هل يهز «حزب الله» العصا الرئاسية لباسيل؟

«القوات اللبنانية» و«التقدّمي» يوقفان سجالهما حول الحوار

النائب جبران باسيل (أ.ب)
النائب جبران باسيل (أ.ب)
TT

هل يهز «حزب الله» العصا الرئاسية لباسيل؟

النائب جبران باسيل (أ.ب)
النائب جبران باسيل (أ.ب)

تصطدم دعوة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري للحوار بمقاومة سياسية تتزعمها قوى المعارضة في الشارع المسيحي، معطوفة على موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي باشتراطه تطبيق الدستور بانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا ما يدعو «حزب الله» إلى النزول بما لديه من ثقل سياسي لإقناع حليفه اللدود رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعدم الامتناع عن المشاركة فيه؛ لأنه بحضوره يحقق خرقاً لرفض المعارضة بتأمينه النصاب الطائفي المطلوب لقطع الطريق على التشكيك بميثاقيته.

ومع أن الحزب يواجه حتى الساعة صعوبة في تنعيم موقف باسيل لتعبيد الطريق أمام انطلاق الحوار، فإنه يتبع في حواره المفتوح معه سياسة النفس الطويل لعله يتمكن، كما تقول مصادر في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، من استرداده إلى حاضنته السياسية، وصولاً إلى إقناعه بتأييد مرشحه رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

إلا أن الحوار مع باسيل لم يحقق حتى الساعة التقدم المطلوب، ما يعني أن الآمال المعقودة عليه لاستدارته نحو تأييده فرنجية لا تزال دونها صعوبات، في ضوء ما يتردّد بأن «اللجنة الخماسية» (الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر)، باتت على قناعة، في ضوء ما توصل إليه الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، بأن هناك ضرورة لإخراج فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور من السباق الرئاسي، إفساحاً في المجال أمام البحث عن مرشح ثالث يتحلى بالمواصفات الرئاسية التي حددتها «الخماسية» في اجتماعها الأخير في الدوحة.

جانب من اجتماع المجموعة «الخماسية» حول لبنان الذي عُقد في الدوحة يوليو الماضي (وزارة الخارجية القطرية)

لكن الانقسام حول الحوار انسحب على حزب «القوات اللبنانية» و«اللقاء الديمقراطي»، وتمثل في السجال الذي دار بين النائب بلال عبد الله، الحزب «التقدمي الاشتراكي»، وزميله «القواتي» جورج عقيص، على خلفية قوله إن الحوار مضيعة للوقت.

ولم يدم السجال طويلاً استجابة لرغبة الطرفين بضرورة وقفه، خصوصاً أن خلافهما حول الحوار لن يبدّل مقاربتهما الرئاسية بدعمهما ترشيح أزعور. وهذا ما أكد عليه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور وليد جنبلاط بقوله: «إذا دُعينا اليوم لجلسة انتخاب الرئيس سنصوّت لأزعور، إلا في حال تم التوصل إلى تسوية رئاسية تقضي بالتوافق على رئيس من خارج الاصطفافات السياسية ولا يشكل غلبة لفريق على آخر».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن التواصل بين الطرفين لم ينقطع، وأن النائب وائل أبو فاعور يتولى هذه المهمة، وهو على اتصال بقيادتي «القوات» و«الكتائب».

من لقاء سابق بين النائب جبران باسيل ومسؤولين في «حزب الله» (مواقع التواصل)

بدوره، يتوقف «الثنائي الشيعي» أمام الحوار بين «حزب الله» و«التيار الوطني». ويقول مصدر فيهما لـ«الشرق الأوسط» إن «من يراهن على الاستقواء بالخارج لليّ ذراعنا ليس في محله، وأن لا حل للخروج من المأزق الرئاسي إلا بالحوار». ويشدد على تمسك «الثنائي الشيعي» بدعم ترشيح فرنجية «كونه يشكل ضمانة توفر الحماية للمقاومة ولا يطعنها في الظهر».

ورغم أن «الثنائي الشيعي» يرفض الانتقال إلى الخطة «ب»، بحثاً عن مرشح ثالث من خارج ثنائية فرنجية - أزعور، فهو ليس في وارد تقديم تنازلات لملاقاة خصومه في منتصف الطريق للتوافق على مرشح من خارج الاصطفافات السياسية، مع أن «الخماسية» في اجتماعها في نيويورك، قبل أيام على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، لم تتمكن من إيجاد تسوية للتباين بين فرنسا من جهة، والولايات المتحدة وقطر من جهة ثانية، على خلفية مطالبتهما بوضع سقف زمني لمهمة لودريان لإنهاء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية.

وفي هذا السياق، تلفت مصادر نيابية إلى أن المشهد السياسي لا يزال منقسماً على نفسه ويتوقف على ما سيحمله لودريان في زيارته الرابعة لبيروت.

وتؤكد أن مفتاح البحث عن مرشح ثالث هو الآن بيد «حزب الله» الذي، وإن كان يدعم الحوار، يضع الكتل النيابية أمام خيارين: انتخاب فرنجية رئيساً، أو أن الفراغ الرئاسي سيبقى قائماً إلى ما لا نهاية. وبحسب المصادر، فإن الحزب يواجه صعوبة في إقناع باسيل بتبني خياره الرئاسي، وإن كانت المصادر نفسها لم تُسقط من حسابها إصراره (باسيل) على تقطيع الوقت إلى ما بعد العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، موعد إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد، ويكون بذلك استبعده من السباق إلى الرئاسة، على أن يلتحق به فرنجية بحثاً عن مرشح ثالث.

 

وتؤكد أن إخراج فرنجية وأزعور من السباق الرئاسي لا ينسحب على قائد الجيش الذي لا يزال اسمه مدرجاً على لائحة المرشحين، وهذا ما استنتجه عدد من النواب ممن التقوا لودريان في زيارته الأخيرة إلى بيروت.

 

وتكشف المصادر نفسها أن الحزب يخوض حواره مع باسيل بالتلازم هذه المرة مع تلويحه بالانفتاح على قائد الجيش، وإلا لماذا لم يحرّك ساكناً حيال ردود الفعل على اجتماعه برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد؟

 

فـ«حزب الله» لم يتدخّل لتوضيح موقفه حيال كل ما قيل عن لقاء رعد بالعماد عون. فهل يهز العصا الرئاسية لباسيل لمصلحة تأييده فرنجية؟ ولماذا نأى بنفسه عن الرد على ما توصلت إليه بعض القوى السياسية من تفسيرات في قراءتها للقاء وتوقيته، وكأنه يريد أن يبقي حليفه في دائرة القلق، بدلاً من أن يبادر إلى وضع حد للاجتهادات السياسية التي ترتبت عليه؟

 

وينسحب صمت «حزب الله» على موقف حليفه بري، لعل صمتهما يدفع بباسيل إلى مراجعة حساباته وصولاً للانعطاف باتجاه حليفه، وإلا لماذا ارتأيا عدم التعليق على ما تردد أخيراً حول إمكانية انسحاب فرنجية لمصلحة العماد عون، مع أن فرنجية لاذ بالصمت وكأنه يترك للحزب استخدام كل وسائل الضغط لاسترداد باسيل إلى حاضنته السياسية؟


مقالات ذات صلة

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

المشرق العربي البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

على وقع الانقسام السياسي الحاد، يعقد مجلس النواب اللبناني، الخميس، جلسة تشريعية حسّاسة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال».

يوسف دياب (بيروت)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
TT

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله» في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب من لجنة «الميكانيزم» مستخدماً الحفارات، وفق وسائل إعلام لبنانية أشارت إلى أن الموقع كان قد تعرّض لقصف إسرائيلي قبل ذلك.

وهي ليست المرة الأولى التي يقوم بها الجيش اللبناني بالكشف عن مواقع بناء على طلب لجنة «الميكانيزم» أو إثر تهديد إسرائيلي، في إطار التنسيق بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وحصل هذا الأمر الأسبوع الماضي مع إجراء الجيش اللبناني تفتيشاً دقيقاً لأحد المباني في بلدة يانوح الجنوبية، إثر تهديد إسرائيل بقصف المنزل، حيث لم يتم العثور على أسلحة. وأعلن الجيش الإسرائيلي إثر انتشار الجيش اللبناني أنه علق في شكل مؤقت الضربة التي كان قد هدد بها على ما اعتبره بنية تحتية عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في البلدة.

ويأتي ذلك في وقت استمر فيه القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان حيث استهدفت غارة، الأربعاء، بلدة كفركلا. وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أن الغارة استهدفت تلة ساري بين محلتي العزية والشخروب، من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.

متري: الجيش اللبناني جاهز للانتقال إلى مراحل لاحقة

ووصف نائب رئيس الحكومة طارق متري، لجنة الـ«ميكانيزم» بـ«مساحة نقاش وإطار للإشراف والتحقق من احترام الاتفاقات»، مؤكداً التزام لبنان بها منذ اليوم الأول، في مقابل استمرار الخروقات الإسرائيلية.

وفيما يتعلق بسلاح «حزب الله»، قال متري خلال مشاركته في افتتاح الجلسة الأولى من المؤتمر الثامن لمركز كارنيغي - الشرق الأوسط، في بيروت: «إن قائد الجيش العماد رودولف هيكل اقترح خطة من خمس مراحل، تنطلق من تعزيز قدرات الجيش»، مؤكداً أن «بسط سلطة الدولة في المنطقة المحيطة بالليطاني يشهد تقدماً تدريجياً، مع اقتراب الجيش من إنهاء مهمته جنوب (نهر) الليطاني تمهيداً للانتقال إلى مراحل لاحقة».

عناصر من الجيش اللبناني يقفون على آلية عسكرية في بلدة علما الشعب الحدودية يوم 28 نوفمبر الماضي (رويترز)

وعن إعادة الإعمار، أوضح متري أن المجتمع الدولي يشترط بسط سلطة الدولة مدخلاً أساسياً للدعم، معرباً عن أمله في أن تلعب الدول العربية دوراً داعماً عبر علاقاتها الدولية.

الجلسة الثانية بمشاركة مدنيين من لبنان وإسرائيل

ويأتي ذلك قبل يومين من جلسة جديدة للجنة «الميكانيزم»، المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار، مقررة في 19 ديسمبر (كانون الأول)، وهي الجلسة الثانية التي سيشارك فيها رئيس الوفد اللبناني، السفير سيمون كرم، بعد مشاركته مع مدني إسرائيلي في الجلسة السابقة مطلع ديسمبر الحالي، في أول محادثات مباشرة بين البلدين. وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون قد التقى كرم، الأربعاء، وزوّده بتوجيهاته عشية الاجتماع المقبل للجنة.

وتضمّ لجنة مراقبة وقف إطلاق النار كلاً من لبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية وانسحاب «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على وجودها في خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه.


لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

على وقع الانقسام السياسي الحاد، يعقد مجلس النواب اللبناني، الخميس، جلسة تشريعية حسّاسة، ليس بسبب القوانين المدرجة على جدول أعمالها، بل بفعل تغييب مشروع قانون قدّمته الحكومة واقتراح قانون معجل مكرر قدمته كتل نيابية لتعديل قانون الانتخابات النيابية، وهو ما فجّر مواجهة مفتوحة بين رئيس المجلس نبيه بري، الساعي إلى تأمين النصاب وتمرير ما يعدها «قوانين ملحّة»، وبين كتل نيابية وازنة أعلنت المقاطعة احتجاجاً على تهميش مطلبها بتعديل قانون الانتخاب الذي تعده مدخلاً لأي إصلاح حقيقي.

ومن المقرر أن تنعقد الجلسة التشريعية عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس، وعلى جدول أعمالها 17 مشروع قانون واقتراح قانون أبرزها «الموافقة على إبرام اتفاقية قرض البنك الدولي للبنان» بقيمة 250 مليون دولار مخصصة لإعمار جزء مما هدمته إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان. بالإضافة إلى اقتراح قانون يُعفي المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية من ضرائب ورسوم، وتعليق المهل المتعلقة بالحقوق والواجبات الضريبية، ومعالجة العقارات وأقسامها المهدمة جراء الحرب.

وغيّب رئيس المجلس عن الجلسة التشريعية مشروع القانون المعجّل الذي أحالته الحكومة الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب، لا سيما إلغاء ما تُعرف بـ«الدائرة 16» التي تخصص ستة مقاعد نيابية لتمثيل المغتربين في قارات العالم. كما رفض إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدّم به عدد من النواب لإلغاء المقاعد الستة التي تمثل الاغتراب والسماح للمغتربين بالتصويت لـ128 نائباً في أماكن إقامتهم.

رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

ويخوض برّي معركة سياسية شرسة لتأمين النصاب القانوني للجلسة التشريعية لتمرير القوانين التي يستعجل إقرارها، في حين تعمل الكتل المقاطعة للجلسة على فقدان النصاب وكسب «معركة تطييرها» مرّة جديدة، للضغط على رئيس المجلس لتغيير موقفه من قانون الانتخاب. وترى هذه الكتل أن تغييب قانون الانتخابات ليس تفصيلاً تقنياً بل خيار سياسي مقصود، وترى أن الإصرار على تشريع مجتزأ يعيد إنتاج المنظومة نفسها، ويمنح غطاءً سياسياً لاستمرار النهج القائم. ويبدو أن رهان برّي على تأمين النصاب تحقق، عبر إعلان كتلة «الاعتدال الوطني»، (تكتل نيابي يضم عدداً من النواب المستقلين غالبيتهم من شمال لبنان)، مشاركتها في الجلسة. وقالت الكتلة في بيان أصدرته بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته مساء الأربعاء، إنها «قاطعت الجلسة السابقة لإعطاء فرصة وإبرام تسوية تتعلق بقانون الانتخابات، لكن للأسف لم تصل إلى النتائج المرجوة». ورأت أن الاستمرار في التعطيل «يحمّل البلد تبعات تعطيل قوانين تهم المواطنين». وإذ أعلنت مشاركتها في الجلسة جددت مطالبتها برّي بـ«إدراج مشروع قانون الانتخابات على جدول الجلسة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن نقاشاً مستفيضاً ساد اجتماع كتلة «الاعتدال الوطني»، وأكد مصدر في الكتلة أن «الآراء انقسمت بين من يؤيد المشاركة ومن يفضّل المقاطعة»، مشيراً إلى أن الكتلة «أخذت بعين الاعتبار تمني رئيسَي الجمهورية والحكومة جوزيف عون ونواف سلام، على النواب عدم مقاطعة الجلسة». ولفت المصدر إلى أن النواب «ارتأوا أن هناك قوانين تهمّ الناس بينها القانون المتعلق بمطار القليعات الذي يشكل حاجة ملحة لمنطقة عكار وشمال لبنان، ولا بد من السير به سريعاً».

وبينما حسمت كتلتا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» مسبقاً مقاطعتهما الجلسة، التحقت بهما مساء الأربعاء، كتلة «تحالف التغيير»، (يضم مجموعة نواب برزوا بعد انتخابات 2022 تحت مسمى «قوى التغيير»). وأعلن النائب ميشال دويهي أن الكتلة «ستقاطع الجلسة التشريعية اعتراضاً على عدم إدراج اقتراح قانون الانتخابات المعجل المكرر الذي يتيح للمغتربين الاقتراع مكان إقاماتهم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنها «المرة الأولى منذ 32 عاماً، لا يدرج اقتراح قانون معجل في أول بنود الجلسة التشريعية، بالإضافة إلى مشروع قانون معجّل قدمته الحكومة لتعديل قانون الانتخابات الحالي»، معتبراً أن ذلك «يعكس صراعاً سياسياً بين فريقين، وهذا مؤشر على مدى الاستهتار بقوانين مهمّة تمس جوهر الحياة العامة».

من جهته، أعلن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، أن الانتخابات النيابية «تحتاج إلى توافق سياسي حول القانون». وأكد بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون، أنه «إذا كان هناك إصرار على تصويت المغتربين لـ128 نائباً وأردنا فتح مهل لتسجيلهم، فإن ذلك يعني حتمية تأجيلٍ تقنيٍّ للانتخابات حتى شهر أغسطس (آب) من أجل احترام المهل القانونية»، مشيراً إلى أن المناكفات السياسية لا تخدم الاستحقاق الانتخابي.

في المقابل، يدفع رئيس مجلس النواب الذي يمسك بأوراق ضغط قوية، باتجاه تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة، ويرى أن شلل المجلس يفاقم الانهيار ولا يخدم أي طرف. وسبق ذلك تسريب معلومات تفيد بأن برّي «يربط التوقيع على قانون تشغيل مطار القليعات في شمال لبنان بمشاركة كتلة «الاعتدال الوطني» في جلسة الخميس، وهو ما حمل هذه الكتلة، كما يبدو، على الحضور بخلاف مقاطعتها للجلسة السابقة.

وكتب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على حسابه عبر منصة «إكس»: «يحاول الرئيس بري ابتزاز نواب الشمال في بند مطار القليعات، علماً أن بند مطار القليعات كان قد أقر في الجلسة الماضية، وأصبح بحكم النافذ انطلاقاً من النظام الداخلي للمجلس النيابي، الذي ينص في المادة 60 على أن إذا لم تقفل الهيئة العامة، لأي سبب من الأسباب محضر جلسة ما، فإن هيئة مكتب المجلس تجتمع وفقاً للأصول وتصدق على المحضر». وأضاف جعجع: «جميعنا نريد مطار القليعات، وقد ناضلنا كثيراً في سبيل الوصول إليه، لكن لا يجوز أن نترك الرئيس بري يستخدمه لابتزازنا، ولمزيد من الابتزاز في عمل المجلس النيابي».


سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء قبل قيام الجيش الإسرائيلي بهدم 25 مبنى سكنياً فيه.

بدأ الجيش الإسرائيلي مطلع العام الحالي عملية عسكرية واسعة ومتواصلة قال إنها تهدف إلى القضاء على الجماعات الفلسطينية المسلحة في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة بما فيها مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين.

وأدت العملية العسكرية إلى تهجير جميع سكان هذه المخيمات الذين يزيد عددهم على 30 ألف نسمة، من دون أن تتاح لمعظمهم فرصة العودة إلى منازلهم.

وأفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع، بأن عشرات من الأهالي سارعوا الأربعاء إلى جمع أكبر قدر ممكن من مقتنياتهم، من قطع أثاث وألعاب أطفال وحتى إطار نافذة، حمَّلوها على شاحنات صغيرة.

الفلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين بمدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

كل ذلك تحت أنظار الجنود الإسرائيليين الذين دققوا في هوياتهم وقاموا بتفتيشهم جسدياً، ولم يسمحوا بالدخول إلا لمن صدرت إخطارات بهدم منازلهم.

وتمكّن بعض الذين سُمح لهم بالدخول من إنقاذ خزّانات مياه كبيرة فارغة، فيما خرج آخرون حاملين صوراً عائلية وفرشات ومدافئ.

وقال محمود عبد الله، الذي نزح من مخيم نور شمس وتمكن الأربعاء من دخول بعض أحياء المخيم، إنه شاهد للمرة الأولى حجم الدمار الذي لحق به بعد إجباره على المغادرة.

وأضاف عبد الله: «تفاجأت بعدم وجود منازل صالحة للسكن، ربما منزلان أو ثلاثة، لكنها غير مناسبة للعيش... المخيم مدمَّر».

رجل يسير متكئاً على عكازين تتبعه جرافة محملة بالحقائب بينما يعود سكان مخيم نور شمس للاجئين إلى منازلهم لاستعادة ممتلكاتهم قبل هدم الجيش الإسرائيلي للمباني السكنية في المخيم بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«عازمون على العودة»

أُعلن في وقت سابق هذا الأسبوع عن عمليات الهدم التي تطول 25 بناية كان يعيش فيها نحو 100 عائلة، ومن المقرر تنفيذها الخميس.

ودمّر الجيش الإسرائيلي خلال العملية مئات المباني والمنازل الواقعة في أزقة هذه المخيمات الضيقة لتسهيل حركة مدرعاته وجرافاته وقواته داخلها.

وقال أحمد المصري، وهو من سكان المخيم الذين صدر إخطار بهدم منزلهم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن طلبه بالدخول إلى منزله قوبل بالرفض.

وأضاف: «عندما سألت عن السبب، قيل لي: اسمك غير موجود في سجلات مكتب الارتباط».

من جهته، قال مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الضفة الغربية، رولاند فريدريك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين، إن نحو 1600 منزل دُمرت كلياً أو جزئياً خلال العملية الإسرائيلية المستمرة.

جنود إسرائيليون يفتشون رجلاً فلسطينياً بينما يقوم السكان بجمع ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها في مخيم نور شمس للاجئين بمدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

بعد قيام دولة إسرائيل وبعد حرب عام 1948 التي أدت إلى نزوح وتهجير آلاف الفلسطينيين، أُنشئت مخيمات للاجئين في الضفة الغربية ودول عربية مجاورة.

حينها كانت الخيام مأوى للاجئين. ولكن مع مرور الوقت والسنوات، وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة في 1967، تحولت تلك الخيام إلى مساكن معظمها مبني من الطوب. ودفع ازدياد عدد السكان إلى بناء مزيد من الطوابق.

وقالت ابتسام العجوز، وهي إحدى النازحات من المخيم ومنزلها أيضاً قررت إسرائيل هدمه: «نسأل الله أن يعوّضنا قصوراً في الجنة. كل ما ترونه هنا ليس سوى جدران، ولن يُضعف ذلك عزيمتنا».

وأضافت: «نحن عازمون على العودة، وبإذن الله سنُعيد الإعمار. حتى لو هُدّمت البيوت. لن نخاف، فمعنوياتنا عالية».