الجيش الإسرائيلي يتراجع وسط مقاومة غير مسبوقة في الزيتون وجباليا

غانتس يقول إن المعارك ستتوسع... و«القسّام» تقصف جنوباً وشمالاً... والضحايا أكثر من 13 ألفاً

الجيش الإسرائيلي ينقل معتقلين فلسطينيين خارج قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي ينقل معتقلين فلسطينيين خارج قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يتراجع وسط مقاومة غير مسبوقة في الزيتون وجباليا

الجيش الإسرائيلي ينقل معتقلين فلسطينيين خارج قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
الجيش الإسرائيلي ينقل معتقلين فلسطينيين خارج قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة مقاومة غير مسبوقة مع بدء مرحلة ثانية في حربها البرية، في ظل فشلها في التقدم في منطقتي حي الزيتون وجباليا، بعدما تكبّدت هناك خسائر كبيرة.

وفي وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي أنه يوسّع عمليته في الشمال ونحو الجنوب، بعدما صادق رئيس الأركان هيرتسي هليفي على ذلك، اضطر إلى التراجع في محاور مختلفة في شمال القطاع ووسطه، وأقرّ بمعارك ضارية وخسائر في صفوف قواته، لكنه واصل قصف مناطق مختلفة في قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الضحايا، وأطبق حصاره على عدد من المستشفيات الفلسطينية، بينها الإندونيسي، في خطوة ردّت عليها «كتائب القسّام» بقصف منطقة واسعة تبدأ من أسدود جنوباً إلى تل أبيب شمالاً.

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة: إن المقاتلين الفلسطينيين صدّوا محاولة الجيش الإسرائيلي التقدم باتجاه حي الزيتون من المنطقة الجنوبية الشرقية وباتجاه جباليا، وأجبروه على التراجع في محور الصبرة ومحور الثلاثيني باتجاه الغرب، مشيرة إلى أنهم يشتبكون معه في منطقتي الشيخ رضوان والنصر.

دبابتان إسرائيليتان على الحدود مع قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

واقتحام حي الزيتون وجباليا يُعدّ المهمة الأصعب للجيش الإسرائيلي الذي أقرّ بمعارك ضارية مع «كتيبة الزيتون» التي وصفها بأنها إحدى أكبر تشكيلات «كتائب القسّام».

وكانت «كتائب القسّام» نشرت الأحد فيديوهات وصوراً مسجلة لعناصرها وهم يستهدفون دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية وجنوداً متحصنين في مبانٍ بمدينة غزة، وفي مستشفى الرنتيسي للأطفال. كما أظهرت المشاهد شن هجمات مباغتة من مسافة قريبة، تجاه دبابات وجنود، وكذلك اغتنام عناصر «القسّام» عتاداً لجنود إسرائيليين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن 3 من قواته قُتلوا؛ ما يرفع العدد إلى أكثر من 15 في الأيام الثلاثة الماضية التي حاول فيها الجيش التقدم أكثر في مناطق شمال القطاع وداخل مدينة غزة. وأوضح الجيش الإسرائيلي، أن جنديين من لواء «المظليين» قُتلا باشتباكات شمال قطاع غزة، وفي حين قُتل جندي ثالث من لواء «غفعاتي» في موقع آخر؛ ليرتفع بذلك عدد القتلى الإسرائيليين من الجنود والضباط إلى 67 منذ بدء التوغل البري في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويبلغ بذلك 387 عدد الجنود والضابط الذين قُتلوا منذ عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي.

فلسطيني يجلس على أنقاض منزل عائلة درويش المدمر جراء غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ب)

وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي، أكد الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، أن المعركة في القطاع تتوسع وتزداد عمقاً وستستمر.

وقال غانتس: إنه حتى لو كانت هناك هدنة لإعادة المختطفين، فإن إسرائيل ستعود لضرب العدو.

وتوجد مفاوضات متقدمة بشأن صفقة تبادل تشمل أطفالاً ونساءً، لكن حتى مساء الاثنين لم يكن هناك اتفاق نهائي، رغم أن الرئيس جو بايدن قال رداً على سؤال على هامش حفل أقيم في البيت الأبيض إنه «يعتقد» أن هناك اتفاقاً وشيكاً لإطلاق سراح الرهائن لدى حركة «حماس».

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وقال مصدر سياسي لهيئة البث الإسرائيلية: إنه لم يتم بعد التوافق على صفقة، غير أنه تم إحراز تقدم بهذا الصدد. ويدور الحديث عن استعداد «حماس» للإفراج على أيام عدة عن خمسين شخصاً خطفوا خلال عملية «طوفان الأقصى»، مقابل الإفراج عن عدد مماثل من الأسرى من نساء وأطفال في السجون الإسرائيلية. لكن إسرائيل تريد رفع العدد الذين ستفرج عنهم «حماس».

وفي وقت تواصلت فيه المعارك البرية، أطبقت القوات الإسرائيلية حصارها على المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة شمال قطاع غزة. وانتشرت الدبابات الإسرائيلية في محيط المستشفى الإندونيسي واستهدفت كل من حاول الخروج منه.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي: إن إسرائيل استهدفت المستشفى بالقذائف وتسببت في قتل وإصابة الكثير من الفلسطينيين في المستشفى.

إسعاف طفل أصيب بغارة إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة الاثنين (إ.ب.أ)

وكان الجيش الإسرائيلي اقتحم مستشفى الشفاء ومستشفى الرنتيسي وسيطر عليهما، وحاول السيطرة على مستشفيات الإندونيسي والعودة والمعمداني.

وتقول إسرائيل: إن «حماس» حوّلت المستشفيات، وتحديداً مجمع الشفاء، مراكز تحكم وسيطرة، لكنها لم تقدم أدلة قاطعة على ما يدعم هذا الاتهام. وهي عرضت مساء الأحد مشاهد لنفق زعمت أن «حماس» كانت تستخدمه بجانب مجمع الشفاء.

في المقابل، قصفت «القسّام» مناطق واسعة في إسرائيل في ضربة بدت مفاجئة بعد تراجع حدة القصف الصاروخي من القطاع. وأعلنت «القسّام» ضرب تل أبيب وأسدود ومناطق أخرى رداً على «المجازر بحق المدنيين». ودوّت صفارات الإنذار في منطقة امتدت من أسدود جنوباً إلى هرتسليا شمالاً (نحو 60 كلم شمال القطاع) وسقطت شظايا في تل أبيب وحولون.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: إن الصفارات دوّت في 129 موقعاً إسرائيلياً في اللحظة نفسها. جاء ذلك بينما واصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق واسعة في قطاع غزة، محدِثاً دماراً كبيراً ومزيداً من الضحايا.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في إحصائية اصدرها يوم الاثنين: إن «عدد إجمالي المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 1340 مجزرة، في حين بلغ عدد المفقودين أكثر من 6500 مفقود، إما تحت الأنقاض أو أن جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات، بينهم أكثر من 4400 طفلٍ وامرأة.

وجاء في البيان: «بلغ عدد الشهداء أكثر من 13300 شهيد، بينهم أكثر من 5600 طفل، و3550 امرأة، فيما زاد عدد الإصابات على 31000 إصابة، أكثر من 75 في المائة منهم من الأطفال والنساء».

وبالنسبة للوحدات السكنية، فقد بلغت عدد الوحدات السكنية التي تعرضت إلى هدم كلي 43 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى 225 ألف وحدة سكنية تعرضت للهدم الجزئي، وهذا يعني أن نحو 60 في المائة من الوحدات السكنية في قطاع غزة تأثرت بالعدوان ما بين هدم كلي وغير صالح للسكن وهدم جزئي.

أما عدد المقار الحكومية المدمرة فبلغت 98 مقراً حكومياً، و266 مدرسة منها 66 مدرسة خرجت عن الخدمة، و83 مسجداً بشكل كلي و170 مسجداً بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف 3 كنائس. وخرج عن الخدمة نتيجة العدوان الإسرائيلي 25 مستشفى و52 مركزاً صحياً.


مقالات ذات صلة

الرئيس المصري ونظيره الإندونيسي يدعوان لإنهاء «الاحتلال الإسرائيلي» للجولان

العالم العربي الرئيس المصري يستقبل نظيره الإندونيسي الأربعاء في القاهرة عشية اجتماعات «الثماني النامية» (الرئاسة المصرية)

الرئيس المصري ونظيره الإندونيسي يدعوان لإنهاء «الاحتلال الإسرائيلي» للجولان

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإندونيسي برابوو سوبيانتو، الأربعاء، إسرائيل إلى إنهاء احتلالها لهضبة «الجولان» السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

سموتريتش رافضاً «صفقة غزة»: نتنياهو يعرف خطوطنا الحمر 

رفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الاتفاق المزمع لوقف النار في قطاع غزة، قائلاً إنه بشكله الحالي «ليس جيداً ولا يخدم أهداف إسرائيل في الحرب.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في وقت سابق (أ.ف.ب) play-circle 01:24

لماذا يزداد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة؟

طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية سؤالاً بشأن ازدياد التفاؤل بشأن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي حريق يشتعل داخل منزل فلسطيني في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

مقتل 20 في غارات إسرائيلية على غزة وتفاؤل بجهود الوساطة

تسعى جهود الوساطة اليوم إلى التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» لوقف الحرب، مع استمرار الغارات الإسرائيلية التي قتلت 20 فلسطينياً على الأقل خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي شعار «فيسبوك» (رويترز)

تقرير: «فيسبوك» يمنع المنافذ الإخبارية الفلسطينية من الوصول للمستخدمين

كشف تقرير جديد أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» فرض قيوداً شديدة على قدرة المنافذ الإخبارية الفلسطينية على الوصول إلى مستخدميه أثناء حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قضية المقاتلين المفقودين تربك «حزب الله» أمام بيئته

سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)
سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

قضية المقاتلين المفقودين تربك «حزب الله» أمام بيئته

سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)
سيدات يحملن صورة الأمين العام لـ«حزب الله» السابق حسن نصر الله خلال مشاركتهن في تشييع أقربائهن الذين قتلوا ببلدة المعيصرة شمال لبنان بقصف إسرائيلي في 14 أكتوبر الماضي (أ.ب)

لا تزال قضية المقاتلين المفقودين خلال الحرب الإسرائيلية تربك «حزب الله» وتؤرق عائلاتهم التي تنتظر سماع أي خبر عن أبنائهم أو الحصول على رفاتهم لدفنه؛ إذ، وبعد مرور نحو 3 أسابيع على بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال مصير أكثر من ألف مقاتل مجهولاً، بعدما فُقد الاتصال بهم ولم يُعثر على جثثهم حتى الساعة، وبالتالي لم يجرِ التأكد مما إذا كانوا قتلوا في المعركة، أم أسر الجيش الإسرائيلي عدداً منهم.

أسرى «حزب الله»

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن أسره مقاتلين من «حزب الله» من دون أن يحدد عددهم، فيما يشير بعض المعلومات إلى أنهم نحو 10 عناصر، ونشرت القوات الإسرائيلية مقاطع فيديو لاثنين منهم وهما يخضعان للتحقيق.

وكان الحزب قد أقرّ، على لسان المسؤول الإعلامي السابق محمد عفيف، بوجود أسرى لدى إسرائيل، فيما يتجنب مسؤولوه، منذ اتفاق وقف إطلاق النار، الحديث كثيراً عن هذه القضية، ويكتفون بالتأكيد على متابعتها، مذكرين بمقولة الأمين العام السابق لـ«الحزب»، حسن نصر الله، بأنه «لن نترك أسرانا في السجون».

وتشير المعلومات إلى أن «الحزب» كان قد وضع قضية الأسرى في الملاحظات على مسودة الاتفاق التي جرى بحثها قبل الموافقة النهائية عليه، لكن لم يؤخذ بها وتلقى وعوداً بأن تُبحث لاحقاً، فيما يلفت البعض إلى أن تحريرهم قد يكون مرتبطاً بأي حل يجري العمل عليه بشأن غزة.

مئات المقاتلين مجهولي المصير... بين «السعيد» و«مفقود الأثر»

ولم يعلن «حزب الله» حتى الساعة عن عدد عناصره الذين سقطوا خلال 66 يوماً من الحرب مع إسرائيل، بعدما كان قد توقف عن النعي في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان العدد قد وصل حينها إلى 450 قتيلاً منذ بدء حرب الإسناد في 8 أكتوبر (تشرين الثاني) 2023. وفيما تشير التقديرات إلى أن عدد قتلى «الحزب» وصل حتى نهاية الحرب إلى أكثر من 3 آلاف شخص، فإن مصادر مطلعة تقول لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ما بين 1000 و1500 مقاتل مجهول المصير، بعدما فقد الاتصال بهم.

من هنا عمد «حزب الله» إلى إبلاغ عائلات هؤلاء بفقدان الاتصال بهم، كل وفق حالته والمنطقة التي كان فيها، وذلك قبل أيام من سريان اتفاق وقف إطلاق النار أو قبل ذلك بأسابيع، على أن يحدَّد مصيرهم في الفترة المقبلة بناء على عمليات البحث ورفع الأنقاض التي تجري منذ توقف الحرب.

ومن عثر على جثمانه خلال الحرب أو بعد توقفها، أُبلغت عائلته بأنه «شهيد سعيد» وفق التوصيف الذي يعتمده «الحزب» لنعي المقاتلين، ومعظمهم سلّمت جثامينهم وأقيمت مراسم الدفن لهم، فيما أُبلغ عدد آخر من العائلات بأن أبناءهم باتوا «مفقودي الأثر»، أي إنهم لم يعثروا على أثر لهم، أو بات من المؤكد أنه من الصعوبة العثور على جثامينهم نتيجة التفجيرات التي طالت المنازل والقرى وحالت دون القدرة على البحث عنها بين الأنقاض.

وهذا ما تشير إليه فاطمة التي انتظرت زوجها 60 يوماً على أمل اللقاء به مجدداً، لكنها أُبلغت من قبل «حزب الله» قبل يومين بأنه «شهيد مفقود الأثر»، فيما لا تزال أم حسين، والدة أحد المقاتلين، تنتظر أي خبر عن ابنها الذي فقد الاتصال به منذ شهر و3 أيام، بينما كانت سيدة ثانية «محظوظة» بأنها تمكنت من تسلّم جثة شقيقها بعدما فُقد الاتصال به قبل 4 أسابيع، وتقول: «نعلم أنه استشهد أفضل بكثير من أن نبقى ننتظر من دون أن نعرف مصيره».

من جهتها، تنتظر زينب أي خبر يطمئن قلبها على أخيها، وتقول: «آخر مرة اتصل بنا كانت قبل 75 يوماً، ومنذ ذلك الحين لم نعرف شيئاً عنه، يقولون لنا إنه كان موجوداً في مكان دقيق ومن الصعب الوصول إليه في المرحلة الحالية، في انتظار أن ينسحب الجيش الإسرائيلي حتى يجري البحث عنه وعن عدد من رفاقه»، ورغم ذلك، فإن زينب لا تزال تتمسك بأمل عودة أخيها، وتقول: «لم نفقد الأمل، وننتظر عودته إلينا بخير وسلامة، وإذا كان من الشهداء السعداء فسنكون أيضاً فرحين؛ لأنه يكون قد وصل إلى غايته».

لكن الأمل الذي تعيش عليه زينب، فقدته سلمى، عندما اكتشفت أن والدها قتل، وتقول: «رغم أننا فقدنا الاتصال به قبل توقف الحرب بنحو 3 أسابيع، فإن من نتواصل معهم في (الحزب) كانوا يؤكدون لنا أنه بخير، وأن الاتصالات مقطوعة حيث هو موجود، إلى أن بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار واكتشفنا أنه استشهد، وكانت صدمة بالنسبة إلينا».

أطفال مشاركون في تشييع عناصر من «حزب الله» قتلوا خلال الحرب مع إسرائيل (أ.ب)

في انتظار الانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية

وتنتظر مئات العائلات انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرى التي دخل إليها لتعرف مصير أبنائها، مع وعود انسحابه خلال الـ60 يوماً، وفق ما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وكي ينتشر فيها الجيش اللبناني.

وهو ما يحدث على سبيل المثال في بلدات الخيام والعديسة والطيبة، بحيث يمنع «حزب الله» من دخولها، ويبقى التعويل في مهمة البحث عن القتلى على الصليب الأحمر والجيش اللبناني. وفي هذا الإطار، تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» عند دخول الجيش إلى القرى وخلال فتح الطرقات وتفجير الذخائر غير المنفجرة، إذا ما عُثر على جثث، فإنها تُسلَّم إلى الصليب الأحمر الذي يسلمها بدوره إلى «حزب الله» ليفحص الحمض النووي ويبلغ العائلات بمصير أبنائها.

جانب من الدمار في بلدة الخيام الحدودية (أ.ف.ب)

أزمة وارتباك داخل «حزب الله» وإعلامه

وتؤكد مصادر محلية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط» أن قضية الأسرى والمفقودين تشكل أزمة بالنسبة إلى «حزب الله» أمام عائلات المقاتلين بشكل خاص وبيئته بشكل عام، مشيرة إلى بروز حالات احتجاج واعتراضات واتهامات لمسؤولي «الحزب» بسبب ما يعدّونه تقصيراً في قضيتَي المفقودين والأسرى على حد سواء.

ويبدو واضحاً أن إعلام «حزب الله» يعاني بدوره من ارتباك في مقاربة القضية، وهو ما يظهر من المعلومات المتناقضة التي يبثها، بحيث أعلن مثلاً يوم الثلاثاء في مقدمة نشرة الأخبار المسائية، عن أنه «بدأ رفع أجساد الشهداء من تحت أنقاض العديسة الجنوبية، على أن يتمدد إلى الطيبة وما بعدها»، قبل أن يعود وينقل عن مراسله بعد نحو ساعتين أن «الجيش اللبناني لم يدخل العديسة ولم يتم سحب أي شهيد، كما أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء مشابه في بلدة الطيبة»، مشيراً إلى أن «الاتصالات مع قوات الـ(يونيفيل) في هذا الإطار لم تنجح حتى الآن».