«روائع فن تصميم الأثاث»... معرض يستكشف تطور فن التصميم عبر 200 عام

يضم أكثر من 52 قطعة أثاث من القرن الثامن عشر حتى اليوم

كرسي «فاسيلي» بذراعين من تصميم مارسيل بروير
كرسي «فاسيلي» بذراعين من تصميم مارسيل بروير
TT

«روائع فن تصميم الأثاث»... معرض يستكشف تطور فن التصميم عبر 200 عام

كرسي «فاسيلي» بذراعين من تصميم مارسيل بروير
كرسي «فاسيلي» بذراعين من تصميم مارسيل بروير

تحت مظلة متاحف قطر وبالشراكة مع متحف فيترا للتصميم في ألمانيا، ستُعرض مجموعة عالمية من قطع الأثاث في معرض «روائع فن تصميم الأثاث». وهكذا على مدى شهرين تقريباً، من 8 سبتمبر (أيلول) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيستمتع عشاق الديكور والفن بتصاميم عجيبة لكراسٍ وطاولات تتعدى الوظيفي إلى الفني. فهنا سيلتقي فنانون من حجم كوربوزييه وتشارلز وراي إيمز وفلورنس نول وألفار آلتو وشارلوت بيرياند ومارسيل بروير وفيرجيل أبلوه، وآخرون من خلال أعمالهم.

في هذا الصدد، علق الدكتور ماتيو كريس، مدير متحف فيترا للتصميم، قائلاً إن «الأثاث أقرب إلينا من معظم الأشياء الأخرى في حياتنا، فهو رفيق يومي، لهذا حرصنا على أن يضم المعرض أشهر قطع كلاسيكية في عالم تصميم الأثاث، بالإضافة إلى أعمال أقل شهرة لتوسيع نطاق التصميم وجذب الانتباه إلى المصممات والمبدعين غير الغربيين».

متحف فيترا الذي صممه المعماري فرانك غيري عام 1989 (تصوير: توماس ديكس)

وسيتم تقديم هذه التحف في M7، مركز قطر الإبداعي للابتكار وريادة الأعمال في مجالات الأزياء والتصميم، لكونه يستهدف تعزيز نمو نظام الاقتصاد الدائري الإبداعي في المنطقة وتسليط الضوء على المبدعين المحليين والعالميين في مجالات متعددة. يستكشف المعرض تطور فن التصميم عبر 200 عام، حيث يضم أكثر من 52 قطعة من الأثاث من مجموعة متحف فيترا للتصميم، يمتد تاريخ تصميمها من القرن الثامن عشر حتى اليوم.

يبرز في معرض «روائع فن تصميم الأثاث» عدد من الأساليب والمفاهيم الفنية (متحف قطر)

يُبرز معرض «روائع فن تصميم الأثاث» عدداً من الأساليب والمفاهيم الفنية، بما في ذلك الفنون والحرف اليدوية، والفن الجديد (آرت نوفو)، وفن الباوهاوس، والتصميم العضوي، والبوب، والحداثة الاسكندنافية والإيطالية لفترة ما بعد الحرب. سيعاين الزائر أيضاً أعمال ولدت ما بعد الحداثة، إلى جانب تصاميم كانت نتيجة تأثير العصر الرقمي.

تعرض تصاميم بأساليب فنية تتباين بين الآرت نوفو وفن الباوهاوس والفن الحديث وغيرها (متحف قطر)

وتعد كل القطع التي تم انتقاؤها للعرض، إصدارات أصلية؛ من أبرزها كرسي «فاسيلي» بذراعين من تصميم مارسيل بروير، وكرسي «بروم» (المكنسة) من تصميم فيليب ستارك، وكرسي «بانتون» من تصميم فيرنر بانتون، وكرسي «زهرة التوليب» من تصميم إيرو سارينن، وكرسي «البيضة» من تصميم آرني جاكوبسن، وكرسي إم آر 10/2 للمصمم لودفيج ميس فان دير روه، والطاولة الجانبية «إي 1027» للمصممة إيلين غراي، وطاولة «ميسا» من تصميم زها حديد وباتريك شوماخر، ورف كارلتون للمصمم إيتوري سوتزاس، العضو المؤسس في مجموعة «ممفيس». كما سيعرض مركز M7 مجموعة متنوعة من قطع الأثاث صنعها مصممون محليون احتفاءً بالمعرض.

كرسي «البيضة» من تصميم آرني جاكوبسن

رُتبت قطع «روائع فن تصميم الأثاث» في مجموعات وفقاً لسبعة مبادئ تستكشف: الحرف المبتكرة والتقنيات الحديثة، والتصاميم المستدامة، والتعلم من الطبيعة، ومناطق الراحة، والمسألة الاجتماعية، والجمال في البساطة، والحوارات بين الفن والتصميم. ويستعرض قسم توثيقي نماذج وعينات من مواد ورسومات وملصقات ووثائق من متحف فيترا للتصميم من شأنها إتاحة معلومات أساسية عن مصادر الإلهام وعمليات التصاميم المختلفة وراء المعروضات. ولإلقاء مزيد من الضوء على قطع المعرض، تتناول مجموعة من الصور كبيرة الحجم الأعمال الفنية في سياقها التاريخي الذي أُنشئت من أجله أو التي عُرضت فيه لأول مرة.

كرسي «زهرة التوليب» من تصميم إيرو سارينن

ويرافق المعرض عرض الأطلس الموسوعي لتصميم الأثاث، وهو أكثر كتب تصميم الأثاث شمولاً على الإطلاق، حيث سيكون الإصدار الثاني منه متاحاً في زاوية القراءة بالمعرض. ويُعد الكتاب، بصفحاته التي يتجاوز عددها الـ1000، نتاج أكثر من 20 عاماً من البحث، حيث وثّق 1740 قطعة لأكثر من 540 مصمماً، ويضم أكثر من 2800 رسم توضيحي. كما يتناول الكتاب تحليلاً مفصلاً للتصاميم الرئيسية في نحو 550 نصاً، بينما تصف المقالات المتعمقة حول 4 عهود تاريخية السياق الاجتماعي والثقافي والتصميم التاريخي للقطع.


مقالات ذات صلة

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

لمسات الموضة من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

في ظل التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوُّق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً ومشوقاً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أساور من مجموعة «إيسانسييلي بولاري» مزيَّن بتعويذات (أتولييه في إم)

«أتولييه في إم» تحتفل بسنواتها الـ25 بعنوان مستقل

«أتولييه في إم» Atelier VM واحدة من علامات المجوهرات التي تأسست من أجل تلبية جوانب شخصية ونفسية وفنية في الوقت ذاته.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
TT

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

إذا اتفقنا على أن مجلس الموضة البريطاني هو الربان الذي يقود دفة هذا القطاع بتقديم وسائل الدعم والأمان لصناعها والمبدعين فيها، فإن تعيين لورا وير رئيساً له، ذو أهمية قصوى. ربما الآن قبل أي وقت مضى. فهذا القطاع يعاني منذ عدة مواسم. محلات كبيرة أغلقت أبوابها واكتفت بتوفير منتجاتها عبر التسوق الإلكتروني، ومصممون شباب اختفوا من الساحة، أو على الأصح من الواجهة بسبب شح الموارد والإمكانات وغيرها من المشكلات التي لا تزال تبحث عن حلول.

شح الموارد والتغيرات الخارجية

حتى دار «بيربري» التي كانت أكبر قوة جذب لأسبوع لندن تعرضت لمشكلات كثيرة (بيربري)

لهذه الأسباب، كان من البدهي أن يفقد أسبوع لندن وهجه، إلى حد أنه بات يمر مرور الكرام من دون تهليل أو حماس في الآونة الأخيرة. المقياس هنا لا يقتصر على تراجع حجم التغطيات الإعلامية فحسب، بل أيضاً على عدد الحضور العالمي، الذي تقلص بشكل ملحوظ، بسبب الحجر أيام جائحة كورونا ومنع السفر بدايةً، ثم بسبب خفض الميزانيات المخصصة لمجلات الموضة، التي لم تسلم هي الأخرى من تبعات الأزمة الاقتصادية.

في ظل هذا التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً للحماس والفضول. فالمطلوب منها هو تحريك المياه الراكدة وقيادة الدفة بالاتجاه الذي تحتاج إليه الموضة البريطانية لتتجاوز العاصفة إلى بر الأمان.

مَن لورا وير؟

لورا وير الرئيس الجديد لمجلس الموضة البريطانية (مجلس الموضة)

السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض :هو كيف وصلت وير إلى هذا المنصب المؤثر؟ وما سيرتها الذاتية؟ والجواب أنها حتى عهد قريب عملت في محلات «سيلفردجز» اللندنية رئيساً في قسم الإبداع والتواصل. قبل ذلك ولعقدين من الزمن، عملت محررة أزياء متخصصة في عدة مجلات، نذكر منها «درايبرز» و«فوغ» النسخة البريطانية، وصحيفة «ذي صانداي تايمز». في عام 2015، عُيِنت رئيسة تحرير للملحق الأسبوعي ES لجريدة «إيفنينغ ستاندرد» الذي أعادت تصميمه بالكامل. بعد أن تركت المجلة ES أنشأت وكالة استراتيجية متخصصة في الاتصالات والتوجيه الإبداعي، وفي عام 2023، انضمت إلى محلات «سيلفردجز» للإشراف على فريق الإبداع والتسويق والاتصالات. هذا فضلاً عن مناصب أخرى شغلتها وكانت لها ذات الأهمية. كانت مثلاً عضواً في مجلس الموضة البريطاني قبل أن تكون رئيساً له. كما كانت مستشارة للأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا).

هذه المناصب وغيرها فتحت أمامها أبواب التعامل المباشر مع صناع الموضة الكبار والصغار وأيضاً مع المواهب الصاعدة من شتى الفنون. تعرفت على طموحاتهم ومشكلاتهم. على خبايا الأمور وظاهرها. وهذا ما يجعلها خير خلف لكارولاين راش التي تبوأت هذه الوظيفة لـ16 عاماً، وأعلنت مغادرتها له في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

التحديات

كادت «روكساندا» تُعلن إفلاسها لولا تدخل مستثمرين (روكساندا)

رغم أهمية المنصب الذي ستبدأه بشكل فعلي في شهر أبريل (نيسام) المقبل، فإن التوقيت شائك ويحتاج إلى دراية عالية ونَفَس طويل. فصناعة الموضة البريطانية تعاني من تباطؤ وركود منذ سنوات، وأسبوعها الذي يعد الأوكسجين الذي يتنفس منه مبدعوها ويطلون من خلاله على العالم أصابه الوهن بشكل لم يشهده منذ انطلاقه في عام 1984. صحيح أنه مرَّ بعدة أزمات في السابق، لكنها كانت ماليّة في الغالب، إذ كان يشكو من شح التمويل والإمكانات، فيما هي الآن نفسية أيضاً بسبب التراكمات الاقتصادية والسياسية وما نتج عنها من ضغوط وقلق.

من تشكيلة إيرديم الأخيرة (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

ما لا يختلف عليه اثنان أن أسبوع لندن لا يزال يتمتع بروح الابتكار، وأنه لا يزال أكثر واحد من بين العواصم العالمية الأخرى، نيويورك وميلانو وباريس، احتضاناً للآخر. يفتح الأبواب على مصراعيها لكل الجنسيات، ويمنح فرصاً لكل من توسّم فيه الإبداع، إلا أنه يتعثَّر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فنسبة عالية من العاملين في صناعة الموضة من جنسيات مختلفة. كأن هذا لا يكفي، جاءت جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وغيرها من الأحداث التي كان لها أثر مباشر على كثير من المصممين وبيوت الأزياء. روكساندا إلينشيك، مثلاً، وهي مصممة صربية الأصل ومن أهم المشاركين في أسبوع لندن، كادت تتعرض للإفلاس العام الماضي، لولا تدخل أحد المستثمرين. وإذا كانت «روكساندا» محظوظة في هذا الجانب، فإن غيرها تواروا عن الأنظار بصمتٍ لأنه لا أحد أمدَّهم بطوق نجاة.

دار «بيربري» لم تنجُ من تبعات الأزمة الاقتصادية وتغيرات السوق (بيربري)

بل حتى دار «بيربري» التي كانت تتمتع بأكبر قوة إعلانية في بريطانيا، الأمر الذي يجعلها عنصر جذب مهماً لوسائل إعلام وشخصيات عالمية تحرص على حضور الأسبوع من أجلها، تشهد تراجعاً كبيراً في المبيعات والإيرادات. بدأت مؤخراً تراجع استراتيجياتها وتُعيد النظر في حساباتها.

استثمار في المواهب

ومع ذلك فإن قوة الموضة البريطانية تكمن في شبابها. هم الورقة الرابحة التي تُعوِّل عليها للإبقاء على شعلة الإبداع من جهة، وعلى سمعة أسبوعها العالمي منبعاً للابتكار وتفريخ المصممين من جهة ثانية. قد يجنحون إلى الغرابة أو حتى إلى الجنون أحياناً لكنه جنون يغذّي الخيال ويحرِّك الأفكار الراكدة، وهذا ما تعرفه لورا جيداً بحكم تعاملها الطويل معهم.

من عرض «روكساندا» لربيع وصيف 2025 (روكساندا)

والدليل أن لورا لا تقبل التحدي فحسب، بل تعده مثيراً. في بيان صحفي وزَّعه مجلس الموضة البريطاني قالت: «يشرفني أن أقود الفصل الجديد في وقت مثير ومحوري لصناعة الأزياء البريطانية... إني أتطلع إلى العمل مع فريق المجلس لدعم الثقافة والإبداع، وتحفيز نمو الأزياء البريطانية، محلياً وعالمياً، وكذلك دعم المصممين الناشئين والمخضرمين على حد سواء».

ما مهمات الرئيس؟

رغم موهبة «روكساندا» وبراعتها الفنية تعثّرت مؤخراً وتدخُّل مستثمرين أعاد لها قوتها (روكساندا)

ما خفيَ من مسؤوليات منصب رئيس مجلس الموضة البريطانية أكبر من مجرد دعم الشباب وتحريك السوق. من بين ما على لورا وير فعله، عقد شراكات مجدية مع صناع الموضة، من رجال أعمال وأصحاب مصانع وحرفيين من شتى المجالات، إلى جانب التواصل مع جهات حكومية. فقطاع الموضة من أهم القطاعات الصناعية في بريطانيا، ويعد الثاني بعد صناعة السيارات، وهو ما يجعله من أعمدة الاقتصاد الأساسية.

في دورها الجديد أيضاً، ستشرف لورا على المعاهد الدراسية والأكاديميات المتخصصة، بتوفير منح للمتفوقين أو من ليست لديهم الإمكانات لدفع رسوم الدراسات العليا من خلال برامج عدة جرى إنشاؤها منذ سنوات، وكل ما عليها الآن هو إمدادها بطاقة جديدة تُعيد لها حيويتها وديناميكيتها.