هل تسمح إيران للعراق بأن يتنفس غازياً؟

السوداني مستقبلاً الشيخ تميم في بغداد الخميس (رويترز)
السوداني مستقبلاً الشيخ تميم في بغداد الخميس (رويترز)
TT

هل تسمح إيران للعراق بأن يتنفس غازياً؟

السوداني مستقبلاً الشيخ تميم في بغداد الخميس (رويترز)
السوداني مستقبلاً الشيخ تميم في بغداد الخميس (رويترز)

يربط كثير من المراقبين العراقيين زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، إلى العراق، أمس (الخميس)، بمساعي العراق إلى الاستفادة من ثروته الغازية. لكن السؤال الأبرز يبقى: هل تسمح إيران للعراق بذلك؟

فزيارة أمير قطر انتهت بإعلان «نيات ومذكرات تفاهم» بين البلدين شملت قطاعات الغاز والاستثمار العقاري والنقل البري والبحري، ضمن رؤية تقول حكومة محمد شياع السوداني، إنها تهدف إلى الانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط.

وحسب بيان حكومي عراقي، فإن مذكرات التفاهم شملت تجهيز العراق بالغاز المُسال، وتأسيس شركة نفط مشتركة، وأخرى تخصّ إنشاء مصفاة، إلى جانب تفاهم مع شركات قطرية، منها «أورباكون» القابضة، و«اليغانسيا هلث كير»، و«استثمار» القابضة، في مجال تطوير المدن الجديدة، وفي بناء وتطوير الفنادق.

وحسب بيانات رسمية، عراقية وقطرية، فإن مجمل مذكرات التفاهم رفعت قيمة الاستثمار القطري في العراق 5 مليارات دولار أميركي.

كانت مصادر عراقية، أبلغت «الشرق الأوسط»، أن الزيارة تجسد أهمية العراق بالنسبة لقطر في مجال الطاقة؛ كون الدوحة تنظر للعراق على أنه شريك وطريق حيوي لنقل الطاقة باتجاه أوروبا، فضلاً عن امتلاك العراق احتياطياً نفطياً وغازياً كبيراً.

ومن الواضح، أن الزيارة التي دعا إليه رئيس الوزراء العراقي، تهدف إلى بناء شراكة مع قطر لتطوير قطاع الغاز، إلى جانب تحشيد الدعم المالي واللوجستي لإنجاح مشروع «طريق التنمية»، الذي أعلنت عنه بغداد هذا الشهر، وهو عبارة عن قناة جافة للربط البري والسككي، بين الخليج جنوباً، وتركيا وأوروبا شمالاً.

ويحتاج العراق إلى نحو 40 مليار دولار لتنفيذ هذا المشروع، خلال مدة قدرتها السلطات العراقية بنحو 5 سنوات، وتحتاج في ذلك إلى تحالف إقليمي للشراكة الاستثمارية.

وقال مسؤول حكومي رفيع، إن بغداد «تجد في دولة قطر واحداً من المفاتيح الأساسية لإنجاح لهذا المشروع»، لكنه أشار إلى أن الدوحة «لا تزال بحاجة إلى الوقت للتأكد من جدوى المشروع، رغم جميع المؤشرات الإيجابية التي نتجت عن زيارة أمير قطر».

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن «العراق بات ينظر إلى العلاقة الاستراتيجية بين قطر وتركيا ركيزة مهمة لنجاح طريق التنمية».

لكن مسؤولاً حكومياً سابقاً، أكد أن مشروع طريق التنمية ينطوي على كثير من المبالغات، بسبب تعقيدات سياسية إقليمية تجعلها مشروعاً غير مضمون على المدى القصير، وأنه من المستبعد أن تنخرط قطر وغيرها بقوة فيه.

وتقول الحكومة العراقية إنها تخطط لتحويل الانفتاح الدبلوماسي على الخليج والمنطقة العربية إلى علاقات منتجة في قطاعات الاستثمار غير النفطي، لكن المراقبين لا يشعرون بالثقة في أن البيئة السياسية والقانونية موثوقة بما يكفي لتحويل هذه النيات إلى فوائد عملية للقطاع الخاص في العراق، حتى في ظل الاستقرار النسبي سياسياً وأمنياً.

لكن مصادر مطلعة على كواليس الزيارة قللت من التأثير الفعلي للشراكة القطرية، لا سيما في ملف الغاز، نظراً لأسباب سياسية وفنية معقدة. 

الموانع الإيرانية

وقالت المصادر، التي اطلعت على معلومات حكومية تتعلق بزيارة أمير قطر، إن بغداد غير قادرة على دخول سوق الغاز العالمية، بسبب الموانع الإيرانية، التي وصلت درجة تهديد مسؤولين عراقيين بعدم تفعيل ملف الاستثمار في هذا القطاع، لإبقاء الحاجة حصرية لطهران التي تزود العراق بالغار لتشغيل محطات الكهرباء.

وأفادت تلك المصادر بأن العراق وقطر على طرفي نقيض في ملف الغاز، بسبب المعادلة السياسية الحاكمة، المؤثرة في فرص استثمار الغاز في العراق، مؤكدة أن العراق «لم يطلع قطر على التفاصيل الحقيقية لهذا الملف، وتعقيداته».

ومع ذلك، فإن العراق يمتلك فرصة وحيدة في الاستفادة من قطر، من خلال اكتساب خبرة سوق الغاز العالمية، وتقنيات الاستخراج والإنتاج، وليس أكثر من ذلك في الوقت الحالي، وفقاً لما تذكره المصادر.

وبالفعل، أكد المسؤول الحكومي السابق، أن زيارة أمير قطر ستمثل تقدماً ملموساً في مجال الكهرباء في جنوب العراق، خصوصاً بعد ضغوط أميركية على بغداد للتحرك في المنطقة لتحرير سوق الطاقة من القبضة الإيرانية.


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد أسلاك كهربائية معلقة بين المباني في أحد شوارع العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

العراق: نفقد 5.5 غيغاواط من الكهرباء بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية عن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً؛ ما تسبب في فقدان 5.5 غيغاواط من الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تُصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مقتضب أعلنت فيه عن اللقاء من دون تفاصيل. وكانت مصادر محلية قد أفادت بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف «اللجنة الدستورية» لحل الأزمة السورية، اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية. وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات.