عمال القطاع الخاص في جنوب سوريا يعانون الأمرّين

تسلط أصحاب العمل وغياب القانون

ظروف عمل صعبة من دون أي ضمانات (أ.ب)
ظروف عمل صعبة من دون أي ضمانات (أ.ب)
TT

عمال القطاع الخاص في جنوب سوريا يعانون الأمرّين

ظروف عمل صعبة من دون أي ضمانات (أ.ب)
ظروف عمل صعبة من دون أي ضمانات (أ.ب)

لا تبتعد «مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل» في السويداء سوى القليل عن المكان الذي يعمل فيه ضياء (26 عاماً)، ورغم ذلك تبدو حاله كمن تًرك ليلقى مصيره من دون حماية أو دعم من جهة مهمتها متابعة ظروفه الوظيفية والعمل على تحسينها.
ويقول ضياء «أعمل في هذا المكان منذ ثمانية أشهر، ولمدة تزيد على 14 ساعة يومياً بدءاً من التاسعة صباحاً وحتى الساعة 11 ليلاً، وأحصل على راتب مقطوع مقداره 200 ألف ليرة سورية، إضافة إلى الإكراميات التي يمنحها لي الزبائن».
والأوضاع التي يعمل ضمنها غير إنسانية بالمرة. ومكان نومه «غير صالح للحياة البشرية»، بحسب تعبيره. ويتابع قوله «أنا منهك جداً، العمل يكاد يستنزفني. والراتب لا يكفي لتأمين أي مقومات للمعيشة فلو أردت استئجار بيت للسكن لدفعته كاملاً، وصاحب العمل يرفض تأمين مسكن لي».
أما سعيد، وهو يعمل في مطعم لبيع الشاورما والمأكولات الجاهزة في دمشق، فيقول «أقف على قدمَيّ مدة تزيد على 10 ساعات يومياً مع استثناءات بالجلوس عند غياب صاحب المطعم»، ويتابع ضاحكاً من نفسه «لقد صرت أسرق دقائق الاستراحة لأن قدمَي لم تعودا تحملاني».
يتقاضى سعيد، حسب تصريحه، راتباً مقطوعاً مقداره 600 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي أبداً، حتى لمعيشة في أدنى مستوياتها «لكنني مجبر على العمل؛ لأنني لو تركته فلن أجد مكاناً آخر. أنت ولا شك تدرك مأساة هذه البلاد وحال العمل فيها».
وحال محمود من درعا ليس أقل كارثية. ويعكس الحال الذي وصل إليه، مدى الاستهتار الذي يسم أرباب العمل أمام حقوق عمالهم. ويقول «قبل انتقالي إلى هذا المقهى كنت أعمل في مركز لبيع الجملة (عتالاً) أحمل أكياساً وكراتين وأرصفها في القبو، ثم أعيد تحميلها إلى سيارات التوزيع. أُصبت على أثر هذا العمل بفتق نواة لبية (ديسك)؛ ونتيجة لذلك احتجت إلى زيارات متعددة للطبيب إضافة إلى صور أشعة وعلاج».
وعن دور صاحب عمله في علاجه، أجاب «لم يدفع صاحب المحل أي ليرة في علاجي، وكان يقول لي دائماً، ألا يكفي أنني أسكت عن غيابك المتكرر». وعن نهاية الأمر بينهما، أجاب «واجهته بأن العمل هو من سبّب لي هذا المرض، ليجيب بكل برودة: إذن اتركه إن كان هو السبب، فهناك عشرات غيرك يبحثون عن عمل مكانك».
وتقول سيدة عاملة في مشغل خياطة منذ خمس سنوات «ليست ظروف العمل الصعبة والعمل لمدة تسع ساعات يومياً هي همي الوحيد، وإنما إمكانية فقدان وظيفتي في أي لحظة».
وضمن ظروف عمل صعبة ومجحفة في قبو دائم الرطوبة، وأجر شهري لا يتجاوز 150 ألف ليرة سورية، تقول السيدة «هذه الورشة غير مرخصة، والتفتيش الحكومي يأتي ليأخذ المعلوم (أي مبلغ مالي كرشوة) ثم يغادر، فأقصى أمنية لنا هي أخذ إجازة تمتد ليومين أو ثلاثة من دون خصم هذه الأيام من أجورنا الشهرية».
وتتشابه حال الكثيرين من العاملين في القطاع الخاص بسوريا، حيث تغيب الضوابط والقوانين ويسجل الظلم حضوره في كل مكان.
ومع قصور القوانين وغياب الرقابة، يكون لأرباب العمل اليد العليا في وضع قوانينهم الخاصة التي تصب دوماً في مصلحتهم، وتصل أحياناً إلى حالات الطرد التعسفي من دون النظر إلى سنوات الخدمة الطويلة، ومن دون تعويض مادي لائق أو راتب تقاعدي، وفق القوانين المنصوص عليها.
وتبدو ردود الجهات الرسمية صاحبة الشأن وكأنها إقرار مبطن بالعجز عن أي فعل. ويقول مصدر حكومي من المعنيين بالموضوع «يعمد أرباب العمل في درعا إلى تهريب العمال عند قيام أحد مفتشي التأمينات الاجتماعية بجولة في المنشآت التجارية، وفي حال تسجيل أحد العمال لدينا، استكمالاً لأوراق الترخيص، يقوم صاحب العمل بتسجيل راتب أدنى كثيراً من المتفق عليه؛ خوفاً من الالتزامات المالية التي تترتب عليه في حال تسريح العامل أو إصابته».
وأضاف «يفرض أرباب العمل في حال تسجيل أحد عمالهم في التأمينات، على توقيع طلب الاستقالة مسبقاً من أجل جعل العامل تحت رحمتهم دوماً».
وقال محامي قانوني في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن «الظروف الحالية لسوريا، والتردي الاقتصادي، وضعف استقطاب سوق العمل، تساعد في تغول أصحاب المصالح الاقتصادية على موظفيهم وعمالهم من دون خوف من رادع أو قانون قد يحاسبهم. فالحكومة ووزاراتها المعنية ونقابات العمال الكثيرة بصمتها وتساهلها وقبول إسكاتها بالرشى والمحسوبيات، والشللية كلها تتضافر لتزيد من الطين بلة. وتجعل الظلم في القطاع الخاص، سواء بالأجور الزهيدة وساعات العمل الطويلة جداً والمرهقة، وعدم الحماية أو التأمين الصحي ضد الأضرار الجسدية، أمراً واقعاً تقف الدولة أمامه متفرجة ومتهاونة».
وأضاف، أن «سياسة الإهمال لقضايا عمال القطاع الخاص، والذي تتحمله الحكومة شجع أصحاب العمل على التمادي في الاستغلال، حتى يبدو أحدهم وكأنه يمنّ على العامل لقاء قبول تشغيله، وإعطائه راتباً هزيلاً، وتهديده برميه في الشارع في حال تذمره أو تقصيره أو مطالبته بأدنى حقوقه... يضاف إلى كل ذلك، رقابة حكومية مغمورة بالفساد».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.