تنافس حوثي على العقارات العامة والخاصة شرقي تعز

الميليشيات بدأت تفكيك أحد أجنحتها ضمن الصراع البيني

صلاح بجاش عضو مجلس شورى الانقلابيين الحوثيين محاطاً بأعوانه (إكس)
صلاح بجاش عضو مجلس شورى الانقلابيين الحوثيين محاطاً بأعوانه (إكس)
TT

تنافس حوثي على العقارات العامة والخاصة شرقي تعز

صلاح بجاش عضو مجلس شورى الانقلابيين الحوثيين محاطاً بأعوانه (إكس)
صلاح بجاش عضو مجلس شورى الانقلابيين الحوثيين محاطاً بأعوانه (إكس)

شرع قادة الانقلاب الحوثي في تفكيك جناح لهم نشأ في محافظة تعز اليمنية؛ حيث كشفت حادثة هدم مدرسة في محيط مطار تعز الواقع في ضاحية الحوبان شرقي مركز المحافظة؛ عن صراع أجنحة بطابع مناطقي؛ حيث يتم التنافس على النفوذ ونهب الأراضي والعقارات العامة والخاصة.

ففي الأسبوع الماضي فوجئ أهالي مديرية التعزية التي يقع فيها مطار تعز، بقدوم جرافات إلى قرية اليهاقر الواقعة قرب المطار، لإزالة مدرسة بُنيت منذ 4 سنوات وتسويتها بالأرض، بزعم أنها تقع داخل حرم مطار تعز. ورافقت الجرافات عربات عسكرية محملة بمسلحين حوثيين تحسباً لأي تحركات رافضة لهذا الإجراء.

مصادر مطلعة كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإجراء يأتي ضمن سعي قيادات حوثية في تعز للسيطرة على أراضٍ وأملاك عقارية عامة وخاصة، كان القيادي صلاح بجاش، عضو مجلس شورى الانقلاب، قد استولى عليها عندما كان ينتحل صفة محافظ تعز حتى أبريل (نيسان) الماضي.

قيادات حوثية في ضاحية الحوبان شرقي مدينة تعز (إعلام حوثي)

وأوضحت المصادر أن المدرسة استُحدثت منذ 4 أعوام باسم عبد الرحمن بجاش المتوفى قبل 10 أعوام، وهو من أعيان المنطقة ووالد القيادي الحوثي صلاح بجاش، وجاء استحداث المدرسة حيلةً من طرف ابنه صلاح عندما كان لا يزال ينتحل صفة وكيل المحافظة، للسيطرة على أراضٍ ينافسه عليها قادة حوثيون آخرون، وساعده في ذلك القيادي أمين البحر الذي كان ينتحل صفة المحافظ حينها.

واستخدم بجاش المدرسة واسم والده الذي يحظى بمكانة في المجتمع المحلي ليحظى بتأييد أهالي المنطقة، ولتبرير الاستيلاء على الأرض، طبقاً للمصادر.

تجريد من النفوذ

في أبريل الماضي تمت إقالة بجاش من منصب محافظ تعز، وتعيينه عضواً في مجلس شورى الميليشيات، وهي الخطوة التي جاءت لتجريده من نفوذه الذي سعى خلال السنوات الماضية ومن خلال انتحاله صفتي الوكيل والمحافظ؛ إلى توسعته ومنافسة قيادات حوثية من خارج محافظة تعز في الاستيلاء على أراضٍ وموارد كبيرة.

تذهب المصادر إلى أن بجاش فشل في إثارة النزعة المناطقية للأهالي بعد هدم المدرسة، بسبب مشاركته في ممارسات الفساد ونهب الأراضي، وتجنيد أبناء المنطقة للقتال في صفوف الانقلابيين، وملاحقة مناهضي الانقلاب.

وأوردت المصادر أسماء عدد من القيادات الحوثية التي توسع نفوذ الانقلابيين في محافظة تعز ومنطقة الحوبان خصوصاً، بمنافسة بجاش وتحالفه، مستخدمين في ذلك القوة العسكرية ومؤسسات الدولة التي يسيطرون عليها، إلى جانب الكيانات الموازية التي أنشأوها.

ومن هذه القيادات: عبد الله النواري، وهو المشرف الحوثي العام على محافظة تعز، وفضل أبو طالب، وهو مشرف أمني ومسؤول عن قطاع الأراضي والعقارات في المحافظة، وقاسم الحمران، المشرف على التجنيد والتحشيد، ونور الدين المراني، منتحل صفة وكيل محافظة تعز، وهو أحد القيادات الميدانية المهمة.

وتنتمي هذه القيادات إلى معقل الانقلابيين الحوثيين في صعدة (شمال) أو حجة (شمال غرب)، وتعتمد عليها قيادات الانقلاب في توسعة نفوذها في محافظة تعز، لعدم ثقتها بالموالين لها من أبناء المحافظة.

«الصليب الأحمر» يوزع معونات غذائية وإيوائية في منطقة الحوبان شرقي تعز (إكس)

يعين الانقلابيون الحوثيون محافظين لتعز ومسؤولين في مناصب قيادية من أعيانها وشخصياتها الاجتماعية لتجنب الحساسية المناطقية، وينزعون عنهم الصلاحيات التي يمنحونها لقيادات عسكرية وعقائدية من معقلهم في صعدة، تعمل بعيداً عن الأضواء لتبسط نفوذها وتسيطر على الموارد والأراضي.

وعلى الرغم من ذلك استطاع بجاش خلال السنوات الماضية تعزيز نفوذه بالاعتماد على مكانة والده الذي كان يدين بالولاء للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبالتحالف مع عدد من أعيان المنطقة والمحافظة وعدد من الشخصيات التي أيدت الانقلاب وعصابات نهب الأراضي، وعزز ذلك بتحالفه مع سلطان السامعي عضو ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب).

نفوذ خارج السيطرة

تنبهت قيادات الانقلاب الحوثي إلى ما يمكن أن يمثله الجناح الذي نشأ من تحالف شخصيات اجتماعية وأعيان ونافذين في تعز، والحوبان تحديداً؛ من خطر على نفوذهم؛ خصوصاً أن لدى الجماعة شكوكاً في إمكانية انقلاب هذه الشخصيات عليها والتعاون مع خصومها.

وزاد من مخاوف القيادات الانقلابية العليا توجه سلطان السامعي إلى الحوبان، بعد نقده ممارسات الفساد ومظاهر الثراء التي ظهرت عليها، وعمله، بالتعاون مع بجاش وآخرين؛ على إفساد زيارة محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى وابن عم زعيم الانقلابيين إلى المحافظة، أواخر العام الماضي.

كان محمد الحوثي قد توجه إلى محافظة تعز بعد زيارة طويلة لمحافظة إب، عمل فيها على تعزيز نفوذ الكيانات الانقلابية التي يترأسها، مثل المنظومة العدلية وهيئة الأوقاف، إلى جانب ترهيب وترغيب أعيان المحافظة لحشد المقاتلين وتجنيد شباب وأطفال المحافظة للقتال، غير أن زيارته إلى تعز لم تحقق المطلوب منها، فغادرها قبل أن يكمل المدة المحددة لها.

ويعدّ سلطان السامعي من كبار الشخصيات الانقلابية التي تنتمي لمحافظة تعز، وبعد خلافاته مع قيادات انقلابية عليا وانتقاده لفساد الجماعة؛ نزح إلى الحوبان ليحتمي بها، مواصلاً انتقاداته.

ولدى سلطان السامعي علاقات متعددة خارج جسم الحركة الحوثية، وارتبط اسمه خلال العقد ونصف العقد الماضيين بإدارة ملف اليمن لدى «حزب الله» اللبناني، وإنشاء مؤسسات إعلامية وتنظيمية تعمل لصالح الميليشيات الحوثية، واشتهر بزيارات متكررة إلى بيروت وطهران ودمشق، إما بشكل شخصي وإما ضمن وفود.

القيادي الحوثي سلطان السامعي يعطي إشارة بدء عرض عسكري بميدان السبعين في صنعاء (إكس)

وترجح مصادر «الشرق الأوسط» أن قرار إقالة بجاش اتُّخذ بعد هذه الزيارة الفاشلة، متوقعة إجراءات أخرى لاحقة، لتفكيك التحالف الذي تخشى قيادات الانقلاب العليا منافسته على نفوذها، وتوجهه إلى تأليب الرأي العام في المحافظة ضدها.

وترى المصادر أن بجاش كان الحلقة الأضعف في هذا التحالف، كونه يملك منصباً يمكن إزاحته منه بقرار، بينما تستعصي إزاحة الآخرين دون عواقب مباشرة.

ومن الشخصيات التي شكلت التحالف الذي ينتمي إليه بجاش، فيصل البحر، الذي كان أحد القيادات الاستخباراتية في عهد الرئيس السابق صالح وشقيقيه أمين ودماج، وأولاد محمد عثمان مغلس، وأبو الذهب السامعي، وأحمد أمين المساوى، وإياد الشوافي، وعلي القرشي، وجميعهم شخصيات استمدت نفوذها من الولاء للرئيس السابق علي عبد الله صالح سابقاً، قبل أن تتعاون مع الحوثيين لتمكينهم من السيطرة على المنطقة.

وتقود هذه الشخصيات عصابات مسلحة لنهب الأراضي في الحوبان والمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية من محافظة تعز، وبحكم انتمائهم إلى المنطقة وخبرتهم فيها، فقد تمكنوا من تنفيذ علميات تزوير ونهب أراضٍ في مناطق الخزجة ومحيط مطار تعز والفتاحي، وفق ما أوضحته المصادر لـ«الشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
العالم العربي فعالية نسوية حوثية لجمع التبرعات الإلزامية واختبار الولاء للجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

​جبايات الحوثيين تضاعف البطالة... ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية

تسببت الجبايات الحوثية بمزيد من معاناة السكان والتجار وضاعفت البطالة في وقت يخشى فيه التجار إلزامهم بالتبرع لإصلاح الأضرار الناجمة عن الغارات الإسرائيلية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

نتنياهو يوجه الجيش بـ«تدمير البنى التحتية» للحوثيين

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعضاء الكنيست، أمس، بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين بعدما أطلق انقلابيو اليمن صواريخ.

«الشرق الأوسط» (القدس)

الحوثيون يتبنّون إسقاط مسيّرة أميركية غداة ضربات في صنعاء

طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو-9» (أ.ب)
طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو-9» (أ.ب)
TT

الحوثيون يتبنّون إسقاط مسيّرة أميركية غداة ضربات في صنعاء

طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو-9» (أ.ب)
طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو-9» (أ.ب)

غداة ضربات نفذها الجيش الأميركي استهدفت مرافق عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء، تبنّت الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار من نوع «إم كيو-9»، مع زعم أنها الطائرة 14 التي يتم إسقاطها من النوع نفسه منذ بدأت الجماعة تصعيدها البحري قبل 14 شهراً تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وفي حين لم يُعلق الجيش الأميركي على مزاعم الحوثيين على الفور، قال المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، إن قوات جماعته استهلت العام الميلادي الجديد 2025 بـ«إسقاط طائرة أميركية نوع «MQ-9» أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة مأرب».

وادعى المتحدث الحوثي أن عملية إسقاط الطائرة المسيّرة تمت بصاروخ أرض جو محلي الصنع، مع زعمه أنها الطائرة الثانية التي تسقط خلال 72 ساعة، والـ14 خلال ما تسميه الجماعة «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس إسناداً لغزة».

وكان الجيش الأميركي قد أفاد، الثلاثاء، بتنفيذ ضربات دقيقة متعددة ضد أهداف حوثية في صنعاء ومواقع ساحلية داخل الأراضي التي يُسيطر عليها الحوثيون في اليمن يومي 30 و31 ديسمبر (كانون الأول).

الحوثيون يزعمون أنهم يخوضون المواجهة مع أميركا وإسرائيل نصرة للفلسطينيين في غزة (رويترز)

ووفق البيان الأميركي، استهدفت سفن وطائرات تابعة للبحرية الأميركية منشأة قيادة وسيطرة تابعة للحوثيين ومرافق إنتاج وتخزين أسلحة تقليدية متقدمة، شملت صواريخ وطائرات دون طيار.

وإضافة إلى ذلك، أكّد البيان أن طائرات تابعة للبحرية الأميركية والقوات الجوية دمّرت موقع رادار ساحلياً للحوثيين، و7 صواريخ «كروز» وطائرات دون طيار هجومية أحادية الاتجاه فوق البحر الأحمر، دون وقوع أي أضرار بشرية أو في المعدات.

واعترفت الجماعة الحوثية بأن 10 غارات استهدفت «مجمع 22 مايو» العسكري شمال صنعاء، والمعروف محلياً بـ«معسكر الصيانة»، إضافة إلى غارتين استهدفتا «مجمع العرضي» وسط صنعاء؛ حيث تقع مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة الحوثية، دون الحديث عن حجم الخسائر جراء هذه الضربات.

ضربات غير رادعة

كانت الولايات المتحدة قد أنشأت في ديسمبر 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار» ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية -بمشاركة بريطانيا في بعض المرات- أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

ومنذ 12 يناير (كانون الثاني) 2023، استقبلت الجماعة الحوثية أكثر من 850 غارة غربية ضربت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات.

دخان متصاعد إثر غارة أميركية في صنعاء استهدفت موقعاً عسكرياً للحوثيين (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من التدخل الأميركي فإنه لم يحل دون تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وهو ما أدّى إلى غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة.

وإلى جانب هذه الهجمات البحرية، تشن الجماعة الحوثية هجمات مستمرة تجاه إسرائيل، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة، متهمة الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والهروب من استحقاقات السلام اليمني.