سينما «حرب أكتوبر»... تجسيد «خجول» رغم محاولات التوثيق

متخصصون انتقدوا إبقاء المعركة على «الهامش» درامياً

سينما «حرب أكتوبر»... تجسيد «خجول» رغم محاولات التوثيق
TT

سينما «حرب أكتوبر»... تجسيد «خجول» رغم محاولات التوثيق

سينما «حرب أكتوبر»... تجسيد «خجول» رغم محاولات التوثيق

رغم دراما وتفاصيل حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، المتشابكة والمتشعبة، فإن «السينما المصرية لم تواكب هذه التفاصيل، على غرار ما قدمته السينما العالمية من أعمال اتخذت من المعارك مادة لها»، وفق نقاد تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وفي أكتوبر من كل عام تتجدد الانتقادات لمحدودية التجسيد الفني لـ«الانتصار العربي الوحيد على إسرائيل»، خصوصاً من زاوية «ضعف الأعمال الفنية التي تناولت الحدث»، والتي تعاملت مع الحرب كـ«هامش درامي» للأحداث في معظم الأعمال التي بات عرضها «موسمياً» في الأسبوع الأول من أكتوبر كل عام.

فالسينما المصرية، ووفق الكثير من الدراسات النقدية، قدمت نحو 12 فيلماً روائياً عن الحرب، لعل من أبرزها «الرصاصة لا تزال في جيبي»، و«أبناء الصمت»، و«حتى آخر العمر»، و«بدور»، و«العمر لحظة»، لكن تلك الأعمال ووفق الكثير من النقاد، ومن بينهم الناقد الفني المصري، طارق الشناوي، لا تتجاوز كونها «أفلاماً تجارية مثلت الحرب (هامشاً محدوداً) في قصتها»، وبالتالي عجزت تلك الأعمال عن «تجسيد الحرب»، وتقديمها بطريقة صالحة للاستمرار للأجيال التالية.

أفيش فيلم (العمر لحظة)

الشناوي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن غياب عمل بجودة عالمية عن بطولات الجيشين المصري والسوري في حرب أكتوبر «يمثل تقصيراً ما زال مستمراً إلى الآن»، مشيراً إلى «أهمية حشد الإمكانات لإنتاج عمل يعتمد على لغة سينمائية عالمية، ومن بطولة نجم عالمي معروف، وأن يُكتب باللغة الإنجليزية»، مؤكداً أن هناك «مخرجين مصريين قادرين على تقديم عمل بهذا المستوى»، مرشحاً اسمي شريف عرفة ومروان حامد للتصدي لهذه المهمة.

ويرى الشناوي أن المعركة اليوم لم تعد توثيق الحرب، لكن «التصدي للرواية الإسرائيلية التي استطاعت أن تقدم أعمالاً تطرح رؤيتها لكثير من الأحداث، مثل شخصية أشرف مروان مثلاً، الذي قُدمت حوله أعمال عدة تتبنى الرواية الإسرائيلية، إلا أن الأخطر هو ترويج أعمال فنية عالمية للرواية الإسرائيلية بشأن الحرب، والتي تزعم انتصار إسرائيل في أيامها الأخيرة»، وبالتالي «علينا أن نقدم روايتنا للحرب إلى العالم عبر أفلام يشاهدها العالم بلغته».

وتبنت أعمال سينمائية عديدة الرواية الإسرائيلية بشأن حرب أكتوبر، لعل آخرها فيلم «غولدا»، وهو من إنتاج العام الحالي، من ﺗﺄﻟﻴﻒ نيكولاس مارتن، وإخراج جاي ناتيف، وجسدت فيه الممثلة هيلين ميرين، شخصية رئيسة الوزراء الإسرائيلية، غولدا مائير. وركز الفيلم على القرارات الصعبة التي اتخذتها «غولدا خلال حرب أكتوبر»، لكنه «تبنى رواية نجاح الإسرائيليين في تحويل هزيمتهم خلال الأيام الأولى للقتال إلى انتصار عبر تنفيذ (ثغرة الدفرسوار)، ما أجبر المصريين – وفق الفيلم - على قبول وقف إطلاق النار والتفاوض المباشر للمرة الأولى مع إسرائيل».

وبموازاة ضعف حضور «حرب أكتوبر» سينمائياً، تلقى الأعمال التي تركز على الاستعداد للمعركة، أو استعراض بعض معارك «حرب الاستنزاف» (1967-1969) رضاءً جماهيرياً عند إعادة عرضها ولو موسمياً، ومنها فيلم «يوم الكرامة» الذي يعرض دور القوات البحرية المصرية في الفترة التي تلت نكسة 1967، وكذلك فيلم «الطريق إلى إيلات» وتدور أحداثه إبان حرب الاستنزاف، ويتناول الغارات المصرية على ميناء إيلات الإسرائيلي، وهي العمليات التي نفذتها مجموعة من الضفادع البشرية المصرية.

أفيش فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي»

المخرجة المصرية، إنعام محمد علي، مخرجة فيلم «الطريق إلى إيلات»، قالت إن إسناد العمل بالنسبة لها كان «مفاجأة كبيرة»، وإنها «لم تكن تثق بقدرتها على إنجاز فيلم حربي وهي امرأة، وظنت في البداية أن هناك خطأً»، لكنها أشارت في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الفيلم «عُرض في 6 دول عربية في توقيت واحد في ذكرى توقيع معاهدة حظر الأسلحة النووية التي وقّعت عليها مصر ودول عربية، بينما رفضتها إسرائيل، وجاء قرار عرضه كما لو كان رسالة موجهة لإسرائيل، وقد كان أول فيلم يتضمن عملية حربية من البداية للنهاية».

حتى أحدث الأعمال ذات الطبيعة الحربية، وهو فيلم «الممر» الذي أنتج عام 2019، وتجاوزت تكلفته 100 مليون جنيه (الدولار يعادل 30.9 جنيه) كان يُجسد واحدة من بطولات قوات الصاعقة المصرية خلال حرب الاستنزاف، وهو ما مثل علامة استفهام إضافية حول التركيز على التمهيد لحرب أكتوبر، مقابل غياب الحرب نفسها سينمائياً.

وكذلك حققت الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية التي تجسد الصراع الاستخباراتي بين مصر وإسرائيل نجاحاً لافتاً، حتى مع تكرار بثها طيلة عقود، مثل «رأفت الهجان» لمحمود عبد العزيز، أو «دموع في عيون وقحة» لعادل إمام، أو «الثعلب» لنور الشريف، ومثلها أفلام «إعدام ميت»، و«الصعود إلى الهاوية»، و«بئر الخيانة»، لكن تلك الأعمال ظلت معبرة عن أحد أوجه الصراع، سواء قبل حرب أكتوبر أو بعدها، دون أن تكون المعركة مرتكزاً لأحداثها.

مشهد من فيلم «الطريق إلى إيلات»

ويتفق رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر، المخرج عمر عبد العزيز، مع الطرح القائل بـ«عدم قدرة الأفلام الروائية المصرية على تجسيد حرب أكتوبر فنياً، رغم مرور نصف قرن على الحدث»

ويرى عبد العزيز أن الأعمال التي اعتادت وسائل الإعلام المصرية عرضها بمناسبة ذكرى الحرب، هي أعمال في مجملها أنتجت في الفترة من 1973 إلى 1979، وهي «دراما اجتماعية حاولت مواكبة أجواء الانتصار، من دون أن يتحول الحدث إلى بطل للعمل».

ويشير إلى أن تكاليف إنتاج الأعمال الحربية كبيرة، وتتطلب جهداً هائلاً، لكنه يوضح لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن يكون لدينا عمل سينمائي يليق بحرب أكتوبر، ويعيد تقديمها للأجيال الجديدة التي باتت تتأثر بما تعرضه منصات المشاهدة الرقمية، والكثير من تلك الأعمال «لا تخلو من أهداف سياسية، وتحاول تقديم التاريخ وفق رؤية مزيفة في معظم الأحيان».


مقالات ذات صلة

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يوميات الشرق منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يكشف فيلم «الست» صورة واقعية لأم كلثوم بما لها وما عليها، مقدّماً سيرة فنية وإنسانية حظيت بإشادات واسعة بعد عرضها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «فلسطين 36» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

«اللي باقي منك» و«فلسطين 36»... ذاكرة بصرية لـ«وعد بلفور» و«النكبة»

يُشدِّد فيلما «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» على أهمية استعادة الذاكرة الفلسطينية وتوثيق تاريخها في مواجهة محاولات التزييف.

انتصار دردير (جدة)
سينما اللاعب المعتزل سعيد العويران في مشهد من الفيلم برفقة محمد الدوخي (نتفليكس)

الفيلم السعودي «رهين»... كوميديا البطل المأزوم

امتلأت القاعة الرئيسية في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» قبل بدء عرض الفيلم السعودي «رهين» بنحو نصف ساعة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما صورة من الفيلم لمنصور رشيد الكيخيا إلى جانب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي

«بابا والقذافي»… رحلة بحث عائلية تحول الصمت إلى جائزة دولية

تنطلق جيهان الكيخيا في فيلمها من سؤال طفولي ظلّ يلاحقها منذ السادسة من عمرها: «أين ذهب أبي؟»، والدها هو منصور رشيد الكيخيا، وزير خارجية ليبيا الأسبق.

كوثر وكيل (لندن)
يوميات الشرق ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)

بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

بيعت ساعة يد من مجموعة مقتنيات المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا بسعر قياسي في مزاد أُقيم في نيويورك، حسبما قالت دار مزادات «فيليبس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
TT

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)
منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

حاز فيلم «الست»، عقب عرضه في مصر السبت بحضور عدد من صنّاعه، إشادات نقدية واسعة أكدت نجاحه وتميّزه في معظم عناصره وأداء أبطاله، وذلك رغم الجدل «السوشيالي» الذي رافقه منذ طرح «البرومو التشويقي» قبل أيام، بسبب تناوله السيرة الذاتية لشخصية «أم كلثوم».

وفي احتفاء فني جديد بكوكب الشرق، قدّم صُنّاع «الست» خلال ما يقرب من 3 ساعات لمحات حقيقية من سيرة «الآنسة أم كلثوم»، كما كان يناديها من حولها؛ تلك المرأة الريفية ذات الشخصية القوية التي أصبحت رمزاً مصرياً يتردّد اسمها في محافل دولية. ويستعيد الفيلم رحلتها الطويلة في العمق الفني، وتأثير حضورها الصوتي الآسر، وكيف لعب فنّها دوراً حقيقياً في مواجهة الأزمات.

منى زكي وزوجها أحمد حلمي من العرض الخاص للفيلم (فيسبوك)

لم يكن فيلم «الست» العمل الأول الذي يتناول سيرة أم كلثوم، بيد أنه انفرد في إبراز كثيرٍ من اللمحات المهمة في مشوارها. إذ انطلق من كواليس حفلها الشهير على مسرح «الأولمبيا» الباريسي في أواخر ستينات القرن الماضي، ذلك الحفل الذي غنّت فيه أمام جمهور دولي لجمع التبرعات للمجهود الحربي في مصر، وكيف سقطت أرضاً حين حاول أحد المعجبين تقبيل قدمها.

واستعاد الفيلم بدايتها في الإنشاد الديني، ودور والدها «الشيخ البلتاجي» وشقيقها «الشيخ خالد» في حياتها وتكوين شخصيتها، وكيف كانت تتخيل وجود والدها بين الجمهور رغم قوتها ونجوميتها وهتافات الناس المتواصلة باسمها.

واعتمد العمل على مشاهد «الفلاش باك» للعودة بالمشاهدين إلى حياة أم كلثوم في قريتها بمركز «السنبلاوين» في دلتا مصر، وبداياتها الفنية، وما تعرّضت له من انتقادات من أهل القرية، ومن ثَمَّ انتقالها إلى العاصمة، والغناء على خشبة مسرح كازينو «البسفور» وما واجهته من سخرية، قبل أن تتوطد علاقتها بأعضاء فرقتها لاحقاً، وتُعرف بدقتها الصارمة والتزامها بالنظام.

لقطة من فيلم «الست» (الشركة المنتجة)

تُمثّل علاقة «ثومة» بالشاعر أحمد رامي، وكيف أبدعت في غناء قصائده وانتشر اسمها وصورها في الصحف وذاع صيتها، محطة محورية في الفيلم. فقد منح هذا الجانب العملَ طابعاً إنسانياً خاصاً، خصوصاً مع إبراز دور رامي المؤثر في حياتها. وتلاحمت عناصر الفيلم بوضوح، بدءاً من الإخراج وحماس الموسيقى التصويرية، مروراً بالأزياء التي عكست روح الحقبة بدقة، وصولاً إلى استخدام أغنيات أم كلثوم خلفية أضفت مزيجاً من الشاعرية والرومانسية.

من جانبه، وصف المخرج والناقد السينمائي المصري الدكتور أحمد عاطف درة فيلم «الست» بأنه «مليء بالمشاعر واللمحات شديدة القرب من حياة كوكب الشرق»، مؤكداً أن «المخرج والكاتب أظهرا روح التحدي في شخصيتها، وإصرارها على أن تكون امرأة بمائة رجل في زمن لم تكن المرأة قد نالت فيه حقوقها كاملة».

وأضاف عاطف درة لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم يقدّم مقاربة إنسانية، ويتميّز بحرفة إخراجية رائعة من مروان حامد، وأداء متقَن من منى زكي، وموسيقى مؤثرة من هشام نزيه، مع تميّز واضح في فروع التصوير والماكياج والمؤثرات والإنتاج والأزياء، فضلاً عن أسلوب رصين وحبكة وإيقاع في أفضل نجوم العمل».

فيلم «الست» شهد عرضاً خاصاً في مصر (الشرق الأوسط)

لم يقتصر الفيلم على تقديم الجوانب الإيجابية في حياة أم كلثوم، ولم يُظهرها بصورة ملائكية، بل سلّط الضوء على بعض سلبياتها أيضاً، ومنها مواقفها من الزواج والأمومة والمادة، طارحاً أسئلة عن سرعة غضبها وعنادها، وعلاقتها بأحمد رامي وشريف باشا صبري والملحن محمود الشريف، وزواجها في مرحلة عمرية متقدمة من الدكتور حسن الحفناوي، إضافة إلى علاقتها العملية بالصحافي محمد التابعي.

كما لم يغفل الفيلم تفاصيل حالتها الصحية، ونظارتها ومنديلها اللذين ارتبطا بصورتها، ولعب على وتر أحزانها في مشاهد مؤثرة أبكت الحضور. وتطرق كذلك إلى علاقتها بالأنظمة الحاكمة، وغنائها للملك فاروق، وتقديمها أغنية «مصر التي في خاطري» بحضور الرئيس جمال عبد الناصر، وشعورها بالتصالح مع الجمهور بعد فترة من الغياب.

وينتهي «الست» عند منتصف سبعينات القرن الماضي، مع وداع المصريين لها في جنازة شعبية مهيبة وثّقتها الصور واللقطات الأرشيفية. وقد شاركت في إنتاج الفيلم جهات عدة، وتولت منى زكي بطولته، في حين أخرجه مروان حامد وكتبه أحمد مراد، وشارك فيه عدد من الفنانين؛ بينهم محمد فراج، وسيد رجب، وأحمد خالد صالح، إلى جانب نجوم الشرف مثل أمينة خليل، وآسر ياسين، ونيللي كريم، وأحمد أمين، وأحمد حلمي، وعمرو سعد وغيرهم.

من جهته، أكد الكاتب والناقد الفني المصري أحمد النجار أن الحكم على فيلم «الست» قبل مشاهدته «غير مقبول»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحكام السريعة والانتقادات غير الواقعية التي وُجهت إليه ثبت عكسها بعد عرضه». ورأى أن «هذه الظاهرة النقدية المتسرّعة تستدعي التروي قبل إصدار الأحكام على الأعمال الفنية»، مشيراً إلى أن «الفيلم حاز إعجاباً محلياً ودولياً بعد عرضه في مصر، وكذلك في (مهرجان مراكش) قبل أيام».


تقنية مبتكرة لتحديد مواقع العالقين تحت الأنقاض

التقنية تعتمد على استخدام الميكروفونات المدمجة في الهواتف الذكية لتحديد مواقع الأشخاص المحاصرين (جامعة طوكيو)
التقنية تعتمد على استخدام الميكروفونات المدمجة في الهواتف الذكية لتحديد مواقع الأشخاص المحاصرين (جامعة طوكيو)
TT

تقنية مبتكرة لتحديد مواقع العالقين تحت الأنقاض

التقنية تعتمد على استخدام الميكروفونات المدمجة في الهواتف الذكية لتحديد مواقع الأشخاص المحاصرين (جامعة طوكيو)
التقنية تعتمد على استخدام الميكروفونات المدمجة في الهواتف الذكية لتحديد مواقع الأشخاص المحاصرين (جامعة طوكيو)

كشف باحثون في جامعة طوكيو اليابانية عن تقنية صوتية مبتكرة، تستخدم ميكروفونات الهواتف الذكية للمساعدة في تحديد مواقع الأشخاص العالقين تحت الأنقاض، خلال الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والانهيارات الأرضية.

وأوضح الباحثون أن التقنية تعتمد على قدرة الموجات الصوتية على النفاذ عبر الركام والمواد الصلبة. وعُرضت النتائج، الجمعة، خلال الاجتماع السادس المشترك للجمعية الصوتية الأميركية، والجمعية الصوتية اليابانية، في مدينة هونولولو الأميركية.

وفي حالات الكوارث الطبيعية، يصبح عامل الوقت حاسماً لإنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض؛ خصوصاً عندما تكون الرؤية محدودة. ورغم استخدام فرق الإنقاذ أساليب تعتمد على الرادار أو على الأصوات التي يصدرها الضحايا، فإن الاعتماد على الهواتف الذكية قد يفتح باباً جديداً للعثور على المحاصرين بسرعة أكبر.

وتعتمد التقنية الجديدة على استخدام الميكروفونات المدمجة في الهواتف الذكية، لتحديد مواقع الأشخاص المحاصرين، مستفيدة من قدرة الموجات الصوتية على اختراق التربة والركام، ما يجعلها فعَّالة حتى في الظروف التي تنعدم فيها الرؤية، ولا يمكن للأجهزة التقليدية التقاط إشارات واضحة.

وترتكز طريقة العمل على دمج نوعين من الإشارات الصوتية: مصدر أحادي القطب (Monopole) يصدر الصوت في جميع الاتجاهات بالتساوي، ومصدر ثنائي القطب (Dipole) يصدر الصوت بشكل موجَّه من الأمام والخلف، ويساعد على تحديد اتجاه المصدر بدقة.

وفي سيناريو واقعي لعمليات الإنقاذ، يقوم المنقذ بإطلاق إشارتين من نوع «ثنائي القطب»، تلتقطهما ميكروفونات هواتف الضحايا العالقين. بعد ذلك يرسل هاتف الضحية إشارة كهرومغناطيسية تساعد في تحديد موقعه. وفي الحالات التي يوجد فيها عوائق تعكس الصوت، يُصدر المنقذ صوتاً من نوع «أحادي القطب» لتقليل التشويش الناتج عن الركام، مما يحسِّن دقة التقدير.

وقد أُجري اختبار للتقنية في موقع تدريبي يحاكي سيناريو حقيقياً للكوارث، وأظهرت النتائج دقة لافتة؛ إذ بلغ هامش الخطأ في تحديد موقع الضحية 5.04 درجة فقط، داخل مساحة بحث قدرها 10 أمتار مربعة.

واعتُبرت القدرة على تقدير زاوية المصدر الصوتي من أبرز ما أظهره الاختبار، رغم وجود مواد تعكس الموجات وتعرقل طرق التحديد التقليدية.

وقال الباحثون إن «هذه الطريقة تعد فعَّالة في تحديد مواقع الأشخاص المدفونين تحت الأنقاض، أو التربة الناتجة عن الزلازل أو الانهيارات الأرضية؛ لأن الموجات الصوتية يمكنها النفاذ عبر هذه المواد». كما أشاروا إلى إمكانية استخدامها لتحديد مواقع أفراد فرق الإنقاذ أنفسهم، إذا تعرضوا لكوارث ثانوية في أثناء العمل.

ومع أن أحد التحديات يتمثل في ضرورة امتلاك الضحية هاتفاً مزوداً بميكروفون -وهو شرط أكثر تقييداً من الطرق التقليدية المعتمدة على أصوات الضحية- فإن الفريق يرى أن الانتشار الواسع للهواتف الذكية يجعل التقنية واعدة للغاية، مؤكداً عزمه تطويرها ورفع دقتها في المستقبل.


الملكة إليزابيث الثانية تظهر على عملة تذكارية جديدة بعد إخفائها لعقود

عملات بريطانية ذهبية للملكة إليزابيث الثانية (شاترستوك)
عملات بريطانية ذهبية للملكة إليزابيث الثانية (شاترستوك)
TT

الملكة إليزابيث الثانية تظهر على عملة تذكارية جديدة بعد إخفائها لعقود

عملات بريطانية ذهبية للملكة إليزابيث الثانية (شاترستوك)
عملات بريطانية ذهبية للملكة إليزابيث الثانية (شاترستوك)

يعرف الكثير مننا صورة الملكة إليزابيث الثانية جيداً، ففي النهاية صورتها تحدق فينا من مئات العملات المعدنية التي تجلجل داخل جيوبنا طوال عقود. مع ذلك يشهد العام، الذي يمثل الذكرى المائة لميلادها، كشفاً ملكياً جديداً، أو بالأحرى كشفاً قديماً لم يكن وقت خروجه إلى دائرة الضوء قد حان بعد، حسب صحيفة «مترو اللندنية».

أخيراً... أُزيح الستار عن صورة لوجه الملكة الراحلة، كانت قد نُحتت منذ أربعين عاماً تقريباً ثم خُبّئت بهدوء، للمرة الأولى من مكتب سكّ العملة في لندن الذي احتفظ بحقوق الكشف عن هذه الصورة على عملة معدنية حصرية لهواة جمع العملات المعدنية.

الأفضل من ذلك هو أن العملة، التي تحمل هذه الصورة التي لم تُر من قبل، ستُهدى إلى الأمة، حيث لن تتكلف أكثر من ثمن طابع بريد قدره 2.50 جنيه إسترليني. مما لا شك فيه أن هذا هو الكشف الملكي الأكثر مفاجئة الذي يظهر أخيراً بالنسبة إلى هواة جمع العملات والمراقبين الملكيين، وهو نوع من علم آثار العملات.

وعندما أبدع النحات رافائيل مخلوف صورة الملكة إليزابيث الثانية هذه، التي باتت شهيرة الآن وتعود إلى عام 1985، لم يستخدم التصميم الذي ظهر على العملات المعدنية من 1985 إلى 1997. وأُعدت نسخ متعددة من تلك الصورة وخضعت لدراسة وتنقيح في إطار عملية طويلة ودقيقة لتقديم صورة رسمية لحاكم. تم تقديم بعض من تلك الصور إلى مسؤولين، ووُضعت بعض الرسوم الأولية مرجعاً في دوائر جمع العملات طوال سنوات.

ومع ذلك لم يتم الكشف عن صورة مكتملة الصناعة نُحتت على مستوى التصميم المختار النهائي نفسه للعامة أبداً. وعوضاً عن ذلك ظلت قابعة داخل أرشيف مخلوف لم تُرفض ولم تُنسَ، بل تم إخفاؤها بهدوء طوال هذا الوقت حتى جاءت هذه اللحظة.