التردد الغربي والدعم الروسي يخرجان الأسد من عزلته الدولية

داود أوغلو: بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية.. لن يجعلها انتقالية

أطفال من مدينة دوما المحاصرة بريف دمشق ممن فقدوا أحد الأبوين أو كليهما في الحرب الدائرة في سوريا يصطفون لدخول حفل تم تنظيمه من قبل جمعية دوما الخيرية بمناسبة العيد (أ.ف.ب)
أطفال من مدينة دوما المحاصرة بريف دمشق ممن فقدوا أحد الأبوين أو كليهما في الحرب الدائرة في سوريا يصطفون لدخول حفل تم تنظيمه من قبل جمعية دوما الخيرية بمناسبة العيد (أ.ف.ب)
TT

التردد الغربي والدعم الروسي يخرجان الأسد من عزلته الدولية

أطفال من مدينة دوما المحاصرة بريف دمشق ممن فقدوا أحد الأبوين أو كليهما في الحرب الدائرة في سوريا يصطفون لدخول حفل تم تنظيمه من قبل جمعية دوما الخيرية بمناسبة العيد (أ.ف.ب)
أطفال من مدينة دوما المحاصرة بريف دمشق ممن فقدوا أحد الأبوين أو كليهما في الحرب الدائرة في سوريا يصطفون لدخول حفل تم تنظيمه من قبل جمعية دوما الخيرية بمناسبة العيد (أ.ف.ب)

يتمتع الرئيس بشار الأسد في الفترة الأخيرة بفرصة الانتقال من طرف معزول على الساحة الدولية إلى شريك محتمل في المساعي المبذولة لتسوية النزاع في بلاده، بفضل دعم حليفيه الروسي والإيراني، وفي ظل تردد الدول الغربية التي كانت تطالب برحيله.
وأمس، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن «اللاعبين الرئيسين» في النزاع السوري كالولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا ومصر سيجتمعون في أكتوبر (تشرين الأول). وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف «سيتم تشكيل أربع مجموعات عمل في جنيف، كما أن لقاء مجموعة الاتصال التي تضم اللاعبين الرئيسيين سيكون الشهر المقبل، بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن بوغدانوف، قوله، إن واشنطن وموسكو والرياض وطهران وأنقرة والقاهرة سترسل ممثلين عنها، معربا عن الأمل في عقد لقاء لمجموعة الاتصال «في أقرب وقت ممكن». وأكد بوغدانوف «لم يحسم مستوى التمثيل حتى الآن. اعتقد أن العمل يمكن أن يكون على عدة مستويات، الخبراء ونواب وزراء أو الوزراء أنفسهم، إذا لزم الأمر».
ومن المفترض أن يشارك وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في هذا الاجتماع، بعد أن اجتمع الشهر الحالي مع رؤساء أربع مجموعات عمل محددة المواضيع شكلتها الأمم المتحدة لإعادة إطلاق المفاوضات بين السوريين.
وفرق العمل الأربع هذه تشكل أساس المقاربة الجديدة التي اقترحها دي ميستورا أواخر يونيو (حزيران) لإحلال السلام في سوريا، في حين فشل مؤتمرا جنيف في إنهاء النزاع.
إلى ذلك، أكدت الحكومة الألمانية حرصها على عدم وضع الأزمة السورية والأوكرانية في سلة واحدة خلال التفاوض مع روسيا. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، أمس الاثنين في برلين، إن ألمانيا تسعى بكل قوة إلى التوصل إلى حل سلمي في النزاع في شرق أوكرانيا، لكن هذا الحل «ليست له أي علاقة» بضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا بمشاركة روسيا.
ودعا وزير الخارجية الألماني الأحد إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا للخروج من المأزق، وأعرب عن استعداده للقيام بوساطة بين الموالين والمعارضين لحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقال فرانك فالتر شتاينماير، لمحطة التلفزيون «اي آر دي» الألمانية الرسمية: «إذا توصلنا إلى أن نجمع أبرز أقطاب المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا حول جامع مشترك واحد (...) فهذا يعني أننا نسير نحو تشكيل حكومة انتقالية، وسيكون تحقق الكثير».
ومن جانبه، قال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني المعارض، جيم أوزدمير، في تصريحاته لصحيفة «راينيشه بوست» الألمانية الصادرة أمس، ردا على سؤال حول ما إذا كان من المناسب إجراء حوار مع الأسد أيضًا: «يتعين أن نكون مستعدين لكثير من الأمور عندما يكون الهدف هو التوصل إلى هدنة، لكن يجب أن يكون من الواضح أيضًا أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من حكومة جديدة في سوريا».
ولم يطرح نظيره الفرنسي لوران فابيوس، السبت، تنحي الرئيس السوري شرطا مسبقا لأي تفاوض. واعتبر فابيوس أن بشار الأسد لا يستطيع أن يحكم سوريا إلى الأبد، لكنه أشار إلى أن المسألة الأساسية في الوقت الراهن هي بدء مفاوضات حول عملية انتقال سياسي، ودعا هو أيضًا إلى تشكيل حكومة تضم عناصر من النظام وأعضاء من المعارضة «يرفضون الإرهاب».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد ذهبت لأبعد من ذلك الخميس الماضي، عندما اعتبرت أنه «من الضروري التحدث مع عدد كبير من الأقطاب، وهذا يشمل الأسد».
وحاول الوزير الألماني أن يوضح هذه التصريحات، مشيرا إلى أن المستشارة «لم تقل إنها أو الحكومة الألمانية ستتحاور مع الأسد»، لكن موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا هو الذي «يتحدث إلى النظام» السوري.
ونقلت صحيفة تركية، أمس، عن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، قوله إن بلاده لا تزال تعارض أي انتقال سياسي في سوريا يكون فيه دور للرئيس بشار الأسد. وجاءت تصريحاته موضحة موقف تركيا في ما يبدو. لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ردد الأسبوع الماضي الفكرة التي تقول إن الأسد يمكن أن يكون جزءا من فترة انتقالية. وفي وقت لاحق، قال إردوغان إن تصريحاته لا تمثل تغييرا في سياسة أنقرة.
وقالت صحيفة «حرييت» إن داود أوغلو الموجود في نيويورك لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الأحد إن تركيا تقبل أي حل سياسي يوافق عليه السوريون، لكن يجب ألا يكون الأسد جزءا منه. ونقلت عنه قوله: «مقتنعون بأن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول إلى أمر واقع دائم. ما نقتنع به في هذا الشأن لم يتغير». وأصرت تركيا منذ وقت طويل على أن إزاحة الأسد ضرورية لحل الأزمة الإنسانية في سوريا. وفي تركيا أكبر تجمع للاجئين في العالم يزيد عدده على مليوني شخص.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ، قد صرح مساء أول من أمس بأنه على استعداد لمناقشة الشأن السوري مع روسيا، وأكد على ضرورة التنسيق لتجنب أي «حوادث» بين القوات الروسية وقوات تقودها الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش.
وفي مقابلة مع «رويترز»، على هامش اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، قال شتولتنبرغ رئيس الوزراء النرويجي السابق إنه «من المبكر جدا الجزم» بما تخطط له روسيا في سوريا، لكنها زادت وجودها العسكري هناك بما يشمل طائرات ودفاعات جوية.
واجتمع شتولتنبرغ بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك، أمس، وقبل ذلك حث روسيا على «لعب دور بناء ومتعاون في قتال (داعش)»، مضيفا أن دعم الرئيس السوري بشار الأسد «لا يمثل مساهمة فعالة لإيجاد حل». وأضاف شتولتنبرغ أن «صمود» وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا كان «مشجعا»، حيث تدعم روسيا انفصاليين مناوئين لكييف، لكنه قال إنه «سيتوخى الحذر في التكهن بأي علاقة بين أوكرانيا والوجود الروسي في سوريا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.