في 17 مايو (إ.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد بعد قصف روسي لمنطقة خاركيف في 17 مايو (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي يخشى اتساع الهجوم الروسي

دخان كثيف يتصاعد بعد قصف روسي لمنطقة خاركيف في 17 مايو (إ.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد بعد قصف روسي لمنطقة خاركيف في 17 مايو (إ.ب.أ)

أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خشيته من أن يكون الهجوم الذي بدأته روسيا في منطقة خاركيف مجرد تمهيد لهجوم أوسع في الشمال والشرق.

ووجّه زيلينسكي انتقادات لحلفائه الغربيين بسبب منعهم أوكرانيا من استخدام أسلحة زوّدتها بها أوروبا والولايات المتحدة في ضرب الأراضي الروسيّة.


رئيسة جورجيا تستخدم حق النقض ضد قانون «التأثير الأجنبي» المثير للجدل

اشتباك بين المتظاهرين وعناصر من الشرطة في جورجيا (أ.ب)
اشتباك بين المتظاهرين وعناصر من الشرطة في جورجيا (أ.ب)
TT

رئيسة جورجيا تستخدم حق النقض ضد قانون «التأثير الأجنبي» المثير للجدل

اشتباك بين المتظاهرين وعناصر من الشرطة في جورجيا (أ.ب)
اشتباك بين المتظاهرين وعناصر من الشرطة في جورجيا (أ.ب)

أعلنت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي، السبت، أنها استخدمت حق النقض ضد القانون المثير للجدل بشأن «التأثير الأجنبي»، الذي أثار احتجاجات حاشدة في هذا البلد القوقازي.

وقالت في خطاب متلفز: «اليوم، أستخدم حق النقض (...) ضد القانون الذي هو روسي في جوهره، والذي يتعارض مع دستورنا»، بينما يرى منتقدو النص الذي اعتمده البرلمان، هذا الأسبوع، أنه يهدف إلى تحويل مسار جورجيا عن أوروبا، وتوجيهها نحو روسيا.

لكن فيتو الرئيسة رمزي إلى حد كبير إذ يتمتّع حزب «الحلم الجورجي» الحاكم بغالبيّة كبيرة في المجلس التشريعي، ما يسمح له بتمرير القوانين والتصويت ضدّ الفيتو بدون الحاجة إلى دعم أيّ من نواب المعارضة.

وكان نواب «الحلم الجورجي» قد صوّتوا هذا الأسبوع لصالح التشريع الذي أقر بغالبية 84 صوتاً مؤيداً مقابل 30 صوتاً معارضاً.

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تشارك في مسيرة لدعم عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي (رويترز)

ومنذ أكثر من شهر تنظّم احتجاجات ضد التشريع الذي يستهدف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلاً أجنبياً.

ويُلزم التشريع أيّ منظّمة غير حكوميّة أو مؤسّسة إعلاميّة تتلقّى أكثر من 20 في المائة من تمويلها من الخارج، بالتسجيل باعتبارها «منظّمة تسعى إلى تحقيق مصالح قوّة أجنبيّة».

ويقول منتقدو التشريع إنه مستلهم من القانون الروسي بشأن «العملاء الأجانب» ويهدف إلى إسكات المعارضة، وقد يؤثر على طموح البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

واقترحت الرئيسة إدخال تعديلات على التشريع محذّرة في الوقت نفسه من أي مفاوضات غير جدية.

وأبدى رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه استعداده لمناقشة أي تعديلات مطروحة.


زيلينسكي يخشى هجوماً روسياً أوسع نطاقاً... وينتقد «قيود الغرب»

زيلينسكي خلال مقابلته مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في كييف (أ.ف.ب)
زيلينسكي خلال مقابلته مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في كييف (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي يخشى هجوماً روسياً أوسع نطاقاً... وينتقد «قيود الغرب»

زيلينسكي خلال مقابلته مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في كييف (أ.ف.ب)
زيلينسكي خلال مقابلته مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في كييف (أ.ف.ب)

أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خشيته من أن يكون الهجوم البري الذي بدأته روسيا في منطقة خاركيف مجرد تمهيد لهجوم أوسع نطاقاً في الشمال والشرق، محذراً من أن كييف ليس لديها سوى ربع أنظمة الدفاع الجوي التي تحتاج إليها لتصمد على الجبهة. وتشن القوات الروسية، منذ العاشر من مايو (أيار) الحالي، هجوماً برياً على منطقة خاركيف الأوكرانية، محققة أكبر مكاسبها منذ 18 شهراً.

وقال زيلينسكي في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ القوّات الروسيّة توغّلت ما بين 5 إلى 10 كيلومترات على طول الحدود الشماليّة الشرقيّة قبل أن توقفها القوّات الأوكرانيّة. وأضاف: «لقد أوقفناهم (...) لن أقول إنّه نجاح (روسي) كبير، لكن علينا أن (...) نقرّ بأنّهم هم من يتوغّلون في أرضنا، وليس العكس». وأشار إلى أنّ الوضع لم «يستقرّ» بعد، متابعاً: «رغم ذلك، فإنّ الوضع تحت السيطرة، وأفضل من اليوم الأوّل» للهجوم، وذلك بفضل التعزيزات المنتشرة.

ووجّه زيلينسكي انتقادات لحلفائه الغربيين، مؤكداً أنهم يمنعون أوكرانيا من استخدام الأسلحة التي زوّدتها بها أوروبا والولايات المتحدة، من أجل ضرب الأراضي الروسيّة. وقال زيلينسكي: «يمكنهم ضربنا انطلاقاً من أراضيهم، وهذا أكبر تفوّق تتمتّع به روسيا، ولا يمكن لنا أن نفعل أيّ شيء لأنظمة (أسلحتهم) الموجودة على الأراضي الروسيّة باستخدام الأسلحة الغربيّة. ليس لدينا الحقّ في القيام بذلك»، مؤكداً أنه اشتكى من ذلك مجدداً، هذا الأسبوع، إلى وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن.

أنظمة الدفاع الجوي

رأى زيلينسكي أنّ الأمر بات بالنسبة إلى أوكرانيا وحلفائها الغربيّين متعلّقاً بعدم إظهار ضعف، مطالباً بنظامَيْ «باتريوت» مضادّين للطائرات من أجل الدفاع عن سماء المنطقة والجنود الذين يدافعون عنها. وقال زيلينسكي إنّ أوكرانيا ليس لديها سوى ربع أنظمة الدفاع الجوّي التي تحتاج إليها، مضيفا أنّها تحتاج أيضاً 120 إلى 130 طائرة مقاتلة من طراز «إف - 16» لمواجهة القوّات الجوّية الروسيّة.

جانب من عمليات إجلاء كبار السن من منطقة خاركيف (أ.ف.ب)

وسبق لموسكو أن سيطرت على أجزاء واسعة من هذه المنطقة في المراحل الأولى للغزو، قبل أن تستعيدها كييف. وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن هدف الهجوم الجديد هو إقامة «منطقة عازلة» في مواجهة هجمات أوكرانية على الأراضي الروسية، مشيراً إلى عدم نية قواته غزو مدينة خاركيف. وسيطرت روسيا على 278 كيلومتراً مربعاً، بين 9 و15 مايو، في شرق أوكرانيا، لا سيما في منطقة خاركيف، في أكبر اختراق لها منذ سنة ونصف السنة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات للمعهد الأميركي لدراسة الحرب (ISW). وأوضح حاكم المنطقة، أوليغ سينيغوبوف، السبت، أن القوات الأوكرانية صدّت ليلاً محاولتين روسيتين لخرق خطوط التماس، مؤكداً أن الوضع «تحت السيطرة».

«استراتيجية استنزاف»؟

واتهم مسؤولون أوكرانيون الجيش الروسي باعتقال عشرات المدنيين واستخدامهم «دروعاً بشرية» لحماية مقرّ عسكري. وقال سينيغوبوف: «في منطقة مدينة فوفتشانسك (الواقعة على مسافة 5 كيلومترات من الحدود)، تقوم القوات الأوكرانية بتعزيز دفاعاتها».

مجندون جدد يتدربون بدونيتسك في 11 مايو (رويترز)

واضطُر نحو 10 آلاف شخص للفرار من منازلهم في منطقة خاركيف بشمال شرقي أوكرانيا منذ بدأت روسيا هجوماً برياً مباغتاً قبل أكثر من أسبوع، وفق ما أفاد به مسؤول محلي، السبت. ويرى محللون عسكريون أن الهجوم على خاركيف قد يهدف إلى استنزاف القوات والموارد الأوكرانية بشكل أكبر مع حشد روسيا مزيداً من قواتها البشرية وذخائرها. وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي إن روسيا تحاول إجبار أوكرانيا على سحب مزيد من القوات من احتياطاتها. وأوضح: «ندرك أنه سيكون هناك قتال عنيف في المستقبل، وأن العدو يستعدّ له».

قانون التعبئة العسكرية

أقرّ زيلينسكي بأنّ ثمّة نقصاً في عديد القوات الأوكرانيّة، وأنّ هذا يؤثّر في معنويّات الجنود، في وقت يدخل فيه قانون جديد للتعبئة حيّز التنفيذ، السبت، لتعزيز صفوف الجيش. وقال زيلينسكي: «علينا ملء الاحتياطات (...) ثمّة عدد كبير من الألوية الفارغة». ومع عدم وجود نهاية للحرب في الأفق، يكافح الجيش الأوكراني في التجنيد، بينما يشعر الجنود بالإرهاق والغضب بسبب عدم التناوب. ويحارب كثير من الجنود الأوكرانيين منذ أكثر من عامَين دون إمكانية تسريحهم.

أُسَر الجنود الأوكرانيين على خطوط الجبهة يطالبون بعودتهم في «ساحة الاستقلال» بكييف في 18 مايو (أ.ف.ب)

وفي أبريل (نيسان)، وقّع زيلينسكي قانوناً مثيراً للجدل دخل حيز التنفيذ، السبت، يخفّض سن التعبئة من 27 إلى 25 عاماً، ما يرفع عدد الرجال المؤهلين للقتال. وتسبّب القانون الذي يشدّد بشكل ملحوظ العقوبات على الذين يتهرّبون من التجنيد، في غضب بسبب حذف بند في اللحظة الأخيرة ينصّ على تسريح الجنود الذين أمضوا 36 شهراً في الخدمة، وهي ضربة قاسية لمن يقاتل على الجبهة منذ أكثر من عامين. وبعد التأخير المطوّل في تسليم معدات عسكرية أميركية وأوروبية، رأى الرئيس الأوكراني أن الدول الغربية الحليفة لكييف «تخشى» أن تخسر موسكو هذه الحرب بقدر خشيتها أن تخسرها كييف. وأوضح أنّ «الغرب يخشى أن تخسر روسيا الحرب، و(في الوقت نفسه) هو لا يريد لأوكرانيا أن تخسرها؛ لأنّ انتصار أوكرانيا النهائي سيؤدّي إلى هزيمة روسيا، ولأنّ انتصار روسيا النهائي سيؤدّي إلى هزيمة أوكرانيا».

رفض «الهدنة الأولمبية»

في سياق آخر، رفض زيلينسكي، في مقابلته مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، فكرة «هدنة» في الحرب مع روسيا، أرادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طوال مدّة أولمبياد باريس. وأوضح زيلينسكي: «لقد قلت: إيمانويل، نحن لا نصدّق ذلك. فلنتخيّل للحظة أنّ هناك وقفاً لإطلاق النار. أوّلاً، نحن لا نثق ببوتين. ثانياً، هو لن يسحب قواته. ثالثاً، (...) أخبِرني إيمانويل، من الذي يضمن أنّ روسيا لن تستغل ذلك لإرسال قواتها إلى أراضينا؟». ورفض الرئيس الأوكراني هدنة خلال الألعاب المقرّرة بين 26 يوليو (تموز) و11 أغسطس (آب) المقبلين، من شأنها أن «تصبّ في مصلحة العدوّ»، قائلاً: «نحن لسنا ضدّ هدنة، لسنا ضدّ نهاية الحرب. لكنّنا نريد نهاية عادلة لهذه الحرب. ونحن ضدّ هدنة من شأنها أن تصبّ في مصلحة العدوّ».

دخان كثيف يتصاعد بعد قصف روسي لمنطقة خاركيف في 17 مايو (إ.ب.أ)

وقبل ساعات، كان الرئيس الروسي قد ألمح إلى أنه لن يلتزم هدنة أولمبية، وسيواصل المعارك في أوكرانيا خلال أولمبياد باريس، خلافاً لرغبة ماكرون. وقال بوتين للصحافة الروسيّة، في ختام زيارة للصين استمرّت يومين، إنّ «هذه المبادئ الأولمبيّة، بما في ذلك الهدنة الأولمبيّة، عادلة جداً (...) لكنّ قلّة من الدول احترمتها عبر التاريخ، باستثناء اليونان القديمة». ثمّ ألمح الزعيم الروسي إلى أنّه نظراً إلى استبعاد روسيا من ألعاب باريس بسبب غزوها أوكرانيا، فإنّه ليس عليها الامتثال لمبادئ اللجنة الأولمبيّة الدوليّة. وأضاف بوتين: «ينتهك المسؤولون الرياضيّون الدوليّون اليوم مبادئ الميثاق الأولمبي (...) فيما يتعلّق بروسيا من خلال منع رياضيّينا من المشاركة في الألعاب الأولمبيّة تحت علمهم ونشيدهم الوطني، لكنهم يريدون منّا الامتثال للقواعد التي يفرضونها علينا». وخلص بوتين إلى القول: «لكي تطلب شيئاً من الآخرين، عليك أن تحترم القواعد بنفسك». وكان ماكرون قد أكّد أنّه يريد «فعل كلّ شيء» من أجل التوصّل إلى هدنة أولمبيّة في كلّ أنحاء العالم خلال الألعاب الأولمبيّة، قائلاً إنّ الرئيس الصيني شي جينبينغ قدّم له دعمه في أوائل مايو.


فيضانات تضرب بلجيكا... وأمطار غزيرة في فرنسا وألمانيا

مياه في فورون فورين ببلجيكا (أ.ف.ب)
مياه في فورون فورين ببلجيكا (أ.ف.ب)
TT

فيضانات تضرب بلجيكا... وأمطار غزيرة في فرنسا وألمانيا

مياه في فورون فورين ببلجيكا (أ.ف.ب)
مياه في فورون فورين ببلجيكا (أ.ف.ب)

تعرضت لييج في شرق بلجيكا، ليل الجمعة - السبت، لفيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة تسببت أيضاً بأضرار في كل من فرنسا وألمانيا.

وقال حاكم لييج، إيرفيه جامار، صباح السبت، إنه جرى تسجيل نحو 550 طلب تدخُّل، الليلة الماضية، في لييج، وجرى وضع 150 عنصر إطفاء في حال تأهب، مضيفاً أنه لم يسجَّل سقوط ضحايا.

مياه في تروز ببلجيكا (أ.ف.ب)

ومن جهة أخرى، أُجْلِيَ مئات الأشخاص، وأُوقِفَ العمل في محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في جنوب غربي ألمانيا جراء فيضانات وأمطار غزيرة، وفق ما أعلنت السلطات ووسائل إعلام، ليل الجمعة - السبت.

وارتفع منسوب المياه بشكل سريع في ولاية زارلاند الحدودية مع فرنسا؛ حيث تواجه مقاطعة موسيل بدورها فيضانات بعد تساقط أمطار غزيرة.

ودعا مكتب الدفاع المدني في زارلاند السكان إلى التحلي بأعلى درجات الحيطة والحذر، وتفادي النزول إلى أقبية المنازل، خصوصاً بعد انهيار جزء من حاجز مائي في بلدة كفيرشيد.

ووفق صحيفة «بيلد» الألمانية، أدى هذا الانهيار إلى وقف العمل بمحطة لإنتاج الطاقة الكهربائية في هذه المنطقة.

وتحدثت الصحيفة الواسعة الانتشار عن «فيضانات لم يسبق لها مثيل خلال قرن»، مع استمرار ارتفاع منسوب المياه.

ومن المتوقع أن يتفقد المستشار الألماني أولاف شولتس المنطقة، السبت.

وفي ولاية راينلاند بالاتينات المجاورة حيث يجري أيضاً نهر زار، دعا عناصر الإطفاء نحو 200 من سكان بلدة شودن إلى مغادرة منازلهم في ظل ارتفاع منسوب المياه، على أن يجري توفير مأوى مؤقت لهم في قاعة للتمارين الرياضية.

وتدخل هؤلاء العناصر في عدد من بلدات جنوب غربي ألمانيا لإجلاء السكان تحسباً لوقوع انزلاقات أرضية بسبب الكمية الضخمة من المياه.

وأصدرت هيئة الأرصاد المناخية تحذيراً من فيضانات «هائلة» في مناطق جنوب غربي البلاد، لا سيما ولايات زارلاند، وجزء من بادن - فورتمبرغ وراينلاند بالاتينات وهسن وشمال الراين - وستفاليا.

منطقة غمرتها المياه في بلدة بولاي - موزيل بشمال شرق فرنسا (أ.ف.ب)

ودعت بلدية مدينة زاربروك، عاصمة ولاية زارلاند، السكان إلى البقاء في منازلهم، وحذّرت من احتمال حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي. وجرى تعليق حركة السير على إحدى الطرق السريعة، بينما استنفر مئات من رجال الإطفاء لمساعدة المتضررين.

وفي فرنسا، أطلقت السلطات أعلى مستوى من الإنذار من خطر الأمطار والفيضانات في موسيل، وتدخل رجال الإطفاء لمساعدة المئات في مناطق ارتفع منسوب المياه في بعضها إلى 40 سنتيمتراً.

ودعا وزير الداخلية جيرالد دارمانان عبر منصة «إكس» السكان لاتخاذ «أقصى درجات الحذر، واحترام تعليمات السلطات» التي طلبت منهم البقاء في منازلهم.

ووفق بيان لدائرة الإطفاء والإسعاف، طالت الفيضانات والأمطار الغزيرة «ما يناهز 117 بلدية» في المنطقة.