هل يزهر ربيع أوكرانيا بهجوم مضاد على الروس؟

تدريب عسكري للقوات الأوكرانية في معسكر تدريب عسكري في مكان غير معلوم في إنجلترا (أ.ب)
تدريب عسكري للقوات الأوكرانية في معسكر تدريب عسكري في مكان غير معلوم في إنجلترا (أ.ب)
TT

هل يزهر ربيع أوكرانيا بهجوم مضاد على الروس؟

تدريب عسكري للقوات الأوكرانية في معسكر تدريب عسكري في مكان غير معلوم في إنجلترا (أ.ب)
تدريب عسكري للقوات الأوكرانية في معسكر تدريب عسكري في مكان غير معلوم في إنجلترا (أ.ب)

تدخل الحرب الأوكرانية مرحلة جديدة في الأسابيع المقبلة. ومع عدم وجود قرار للتفاوض لإنهاء القتال الذي دام 13 شهراً، ستشن أوكرانيا هجوماً مضاداً على الروس في الربيع قد يبدأ في أبريل (نيسان)، حسبما أعلن وزير الدفاع الأوكراني الأسبوع الماضي.
هنا تفكر كييف بالإجابة عن سؤال تكتيكي رئيسي: كيف يمكن للجيش الأوكراني طرد الروس من الأراضي التي يحتلونها؟ في وقت يعمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جاهدا لإبقاء قواته وشعبه متحمسين لخوض معركة طويلة.
قدمت وكالة «أسوشيتد برس» نظرة شاملة عن كيفية تطور القتال في حملة الربيع القادمة.

كيف وصلت الحرب إلى هنا؟

شنت روسيا غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، لكن هجماتها لم تحقق بعض الأهداف الرئيسية وفقدت الزخم بحلول يوليو (تموز). كما استعادت الهجمات المضادة الأوكرانية مناطق واسعة من أغسطس (آب) حتى نوفمبر (تشرين الثاني). ثم شهد القتال حرب استنزاف خلال الشتاء القارس وأوائل الربيع.
أما الآن، فيمكن أن تستفيد كييف من تحسن الطقس للسيطرة على ساحة المعركة بدفعات جديدة من الأسلحة الغربية، بما في ذلك عشرات الدبابات والقوات التي تدربت في الغرب.
لكن القوات الروسية تحفر في العمق وترقد خلف حقول الألغام وعلى امتداد كيلومترات من الخنادق.

كيف توغلت روسيا حتى الآن؟

كشفت الحرب عن أوجه قصور «محرجة» في براعة الكرملين العسكرية. وتشمل النكسات في ساحة المعركة فشل روسيا في الوصول إلى كييف في الأيام الأولى للغزو، وعدم قدرتها على السيطرة على بعض المناطق، وفشلها في الاستيلاء على مدينة باخموت الشرقية المدمرة رغم سبعة أشهر من القتال.
كما فشلت محاولات كسر الإرادة الأوكرانية للقتال، مثل ضرب شبكة الكهرباء في البلاد بلا هوادة.
أساءت أجهزة الاستخبارات في موسكو الحكم على عزم أوكرانيا ورد فعل الغرب. كما استنفد الغزو الموارد العسكرية الروسية، ما تسبب بصعوبات في إمدادات الذخيرة والروح المعنوية وإعداد القوات.
وتجنب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يشعر بالقلق على ما يبدو من أن الحرب قد تؤدي إلى تآكل الدعم الشعبي لحكومته، الدفع الشامل لتحقيق النصر من خلال تعبئة جماهيرية إلزامية.
قال جيمس نيكسي، مدير برنامج روسيا وأوراسيا في «تشاتام هاوس» وهي مؤسسة فكرية في لندن: «الروس ليس لديهم نهاية للمشاكل».
وقال نيكسي إن بوتين الذي أدرك أنه لا يستطيع تحقيق النصر في الحرب في أي وقت قريب، يهدف إلى التمسك بالقتال وإطالة أمده على أمل أن يضعف الدعم الغربي لكييف في نهاية المطاف.
وأشار إلى أن استراتيجية روسيا مصممة حول «جعل الغرب ينهار».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1628113259285909519

ماذا بعد الأوكرانيين؟

يستقبل الجيش الأوكراني هذا الموسم بتدفق أسلحة قوية. إذ قالت ألمانيا هذا الأسبوع إنها سلمت 18 دبابة «ليوبارد 2» التي وعدت بها أوكرانيا. كما قامت بولندا وكندا والنرويج بتسليم دباباتها من طراز «ليوبارد». كما وصلت دبابات «تشالنجر» البريطانية.
ويأمل وزير الدفاع الأوكراني أولكسي ريزنيكوف، أن يقوم الشركاء الغربيون بتزويد كتيبتين على الأقل من «ليوبارد 2» الألمانية الصنع بحلول أبريل. كما يتوقع ست دبابات «ليوبارد 1» أو سبعا مع الذخيرة.
كما تم التعهد بتقديم دبابات «أبرامز» الأميركية ودبابات فرنسية خفيفة، التي تدرب الجنود الأوكرانيون مؤخراً على استخدامها.
وكانت المساعدة الغربية حيوية في تقوية المقاومة الأوكرانية العنيدة وتشكيل مسار الحرب. ويدرك زيلينسكي أنه من دون مساعدة الولايات المتحدة ليس لدى بلاده فرصة للفوز.
وستضيف الإمدادات الجديدة بما في ذلك مدافع «الهاوتزر» والأسلحة المضادة للدبابات ومليون طلقة من ذخيرة المدفعية، المزيد من القوة للجيش الأوكراني وتعطيه لكمة أكبر.
وقال نيكسي: «يمكن لهذه الدبابات أن تدق إسفيناً أعمق في المواقع الروسية».
وفي هجومها المضاد، ستسعى القوات الأوكرانية لاختراق الممر البري بين روسيا وشبه جزيرة القرم والانتقال من زابوريزهزهيا نحو ميليتوبول وبحر آزوف، وفقاً للمحلل العسكري الأوكراني أوليه جدانوف.
وبحسب جدانوف، فإنه في حالة نجاحها «سوف يقسم الأوكرانيون القوات الروسية إلى نصفين ويقطعون خطوط الإمداد عن الوحدات الموجودة في الغرب، في اتجاه شبه جزيرة القرم».

ما هي المعركة النهائية؟

ويعتقد معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن أوكرانيا ستحتاج إلى إطلاق سلسلة من الهجمات المضادة، وليس هجوماً واحداً فقط لتكون يدها هي العليا.
وأوضح المعهد أن العمليات سيكون لها «هدفان مزدوجان يتمثلان في إقناع بوتين بقبول تسوية تفاوضية، أو خلق حقائق عسكرية مواتية بشكل كافٍ لأوكرانيا بحيث يمكن لكييف وحلفائها الغربيين تجميد الصراع بمفردهم بغض النظر عن قرارات بوتين».
وليس لدى نيكسي أدنى شك في أن كل جانب سيواصل «تمزيق أجزاء من الطرف الآخر» خلال الأشهر المقبلة طمعا بأن تكون له اليد العليا على طاولة المفاوضات.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1641865449863274511

قد تنتظر فترة نجاح أو توقف

إذا فشلت كييف في إحراز تقدم في ساحة المعركة بأسلحتها المزودة من الغرب، فقد يتردد الحلفاء في إرسال المزيد من المعدات باهظة الثمن.

المخاطر كبيرة

قال نيكسي إن الهزيمة لأوكرانيا «ستكون لها تداعيات عالمية، ولن يكون هناك شيء اسمه الأمن الأوروبي كما نفهمه (حالياً)».


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».