سرعة الأعاصير الاستوائية تزداد قوةً و«التطوّر مقلق»
الأضرار المحتملة قد تكون كارثية
الأعاصير الاستوائية في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي تكتسب قوة بشكل أسرع (أ.ب)
نيويورك :«الشرق الأوسط»
TT
نيويورك :«الشرق الأوسط»
TT
سرعة الأعاصير الاستوائية تزداد قوةً و«التطوّر مقلق»
الأعاصير الاستوائية في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي تكتسب قوة بشكل أسرع (أ.ب)
أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون أميركيون أنّ الأعاصير الاستوائية في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي تكتسب قوة بشكل أسرع. وأوضحت أندرا غارنر من جامعة روان في نيو جيرسي، في دراسة نشرتها مجلة «ساينتفيك ريبورتس»، أنه نظراً لأن درجات حرارة سطح المحيطات ترتفع جراء التغيّر المناخي، فإن الأعاصير ليست قادرة على امتصاص المزيد من الأبخرة فحسب، لكنها أيضاً قادرة على فعل ذلك بشكل أسرع.
وتكتسب الأعاصير الاستوائية طاقتها في الأساس من تبخّر حرارة بخار المياه التي تمتصّها من فوق المحيطات.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن غارنر قولها إنّ «التطوّر مقلق، خصوصاً لأنه من الصعب التنبؤ بالأعاصير في وقت مبكر في أفضل الأحوال، ويمكن أن يؤدّي ذلك إلى أضرار من المحتمل أن تكون كارثية».
وكانت حُلّلت بيانات من قاعدة بيانات الأعاصير «هوردات 2» التي تحتوي على بيانات مفصّلة عن كل الأعاصير. ووفقاً للتحليل، ثمة احتمال يفوق الضعف في الوقت الحالي أن تتطوّر الأعاصير من عاصفة ضعيفة من «الفئة الأولى» إلى عاصفة أقوى من «الفئة الثالثة» أو أعلى خلال 24 ساعة. وبين عامي 1971 إلى 1990، كانت النسبة 3.23 في المائة، ومن 2001 إلى 2020 كانت 8.12 في المائة.
وذكرت غارنر في الدراسة أنّ نتيجة البحث تؤكد الحاجة إلى السيطرة على الاحترار العالمي لتقييد زيادة أسرع في قوة الأعاصير، داعية إلى التخطيط الساحلي واتخاذ إجراءات اتصالات تمكّن المناطق الأكثر ضعفاً من التكيّف مع المخاطر المتغيّرة التي تشكلها الأعاصير الاستوائية.
تسبَّبت الرياح القوية والأمطار الغزيرة الناجمة عن إعصار «كونغ - ري» في وفاة شخص وإصابة 73 شخصاً بأنحاء مختلفة من تايوان، بينما فُقد سائحان من جمهورية التشيك.
يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.
غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.
تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.
تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».
من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.
لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.
حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.
مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».
الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».
عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.