طور باحثون بقيادة كاتسونوري تاناكا بمجموعة «RIKEN» للأبحاث الرائدة (CPR) في اليابان وهيروميتسو هابا بمركز RIKEN Nishina للعلوم المعتمدة على التسريع (RNC)، تقنية جديدة لديها القدرة على علاج عدة أنواع من السرطان بشكل عام، مع آثار جانبية سلبية أقل من الطرق المتاحة حاليًا.
وقد أظهرت دراسة إثبات المفهوم، التي نُشرت اليوم (الثلاثاء) بمجلة «العلوم الكيميائية»، أن الأورام في الفئران نمت أقل بثلاث مرات تقريبًا وأن البقاء على قيد الحياة كان 100 % بعد حقنة واحدة فقط من مركب مصمم لإصدار كميات صغيرة من إشعاع ألفا بداخل الخلايا السرطانية، وبالتالي قتلها مع الحفاظ على الأنسجة السليمة. إذ يمكن أن تكون الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي مدمرة. كما ان القضاء على جميع الخلايا السرطانية ليس مضمونًا، خاصةً عندما يكون السرطان قد انتشر بالفعل بجميع أنحاء الجسم. لذلك، فإن الهدف من معظم الأبحاث هذه الأيام هو إيجاد طريقة لاستهداف الخلايا السرطانية على وجه التحديد بحيث تؤثر العلاجات على الأورام فقط.
نعم، توجد بعض العلاجات المستهدفة، لكن لا يمكن تطبيقها على جميع أنواع السرطان، وفق ما يقول تاناكا، الذي يوضح «ان إحدى أعظم مزايا طريقتنا الجديدة هي أنه يمكن استخدامها لعلاج العديد من أنواع السرطان دون أي نواقل مستهدفة، مثل الأجسام المضادة أو الببتيدات»، وذلك وفق ما نشر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
وتعتمد التقنية الجديدة على الكيمياء الأساسية وحقيقة أن مركبًا يسمى الأكرولين يتراكم في الخلايا السرطانية.
فقبل بضع سنوات، استخدم فريق تاناكا أسلوبًا مشابهًا للكشف عن خلايا سرطان الثدي الفردية. حيث ربط مركبًا فلوريًا بنوع معين من الأزيد (جزيء عضوي به مجموعة من ثلاث ذرات نيتروجين -N3 في نهايته). فعندما يلتقي أزيد والأكرولين داخل خلية سرطانية، يتفاعلان ويصبح المركب الفلوري راسخًا في الهياكل الموجودة داخل الخلية السرطانية.
ونظرًا لأن مادة الأكرولين تكاد تكون غائبة عن الخلايا السليمة، فقد عملت هذه التقنية كمسبار لإضاءة الخلايا السرطانية في الجسم.
وفي الدراسة الجديدة، بدلًا من مجرد اكتشاف الخلايا السرطانية، استهدف الفريق تلك الخلايا لتدميرها. كان المنطق بسيطًا إلى حد ما. بدلاً من ربط الأزيد بمركب فلورسنت، قاموا بربطه بشيء يمكن أن يقتل خلية دون الإضرار بالخلايا المحيطة. فاختار الباحثون العمل مع astatine-211، وهو النويدات المشعة التي تصدر كمية صغيرة من الإشعاع على شكل جسيم ألفا عندما يتحلل.
وبالمقارنة مع الأشكال الأخرى من العلاج الإشعاعي، فإن جسيمات ألفا أكثر فتكًا بقليل. لكن يمكنها السفر فقط حوالى واحد على عشرين من المليمتر ويمكن إيقافها بقطعة من الورق.
ومن الناحية النظرية، عندما يتم تثبيت أستاتين 211 داخل خلية سرطانية، فإن جزيئات ألفا المنبعثة يجب أن تلحق الضرر بالخلية السرطانية. ولكن ليس أبعد من ذلك بكثير.
وبمجرد أن اكتشف الفريق أفضل طريقة لربط أستاتين 211 بمسبار أزيد، تمكنوا من إجراء تجربة إثبات المفهوم لاختبار نظريتهم. حيث قاموا بزرع خلايا ورم رئوي بشري في الفئران واختبروا العلاج تحت ثلاثة شروط:
حقن الأستاتين 211 في الورم
حقن مسبار أستاتين 211 أزيد في الورم
حقن مسبار أستاتين 211 أزيد في مجرى الدم.
ووجدوا أنه بدون استهداف، استمرت الأورام في النمو ولم تنج الفئران. كما هو متوقع. وعندما تم استخدام مسبار أزيد نمت الأورام أقل بثلاث مرات تقريبًا ونجت العديد من الفئران بنسبة 100 % عند حقتها في الورم، و 80 % عند حقنها في الدم.
وفي هذا الاطار، يقول تاناكا «وجدنا أن حقنة واحدة فقط للورم مع 70 كيلو بيكريل من النشاط الإشعاعي كانت فعالة للغاية في استهداف الخلايا السرطانية والقضاء عليها». مؤكدا «حتى عند حقن مركب العلاج في مجرى الدم، تمكنا من تحقيق نتائج مماثلة. وهذا يعني أنه يمكننا استخدام هذه الطريقة لعلاج السرطان في مراحله المبكرة جدًا حتى لو كنا لا نعرف مكان الورم».
جدير بالذكر، يتم بالفعل اختبار نسخة المسبار الفلوري من هذه التقنية في التجارب السريرية كوسيلة لتصور وتشخيص السرطان على المستوى الخلوي. وان الخطوة التالية هي العثور على شريك والبدء في التجارب السريرية باستخدام هذه الطريقة الجديدة لعلاج السرطان لدى البشر.