مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024، يبدو أنّ جو بايدن اختار اتباع خط وسطي، إذ يسعى لفرض ضرائب على الأغنياء ويدافع عن الأنظمة الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه يوافق على عملية تنقيب جديدة عن النفط ويشدد سياسته في مجال الهجرة.
الثلاثاء، يشارك الديمقراطي البالغ من العمر 80 عاماً في مؤتمر كبير مخصّص للحفاظ على البيئة من أجل «شرح إجراءاته واستثماراته التاريخية» لصالح المواقع البيئية.
جاء ذلك بعد وقت قصير من منحه الضوء الأخضر لمشروع «ويلو» (Willow) النفطي الضخم الذي تقوم به شركة «كونوكو فيليبس» العملاقة في ألاسكا، الأمر الذي أثار استياء الناشطين البيئيين.
لا يوجد أي تناقض بالنسبة للبيت الأبيض، فقد قالت المتحدثة باسمه كارين جان بيار الاثنين إنّ «الرئيس فخور للغاية بسجلّه».
الخميس الماضي، كانت سياسة الهجرة التي ينتهجها الرئيس مصدر قلق مجموعة من المتظاهرين خارج البيت الأبيض.
- مظاهرة
شدّدت السلطة التنفيذية الأميركية قواعد اللجوء، كما أشارت الصحافة إلى أنّها تدرس استئناف احتجاز العائلات التي تدخل الأراضي الأميركية بشكل غير قانوني، رغم تعهد جو بايدن اتباع سياسة أكثر «إنسانية» من سلفه الجمهوري دونالد ترمب.
وقال بلال أسكريار وهو ناشط في منظمة غير حكومية التقته وكالة «الصحافة الفرنسية» خلال المظاهرة، إنّ «إدارة بايدن اتخذت منعطفاً فعلياً».
يريد جو بايدن، الذي «ينوي» الترشّح لانتخابات عام 2024 وتظهر كلّ المؤشرات أنّه دخل الحملة الانتخابية، الفوز بأصوات المستقلّين وبأصوات جمهور الناخبين الذي استعصى على الحزب الديمقراطي لسنوات: الطبقة المتوسطة المتواضعة وغالبيتها من البيض المسنّين.
وأظهر استطلاع حديث أجرته إذاعتا «إن بي آر - بي بي إس» و«نيوزاور - ماريست» أنّ نسبة الثقة بالرئيس البالغة 46 في المائة عند جميع الناخبين، تنخفض إلى 36 في المائة لدى أولئك الذي يعرّفون أنفسهم على أنّهم «مستقلّون».
ويقول السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام لشبكة «إن بي سي نيوز»، إنّ أول عامين من ولاية بايدن «أنبآ بكل بساطة عن ميول يسارية للغاية. والآن يقوم بإجراء تعديل».
فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية الأكثر إلحاحاً، يستمر بايدن في الدفاع عن مواقف تقدمية. فهو يدافع عن الحق في الإجهاض، ويدعو إلى حظر الأسلحة الهجومية، كما ينتقد سياسات محافظة معيّنة تتعلّق بالأطفال العابرين جنسياً أو بتعليم دروس عن الماضي الاستعبادي في الولايات المتحدة.
على الصعيد الاقتصادي، كشف عن مشروع ميزانية يتعهد في إطاره بتعزيز الأنظمة الاجتماعية للمتقاعدين عبر فرض ضرائب على الأكثر ثراءً، وهو مشروع ليست له فرصة في حين تسيطر المعارضة الجمهورية جزئياً على الكونغرس.
- الجريمة
لكن جو بايدن عارض تشريعاً كان من شأنه تليين السياسة الجنائية في العاصمة واشنطن، حتّى ولو كان ذلك يعني انسجامه مع أعضاء البرلمان المحافظين في هذا الإطار.
وقد أغضب ذلك عدداً من الديمقراطيين في الجناح اليساري لحزبه.
وفي سياق آخر، يصرّ البيت الأبيض على خططه لتحسين تمويل قوات إنفاذ القانون على المستوى الفيدرالي.
وتشكّل الجريمة زاوية هجوم مميّزة لدى الجمهوريين، في وقت تشهد فيه مدن كبرى تصاعداً في عمليات السطو أو سرقة السيارات باعتماد العنف.
في جميع استطلاعات الرأي، قال الناخبون بأغلبية ساحقة إنهم يثقون بالحزب الجمهوري أكثر من الحزب الديمقراطي عندما يتعلّق الأمر بالأمن.
كما أنّ فريق بايدن لاحظ جيداً أنّه في شيكاغو، حيث يرتفع معدّل الجريمة، فشلت رئيسة البلدية الديمقراطية لوري لايتفوت في إعادة انتخابها. وهو ما لم يحدث منذ أربعين عاماً في هذا المعقل الديمقراطي.
غير أنّ جو بايدن يجري الحسابات السياسية التالية: إنه يقول لنفسه إنّه في عام 2024، رغم خيبات الأمل، سيحصل على أصوات اليسار وأصوات الشباب وأصوات السود، وذلك في حال واجه أحد المتنافسين الجمهوريين الأكثر جدية، أي دونالد ترمب أو حاكم فلوريدا المحافظ جداً رون ديسانتيس.
من جهتها، عزّزت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن، التي تمثّل الجناح اليساري للحزب، هذه الاستراتيجية. وقالت لشبكة «آي بي سي»: «أنا لا أتفق مع جو بايدن في كل شيء، ولكنني سعيدة حقّاً لأنّه رئيس».