العراق: «الإطار» يفشل في اختيار بديل الحلبوسي للمرة الثالثة... و«تقدم» ينجو من دعوى الحل

الرئيس المقال يستفيد من «تناقضات خصومه ونزاعهم»

رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي (د.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي (د.ب.أ)
TT

العراق: «الإطار» يفشل في اختيار بديل الحلبوسي للمرة الثالثة... و«تقدم» ينجو من دعوى الحل

رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي (د.ب.أ)
رئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي (د.ب.أ)

تحول اختيار البديل لرئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إلى حلبة منافسة مفتوحة بين القوى السياسية، بعدما فشلت في عقد جلسة لانتخاب مرشح للمنصب الشاغر، للمرة الثالثة، منذ 14 نوفمبر الماضي.

وحصل الحلبوسي على دفعة كبيرة بعدما ردت الهيئة القضائية في مفوضية الانتخابات، الأربعاء، دعوى لحل حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي وينافس به في الاقتراع المحلي الشهر الجاري. وبحسب مجلس المفوضين، فإن الدعوى التي تقدم بها نواب ضد حزب «تقدم» لم تتضمن كافة الوثائق والمستندات المطلوبة.

ورغم أن قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية الحلبوسي «بات وملزم»، فإنه لا يزال يثير الجدل حول صلاحية المحكمة في قضايا من هذا النوع، دون المرور بالتحقيق الجنائي.

وتمكن حزب «تقدم» خلال فترة قياسية من حصد مقاعد الأنبار في البرلمان العراقي في انتخابات 2021، حيث حصد 14 من حصة المحافظة البالغة 15 مقعداً. وامتد نفوذ هذا الحزب إلى محافظات: نينوى، وصلاح الدين، وديالى، فضلاً عن أجزاء من العاصمة بغداد، وارتفع عدد أعضائه في البرلمان إلى 43 نائباً، مبتعداً عن أقرب منافس سني له في البرلمان، الذي يمتلك 16 مقعداً.

ومنذ أسابيع يحاول خصوم الحلبوسي إنجاز صفقة سياسية لاختيار بديله في رئاسة البرلمان، لا سيما بين أقطاب «الإطار التنسيقي»، بينما يلتزم الحزبان الكرديان، «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني» بموقف الحياد، حتى الآن.

ويعتقد كثيرون أن الحلبوسي، المعروف بقدرته على المناورة، تمكن من اللعب على تناقضات «الإطار التنسيقي»، حتى بعد إبعاده من البرلمان، فيما حافظ على تحالفه مع زعيم تحالف «السيادة» خميس الخنجر الذي سيخوض معه انتخابات مجالس المحافظات.

في المقابل، يسعى خصومه إلى استغلال الفرصة لنيل المنصب، لكن التنافس بين الأطراف السنية المعنية وطبيعة تحالفاتها تؤخر ذلك، وتصب في مصلحة الحلبوسي. ويحاول مثنى السامرائي، الذي يتزعم تحالف «العزم»، انتزاع المنصب لصالح مرشحه رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، من منافسين آخرين أبرزهم شعلان الكريم وعبد الكريم عبطان ويحيى المحمدي من حزب «تقدم»، سالم العيساوي من تحالف «السيادة».

ملصق انتخابي لرئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي في بغداد (أ.ف.ب)

«عيفان والخب»

وتسود خلافات شخصية بين قادة الكتل السنية في إطار نزاعها على الزعامة والنفوذ، مما يفتح الباب مشرعاً أمام الأطراف السياسية الأخرى للتلاعب بها، لا سيما من «الإطار التنسيقي».

وإلى حد ما، فإن الخلافات داخل البيت لا تحمل طابعاً شخصياً بقدر ما هي عقائدية مرة، ترتبط بالعلاقة مع إيران وحدود هذه العلاقة، أو سياسية على صعيد الداخل العراقي لجهة سيطرة هذا الطرف أو ذاك على أركان العملية السياسية مرة أخرى.

ويبدو أن الخلافات الكردية - الكردية تنحصر داخل جغرافية ثابتة في إقليم كردستان لجهة المحافظات الثلاث الرئيسية التي يتكون منها الإقليم: أربيل، والسليمانية، ودهوك، إلى جانب المناطق المتنازع عليها في كركوك، وأجزاء من نينوى وديالى، لكنها في الغالب تأخذ مواقف شبه موحدة حيال العلاقة مع بغداد، حكومة وأحزاباً.

وخلال السنوات القليلة الماضية، نسج الحلبوسي علاقات تحالفية وأخرى سياسية مع البيتين الشيعي والكردي، وتمكن من توظيفها حتى على صعيد اختيار بديله.

في الطرف الآخر، يتحرك خصوم الحلبوسي في مساحتين؛ تستند الأولى إلى قوة برلمانية مدعومة بتأييد «الإطار التنسيقي»، وهو ما شجع تحالف «العزم» على طرح مرشح مقبول من أوساط في «الإطار التنسيقي»، لا سيما دولة القانون بزعامة نوري المالكي وهو محمود المشهداني، أما المساحة الثانية فهي شخصية تحاول النيل من الحلبوسي عبر حرب تغريدات بدا أنه بات الأكثر استفادة منها.

وشن الحلبوسي أخيراً هجوماً حاداً على خصومه السياسيين، وخرج عن السياق بذكر أسمائهم علانية في تجمع انتخابي غرب العراق، واستخدم مثلاً شعبياً يحمل دلالة يفهمها سكان تلك المناطق، وقال: «مصرورة لعيفان بخب»، وتعني أنه يتوعدهم.

وبحسب اللهجة المحلية، فإن «عيفان» كناية عن الخصوم، و«مصرورة» مأخوذة من الكيس الذي تحفظ بداخله الأشياء، بينما «الخب» هو الوعاء الذي يضم «الصُرة»، ويتعين على «عيفان» التحوط لها؛ لأنها تخبئ له المفاجآت.

خيبة أمل

وبدا أن القوى الشيعية والكردية غير قادرة على عقد جلسة برلمانية لاختيار بديل للحلبوسي، لا سيما بعد الإرباك الذي رافق عقدها أمس الثلاثاء، واليوم الأربعاء.

وأعلنت رئاسة البرلمان تأجيل الجلسة «إلى إشعار آخر لانشغال غالبية النواب بمتابعة الحملات الانتخابية في محافظاتهم»، لكن الوقائع تشير إلى أن الخلافات الحادة بين القوى السياسية وراء القرار.

ويعرف الحلبوسي أن خصومه يستعجلون إزاحة بديله من حزب «تقدم» «بأي ثمن»، لكنهم واجهوا حسابات معقدة دفعتهم إلى تأجيل الجلسة ثلاث مرات خلال شهر واحد تقريباً، ما شكل خيبة أمل بالنسبة لهم، وتتيح للحلبوسي المزيد من أوراق التأثير لحسم صفقة البديل لصالحه، على حساب مرشحين يدفع بهم «الإطار التنسيقي».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

وردّاً على قوله إن إيران قصفت مدينة حلبجة (شمال العراق) بالسلاح الكيماوي نهاية الثمانينات، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيان تكذيب، شدّدت فيه على أن «ما قاله صهر الديكتاتور العراقي السابق (صدام حسين) ملفق، وعارٍ عن الصحة».

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، أنه «في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) أطلق شخص يُدعى جمال مصطفى التكريتي، صهر الديكتاتور العراقي السابق، ادعاءً يُنكر فيه الهجوم الكيماوي الذي اقترفه النظام البعثي السابق على حلبجة، وتمادى في ادعائه، ناسباً تصريحاً باطلاً لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، بأن (طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة)».

وقال مكتب بارزاني: «إن رئيس حكومة الإقليم لم يسبق أن أدلى بمثل هذا التصريح»، وشدد البيان على أن «مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة هو النظام العراقي السابق نفسه، وكل الأدلة تُثبت قطعاً أنه مَن اقترف هذه الجريمة».

وكان جمال مصطفى قد قال في المقابلة التي أجراها مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، غسان شربل، إن «إيران هي مَن قصفت حلبجة»، والشاهد على ذلك قبل فترة غير بعيدة، مسرور بارزاني، رئيس وزراء كردستان الذي أعلن «أن طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة قبل دخول الإيرانيين إليها».

وتعرضت حلبجة في 16 مارس (آذار) 1988، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من مواطنيها، وإصابة ضعف هذا العدد، كثير منهم يعاني حتى اليوم من تأثيرات الغازات السامة، وفقاً لمؤسسات حكومية ومدنية في كردستان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حُكم بالإعدام على علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن «مجزرة» حلبجة.

جمال مصطفى مع رئيس التحرير غسان شربل خلال المقابلة

وتفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات صهر صدام عن زعيم حزب «السيادة»، خميس الخنجر.

وقال مصطفى، إن المحققين (خلال فترة احتجازه) حاولوا تلفيق تهمة، مفادها أنه «أعطى قبل الاحتلال، خميس الخنجر، مائتين وخمسين مليون دولار، وقالوا له: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك».

وأكد صهر صدام، أن هذا «الادعاء لا أساس له من الصحة، رغم أنه كان على علاقة بالخنجر» بحكم «اهتمامه بملف العشائر».

واستعاد مدونون الجدل حول محاكمة أركان النظام السابق، في حين شكك عدد منهم في تصريحات جمال مصطفى حول تلك الحقبة.

وجمال مصطفى التكريتي، ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، وعُيّن في جهاز حماية صدام، ومسؤول عن ملف شؤون القبائل والعشائر، وهو زوج «حلا»، الابنة الصغرى لصدام حسين.