فصول فنية وإبداعية تثري معرض الثقافة السعودية في باريس

امتداداً لتعاون ثقافي بين البلدين منذ أول اتفاقية ثقافية في 1963

تسلط المشاركة السعودية الضوء على أهم المجالات الإبداعية السعودية المتميزة وتسويقها عالمياً (وزارة الثقافة)
تسلط المشاركة السعودية الضوء على أهم المجالات الإبداعية السعودية المتميزة وتسويقها عالمياً (وزارة الثقافة)
TT

فصول فنية وإبداعية تثري معرض الثقافة السعودية في باريس

تسلط المشاركة السعودية الضوء على أهم المجالات الإبداعية السعودية المتميزة وتسويقها عالمياً (وزارة الثقافة)
تسلط المشاركة السعودية الضوء على أهم المجالات الإبداعية السعودية المتميزة وتسويقها عالمياً (وزارة الثقافة)

‏على مسافة دقائق من متحف اللوفر العريق، تزدهر فصول فنية وإبداعية من الثقافة والتجربة السعودية، في معرض سعودي فريد يمتد أسبوعين للاحتفاء بصور من التراث والحاضر الثقافي والفني السعودي، ويشارك قصصاً مختلفة ومجموعة من المخطوطات والمستنسخات الأثرية النادرة، التي تعكس قيمة وصورة المملكة بوصفها وجهة ثقافية متنوعة ومبتكرة. ‏معرض الثقافة السعودية في باريس، الذي انطلق امتداداً لتعاون ثقافي وفنّي بين البلدين منذ الستّينات الميلادية، حين وُقّعت أول اتفاقية تعاون ثقافي في 1963، يفتح أبوابه وسط مدينة عالمية تضم مزيجاً من الزوار والسياح من مختلف دول العالم، تتوافر لهم فرصة الوقوف على ‏لحظات حافلة بالأصالة والآداب في المعرض السعودي الذي تشارك فيه كيانات ثقافية متعددة ونُخبة من الأدباء والنقّاد السعوديين.

فصول فنية وإبداعية تثري معرض الثقافة السعودية في باريس (وزارة الثقافة)

فصول فنية وإبداعية

أعدّت هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية برنامجاً حافلاً بالمشاركة مع هيئة التراث، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، بالإضافة إلى مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي. ويشهد الأسبوع الأول من المعرض إقامة 4 ندوات حوارية حول الرواية السعودية وصورة الآخر، وشخصيات الرواية في الأدب السعودي والفرنسي، ومستقبل صناعة الأزياء المحلية، وأمسيتين شعريتين، بالإضافة إلى عرض 7 أفلام قصيرة من مسابقة «ضوء» لدعم الأفلام.

واحتفاءً بالشعر العربي في العام الذي اختارته السعودية اسماً له، يحتضن معرض الثقافة السعودية أمسيات شعرية لنخبة من الشعراء السعوديين، يشاركون في بث نصوصهم وتجاربهم الشعرية عبر أثير باريسي يعكس عمق وثراء التجربة السعودية وامتدادها التاريخي، بالإضافة إلى متحف مصغّر للشعر العربي 2023 بالشراكة مع أكاديمية الشعر. واستهلت أمسية شعرية بديعة قائمة الأمسيات التي يحتضنها المعرض، وشاركت الشاعرة حليمة مظفر والشاعر علي الحازمي في تقديم أول ظهور شعري حفِل بفرادة الكلمة وجمال المعنى، بينما سيشهد الأسبوع الثاني إقامة 8 ندوات، و3 أمسيات شعرية، وعرض 5 أفلام قصيرة إلى جانب عرض الفيلم الوثائقي «طروق» الذي أنتجته هيئة الموسيقى وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وجلسة حوارية عن ميثاق الملك سلمان العمراني، و3 عروض حول الحِرف اليدوية بوجهها الجديد، واللغة العامية للعمارة، بالإضافة إلى بناء القدرات والتقنيات في التراث، واستخدام التكنولوجيا لبناء القدرات في مجال التراث.

المعرض يأتي امتداداً لتعاون ثقافي بين البلدين منذ أول اتفاقية ثقافية في 1963 (وزارة الثقافة)

وستقيم دار أسولين الفرنسية حفلاً لتدشين كتاب «مكة: مدينة الإسلام المقدسة»، وهو من تأليف المؤرخ والجغرافي بجامعة أم القرى، الدكتور معراج بن نواب مرزا، بينما الصور التي تزيّنه من تجميع المصور الفرنسي المشهور لعزيز هاماني، أما الكتاب الثاني فيحمل اسم «المدينة: مدينة النبي»، من تأليف المؤرخ والباحث المتخصص في تاريخ المدينة المنورة الدكتور تنيضب الفايدي، والصور ملتقطة بعدسة المصور السعودي أمين قيصران.

وتضم تجربة الزائر تعريفاً بمبادرة «ترجم»، ومؤتمر الفلسفة، ومهرجان الكتاب والقراء، ومعرضاً فوتوغرافياً خاصاً بالباحث والفوتوغرافي الفرنسي تيري موجيه، يشمل عرضاً لأبرز أعماله في منطقة الجنوب السعودي وكتبه المصورة، وجناحاً خاصاً لمخطوطات نادرة، ومستنسخات أثرية، وعرضاً لعدد من الأزياء المحلية، لتعزيز التبادل الثقافي بين المجتمعين السعودي والفرنسي، وعكس صورة المملكة بوصفِها وجهةً ثقافيةً متنوعة ومبتكرة.

يستمر «معرض الثقافة السعودية» الذي انطلق السبت في مدينة باريس على مدى أسبوعين (وزارة الثقافة)

يحتضن معرض الثقافة السعودية أمسيات شعرية لنخبة من الشعراء السعوديين (وزارة الثقافة)

صور متعددة لثقافة سعودية ثرية

ويستمر «معرض الثقافة السعودية» الذي انطلق، السبت، في مدينة باريس، على مدى أسبوعين من الفترة 28 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمشاركة هيئاتٍ وكياناتٍ ثقافية تابعة لوزارة الثقافة، وتمثل مجموعة الفعاليات والأنشطة التي يزخر بها برنامجه، الثقافة السعودية بمكوناتها المختلفة، في سبيل ترسيخ التبادل الحضاري، وتجسير الأفكار، إلى جانب تعزيز حضور المبدعين السعوديين في المحافل الثقافية المحلية والعالمية.

وتسلط المشاركة السعودية الضوء على أهم المجالات الإبداعية السعودية المتميزة، وتسويقها عالمياً، وذلك في إطار حرص وزارة الثقافة على تأكيد التبادل الثقافي الدولي، بوصفهِ أحد أهدافها الاستراتيجية ضمن «رؤية السعودية 2030». وتسعى المنظومة الثقافية، من خلال هذه المشاركة، إلى إبراز ما تتميز به الثقافة السعودية بجميع مكوناتها من تفرُّدٍ وإبداع متأصلٍ في تاريخها الممتد مئات السنين، وذلك من خلال تقديم ندوات حوارية حول الأدب السعودي، وجهود الترجمة بين البلدين، والتلاقح الثقافي الموسيقي، وحفظ إرث فنون الطهي عبر الكتب المتخصصة، والتعريف بمواقع التراث العالمي في المملكة، بمشاركة عددٍ من الأدباء والروائيين السعوديين.


مقالات ذات صلة

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق بورتريه مُتخيَّل للإسكندر تظهر في خلفيته عناصر حداثية (مكتبة الإسكندرية)

فنان يوناني يُعيد قراءة الإسكندر الأكبر في معرض بمكتبة الإسكندرية

قصة الإسكندر وغزوه مصر حاضرة بين المعروضات، من بينها لوحة تُصوّره واقفاً في معبد آمون بواحة سيوة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق إقبال واسع على كتب الفانتازيا العربية في معرض جدة للكتاب (الشرق الأوسط)

كاتبان عربيان يُعيدان تعريف الفانتازيا من جدة إلى السويد

ما بين جدة واستوكهولم، تتشكّل ملامح فانتازيا عربية جديدة، لا تهرب من الواقع، بل تعود إليه مُحمّلة بالأسئلة...

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الرسومات الملونة على نوافذ المبنى القديم (الشرق الأوسط)

«بوابة البوابات»... معاذ العوفي وتصوير تاريخ باب البنط بجدة

«بوابة البوابات» معرض يُقام حاليا بجدة يقدم مشروع بصري من تصوير الفنان السعودي معاذ العوفي وتنسيق الكاتب فيليب كاردينال يستكشف مبنى «باب البنط» قبل إعادة تأهيله

عبير مشخص (جدة)

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

«غوغل» تُحذِّر موظفيها حاملي التأشيرات الأميركية من السفر الدولي

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» نقلاً عن رسالة بريد إلكتروني داخلية، ​بأن شركة «غوغل» التابعة لمجموعة «ألفابت» نصحت بعض الموظفين الذين يحملون تأشيرات أميركية بتجنب السفر الدولي، بسبب تأخير في السفارات.

وجاء في التقرير الذي نقلته «رويترز»، أن البريد الإلكتروني الذي أرسله مسؤول ‌في الشركة يوم ‌الخميس، حذَّر ​الموظفين ‌الذين سيحتاجون لختم التأشيرة لدخول الولايات المتحدة مجدداً من مغادرة الدولة؛ لأن أوقات التعامل مع التأشيرات صارت مطولة.

ووفقاً ⁠للتقرير، جاء في المذكرة أن بعض ‌السفارات والقنصليات الأميركية تشهد ‍تأخيرات في ‍مواعيد التأشيرات تصل إلى 12 ‍شهراً، محذرة من أن السفر الدولي «ينطوي على خطر البقاء لفترة طويلة خارج الولايات المتحدة».

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترمب هذا الشهر عن زيادة التدقيق مع المتقدمين للحصول ⁠على تأشيرات «إتش-1بي» للعمالة من ذوي المهارات العالية، بما في ذلك فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي سبتمبر (أيلول)، نصحت شركة «ألفابت» المالكة لـ«غوغل» موظفيها بشدة بتجنب السفر الدولي، وحثت حاملي تأشيرة «إتش-1بي» على البقاء في الولايات المتحدة، ‌وفقاً لرسالة بريد إلكتروني اطلعت عليها «رويترز».


وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
TT

وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن عمر 72 عاماً

سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية
سمية الألفي كما ظهرت في أحد البرامج التلفزيونية

توفيت الفنانة المصرية سمية الألفي صباح اليوم (السبت)، عن عمر يناهز 72 عاماً بعد صراع مع المرض.

ونعت نقابة المهن التمثيلية المصرية، في حسابها الرسمي عبر «فيسبوك»، الألفي، مقدمة التعازي لأسرتها.

وكانت الألفي أعلنت في مايو (أيار) 2023 تعافيها من مرض السرطان.

وكان آخر ظهور للألفي في أكتوبر (تشرين الأول) في كواليس فيلم «سفاح التجمع» من بطولة نجلها أحمد الفيشاوي، حسبما نشر مؤلف ومخرج الفيلم محمد صلاح العزب.

سمية الألفي كما ظهرت في كواليس فيلم «سفاح التجمع» (صفحة المؤلف محمد صلاح العزب)

وكانت سمية الألفي قد أعلنت إصابتها بمرض السرطان في عام 2017، وسافرت للعلاج في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية.

الألفي كما ظهرت في فيديو من تصوير نجلها أحمد بعد الإعلان عن تعافيها من السرطان منذ عامين

وُلدت سمية الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية، وحصلت على ليسانس الآداب (قسم اجتماع) قبل أن تدخل عالم الفن من خلال مسلسل «أفواه وأرانب» (1978).

وتزوجت الألفي بالفنان فاروق الفيشاوي من عام 1979 حتى 1992، وأنجبا ابنيهما أحمد وعمر. وتزوجت الألفي بعد ذلك بالملحن مودي الإمام، والمخرج جمال عبد الحميد، والمطرب مدحت صالح.

سمية الألفي مع فاروق الفيشاوي (الصفحة الرسمية للفنان أحمد الفيشاوي بـ«إنستغرام»)

وبدأت الألفي مشوارها الفني في أواخر السبعينات، لكن نجوميتها التي حظيت بها جاءت في الثمانينات والتسعينات، بعد أن قدمت أدواراً مهمة في «ليالي الحلمية» و«بوابة الحلواني» و«الراية البيضا».

سمية الألفي لها صورة واحدة على حسابها في «إنستغرام»

ونعت الألفي الفنانة شريهان في تغريدة عبر موقع «إكس».

وقدمت الألفي أكثر من 100 عمل بين السينما والمسرح والتلفزيون؛ إذ شاركت الألفي في عدد من الأعمال الدرامية مثل «العطار والسبع بنات» أمام نور الشريف، و«كناريا وشركاه» أمام فاروق الفيشاوي، وآخر ظهور لها كان ضيفة شرف في فيلم «تلك الأيام» الذي قام ببطولته نجلها الفنان أحمد الفيشاوي في عام 2010.


«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
TT

«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)
من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)

​دار برنامج «طعم السعودية» دورةً كاملة حول المملكة، وعاد بحكاياتِ أطباقٍ دخلت تاريخ البلاد وأضحت رمزاً للتراث المحلّي. بعفويّته وأسلوب تقديمه البسيط، استطاع الشيف هشام باعشن نقل الصورة والفكرة وحتى الرائحة الزكيّة عبر الشاشة، إلى كل منزلٍ سعودي وعربي من خلال منصة «شاهد»، التي تعرض البرنامج ذات الحلقات الـ15 والإيقاع السريع والسلس.

في كل حلقة، يزور المُشاهدون إحدى مناطق المملكة ويتعرّفون على طريقة إعداد أشهر أطباقها التقليدية؛ من الكبيبة، والرقش، والصياديّة، مروراً بالمليحية والمرقوق، وليس انتهاءً بالجريش والكليجة.

يخرج «طعم السعودية» عن النمط السائد في برامج الطهي، إذ ينضمّ إلى الشيف هشام زميلة أو زميلٌ له من المنطقة المقصودة ليُشرف على إعداد الطبق ويمنحَ تقييمه في ختام الحلقة. ولا تقتصر خصوصية البرنامج على هذه الثنائية في التقديم؛ بل تنسحب على هويته العامة التي تدمج ما بين المطبخ التقليدي، والسياحة المناطقية، والثقافة التراثية والمجتمعية.

لا يتحدّث الشيف هشام باعشن عن مجرّد برنامجٍ قدّمه؛ بل عن حلمٍ حققه، ففي حوار مع «الشرق الأوسط»، يقرّ الطاهي المعروف والمدوّن السعودي بأنّ «طعم السعودية» شكّل «نقلة نوعيّة ومحطة محوريّة» في مسيرته المهنية.

يتحدّث الشيف هشام باعشن عن نقلة نوعية في مسيرته (شركة الإنتاج)

هو الذي استقلّ السيارة وتنقّل بين شمال المملكة وجنوبها مروراً بوسطِها، استمتع بتلك الرحلة لأنه تعرّف من خلالها على مناطق في بلده لم يكن قد زارها سابقاً. «اكتشفت نكهاتٍ جديدة مع طهاةٍ هم الأفضل في مجالهم ومناطقهم»، يقول باعشن.

أما الطبيعة والتضاريس المتنوّعة ما بين صحراء، وبحر، وأشجار، وجبال، وصخور شاهقة، ومساحات خضراء، فلم تشكّل مفاجأةً ومتعة بصريّة للشيف فحسب؛ بل كذلك لمشاهديه.

لا يقتصر البرنامج على مطبخ السعودية بل يشكّل لمحة سياحية وثقافية (شركة الإنتاج)

أتاح «طعم السعودية» فرصة التعرّف على الخصائص الجغرافية لكل منطقة، بعيداً عن التنميط والأفكار السائدة. «لن أنسى تبوك وطبيعتها الجميلة، ولا الجوّ البارد والاخضرار في الباحة»، يعلّق باعشن. ولحائل حصة كذلك من انبهاره، «أما أبها فجمال لا يُضاهى، ومواسم الورد والمطر فيها لا مثيل لها في العالم».

يضيء الرئيس التنفيذي لشركة «Full Stop» المنتجة لـ«طعم السعودية» فهد الأحمد، على الأبعاد الإنسانية التي ركّز عليها البرنامج. «ليس الأمر مجرّد وصفة طبق أو جولة سياحية، فنحن بحثنا عن القصة والبشر والحس الإنساني المحيط بذاك الطبق»، يشرح الأحمد لـ«الشرق الأوسط». أما إنتاجياً، فكانت الأولوية للجودة العالية ولصورة تليق بـ«شاهد»، وفق ما يوضح الأحمد. «لكن في الوقت ذاته، أخذنا في الاعتبار بساطة التنفيذ وعدم البهرجة والتلميع»، وهذا خيارٌ يُحاكي المحتوى الواقعي للبرنامج، وما اعتادت أن تراه عين المُشاهد مؤخراً من خلال الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.

العفويّة في التقديم أحد مفاتيح نجاح البرنامج (شركة الإنتاج)

لم يأتِ اختيار الشيف هشام باعشن صدفةً، فإضافةً إلى كونه عالماً في مجاله وصانع محتوى محترفاً، فهو يتقن لعبة الكاميرا ويعرف كيف يتعامل معها، وفق تعبير الأحمد. كما أنه يملك شبكة علاقات واسعة في مجال الطهي، ما أتاح له اختيار أفضل الطهاة على امتداد الخريطة السعودية.

نراه يقود سيارته ويتحدّث عبر كاميرا الهاتف إلى متابعيه، واصفاً ما يشاهد من مناظر خلّابة، ثم يصل إلى محطته، حيث يبحث عن الشيف الزميل ويتفقان على الوصفة التي سيعدّها باعشن. بعد ذلك، يتوجّه إلى السوق، حيث يبتاع مكوّنات الطبق، لينتقل لاحقاً إلى التحضير، يليه التذوّق والتقييم.

في كل منطقة سعودية يعدّ الشيف هشام الطبق التقليدي الخاص بها (شركة الإنتاج)

يحصل كل ذلك من دون تدريبٍ ولا نصوصٍ مُعدّة مسبقاً، ويؤكد الشيف هشام في هذا السياق، أن «الارتجال كان سيد الموقف، ما حصّنني بالراحة لإظهار شخصيتي العفوية كما هي». يضيف: «الأمر الوحيد المتفق عليه مسبقاً، كان أن ننسى أنّ أمامنا كاميرا، وأن نتصرف بطبيعية».

تلك البنية البسيطة حرص فريق عمل البرنامج على أن تتّسم بخصوصية عربية، فلا تكون مقتبسة عن برامج الطهي الغربية. ولا مانع بالتالي من إعادة تطبيق تلك الرؤية على مطابخ عربية أخرى في مواسم جديدة، وفق ما يشير الأحمد.

لكن قبل النُّسَخ العربية، من المحتمل كذلك أن يعود «طعم السعودية» بموسمٍ ثانٍ. بما أنّ أرض المملكة شاسعة، ومطبخها متنوّع كثيراً، فبالتأكيد لا تكفي 15 حلقة لتغطيته (المطبخ) كاملاً.

يخضع الطبق الذي يعدّه الشيف هشام لتقييم أبرز طهاة المنطقة (شركة الإنتاج)

انتقى البرنامج أبرز الأكلات التقليدية التي تمثّل المناطق، تماشياً مع إعلان «هيئة فنون الطهي السعودية» عن الأطباق التي ترمز إلى كل منطقة. وافتتاحية «طعم السعودية» كانت مع طبق المرقوق «إرث المطبخ النجدي» وأشهر أطباق الرياض. أما في القصيم، فكانت المحطة مع حلوى الكليجة التقليدية تحت إشراف الشيف «أم صالح»، وقد شكّل الأمر تحدياً بالنسبة للشيف بما أنه يحترف طبخ الأطباق المالحة، وليس الحلويات.

أما التحدّي الأكبر فكان في منطقة الباحة مع خبز المقنّاة الذي يُعدّ من بين أثمن خبز في العالم. يعلّق باعشن قائلاً إن «تحضير هذا الخبز كان أشبه بالعمل على لوحة فنية، وهي تجربة زادت فخري بالمطبخ السعودي».

طبق الجريش السعودي التقليدي رمز مطبخ الرياض (شركة الإنتاج)

لا يتردد الشيف بالقول إن «طعم السعودية» أضاف إلى خبرته ومعارفه المطبخية، ونقلَه إلى مستوى آخر. والأهم، وفق ما يقول، أنه أتاح له «ردّ بعض الجميل للأرض التي ربّتني وأطعمتني من خيراتها». وإذ يبدي استعداده لدورةٍ مطبخيّة جديدة حول السعودية، يختم الشيف هشام باعشن بالإفصاح: «وقعت في حب بلدنا من أول وجديد. ممنون جداً لهذه الرحلة».