أربع رحلات حملت 318 يمنياً في أول أيام صفقة تبادل الأسرى

دعوات لإطلاق كل المحتجزين من دون شروط

أسرى من الجانب الحكومي لدى وصولهم إلى عدن الجمعة (تصوير: علي جعبور)
أسرى من الجانب الحكومي لدى وصولهم إلى عدن الجمعة (تصوير: علي جعبور)
TT

أربع رحلات حملت 318 يمنياً في أول أيام صفقة تبادل الأسرى

أسرى من الجانب الحكومي لدى وصولهم إلى عدن الجمعة (تصوير: علي جعبور)
أسرى من الجانب الحكومي لدى وصولهم إلى عدن الجمعة (تصوير: علي جعبور)

أنجزت الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، الجمعة، المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين المتفق عليها الشهر الماضي في سويسرا، وذلك بإطلاق سراح 318 أسيرا من الطرفين عبر أربع رحلات بين مطاري صنعاء وعدن سيرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وسط ترحيب محلي وخليجي وأممي ودعوات للإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية النزاع دون قيد أو شرط.
وبينما تستكمل عملية تنفيذ الصفقة، يومي السبت والأحد، أفرجت الجماعة الحوثية في اليوم الأول عن 69 شخصا من المحسوبين على الحكومة الشرعية، بينهم المشمولان بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وهما وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس السابق، ناصر منصور هادي.
في مقابل ذلك، أفرجت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن 249 عنصرا من عناصر الجماعة الحوثية؛ حيث تم نقلهم من مطار عدن إلى مطار صنعاء عبر رحلتين، أغلبهم ممن تم أسرهم في جبهات القتال.
وذكرت مصادر رسمية أن ناصر منصور هادي شقيق الرئيس السابق تم نقله من عدن إلى السعودية بعد وصوله من صنعاء؛ حيث تتطلب حالته الصحية مزيدا من الرعاية، بعد نحو ثماني سنوات قضاها في سجون الحوثيين مع الوزير السابق الصبيحي.
وأفاد الوفد الحكومي في بيان رسمي بأن الحكومة ستعمل في اليوم الثاني على نقل وتبادل دفعة أخرى من المحتجزين مع الميليشيات عبر مطارات أبها وصنعاء، والرياض، والمخا، كما سيتم في اليوم الثالث الأخير من هذه المرحلة عملية التبادل عبر مطاري صنعاء وتداوين بمحافظة مأرب؛ حيث سيكون من بين المفرج عنهم الصحافيون الأربعة المحكوم عليهم من قبل الحوثيين بالإعدام.

وقال الفريق الحكومي إن التزامه بانطلاق عملية التبادل في وقتها المحدد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «يأتي استشعارا للمسؤولية الوطنية، والأخلاقية وإنفاذا لتوجيهات القيادة السياسية ممثلة في رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس، ورئيس الحكومة، وبناء على نتائج الاجتماع السابع للجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق تبادل المحتجزين المنعقد في سويسرا خلال الفترة من 10 إلى 20 مارس (آذار) الماضي».
عملية التبادل التي أنجزت بسلاسة في يومها الأول، ستشمل في اليوم الثاني إطلاق اثنين من أقارب عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، وهما نجله عفاش وشقيقه محمد المعتقلان لدى الحوثيين منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017، كما ستشمل إطلاق 19 أسيرا من قوات تحالف دعم الشرعية.
وكان مفاوضو الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية أنجزوا في سويسرا الشهر الماضي اتفاقا على تبادل 887 أسيرا ومحتجزا من المدنيين والعسكريين بعد جولة من المفاوضات استمرت 10 أيام برعاية أممية وبمشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

أسرى حوثيون يتأهبون لصعود الطائرة التي أقلتهم إلى صنعاء يوم الجمعة (تصوير: علي جعبور)

ورحبت الحكومة اليمنية حينها بالاتفاق، وأفاد ممثلوها بأنه سيتبع ذلك جولات أخرى لاستكمال النقاشات لإطلاق بقية الأسرى والمحتجزين على قاعدة «الكل مقابل الكل».
وشملت الصفقة 181 شخصا لصالح الحكومة والتحالف الداعم لها، و706 من عناصر الميليشيات الحوثية الذين أسر أغلبهم في جبهات القتال.
- تشجيع أممي
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ رحب في بيان ببدء عملية تبادل المحتجزين اليمنيين المتفق عليهم ضمن صفقة سويسرا؛ حيث يشترك مكتبه مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رئاسة اللجنة الإشرافية بعضوية أطراف النزاع، وتتولى اللجنة الدولية تنفيذ عملية الإفراج التي تشمل رحلات جوية بين ستة مطارات في اليمن والسعودية على مدار ثلاثة أيام لإعادة المحتجزين المفرج عنهم إلى أوطانهم.
ورحب غروندبرغ ببدء عملية الإفراج ووجه الشكر إلى الأطراف على تعاونهم مع مكتبه واللجنة الدولية للصليب الأحمر لتنفيذ الخطة المتفق عليها في مارس، كما شكر اللجنة الدولية للصليب الأحمر على دورها وعلى الشراكة المستمرة في اللجنة الإشرافية.
وقال المبعوث «تأتي عملية الإفراج في وقت يسوده الأمل في اليمن كتذكير بأن الحوار البنّاء والتسويات المتبادلة أدوات قوية قادرة على تحقيق نتائج مهمة».
وأضاف: «تستطيع مئات العائلات اليمنية الآن أن تحتفل بالعيد مع أحبائها لأن الأطراف تفاوضوا وتوصلوا إلى اتفاق. وآمل أن تنعكس هذه الروح في الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل».
وأشار غروندبرغ إلى أنه «لا تزال آلاف العائلات الأخرى تنتظر لم شملها مع أحبائها»، مع أمله «أن تبني الأطراف على نجاح هذه العملية للوفاء بالالتزام الذي قطعوه على أنفسهم تجاه الشعب اليمني في اتفاقية استوكهولم بالإفراج عن جميع المحتجزين لأسباب تتعلق بالنزاع لإنهاء هذه المعاناة».
كما حث المبعوث الخاص غروندبرغ الأطراف على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً وعلى الالتزام بالمعايير القانونية الدولية فيما يتعلق بالاحتجاز والمحاكمات العادلة.
- ترحيب خليجي
رحب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ببدء عملية تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وأشاد جاسم البديوي الأمين العام للمجلس بهذا الاتفاق الذي يعد ثاني أكبر عملية لتبادل الأسرى في اليمن، مثمناً دور المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ودور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رعاية صفقات تبادل الأسرى.
وقال البديوي «الاتفاق بارقة أمل جديدة تعطي الزخم للجهود الهادفة لوضع الأزمة اليمنية على طريق الحل، وخطوة مشجعة تدعم السلام لليمن وشعبه من خلال هدنة دائمة وحل سياسي يرسم ملامح الاستقرار في اليمن والمنطقة وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات المؤتمر الوطني اليمني وقرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك القراران 2216 و2624».
كما أشاد الأمين العام لمجلس التعاون بالمساعي المخلصة للوفد السعودي والعُماني في صنعاء للوساطة بين الحكومة الشرعية اليمنية والحوثيين، وقال إن ذلك يعكس الموقف الثابت لجميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإنهاء الأزمة اليمنية من خلال الحل السياسي الشامل، كما أنه يعزز عملية السلام ويمهد الطريق نحو المصالحة وإنهاء الحرب في اليمن.
وكان وفد سعودي وآخر عماني وصلا الأحد الماضي إلى صنعاء للتباحث مع قادة الحوثيين حول خطة سلام شاملة في اليمن تبدأ بتثبيت وقف النار وتجديد الهدنة وتوسيعها إنسانيا، وصولا إلى تحديد مسار تفاوضي ينتهي باتفاق دائم للسلام برعاية أممية.
التحركات السعودية والعمانية في صنعاء قابلها المجتمع الدولي والشارع اليمني بتفاؤل كبير، وسط ترقب لتطورات الأيام المقبلة، إذ يأمل الجميع أن تقود إلى إقناع الجماعة الحوثية باختيار مسار السلام لإنهاء معاناة ملايين اليمنيين.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».