الخيار الرئاسي الثالث يتقدّم دولياً وعربياً ويبقى تسويقه لبنانياً

القوى السياسية تتطلع إلى نتائج لقاء بن فرحان - لودريان

الأمير فيصل بن فرحان وجان إيف لودريان بحثا المستجدات الإقليمية والدولية الخميس (واس)
الأمير فيصل بن فرحان وجان إيف لودريان بحثا المستجدات الإقليمية والدولية الخميس (واس)
TT

الخيار الرئاسي الثالث يتقدّم دولياً وعربياً ويبقى تسويقه لبنانياً

الأمير فيصل بن فرحان وجان إيف لودريان بحثا المستجدات الإقليمية والدولية الخميس (واس)
الأمير فيصل بن فرحان وجان إيف لودريان بحثا المستجدات الإقليمية والدولية الخميس (واس)

تترقّب الأوساط السياسية في لبنان نتائج اللقاء الذي عُقد بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والمبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، في الرياض، في حضور المستشار في رئاسة مجلس الوزراء السعودي نزار العلَوْلا، والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، ليكون في وسع القوى السياسية أن تبني على الشيء مقتضاه، تحديداً بالنسبة إلى إخراج الاستحقاق الرئاسي من دوامة التعطيل باعتماد الخيار الرئاسي الثالث من خارج ثنائية المرشحين للرئاسة النائب السابق رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، المدعوم من الثنائي الشيعي، والوزير السابق جهاد أزعور الذي تقاطعت المعارضة مع «التيار الوطني الحر» على ترشيحه.

فاجتماع الرياض يأتي في سياق تقاطع اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر على حث المعنيين بانتخاب رئيس للجمهورية، بضرورة تحبيذ الخيار الثالث من خارج الثنائي فرنجية - أزعور، كونه يفتح الباب أمام إخراج انتخاب رئيس الجمهورية من دائرة التعطيل، شرط أن تتوافر فيه المواصفات التي حدّدتها اللجنة في اجتماعها في الدوحة بعدم التحاقه بفريق ضد آخر، وتتوافر فيه الشروط لإنقاذ لبنان.

ويأتي لقاء بن فرحان ولودريان مع استعداد الأخير للقيام بجولة رابعة لبيروت لعله ينجح في لقاءاته برؤساء الكتل النيابية في إخراج انتخاب الرئيس من دوامة التعطيل، إنما هذه المرة بتظهير دعوته للانحياز إلى الخيار الثالث للعلن، بعدما كان شدّد في زيارته الأخيرة على ضرورة البحث عن مخرج لتفادي المأزق الذي لا يزال يعيق إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وتتزامن الزيارة المرتقبة للودريان إلى بيروت مع عزوف رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن دعوته النواب لحوار لمدة أسبوع يليه انعقاد البرلمان في جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، محملاً الكتل النيابية المسيحية مسؤولية عدم الاستجابة لدعوته، وانضم إليه الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وإن كان تمايز عنه بتوجيه اللوم لـ«حزب الله» الذي أدار ظهره لاقتراحه بترشيح أحدهم؛ قائد الجيش العماد جوزف عون، والنائب السابق صلاح حنين، وأزعور، لمصلحة تمسكه بترشيح فرنجية.

الأمير فيصل بن فرحان لدى استقباله جان إيف لودريان في الرياض الخميس (واس)

كما تتزامن مع مواصلة الحوار بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» الذي تتعامل معه قوى المعارضة، حسب مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، على أنه محاولة من الطرفين لتقطيع الوقت لأهداف تتقاطع على ترحيل الاستحقاق الرئاسي لدوافع مختلفة، خصوصاً وأن جدول أعمال الحوار لا يتعلق بهما وحدهما من دون الآخرين، كون أن هذه الثنائية تبقى عاجزة عن تحقيق ما يقترحه «التيار الوطني» باعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة، واستحداث الصندوق الائتماني، وإن كان الحزب تعهّد لحليفه بالوقوف إلى جانبه، لكن بشرط ترشيحه لفرنجية كأساس لتأمين الدعم المطلوب لتحقيق ما يطالب به من قبل الأكثرية النيابية التي لن تتأمن إلا بالانضمام إلى المحور السياسي الداعم لفرنجية.

فـ«التيار الوطني»، كما تقول المعارضة، يسعى لترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل لإضعاف حظوظه في انتخابه رئيساً للجمهورية، بينما يتعاطى «حزب الله» مع الاستحقاق الرئاسي من زاوية إقليمية تتجاوز الداخل إلى الإقليم بما يخدم حليفته إيران في تحسين شروطها التفاوضية غير المباشرة مع واشنطن، لأن الحزب يفضل التريُّث إلى ما بعد تبيان ما ستؤول إليه هذه المفاوضات، وبالتالي لن يبيع موقفه «مجاناً» بمنأى عن حليفه.

وتؤكد أن أهمية المحادثات التي أجراها لودريان في الرياض تكمن في رغبة الأخير في تأكيد دعم الخماسية لانحيازه إلى الخيار الثالث ممراً إلزامياً لإنهاء الشغور الرئاسي، من دون الدخول في تفضيل مرشح على آخر، لأن ما يهمها هو انتخاب الرئيس الذي يتحلى بالمواصفات التي كانت حددتها الخماسية في ختام اجتماعها في الدوحة.

وتضيف بأن لودريان يتطلع من خلال تحركه باتجاه اللجنة الخماسية بدءاً باجتماعه بوزير الخارجية السعودية، إلى استقدام الدعم العربي والدولي لوجهة نظره المتمثلة بانحيازه للخيار الرئاسي الثالث، للاستقواء على الفريق الرئاسي الفرنسي، على رأسه المستشار باتريك دوريل في سعيه لتسويق ترشيح فرنجية للرئاسة، برغم أن طرح لودريان للخيار الثالث يعني حكماً بأن المبادرة الفرنسية سحبت من التداول.

وترى المصادر في المعارضة أن عدم تلبيتها لدعوة بري للحوار، قبل أن يصرف النظر عنها، لا تنطلق من موقف شخصي، وإنما لكونه طرفاً في تأييده لفرنجية، وهو يتناغم مع حليفه «حزب الله» الذي يرفض البحث عن تسوية رئاسية ويصر على تمسكه بترشيح فرنجية، ما يعني أن لا جدوى للحوار طالما أن الحزب يتطلع من خلاله إلى تبنّي وجهة نظره، رافضاً التفاهم على مرشح رئاسي ثالث يشكل نقطة التقاء بين الكتل النيابية من خارج الانقسام العمودي الذي يعطل انتخاب الرئيس.

حتى أن جنبلاط الأب، وإن كان انتقد الكتل المسيحية لرفضها تلبية دعوة بري للحوار، فإنه في المقابل يتعامل مع دعوته من زاوية الاختلاف في مقاربتهما لانتخاب الرئيس، وأنه يؤيد الحوار لعله يؤدي إلى إخراج انتخابه من المأزق الذي لا يزال يحاصره، وهذا ما يتعارض مع «حزب الله» الذي لم يعفه من انتقاداته.

ويبقى السؤال: هل الظروف السياسية المحلية ناضجة لتغليب الخيار الرئاسي الثالث الذي يتقدّم عربياً ودولياً على ما عداه من الخيارات؟ أم أنها لم تنضج حتى الساعة، كما يقول النائب في «التيار الوطني» ألان عون؟

لذلك يفترض أن يتصدر الخيار الرئاسي الثالث جدول أعمال الزيارة المرتقبة للودريان لبيروت، فهل ينجح في مهمته في إقناع محور الممانعة بخياره هذا؟ أم أن تلويحه بفرض عقوبات على معطلي انتخاب الرئيس سيترجم هذه المرة بخلاف السابق، باتخاذ إجراءات بحق من يعطله؟


مقالات ذات صلة

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير

رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
TT

رغم الترقب والخوف... المسيحيون في سوريا يشعرون بالتفاؤل

مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)
مظاهرة بدمشق احتجاجاً على حرق شجرة عيد الميلاد في حماة (رويترز)

يعيش المسيحيون في سوريا أجواء عيد الميلاد وسط حالة من الترقب والخوف، خاصة بعد إقدام أشخاص على حرق شجرة الكريسماس.

ورغم ذلك، تسود حالة من الوحدة، والتفاؤل بين أبناء الشعب السوري، مسيحيين ومسلمين، في إحداث تغيير حقيقي بعد انهيار نظام الأسد.

وشهدت مدينة دمشق وعدد من المدن السورية خروج مظاهرات تضم مسلمين ومسيحيين بعد إحراق شجرة الكريسماس في مدينة السقيلبية بريف حماة الغربي.

أهالي منطقة جرمانا في ريف دمشق يحتفلون بإضاءة شجرة عيد الميلاد (أ.ف.ب)

وأبدى الأب أندرو باهي لـ«وكالة الأنباء الألمانية» تخوفه من الأوضاع التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، قائلاً: «من حقنا أن نتخوف... لقد تعرضت أحياء مناطق شرق دمشق خلال السنوات الماضية لسقوط مئات القذائف وصمدنا في بيوتنا، لكن الآن لا تزال الأجواء غامضة، هناك تضارب وتناقض بين الأقوال والأفعال».

وأضاف باهي، وهو رجل دين في كنيسة بحي القصاع في دمشق، أن «التصريحات التي صدرت من القيادة الجديدة في دمشق مطمئنة، وأكدت احترام جميع الطوائف والأديان، لكن بعض التصرفات والشعارات هي مصدر قلق لنا، والأيام المقبلة هي المعيار».

سوري يقرع جرساً بالقرب من شجرة عيد الميلاد بحمص (أ.ف.ب)

بدوره، قال طوني مطانيوس، من حي باب توما بشرق دمشق، ويعمل في محل لبيع المواد الغذائية: «لم يصدر من عناصر الفصائل، الذين يتجولون في أحياء دمشق، أي تصرف يسيء لنا، ولم يقوموا بعمل ضار علينا، لكن الجميع حذر ويترقب».

وأضاف: «لم نقم بالزينة التي تزين المحال التجارية والمنازل التي اعتدنا عليها ولم يمنعنا أحد، لكن الكلام الذي نسمعه وينشر على بعض مواقع التواصل مخيف لنا».

وأكد مطانيوس أن «سوريا بلدنا ونحن أبناء هذا البلد... لقد تحملنا ما حصل خلال 13 عاماً... على العكس، نحن متفائلون بالتغيير ونراقب تصريحات القيادة الجديدة، ونأمل أن تكون أفعالا لا أقوالا».

وعدّت رنا ميداني أن «الظلم الذي وقع على السوريين خلال سنوات حكم الأسد أدى إلى تضرر أغلب السوريين مسيحيين ومسلمين»، مضيفة: «لقد خرجنا للمشاركة باحتفالات سقوط نظام الأسد، وعبّرنا عن فرحنا الحقيقي، ولم يدفعنا أحد للمشاركة في المسيرات».

وتضيف ميداني، التي تعمل في مؤسسة حكومية: «أغلب العاملين في المؤسسة التي أعمل بها يعارضون نظام بشار الأسد الذي أذل الناس وجوعهم... هم يعارضون الفساد والمحسوبيات في عهد مسؤولي النظام السابق، بعيداً عن الدين والطوائف».

مصلون يضيئون الشموع خلال قداس عيد الميلاد بالكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في دمشق (د.ب.أ)

وأكدت رنا تفاؤلها بـ«القيادة الجديدة»، قائلة: «لا يهمني إن كان الحاكم مسلماً أو مسيحياً، يهمني أن يحكم شخص قلبه على الشعب، ويريد الخير للكل، ويخدم الجميع».

وشهدت العاصمة دمشق ليلة أمس خروج مسيرات في عدد من الأحياء ضد حرق شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية، وقال سامر إلياس: «عندما وصلنا خبر إحراق الشجرة في مدينة السقيلبية، نزل الأهالي، المسيحي منهم والمسلم، إلى الشوارع احتجاجاً على هذا العمل».

وأضاف: «نعيش عائلة واحدة... يباركون لنا بأعيادنا ونبارك لهم أعيادهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وهتف الجميع مطالبين بحماية المسيحيين في سوريا».

وأقدم أشخاص ليلة أمس على حرق شجرة الميلاد في الساحة الرئيسة وسط مدينة السقيلبية، وخرج الأهالي بمظاهرة مطالبين بحماية المسيحيين.

وقال مصدر في الأمن العام في محافظة حماة: «ما وصلنا من التحقيقات الأولية أن أشخاصا قاموا بعملية الحرق، وتم إلقاء القبض على أحدهم، والإدارة تعهدت بإعادة بناء الشجرة».

وأضاف: «لا تزال التحقيقات في بدايتها، ولن نقبل الإساءة لأي شخص... المسيحيون جزء من الشعب السوري، ولن نقبل الإساءة لأي من مكوناته».