إلى جانب نهب الأراضي والعقارات، بدأت جماعة الحوثي في اليمن الاستيلاء على 20 في المائة من أملاك المواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في محافظة تعز (جنوب غرب) خلال عمليات البيع والشراء، تنفيذاً لمزاعم أحقيتها بما يعرف بـ«الخُمس»، ويجري تنفيذ هذه الإجراءات في المحاكم أو عبر فروع ما يعرف بـ«الهيئة العدلية» التي أنشأها الحوثيون.
ووفقاً لسكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» في مناطق شمال محافظة تعز وشرقها، تنفذ جماعة الحوثي إجراءات متسارعة من خلال المحاكم والقضاة المعينين من قبلها؛ لمصادرة ونهب الأراضي والعقارات بوسائل مختلفة؛ إحداها فرض ما يعرف بـ«الخُمس» على كل عملية بيع أو نقل أو توزيع ميراث، ويعاقب من يحاول التهرب من هذه الإجراءات بالغرامة أو مصادرة جزء من أملاكه.
وكانت جماعة الحوثي فرضت، قبل أكثر من عامين، تخصيص امتيازات مالية حصرية لها من إيرادات الدولة، عن بقية اليمنيين، وذلك عبر قانون مستحدث باسم «اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة»، يمنح المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي الاستيلاء على خُمُس الثروات من أموال الدولة والمواطنين، وأنشأت جهازاً مختصاً بذلك بمسمى «هيئة الزكاة».
وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، لجأ المواطنون إلى كتابة عقود البيع والشراء والتمليك بتواريخ قديمة، تعود إلى ما قبل صدور القانون الحوثي المستحدث؛ لتجنب الاستيلاء على ممتلكاتهم، لكون إجراءات النهب الحوثية تشمل أعمال البيع والشراء ونقل الملكية وتوزيع المواريث منذ صدور القانون غير الشرعي.
إلا أن المصادر أكدت تنبه الميليشيات الحوثية لهذه الحيلة، ولجوءها إلى الاستعانة بأجهزة إلكترونية خاصة بالكشف عن تواريخ الوثائق، ووزعتها على المحاكم كافة وأمناء توثيق عقود البيع والشراء والتمليك، وأضافت الميليشيات رسوم فحص الوثائق لمضاعفة إيراداتها، وأجبرت أصحاب الأملاك العقارية على فحص وثائق ملكياتهم في المحاكم.
وشكلت الميليشيات، بتوجيهات من القيادي محمد علي الحوثي، لجنة حصر الأراضي والأملاك العقارية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في محافظة تعز، وتحديداً شمال شرقي المحافظة في مناطق الحوبان والخزجة ومديرية التعزية ومطار تعز، وعلى جانبي طريق الجند، وتهدف الميليشيات من خلال هذه اللجنة إلى بدء خططها للاستيلاء على الأملاك العامة والخاصة بحسب المصادر.
وتسارعت أعمال النهب والسيطرة على الأراضي والعقارات العامة والخاصة في هذه المناطق منذ تعيين القيادي الحوثي صلاح بجاش محافظاً لتعز من قبل الميليشيات الانقلابية في حكومتها غير المعترف بها، وطبقاً للمصادر، فإن بجاش سارع ومنذ تعيينه مباشرة إلى نهب العقارات، واتخاذ إجراءات تعسفية بحق أصحابها لإجبارهم على التنازل عنها.
ويصف محامٍ يعمل في منطقة الحوبان ما يجري في المنطقة والمناطق المحيطة بها بممارسات «مافاوية» أنتجت كثيراً من المظالم، حيث يعمل بجاش رفقة عدد من الشخصيات النافذة الموالية للميليشيات الانقلابية على نهب أراضي المواطنين وبيعها دون إذنهم، ودون وجود صلاحيات تمنحهم هذا الحق.
واتهم المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه حفاظاً على سلامته، القيادي الحوثي بجاش بالاستعانة بنافذين في المنطقة لتسهيل نهب الأراضي والعقارات وإجبار مالكيها على التنازل عنها بأثمان بخسة.
وذكر من هؤلاء النافذين فيصل البحر وأمين البحر ودماج البحر، وأفراداً من عائلة مغلس وآخرين من عائلة أبو الذهب السامعي، إضافة إلى سماسرة أراضٍ وقادة حوثيين.
وضرب المحامي مثلاً بالإفراط في إذلال المواطنين ونهب ممتلكاتهم، بأن أحد موكليه دفع نقداً ما يساوي 20 في المائة من ثمن الأملاك العائدة له بعد توزيع ميراث والده؛ ليتمكن من الاحتفاظ بكامل الأراضي التي آلت إليه من الميراث.
وعند سعيه لاستكمال الإجراءات فوجئ المحامي وموكله بعدم موافقة الأمين الشرعي المعين من الميليشيات على الإجراءات، وإصراره على أن يكون الخُمس جزءاً من الأراضي الموروثة، وبعد محاولات عدة باءت بالفشل، اقتنع موكله بالأمر وأقر بالتنازل عن قطعة أرض تساوي 20 في المائة مما ورثه، إلا أنه لم يتمكن من استعادة المبلغ الذي دفعه، وتم تهديده بالسجن إن أصر على المطالبة به.
وتستخدم الميليشيات الحوثية قطاع الأوقاف والعدل في مناطق سيطرتها لإضفاء الشرعية على أعمال نهب العقارات العامة والخاصة، وتجبر موظفي هذين القطاعين والأمناء الشرعيين على تزوير وثائق الملكية، إضافة إلى إنشاء ما يعرف بـ«الهيئة العدلية» و«هيئة الأوقاف» اللتين يشرف عليهما القيادي محمد علي الحوثي.
ويرى مراقبون أن إنشاء هاتين الهيئتين ضمن عديد من الكيانات الموازية لمؤسسات الدولة، يحقق تمكين الميليشيات من الإشراف على العقارات الوقفية والاستثمارات، وتسهيل السيطرة على الأنشطة العقارية كافة، وتجييرها لصالح الميليشيات.
وفي محافظة الضالع المجاورة، أوقفت ميليشيات الحوثي أعمال بيع وشراء الأراضي في مديريات جُبَن، ودمت، وقعطبة، والحشاء، وهي من المناطق غير المحررة الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.
وبناء على ما ورد في توجيهات الحوثي، فإنه سيتم إيقاف أعمال البيع والشراء حتى تشكيل لجنة لحصر جميع أراضي وأملاك الدولة في المحافظة، وهي الخطوة التي يخشى مواطنو تلك المديريات من أن تكون مقدمة لنهب أراضيهم وعقاراتهم، خصوصاً وأن الأشهر الماضية شهدت عمليات نهب عديدة لممتلكات خاصة بواسطة مصلحة أراضي وعقارات الدولة التي تديرها الميليشيات.
«الخُمس» أداة الحوثيين للاستيلاء على أملاك السكان في تعز اليمنية
قضاة موالون للميليشيات يشرعنون نهب الأراضي والعقارات
«الخُمس» أداة الحوثيين للاستيلاء على أملاك السكان في تعز اليمنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة