ذكرت مصادر مقربة من «حركة النهضة» لـ«الشرق الأوسط»، أن مقرات الحزب في مختلف الولايات (المحافظات) التونسية، وعددها 24 محافظة، قد تم إغلاقها أمس، وأن قوات الأمن قد تلقت «أوامر عليا» بذلك، وأن قرارات بمنع كل الأنشطة السياسية للحركة في طريقها للصدور، وهي قد تكون تمهيداً لحظر الحركة بالكامل وتصنيفها ضمن التنظيمات الإرهابية.
وتوقعت المصادر أن يتم استدعاء المزيد من قيادات «النهضة» ومؤيديها للتحقيق معهم، بما يرجح مواجهة نهائية مع قيادات الحركة المتمسكة بفكرة، «أن مسار الرئيس التونسي قيس سعيد، انقلابي»... كما توقعت ملاحقة كل منتقدي ذاك المسار بخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي.
وتأتي هذه القرارات، إثر إلقاء قوات الأمن التونسية القبض على راشد الغنوشي واقتياده إلى ثكنة «العوينة» العسكرية (شمال العاصمة التونسية) للتحقيق معه حول تصريحات نسبت إليه، تحرّض على حرب أهلية في تونس، ويعتقد أنها السبب الأساسي في مداهمة منزله وتفتيشه وتحويله إلى التحقيق، بإذن من النيابة العامة التونسية. كما شمل الإيقاف ثلاثة من قيادات الحركة المقربين من الغنوشي. وفي هذا الشأن، أكد مختار الجماعي، محامي الغنوشي، أن مستشاري رئيس الحركة: محمد القوماني وبلقاسم حسن، وهما عضوان في المكتب التنفيذي، تم إيقافهما ليل الأحد - الاثنين على ذمة التحقيق في القضية الموقوف على ذمتها الغنوشي. وصرح الجماعي أن الدفاع «لم يتمكن من معرفة أسباب إيقاف الغنوشي ومحمد القوماني وبلقاسم حسن ومحمّد شنيبة المسؤول عن العمل الطلابي، وتحديد التهم الموجهة إليهم، كما لم يتمكن من معرفة مكان توقيفهم».
وأكدت مصادر حقوقية أن الغنوشي امتنع عن الإدلاء بأي معطيات أمام الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب بالحرس الوطني في ثكنة العوينة، وذلك عقب جلسة سماعه الأولى، مباشرة إثر اعتقاله. كما تمسك بضرورة حضور محاميه جلسة الاستماع، وهو ما لا يتسنى له إلا بعد 48 ساعة وفق قانون مكافحة الإرهاب المصادق عليه في تونس سنة 2015.
وكانت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أذنت لوحدة مكافحة الإرهاب، بمنع محامي الغنوشي من مقابلته أو حضور عملية استجوابه.
على صعيد متصل، أفادت لمياء الخميري رئيسة حزب «حراك تونس الإرادة» الذي أسسه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، بمنعها أمس (الثلاثاء) من دخول مقر الحزب من قبل وحدات أمنية ترتدي أزياء مدنية.
وقالت في تصريح إعلامي إن أشخاصاً مرابطين أمام مقر الحزب أعلموها بأنهم رجال أمن وطلبوا منها مغادرة المكان من دون إبراز بطاقاتهم المهنية أو أي إذن قضائي يمنعها من دخول المقر.
وكشفت أيضاً عن منع «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة التي تدعمها «النهضة»، من عقد مؤتمر صحافي إثر القبض على الغنوشي.
وقالت مصادر أمنية إن وزارة الداخلية قد تتجه خلال الفترة المقبلة نحو منع الاجتماعات السياسية في مقري «النهضة» وحزب «حراك تونس الإرادة»، الذي فتح مقره لتنفيذ اعتصام من قبل قيادات «جبهة الخلاص» المعارضة، وذلك تنفيذاً لقانون 1978 الذي يمنح السلطة القائمة صلاحية تقييم الأوضاع في حالة الطوارئ التي تمتد في تونس إلى نهاية السنة الحالية، ويمكنها من منع الاجتماعات والتنقلات حفاظاً على الأمن العام.
وكانت النيابة العامة التونسية قد قررت يوم أمس الإبقاء على الغنوشي قيد التوقيف، وفسرت وزارة الداخلية التونسية من ناحيتها الأسباب بوجود مذكرة إيقاف صادرة عن النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وأفادت بأنّ فرقة أمنية داهمت ليلاً منزل الغنوشي وقامت بتفتيشه وحجز كلّ ما يفيد التحقيق بإذن من النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وأكدت «أنّ الغنوشي سيبقى موقوفاً على ذمة التحقيق في قضية تتعلق بتصريحات تحريضية كان أدلى بها، إلى حين اتّخاذ الإجراءات بخصوصه».
وتنسب إلى الغنوشي تصريحات خلال فض اعتصام قيادات «جبهة الخلاص الوطني» قبل يومين، رأى فيها، أن «إبعاد الإسلام السياسي، وإقصاء أحزاب اليسار والتضييق على منظمات المجتمع المدني، قد تؤدي إلى حرب أهلية في تونس».
ويرجح عدد من الحقوقيين المتابعين لتطور الملفات السياسية بعد 25 يوليو (تموز) 2021، أن تكون تلك التصريحات وراء هذا الإيقاف بخاصة أن الغنوشي خضع للتحقيق في أكثر من مناسبة في السابق، حول ملفات شبهة الحصول على تمويلات أجنبية وشبهات إرهابية، وتم الإبقاء عليه في حال سراح. وقد يكون القضاء التونسي قد صنف تصريحاته الأخيرة بكونها «تحريضية تدفع إلى التقاتل وتهدد السلم الاجتماعي».
ويرى مراقبون أن القبض على الغنوشي «قد يمثل الحلقة الأهم بالنسبة للمشروع السياسي للرئيس قيس سعيد، باعتبار أن حركة النهضة التي تدعم بشكل كبير جبهة الخلاص الوطني، باتت تمثل أهم الأطراف الرافضة لهذا المشروع، وتتمسك بنعت المسار السياسي الجديد بالانقلاب».
غلق مقرات «النهضة» التونسية وتوجه لحظر أنشطتها السياسية وتصنيفها «إرهابية»
إثر اعتقال راشد الغنوشي وثلاثة من مستشاريه بتهمة التحريض

رجلا أمن أمام المركز الرئيسي لـ«النهضة» في العاصمة بعد إغلاقه (أ.ف.ب)
غلق مقرات «النهضة» التونسية وتوجه لحظر أنشطتها السياسية وتصنيفها «إرهابية»

رجلا أمن أمام المركز الرئيسي لـ«النهضة» في العاصمة بعد إغلاقه (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة