ناشطون يسعون إلى طي «جراح الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا

ناشدوا تبون وماكرون حضور مراسم ذكرى وفاة الأمير عبد القادر

الرئيسان تبون وماكرون أثناء لقائهما بالجزائر في 27 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان تبون وماكرون أثناء لقائهما بالجزائر في 27 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

ناشطون يسعون إلى طي «جراح الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا

الرئيسان تبون وماكرون أثناء لقائهما بالجزائر في 27 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان تبون وماكرون أثناء لقائهما بالجزائر في 27 أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

أطلق ناشطون فرنسيون من أصول جزائرية مساعي لجمع رئيسي البلدين في مراسم الذكرى الـ140 لوفاة الأمير عبد القادر الجزائري، قائد المقاومة الشعبية الجزائرية ضد الغزو الفرنسي في القرن الـ19، التي ستجري في مدينة أمبواز بوسط فرنسا. وينشد أصحاب هذه المبادرة إعطاء بعد رمزي لـ«مصالحة بين الذاكرتين»، التي تعد مفتاحاً لحل خلافات قديمة أثرت على تطبيع العلاقات الثنائية بشكل كامل.
وناشدت تنظيمات «الجزائر» و«جمعية فرنسيين من أصول شمال أفريقيا»، و«جمعية أصدقاء حجاج دوبلوا»، و«جمعية زرداب» في فرنسا، الرئيسان إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون حضور المراسم المقررة في 26 مايو (أيار) المقبل بالمنطقة، التي سُجن فيها الأمير عبد القادر نهاية أربعينات القرن الماضي لمدة خمس سنوات، إثر نفيه من طرف السلطات الاستعمارية في الجزائر. وقد لقيت هذه المبادرة تشجيعاً من طرف التنظيمات المهتمة بالتاريخ والتراث في أمبواز، والمنتخبين المحليين، وممثلي الجاليات الدينية بها، بحسب ناشطين بالجمعيات الأربع، التي ذكرت في نص الدعوة الموجهة للرئيسين بأن «ما يجمعنا (الجزائر وفرنسا) هو أقوى مما يثير الفرقة بيننا (...). كما لا تزال رسالة الأمير عبد القادر ملهمة ومتسقة مع عصرنا، وسنتشرف إذا وافقتم على تبني الحدث وحضوره».
وأكدت الجمعيات، أن مشاركة تبون وماكرون المحتملة للحفل «ستكون بمثابة رمز للتقارب الثقافي بين شعبين، أبدى الرئيسان تمسكهما الكبير به»، في إشارة إلى تصريحات لهما بمناسبة لقائهما بالجزائر في أغسطس (آب) 2022 عن عزمهما بناء شراكة اقتصادية قوية، وإيلاء أهمية لـ«مسألة الذاكرة»، المرتبطة بفترة الاحتلال والجرائم التي ارتكبت خلالها.
والأمير عبد القادر بن محيي الدين شخصية بارزة في تاريخ الجزائر، يعدّه المؤرخون مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. وخاض معارك كبيرة بعد الغزو الفرنسي للجزائر في 1830، لكنه استسلم في نهايتها، ونفي إلى تولون (جنوب شرقي فرنسا) حيث سجن، كما سجن في بو (جنوب غرب)، ثم في قصر أمبواز من 1848 حتى إطلاق سراحه في 1852. وعاش الأمير منفى ثانياً في دمشق، حيث عُرف في 1860 بالدفاع عن مسيحيي سوريا، الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد، واستحق لقب «رمز التسامح الديني». وفي العام الماضي نصبت الرئاسة الفرنسية في أمبواز لوحة فنية عليها صورة الأمير، سمتها «ممر عبد القادر»، تقديراً له. وجاءت المبادرة ضمن مساعي البلدين لطي «مسألة الذاكرة». غير أن اللوحة تعرضت لعمل تخريبي في فبراير (شباط) 2022، لم يعرف من يقف وراءه.
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن تبون اتفق مع ماكرون خلال اتصال هاتفي بينهما، على تأدية زيارة دولة إلى باريس في مايو المقبل، من دون ذكر تاريخ محدد. ولاحقاً قالت مجلة «جان أفريك»، إن موعدها سيكون في 02 و03 من مايو المقبل. لكن حدث بعد هذا الاتفاق المبدئي خلاف حاد عُرف بـ«قضية هروب الناشطة المعارضة أميرة بوراوي» إلى فرنسا عن طريق تونس، حيث اتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية بـ«إجلاء بوراوي سرّاً»، وقالت: إن دبلوماسيين فرنسيين شاركوا في عملية تهريبها عبر الحدود التونسية ومنها إلى فرنسا. وتم سحب سفير الجزائر من فرنسا، احتجاجاً على «انتهاك سيادة الجزائر»، ولم ترد فرنسا على الاتهامات.
وكانت المعارِضة الأربعينية، التي تملك الجنسيتين، ممنوعة من السفر لمتابعتها بتهمتي «ازدراء الدين» و«الإساءة إلى رئيس الجزائرية». لكن هدأت العاصفة عندما أعلنت الرئاسة الفرنسية الشهر الماضي بأن اتصالاً هاتفياً جرى بين الرئيسين «سمح بإزالة الكثير من اللبس بشأن قضية بوراوي، وما ترتب عنها من تصدع في العلاقات الثنائية». وبعدها بأيام قليلة، عاد السفير إلى منصبه في باريس.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.