الصدر يربك المشهد السياسي العراقي بدعوة أنصاره لمقاطعة الانتخابات

زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في 19 أكتوبر الماضي بالنجف (رويترز)
زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في 19 أكتوبر الماضي بالنجف (رويترز)
TT

الصدر يربك المشهد السياسي العراقي بدعوة أنصاره لمقاطعة الانتخابات

زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في 19 أكتوبر الماضي بالنجف (رويترز)
زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في 19 أكتوبر الماضي بالنجف (رويترز)

في توقيت حساس، وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضربة كبيرة للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل، لا سيما على صعيد التنافس بينه وبين قوى الإطار التنسيقي الشيعي في المحافظات الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية.

وحسم الصدر موقفه من إجراء الانتخابات، في وقت بدأت تتصاعد فيه حمى التنافس الانتخابي بين مختلف القوى السياسية. وقال ببيان خاطب فيه أنصاره، إن «مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً... ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيظ العدا... ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب (...)».

وشدد الصدر على «وحدة الصف والطاعة والإخلاص» بعدّها أهم «قاعدة» لأنصاره. وإذ تفاخر بذلك، أوصى بـ«التزام بالإصلاح وإن مات مقتدى الصدر». وتابع: «ثم إن الوضع العالمي والإقليمي يفيء على الأوضاع في العراق... ومعه يجب أن نكون على حذر واستعداد دائمين، فالعدو يتربص بعراقنا ومقدساتنا، فانتبهوا رجاءً».

هذا ثاني قرار مهم يتخذه الصدر بعد قراره في يونيو (حزيران) عام 2022، بالانسحاب من البرلمان بعد تصدر قائمته المرتبة الأولى وإعلانه الانسحاب من العملية السياسية وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، حتى لا يشترك مع «الساسة الفاسدين»، على حد وصفه. وبينما توزع بدلاء نواب الصدر المستقيلين على مختلف قوى الإطار التنسيقي، وهو ما رفع نسبتهم في البرلمان وجعلهم الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً التي رشحت رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة، فإن شبح عودة الصدر بقيت هاجساً يقلق خصومه في الوسط الشيعي.

في غضون ذلك، وجه المسؤول العام لـ«سرايا السلام» تحسين الحميداوي، الاثنين، تحذيراً إلى تشكيلات السرايا بشأن انتخابات مجالس المحافظات. وقال في مدونة: «كما كان، وسيبقى رأي القائد مقتدى الصدر، فصل الخطاب في مسيرتنا الجهادية والاجتماعية، وبعد جواب (الصدر) بخصوص انتخابات مجالس المحافظات، فهنا أوجه كلامي لمن ينتمي لتشكيلات سرايا السلام المجاهدة وزج نفسه في هذه الانتخابات أن يتراجع عن ترشيحه خلال 15 يوماً، وإلا سيكون لنا رد آخر».

دولة القانون تقلل

وقلل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من أهمية دعوة الصدر، وذلك في أول رد من طرف شيعي على دعوة الصدر مقاطعة الانتخابات.

وقال القيادي في دولة القانون سعد المطلبي، إن «جزءاً من المكون الشيعي سيقاطع انتخابات مجالس المحافظات، أما بقية المكون الشيعي فسوف يشارك، ومقاطعة جزء من أي مكون لا يؤثر على شرعية الانتخابات دولياً أو داخلياً، ولو كان كل المكون الشيعي مقاطعاً، لكان هناك تأثير وكذلك الحال بالنسبة للمكونين السني والكردي».

وأوضح المطلبي أن «المكون الشيعي سيشارك في العملية الانتخابية كمرشحين وناخبين، فلا يوجد ما يفقد الانتخابات شرعيتها». وأضاف أن «الدستور العراقي أكد أنه لا يوجد أي سقف لنسبة المشاركين في الانتخابات لتحديد شرعيتها من عدمها، ولهذا فإن أي نسبة حتى لو كانت ضئيلة جداً، فستعدّ انتخابات دستورية وشرعية».

مقاطعة شيعية

وقال الدكتور إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في العراق لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوة زعيم التيار الصدري لمقاطعة الانتخابات، إنما هي استمرار للمسار العام في مقاطعته للعملية السياسية برمتها، وبالتالي لا يقتصر الموضوع على الانسحاب من البرلمان فقط، وإنما على كل الصعد والنواحي، وهو ما يؤشر إلى عدم دخوله مع من يسميهم الفاسدين والقتلة ضمن أي آلية انتخابية أو سواها».

وبحسب الشمري، فإن «المسار الثاني في هذه الدعوة هو مقاطعة أغلبية شيعية لهذه الانتخابات، حيث إن التيار الصدري هو الذي كان متصدراً شيعياً لنتائج الانتخابات، وبالتالي عدم مشاركة جمهوره، وهو ما يعني مقاطعة جمهور شيعي كبير لها».

وفيما يتعلق بالمسار الثالث، يقول الشمري إن «هذا الأمر سوف يضاعف من نسبة المقاطعين، لا سيما أن هناك دعوات للمقاطعة من قوى سياسية مختلفة دعت هي الأخرى إلى مقاطعة الانتخابات، لكنها في كل الأحوال كانت تنتظر الكلمة الفصل من زعيم التيار الصدري في هذا الشأن، وهو ما سوف يؤثر على مجمل العملية السياسية ويربكها تماماً».

ومن جانبه، يرى الدكتور غالب الدعمي الباحث والأكاديمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعوة الصدر للمقاطعة تعد بمثابة أول تصريح بعد تشكيل هذه الحكومة بهذا الوضوح وهذه الدقة، حيث إنه يقول: لن نشترك في حكومة وفي انتخابات تشرعن للفساد بشكل واضح، ويشكر جمهوره على طاعتهم له، لكي لا يكونوا جزءاً من مشهد فاسد»، مضيفاً أن «هذا يعني أنه يعارض الحكومة ويعارض الانتخابات ويعارض أي فعل يترتب على ذلك».

وأوضح الدعمي أن «الصدر وطبقاً لما ورد في بيانه، يتوقع حصول أمور مستقبلية تتعلق بالمنطقة، ويدعو إلى الاهتمام بها أفضل من الاهتمام بهذه الانتخابات التي لن يكون لها صدى شعبي».


مقالات ذات صلة

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله ثابت العباسي وزير الدفاع العراقي في الرياض (وزارة الدفاع السعودية)

السعودية والعراق يعززان التعاون العسكري

أبرمت السعودية والعراق، الاثنين، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال العسكري، وذلك خلال استقبال الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي، نظيره العراقي ثابت العباسي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني يترأس اجتماعاً مشتركاً مع نظيره العراقي عبد الأمير الشمري في طهران اليوم (تسنيم)

وزير الداخلية العراقي بطهران في مهمة «غامضة»

وصل وزير الداخلية العراقي إلى طهران، وسط تكهنات بأنه يحمل رسالة خاصة، لبحث «عدم زج العراق في الصراع الإسرائيلي مع غزة ولبنان»، وفقاً لمصادر مطلعة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق»، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي السيستاني خلال استقبله اليوم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان والوفد المرافق معه (واع)

السيستاني: يجب منع التدخلات الخارجية في العراق وحصر السلاح بيد الدولة

قال المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، اليوم الاثنين، إنه يجب منع التدخلات الخارجية بمختلف صورها وحصر السلاح في يد الدولة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «كتائب حزب الله» العراقية سبق أن هددت بزيادة هجماتها مع قرب الانتخابات الأميركية (إكس)

قلق عراقي بعد تحديد إسرائيل «بنك أهداف»

تسود حالة من القلق في الأوساط الرسمية والشعبية العراقية بشأن طبيعة «بنك الأهداف» الذي أفادت تقارير إسرائيلية بأن تل أبيب حددته رداً على هجمات الفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل 4 فلسطينيين خلال مداهمة وقصف جوي بالضفة الغربية

جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

مقتل 4 فلسطينيين خلال مداهمة وقصف جوي بالضفة الغربية

جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
جرافة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية تعمل أثناء غارة إسرائيلية على مخيم الفارعة للاجئين بالقرب من مدينة طوباس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 4 أشخاص على الأقل قُتلوا اليوم (الثلاثاء)، خلال مداهمة وقصف جوي إسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة.

وأضافت الوزارة أن شخصين قتلا في مدينة قباطية، واثنين آخرين في منطقة طمون.

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب في غزة، مع قيام القوات الإسرائيلية بمداهمات شبه يومية تشمل اعتقال الآلاف، وتبادل إطلاق النار بشكل منتظم مع مقاتلين فلسطينيين.

وفي سياق متصل، ذكرت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، أن قواتها اعتقلت مواطناً فلسطينياً من سكان الخليل، يشتبه في قيامه بـ«تمويل الإرهاب»، بحسب ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وأفادت الصحيفة الاسرائيلية بأن الشرطة عثرت داخل سيارة الرجل على أكثر من مليون شيقل نقداً (الدولار الواحد يساوي 3.75 شيقل)، خلال عملية تفتيش روتينية، عند إحدى نقاط التفتيش بالضفة الغربية.

يأتي ذلك بينما ذكر نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، في بيان مشترك أوردته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أمس (الاثنين)، أن القوات الإسرائيلية اعتقلت منذ مساء الأحد وحتى صباح الاثنين، 12 فلسطينياً على الأقل من الضفة بينهم أسرى سابقون.