الحبسة الكلامية... الأسباب والعلاج

إصابات في الدماغ تؤدي إلى ضعف القدرة على فهم اللغة أو معالجتها

الحبسة الكلامية... الأسباب والعلاج
TT

الحبسة الكلامية... الأسباب والعلاج

الحبسة الكلامية... الأسباب والعلاج

تخيل قريباً لك أو صديقاً ذا ذكاء وفطنة، قابلته فجأة وهو غير قادر على مشاركتك الحديث أو فهم أفكارك أو الكلمات المعهودة بينكما. أو أنك وجدته فجأة يتكلم بجمل قصيرة غير مفهومة أو غير كاملة، أو بكلمات لا معنى لها، أو أنه يستبدل كلمة بأخرى أو صوتاً بآخر. أو أنه يحاول قراءة شيء ما ولا يمكنه التعرف على الكلمات، أو يحاول قول شيء ما فيبدو وكأنه رطانة.

- حبسة الكلام
هذه هي «الحبسة الكلامية» (Aphasia)، وهي حالة معرفية تضعف القدرة على فهم اللغة أو معالجتها. عانت منها وجوه شهيرة كثيرة، منهم السياسيون (عضوة الكونغرس الأميركي غابي جيفوردز، مدير وكالة المخابرات المركزية CIA مايكل هايدن)، والممثلون والممثلات (الممثل الشهير بروس ويليس، مارك ماكوين، إميليا كلارك، شارون ستون)، حيث أصيبوا بفقدان مفاجئ في القدرة اللغوية.
يعلق على هذه الإصابات الدكتور ديفيد نوبمان أستاذ علم الأعصاب في «مايو كلينيك» في روتشستر، مينيسوتا، موضحاً أن «الحبسة» هي ذاك النوع من الأعراض التي تلفت الانتباه إلى نفسها على الفور، وأن الصعوبات في معالجة أو التعبير عن الاتصال الشفوي والكتابي واضحة للمريض نفسه أو للأشخاص من حوله. ويمكن بعد ذلك تشخيص السبب الدقيق من خلال التصوير.
تحدث الحبسة (Aphasia) عموماً بعد إصابة في الرأس كالإصابة بسكتة دماغية أو قد تحدث أيضاً بمرور الوقت بسبب ورم دماغي بطيء النمو أو تلف تنكسي. وتعتمد شدة الحبسة على عدد من العوامل، بما في ذلك سبب ومدى تلف الدماغ.
بالنسبة لمعظم الناس، تؤثر الحبسة على الجزء الأيسر من الدماغ. قد تحدث الحبسة مع اضطرابات الكلام، مثل عسر الكلام أو تعذر الأداء النطقي، الذي ينتج أيضاً عن تلف الدماغ، وفقاً للخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (NHS).
معظم الأشخاص الذين يصابون بالحبسة هم في منتصف العمر أو أكبر. ومع ذلك، يمكن لأي شخص الإصابة بالحبسة في أي مرحلة عمرية بما في ذلك الأطفال.
يعتبر مرض الحبسة الكلامية أكثر شيوعاً من مرض الباركنسون، والشلل الدماغي، وضمور العضلات، فهو يصيب نحو مليون شخص في الولايات المتحدة، ويصاب به ما يقرب من 180 ألف شخص كل عام، وفقاً لجمعية الحبسة الوطنية (National Aphasia Association).

- الأسباب والأعراض
* هل سبب الإصابة بالحبسة معروف؟ تقول الدكتورة دانييل بوريير المتخصصة في أمراض النطق واللغة وعلاج الاضطرابات العصبية للبالغين وطب الأطفال واضطرابات عسر البلع في مركز «لوغر سكرانتون» (Luger Scranton) للخدمات المساعدة لإعادة التأهيل في بنسيلفانيا - نعم، فإن السكتة الدماغية هي المسبب الأبرز لفقدان القدرة على الكلام، إذ يصاب بالحبسة الكلامية بين 25 في المائة و40 في المائة من الناجين من السكتات الدماغية، وفقاً لجمعية الحبسة الوطنية. وأيضاً تحدث الحبسة بسبب تلف في المناطق اللغوية بالدماغ، وغالباً ما ينتج عن إصابات دماغ رضية، أو عدوى، أو ورم في الدماغ، أو مرض تنكسي مثل الخرف. عادة، المتقدمون في السن هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
> هل الحبسة وراثية؟ تنجم معظم حالات الحبسة عن ظروف غير موروثة. ومع ذلك، فقد تم ربط الحبسة التقدمية الأولية Primary progressive aphasia) (PPA)) بالعوامل الموروثة. حوالي 40 – 50 في المائة من مرضى «PPA» لديهم تاريخ عائلي للاضطراب.
أما أهم الأعراض، فهي فقدان القدرة على التواصل، وصعوبة الكتابة والكلام وحتى فهم ما يقوله الآخرون.
> قد يواجه المريض المصاب صعوبة لإيجاد الكلمات، ويستخدم كلمات خارج السياق، ويتحدث بطريقة متقطعة ومتعثرة، أو ينطق بجمل قصيرة أو غير كاملة، وقد يختلق كلمات لا معنى لها ويستخدمها في كلامه أو كتاباته.
> قد يعاني الشخص المصاب بالحبسة الكلامية من مشكلات في نسخ الحروف والكلمات بدقة، ويمكن أن تكون عملية التواصل من خلال الكتابة مليئة بالأخطاء النحوية والجمل السريعة، حسب جمعية الاستماع إلى اللغة والنطق الأميركية (ASHA).
> قد يؤثر هذا المرض على قدرة المريض على فهم الآخرين، فقد لا يفهم الجمل المحكية أو المكتوبة، أو يحتاجون إلى وقت إضافي لاستيعاب وفهم ما يُقال له أو ما يقرأه.
> قد يفقد المريض قدرته على التعرف إلى الكلمات بصرياً أو نطق الكلمات المكتوبة، كما قد يصعب عليه متابعة من يتحدث بسرعة، أو استيعاب الجمل والمفاهيم المعقدة.
> يختلف أثر الحبسة من شخص لآخر استناداً إلى مدى الضرر الذي أصاب الدماغ وموقعه. فبعض الأشخاص يفقدون قدرتهم للعثور على الكلمات والعبارات أو تكرارها فقط، لكن ما زال يمكنهم الكلام والفهم. وهذا ما يسمى حبسة «بالطلاقة»، مقارنة مع حبسة «بدون طلاقة» لأولئك الذين يعانون من أضرار جسيمة.
* لا يؤثر فقدان القدرة على الكلام على الذكاء، فبعض الأشخاص يتحسنون بشكل كبير في غضون بضعة أشهر. قد يحتاج الآخرون إلى إيجاد طرق أخرى للتواصل، حيث يمكن أن يساعدهم علاج النطق واللغة.

- التشخيص والعلاج
> أنواع الحبسة. يمكن تصنيف الحبسة على نطاق واسع إلى فئتين - بطلاقة (fluent) وبدون طلاقة (nonfluent)، وهناك عدة أنواع داخل هاتين الفئتين.
النوع الأكثر شيوعاً من الحبسة بطلاقة هو حبسة فيرنيك (Wernicke›s aphasia)، أما النوع الأكثر شيوعاً من الحبسة بدون طلاقة فهو حبسة بروكا (Broca›s aphasia).
هناك نوع آخر من الحبسة الكلامية، من بين أنواع أخرى، هو الحبسة الشاملة (global aphasia)، التي تنتج عن تلف أجزاء واسعة من مناطق اللغة في الدماغ.
> كيف يتم تشخيص الحبسة؟ من المؤكد أن يقوم مقدم الرعاية الصحية بإجراء فحوصات جسدية وعصبية، وعمل اختبار للقوة والشعور وردود الأفعال، والاستماع إلى القلب والأوعية الدموية، وبشكل خاص تلك الموجودة في الرقبة. يمكن استخدام اختبار التصوير، عادة ما يكون التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب، لتحديد سبب الحبسة الكلامية بسرعة.
> كيف يتم علاج الحبسة؟ وفقاً للدراسات، فإن اختصاصيي أمراض النطق «الافتراضي» يوفرون لهؤلاء المرضى المرونة والراحة في الحصول على العلاج في منازلهم من خلال أجهزة الكومبيوتر.
يهدف علاج الحبسة إلى تحسين قدرة الشخص على التواصل من خلال مساعدته على استخدام القدرات اللغوية المتبقية، واستعادة القدرات اللغوية المفقودة قدر الإمكان، وتعلم طرق أخرى للتواصل مثل الإيماءات أو الصور أو استخدام الأجهزة الإلكترونية.
يركز العلاج على الأعراض المرضية التي يعاني منها المصاب، فمن يعانون من الحبسة الكلامية الأكثر اعتدالاً، يمكن أن يكون علاجهم إصلاحياً، من خلال خضوعهم لعلاج النطق بهدف إعادة تدريب الدماغ على التعرف إلى الكلمات، والتحدث، والكتابة.
الأشخاص الذين يعانون من مرض تنكسي، يُتوقع أن يعانوا من تراجع أكثر، ويركز الاختصاصيون الصحيون في هذه الحالة غالباً على تقديم مساعدة تعويضية على شكل صور، وحروف طباعة كبيرة، لمساعدة الشخص على التواصل.
ووفقاً لجمعية الحبسة الوطنية، فإنه يصعب الشفاء التام من الحبسة الكلامية إذا استمرت أعراض المرض لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر عقب السكتة الدماغية، وأن بعض الأشخاص يستمرون بالتحسن على مدى سنوات وحتى عقود.
هناك جلسات علاج فردية تركز على احتياجات الأشخاص، وجلسات علاج جماعية تساعد في طرق التواصل بشكل أفضل في مكان عام.
يشارك مرضى الحبسة الكلامية في الأنشطة، بشكل متزايد، في نوادي الكتب، ومجموعات التكنولوجيا، ونوادي الفن والدراما.
الباحثون مستمرون في إيجاد أنواع جديدة من علاج النطق وطرق غير جراحية مثل الإجراء الذي يستخدم النبضات المغناطيسية لتحفيز خلايا الدماغ.

- المضاعفات والدعم
من الصعب أن يعيش مريض الحبسة حياة عادية كغيره، فالحبسة تؤثر في المقام الأول على الكلام، ولكن يمكن أيضاً أن يتأثر الفهم والقراءة والكتابة، مما يجعل من الصعب على الناجين التواصل والتنقل في الحياة اليومية. الحبسة لا تؤثر على ذكاء الناجي. عادة ما يعرف الناجون من الحبسة الكلامية ما يريدون قوله. ولكنهم غير قادرين على قول ما يريدون.
> حالات متنوعة. هناك حالات من الحبسة يكون فيها تلف الدماغ خفيفاً، لا يحتاج جميع المصابين بها إلى علاج. فقد يستعيد الشخص جميع مهاراته اللغوية السابقة دون علاج. ومع ذلك، يخضع معظم الأشخاص لعلاج النطق واللغة. يساعد ذلك في إعادة تأهيل مهاراتهم اللغوية واستكمال خبراتهم في التواصل.
في معظم الحالات، تكون الحبسة علامة على تلف أو اضطرابات خطيرة في الدماغ، فمعظم الحالات التي تسبب الحبسة هي حالات شديدة، وبعضها حالات طوارئ طبية مميتة تهدد الحياة.
الحبسة التقدمية الأولية Primary progressive aphasia) (PPA)) هي حالة عصبية تؤدي إلى فقدان المهارات اللغوية، وهي نوع من الخرف وقد تكون علامة على مرض ألزهايمر. في البداية، قد يواجه المريض صعوبة في العثور على الكلمات الصحيحة للأشياء أو فهم الآخرين وما يلبث أن تتطور حالته للأسوأ.
إن متوسط العمر المتوقع لمرضى الحبسة الكلامية، منذ ظهور المرض، هو 3 إلى 12 سنة. غالباً ما تؤدي المضاعفات الناتجة عن الحالة الأولية المتقدمة، مثل صعوبات البلع، إلى الانخفاض في جودة الحياة وفي نهاية المطاف تدهور الحالة الصحية.
> كيف تدعم مريضاً مصاباً بالحبسة الكلامية؟ تقول الدكتورة دانييل بوريير ذات خبرة الـ25 عاماً في علاج أمراض النطق واللغة عند الأطفال والبالغين - من السهل جداً على الشخص المصاب بالحبسة أن يشعر بالإحباط والعزلة والاكتئاب. ونظراً لتأثر قدرته على التواصل، فقد يشعر بالانفصال عن أحبائه والعالم من حوله.
> النصائح التالية قد تساعد في دعم هذا المصاب:
أولاً: أفراد الأسرة والأصدقاء يمكنهم الدعم والمساعدة على التواصل عن طريق:
- الحفاظ على لغتهم واضحة وبسيطة والتكلم ببطء.
- إعطاء المريض وقتاً للتحدث وصياغة الأفكار - منحه وقتاً لاستيعاب ما يقولون والرد عليهم.
- استخدام جمل قصيرة للتواصل.
- تقليل ضوضاء الخلفية/ المشتتات.
- استخدام جميع أشكال الاتصال لتعزيز ما يقولون - استخدم الإيماءات الواضحة وأدوات الرسم والتواصل إذا لزم الأمر.
ثانياً: مساعدة شخص مصاب بالحبسة على التعبير عن نفسه من خلال:
- لا تقاطع المريض واسأله عما إذا كانت هناك حاجة إلى مساعدته قبل تقديمها له.
- استخدام أنظمة اتصال بديلة إذا كان ذلك مناسباً (مثل لوحة المفاتيح، التعبير الكتابي، تطبيقات الاتصال على الأجهزة، وما إلى ذلك).
- طرح أسئلة دقيقة لا تتطلب سوى إجابة «نعم» أو «لا» بدلاً من الأسئلة المفتوحة. امنح المريض متسعاً من الوقت للرد. لا تطرح الكثير من الأسئلة بسرعة كبيرة، فقد يشعرون بالإرهاق والإحباط.
- انظر أيضاً واستمع - ستحصل على معلومات من الإيماءات الطبيعية وتعبيرات الوجه ولغة الجسد.
- تواصل لفهم المريض، إذا كنت تواجه صعوبة في فهم اتصالاته، فكن صريحاً وأخبره: «أنا آسف، لا أفهم - فلنحاول مرة أخرى».

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

ربما تكون مثل كثير من الناس الذين من أوائل الأشياء التي يقومون بها كل صباح هو النظر من النافذة لمعرفة حالة الطقس

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.