كيف يسهم التعاون الدولي في مواجهة «أزمة المناخ»؟

مبعوث المملكة حذر من «تراكم المشكلات»

جانب من فعاليات جلسة «ضرورة التعاون» ضمن مبادرة منتدى «السعودية الخضراء» (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات جلسة «ضرورة التعاون» ضمن مبادرة منتدى «السعودية الخضراء» (الشرق الأوسط)
TT

كيف يسهم التعاون الدولي في مواجهة «أزمة المناخ»؟

جانب من فعاليات جلسة «ضرورة التعاون» ضمن مبادرة منتدى «السعودية الخضراء» (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات جلسة «ضرورة التعاون» ضمن مبادرة منتدى «السعودية الخضراء» (الشرق الأوسط)

حذر عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية وعضو مجلس الوزراء والمبعوث السعودي لشؤون المناخ، من «تراكم المشكلات المناخية». وقال خلال منتدى «مبادرة السعودية الخضراء»، اليوم (السبت)، إن «الأزمات المناخية تعد مصدراً للصراع، لا سيما مع تأثيرها على الأمن الغذائي والاقتصادي»، داعياً إلى «تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهتها».
وشهدت مدينة شرم الشيخ المصرية، على مدار يومين، النسخة الثانية لمنتدى «مبادرة السعودية الخضراء»، الذي يعقد في إطار مؤتمر المناخ «كوب 27».
وأكد الجبير، في الجلسة التي حملت عنوان «ضرورة التعاون»، «التزام السعودية بالعمل من أجل مستقبل أفضل لكوكب الأرض». وقال إنه «إذا لم يتعاون العالم الآن لحل المشكلات المناخية فإنها ستدفننا».
وأوضح أن «أزمة المناخ لا تعترف بجنس أو نوع أو حدود»، ما يفرض على الجميع «تحمل المسؤولية لمواجهتها»، مشيراً إلى مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقت المملكة نسختها الثانية من شرم الشيخ قبل أيام. وأضاف أن «السعودية لديها مسؤولية كدولة مصدرة للبترول، ومن هنا جاء إطلاق المبادرة التي من بين أهدافها زرع 50 مليون شجرة، وتوفير تمويل يقدر بنحو نصف مليار دولار للتصدي للتصحر، إضافة إلى العمل مع دول المنطقة من أجل خفض الانبعاثات، وتعزيز صناديق الأمن الغذائي، والانتقال نحو التحول الأخضر».
واستعرض مبعوث المناخ 17 مبادرة سعودية أخرى للطاقة المتجددة. وقال: «على دول العالم المشاركة في هذا الزخم المناخي والعمل على تنفيذ المبادرات لمواجهة أزمات الكوكب».
وأطلقت السعودية قبل أيام النسخة الثانية من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بالتزامن مع مؤتمر المناخ «كوب 27».

بدورها، قالت السفيرة باتريسيا إسبينوزا، الأمينة التنفيذية السابقة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول المناخ، في كلمتها خلال الجلسة، إن «الاتفاقية الإطارية ومؤتمر المناخ يوفران فرصة لقادة المجتمع الدولي للتجمع ومناقشة الأزمة المناخية، بالمشاركة مع ممثلين للقطاع الخاص والمجتمع المدني، وممثلي مؤسسات التمويل الدولية، ما يخلق حالة من الزخم ينبغي استغلالها لتنفيذ أفعال على الأرض».
من جانبه، قال نايجل توبينغ، رائد الأمم المتحدة للمناخ في مؤتمر «كوب 26»، الذي عقد العام الماضي في بريطانيا، إن «مؤتمر الأطراف في شرم الشيخ (كوب 27) أطلق أجندة للتكيف المناخي، تضم 30 نقطة، تشمل حلولاً تنفيذية على جميع دول العالم العمل على تحقيقها لإنقاذ ملايين البشر المهددين بسبب التغيرات المناخية».
وتطرقت المناقشات إلى العلاقة بين الأمن والمناخ، حيث أكد الجبير أنه «دون أمن واستقرار لا يمكن لأي دولة في العالم أن تنخرط في مسار التنمية»، لافتاً إلى أهمية «التعليم والتثقيف وتشجيع القطاع الخاص على فهم التحول الأخضر وفوائده الاقتصادية».
فيما شددت اسبينوزا على «أهمية التعاون الدولي»، باعتباره «المسار الأفضل» لمواجهة الأزمة المناخية. وقالت إن «مواجهة هذه الأزمة والاستثمار فيها يجب ألا تتم من منظور تقديم المساعدة للآخرين، بل العكس على الجميع أن يدرك أن الحد من التغيرات المناخية يسهم في درء مخاطر اقتصادية، وأنه في مصلحة الجميع». وأضافت أن «الأمن والمناخ هما قضية واحدة، فلا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في ظل استمرار الأزمة المناخية».
وطالبت إسبينوزا بـ«إصلاح النظام التمويلي الدولي»، وقالت إن «مؤسسات التمويل الدولية لا تستجيب لاحتياجات الكوكب في ما يتعلق بالقضايا المناخية»، مشددة على أنه «لا يمكن حل الأزمة المناخية دون تعاون الجميع؛ الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات التمويلية».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


كيف دمّرت الحرب والسياسة أكبر مشروع زراعي مروي في السودان؟

الحشائش تملأ قنوات الري مما يصعب وصول المياه إلى المزارع (الشرق الأوسط)
الحشائش تملأ قنوات الري مما يصعب وصول المياه إلى المزارع (الشرق الأوسط)
TT

كيف دمّرت الحرب والسياسة أكبر مشروع زراعي مروي في السودان؟

الحشائش تملأ قنوات الري مما يصعب وصول المياه إلى المزارع (الشرق الأوسط)
الحشائش تملأ قنوات الري مما يصعب وصول المياه إلى المزارع (الشرق الأوسط)

يواجه مشروع الجزيرة في السودان (أكبر مشروع زراعي يعمل بالري الانسيابي في العالم، تحت إدارة واحدة) أزمة مُركبة بسبب السياسات الخاطئة التي خرّبته، والحرب التي اندلعت منتصف أبريل (نيسان) 2023، ودمّرت بنيته التحتية من قنوات الري والسكك الحديدية ونهب الآليات والمعدات الزراعية والمخازن ومحالج القطن والمصانع.

والمشروع الذي أنشأه الإنجليز عام 1925 على مساحة تبلغ 2.2 مليون فدان (نحو مليون هكتار)، ويعمل فيه نحو 140 ألف مزارع، يُعدّ شرياناً حيوياً للإنتاج الزراعي في البلاد، لكنه بات يعاني إهمالاً واضحاً، ما أدّى إلى التوقف الكامل لبعض المواسم الزراعية فيه، وتكبّد المزارعين المرتبطين به خسائر فادحة.

وقدَّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن أكثر من 1.8 مليون أسرة سودانية تعمل في الزراعة والرعي داخل المشروع، وأنه يشكّل مصدر دخل أساسياً لها.

المزارع أصبحت مرتعاً للحيوانات بعد أن هجرها أصحابها بسبب الحرب (الشرق الأوسط)

وفي ظل الحرب بات المزارعون يجدون صعوبة في الوصول إلى مزارعهم لأسباب أمنية، أو الحصول على المواد الأولية للزراعة.

خسائر بالمليارات

ووفقاً لوزير الزراعة السوداني، البروفسور عصمت قرشي عبد الله، فإن خسائر القطاع الزراعي تتجاوز 100 مليار دولار، وهي أرقام أولية، وأنهم ماضون في عمل إحصاءات دقيقة مصحوبة بدراسات متخصصة لتقديمها للجهات الداعمة.

وشكا المزارع عمر يوسف من الانهيار الكامل جرّاء تدمير البنية التحتية للري ونهب المؤسسات الحكومية والآليات الزراعية والمخازن والمصانع وخطوط السكك الحديدية ما أدّى إلى خسائر مالية كبيرة.

وقال يوسف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غياب كامل لمؤسسات الدولة، ونحن نشاهد مسؤولي الإدارة والري في أيام الحصاد فقط، وليس لديهم أي دور سوى جمع الضرائب (الجبايات) وتحصيل الأموال الهائلة دون معرفة أوجه صرفها».

أحد المزارعين يقوم بإصلاح مساحات شاسعة في أرضه يدوياً (الشرق الأوسط)

وأوضح يوسف أن «المزارعين يعتمدون على الجهد الذاتي دون دعم أو عون من الدولة أو من إدارة المشروع».

وأضاف: «التجار والبنوك الزراعية يتحكمون في المزارع البسيط... نتمنى أن تنعكس الضرائب التي تجبى على المزارعين في تطهير قنوات الري وإنشاء الكباري». لافتاً إلى أن «80 في المائة من سكان ولاية الجزيرة يعتمدون على الزراعة، لكن ولاية الجزيرة تعاني استشراء الفساد، ونريد وضع حدٍّ للفساد والنهوض بالزراعة».

فشل حكومي

من جهته، يقول المزارع، فخر الدين يوسف، إن تدمير مشروع الجزيرة ليس مجرد فشل حكومي أو خطأ إداري، بل جريمة منظمة تسببت في فقدان البلاد ثروة اقتصادية كبيرة.

وأوضح يوسف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن كبرى المشكلات التي تواجه المزارعين «تتمثّل في توزيع التقاوي والأسمدة منتهية الصلاحية، فيما يعاني الذين يموّلون زراعتهم على نفقتهم الخاصة غلاء الأسعار وجشع التجار، إلى درجة انعدام التوافق بين التكلفة والإنتاج».

وشدّد يوسف على ضرورة تأهيل قنوات الري وعودة السكك الحديدية وتأهيل المخازن والمصانع، ومحاسبة الفاسدين، وإعادة نظام التمويل الحكومي بكل عدالة ومساواة وشفافية للمزارعين، وإرجاع المهندسين والخبراء الزراعيين الذين هجروا المشروع، وتعيين إدارة جديدة مستقلة بعيداً عن السياسة.

الحشائش تملأ قنوات الري مما يصعب وصول المياه إلى المزارع (الشرق الأوسط)

بدوره، أوضح المزارع أحمد علي أن المشروع، الذي يتمدّد على مساحة شاسعة بوصفه أكبر مشروع ريّ انسيابي تحت إدارة واحدة، ويضم 18 قسماً، ويعتمد على صغار المزارعين الذين يُقدّر عددهم بنحو 140 ألف مزارع، قد تعرّض لأكبر نكسة منذ إنشائه بسبب انهياره كلياً، وأصبح ساحة للنهب والدمار.

وقال علي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الحرب دمّرت المشروع، وأصبح ساحة للفوضى، ونُهبت مؤسسات المشروع الإدارية والخدمية والسكنية، واحترق بعضها إبّان سيطرة (قوات الدعم السريع) على أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة». لافتاً إلى أن عملية التخريب شملت خطوط السكك الحديدية التي كانت تسير عليها القاطرات لمسافة تزيد على 1200 كيلومتر، لتغطي كامل منطقة الجزيرة والمناقل بطاقة 34 قاطرة و1100 عربة ترحيل تعمل أساساً في نقل السلع والحبوب، وتبلغ قيمة البنية الأساسية للسكك الحديدية التي بيعت خردة ما يقارب 200 مليون دولار.

امتصاص الصدمة

محافظ مشروع الجزيرة، المهندس إبراهيم مصطفى، سبق أن أقرّ في تصريحات إعلامية بمواجهة مشكلات في عملية الري، فضلاً عن وجود الحشائش والطمي وقنوات الري التي تحتاج إلى الصيانة، وتمثّل هاجساً كبيراً. وأكّد أن إدارة المشروع تسعى، بالتنسيق مع وزارة الري، إلى تجاوز المشكلة، وتوفير كلّ الإمكانات لإصلاح عملية الري.

المزارع علي أحمد في حقله (الشرق الأوسط)

وأوضح المحافظ أن المساحة المزروعة في الموسم الصيفي الماضي بلغت 500 ألف فدان، وأن إدارة المشروع تبذل قصارى جهدها لدعم المزارعين والإسهام في امتصاص الصدمة والعودة إلى العملية الإنتاجية، رغم الضربات القوية الموجعة التي تلقّاها المشروع. وأشار مصطفى إلى سريان حالة من الخوف في المشروع، لكنه أوضح أن الأمور مضت بسلام بفضل مساعي الإدارة والمزارعين.

الخبير الاقتصادي د. محمد الناير يقول إن مشروع الجزيرة يُعد ركيزة أساسية للاقتصاد السوداني، ويُعتبر من أكبر المشروعات على مستوى العالم، ويمتلك مساحة كبيرة، ويُروى انسيابياً عبر أنظمة الري المعتمدة. وأوضح الناير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع يضم 2.2 مليون فدان، ما يعادل 900 ألف هكتار، الأمر الذي يجعله من أكبر المشروعات الزراعية على مستوى العالم، إذ يمتلك رقعة زراعية في مكان واحد ويُروى انسيابياً، وهي ميزة كبيرة لهذا المشروع الضخم الذي ظل يدعم الاقتصاد السوداني بصورة كبيرة من خلال زراعة محصولات مهمة مثل محاصيل القطن والقمح والذرة وغيرها من المحاصيل الأخرى.

المزارع فخر الدين يوسف وسط مزرعته (الشرق الأوسط)

وأضاف الناير: «هذا المشروع تراجع أداؤه بصورة كبيرة بسبب قانون 2005، الذي أعطى المزارع حرية مطلقة في زراعة أرضه بما يشاء، وقد أثّر ذلك سلباً بصورة كبيرة. ففي السابق كانت هناك رؤية زراعية متكاملة من قبل الدولة، يتم من خلالها تحديد المساحات المزروعة من القطن والقمح والمحاصيل الأخرى، ما يسهّل مكافحة الآفات الزراعية».

وتابع: «المزارع الآن يقوم بتنويع المحاصيل في رقعة زراعية واحدة، وبالتالي يصعب مكافحة الآفات. وعندما حاولت الدولة التدخل لإصلاحات لم تنجح بسبب فقدان المشروع للسكك الحديدية، ومحالج القطن ومصانع الزيوت التي كانت مكملة له بصورة كبيرة. وتعرض المشروع للنهب والتدمير الممنهج».

وأضاف: «هناك عقبات تواجه المشروع في استزراع المساحات الكبيرة، مثل نظافة قنوات الري، وعمليات تمويل المزارعين، وتوفير التقاوي والأسمدة، وإعادة مؤسسة الأقطان السودانية التي كانت تشتري محصول القطن بأسعار مجزية، وإعادة صيانة المحالج ومعاصر الزيوت الملحقة بالمشروع، لتضيف قيمة مضافة له حتى يعود أفضل مما كان عليه في السابق».


خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
TT

خفض معدلات الإنجاب بمصر... حديث متكرر «لا يقلل مخاوف الأزمة السكانية»

نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)
نائب وزير الصحة المصري عبلة الألفي أثناء مشاركتها في الدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية بالعراق السبت (الصحة المصرية)

أعاد مسؤولون مصريون الحديث عن خفض معدلات الإنجاب، وهو ما عكسته الإحصاءات الرسمية التي تؤكد «استمرار تراجع أعداد المواليد عند مقارنتها بالسنوات الماضية»، غير أن ذلك «لا يقلل من مخاوف الأزمات السكانية في ظل الضغط على الخدمات العامة».

وأكدت نائب وزير الصحة والسكان، عبلة الألفي، السبت، أن «تشجيع المباعدة بين الولادات (3 - 5 سنوات) وتوفير خدمات الصحة الإنجابية أسهما في خفض معدل الإنجاب الكلي إلى 2.4 مولود لكل سيدة قبل الموعد المستهدف». وأشارت خلال مشاركتها في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية المنعقدة في بغداد إلى «انخفاض عدد المواليد إلى 1.968 مليون مولود خلال عام واحد لأول مرة منذ عام 2007، مع تحسن ملحوظ في مؤشرات التقزم والرضاعة الطبيعية ووفيات الأمهات والأطفال».

واستعرضت أبرز الإنجازات المصرية، منها «البرنامج القومي لتنمية الأسرة المصرية (2022-2025)، والاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية (2023-2030)، والخطة العاجلة (2025-2027)، والمبادرات الرئاسية لتحاليل ما قبل الزواج ورعاية الألف يوم الذهبية».

كانت أرقام سابقة قد صدرت عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قد أشارت إلى «تراجع عدد المواليد بنهاية العام الماضي بنسبة 3.7 في المائة، في استمرار لاتجاه انخفاض معدلات الزيادة السكانية خلال السنوات الخمس الأخيرة».

وانخفض معدل المواليد السنوي في مصر من 19.4 لكل ألف من السكان عام 2023، إلى 18.5 لكل ألف عام 2024، وفق «جهاز الإحصاء» المصري.

لكن عضو «لجنة الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيرين سعيد، ترى أن التراجع في أعداد المواليد «لا يقلل من مخاوف الأزمة السكانية»، وذلك يعود لأن «معدلات التنمية الاقتصادية تسير ببطء، كما أن هناك مشكلة في التوزيع السكاني مع استمرار التمركز في مساحة صغيرة على شريط وادي النيل، وهو ما يقود إلى التكدس الحالي الذي ينعكس سلباً على مستوى معيشة الفرد».

نائب وزير الصحة عمرو قنديل في جولة داخل أحد المستشفيات الحكومية بالجيزة (أرشيفية - وزارة الصحة)

وشهدت معدلات التنمية في مصر نمواً إيجابياً، حيث استهدف العام المالي 2024-2025 نمواً يتجاوز 4 في المائة، ووصل في الربع الثالث إلى 4.77 في المائة، مع توقعات بأن يصل إلى 5 في المائة بنهاية العام الحالي. لكنها سجلت معدلات متراجعة في السنوات الماضية، وسجل الاقتصاد المصري تباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 2.4 في المائة في العام المالي 2023-2024، وفقاً لإحصاءات حكومية.

وأوضحت إيرين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «العجز المستمر في الموازنة العامة يجعل هناك صعوبات في تطوير خدمات التعليم والصحة، وهي مجالات خدمية رئيسية تتعلق بالأزمة السكانية، وهناك نقص في أعداد المعلمين ومع توغل التعليم الخاص والدولي لعدم قدرة الحكومة بناء المدارس الحكومية».

وأضافت: «على مستوى الخدمات الصحية فإن خدمات المستشفيات الحكومية تعاني أيضاً مشكلات بشأن استيعاب الزيادة السكانية، ولم تعد قرارات (العلاج على نفقة الدولة) كافية لمن يستفيد منها مع ارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات، كما أن تراجع معدلات الولادة الطبيعية يعود في مصر إلى نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية وارتفاع تكاليف الإقامة في المستشفيات الخاصة».

وزارة الصحة المصرية تولي اهتماماً برعاية الأمهات والأطفال مما قاد إلى تراجع معدلات الوفيات (وزارة الصحة المصرية)

في حين أكدت عبلة الألفي أن «القضية السكانية منظومة حياة ترتكز على تنمية الأسرة، وصحة الأم والطفل، وتمكين المرأة والشباب، وتحقيق (طول العمر الصحي)، استعداداً لـ(الاقتصاد الفضي) مع توقع وصول نسبة كبار السن إلى 10.6 في المائة بحلول 2050».

وشددت إيرين سعيد على أن الطب شهد تقدماً ملحوظاً في مصر، وهناك جودة في الخدمات الطبية المقدمة تسهم في تراجع معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال مع اختفاء الظواهر القديمة المرتبطة بالولادة داخل المنزل، كما أن وزارة الصحة تعمل بالتعاون مع منظمة الصحية على توفير أفضل بروتوكولات العلاج، وهو ما يفسر تراجع معدلات وفيات الأمهات والأطفال.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلن وزير الصحة والسكان المصري، خالد عبد الغفار «تحقيق أدنى معدل إنجاب في مصر خلال الـ17 عاماً الماضية»، مشيراً إلى أن «عدد المواليد خلال عام 2024 لم يتجاوز 1.968 مليون مولود، مقارنةً بـ2.045 مليون مولود في 2023».

وعلى الرغم من ذلك ارتفع عدد السكان في مصر إلى 108 ملايين نسمة في الداخل، حسب إحصاء حكومي، صادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في أغسطس (آب) الماضي، وزاد عدد السكان في مصر 1.48 مليون في الفترة الممتدة من 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حتى 16 أغسطس 2025.

وحسب «جهاز الإحصاء» أيضاً فإن زيادة السكان «تستنزف موارد الدولة، وتُشكِّل عائقاً أمام جهود رفع مستوى المعيشة، في ظل الأزمات التي يشهدها العالم أخيراً».

وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن «الدولة المصرية تحتاج إلى إنفاق ما بين تريليون وتريليوني دولار سنوياً»، مشيراً إلى أن «معدلات الزيادة السكانية غير المنضبطة تؤثر سلباً على قدرة الدولة على تقديم الخدمات»، مضيفاً أن «الدول التي تعاني من معدل نمو سكاني سلبي لا تحتاج إلى بناء مستشفيات أو مدارس أو جامعات جديدة أو طرق».


مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
TT

مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)

خرج متظاهرون يمثلون مختلف التيارات السياسية، السبت، في مسيرة جديدة وسط العاصمة تونس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفع القيود عن الحريات، وفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وتأتي المظاهرة الثالثة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة لزيادة الضغط على السلطات، بعد حملة إيقافات لمعارضين وأحكام قضائية مشددة في قضية «التآمر على أمن الدولة».

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية السبت (أ.ف.ب)

وتجمع المتظاهرون، ومن بينهم عائلات المعتقلين، في ساحة بمنطقة «باب الخضراء»، ورفعوا صور السياسيين الموقوفين في السجون. مرددين: «لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب»، و«حريات حريات دولة البوليسوفات (انتهت)»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و «المعارضة ليست جريمة» و«الحرية لتونس»، كما حملوا صور عشرات القادة والنشطاء المعتقلين، وقال يوسف الشواشي، شقيق السياسي المعارض والوزير السابق غازي الشواشي الموقوف في قضية التآمر، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لم تعد لنا ثقة في القضاء، ولا مؤسسات الدولة. لم يبق لنا غير الشارع للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين».

المسيرة الجديدة وسط العاصمة تونس طالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع القيود عن الحريات (أ.ف.ب)

وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت قبل أيام أغلب الأحكام، التي صدرت ضد العشرات من السياسيين ورجال الأعمال والنشطاء الموقوفين، منذ فبراير (شباط) 2023 في قضية التآمر على أمن الدولة، في جلسات محاكمة لقيت انتقادات من المعارضة ومنظمات حقوقية. ووصلت تلك الأحكام في أقصاها إلى السجن مدة 45 عاماً، وأعقبتها إيقافات طالت زعيم «جبهة الخلاص الوطني» السياسي البارز، أحمد نجيب الشابي (82 عاماً) والمحامي العياشي الهمامي، والناشطة السياسية شيماء عيسى، لتطبيق عقوبات سجنية بحقهم. وتتهم السلطة الموقوفين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، بينما تتهم المعارضة النظام القائم بتلفيق تهم سياسية إلى السجناء وإخضاع القضاء إلى أوامره. من جهته، قال الناشط في المجتمع المدني، مسعود الرمضاني، خلال مشاركته في مسيرة اليوم إن التحركات السلمية «هي السبيل الوحيد لفرض إرادة الناس. الوضع تعيس، ووصل إلى مرحلة خطيرة على مستوى الحريات، وحتى على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية». وتابع الرمضاني مشدداً على ضرورة أن يتحرك الشعب «للمطالبة بحقوقه التي أتت بها الثورة، والحق في أن يكون له مجتمع مدني وحياة سياسية. برنامج السلطة الحالية هو القضاء على المجتمع المدني والأحزاب والعودة إلى ما قبل الثورة». وتتصاعد موجة الاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيد، وسط اتهام منظمات حقوقية له باستخدام القضاء والشرطة لقمع المعارضين، وترسيخ حكم فردي استبدادي، وهي اتهامات ينفيها الرئيس سعيد.

وأمس، الجمعة، دعت عدة مكونات سياسية ومدنية معارضة إلى تنظيم مسيرة اليوم، تحت شعار «المعارضة ليست جريمة».

وجاء في نص الدعوة أنه «لا يمر أسبوع دون أن تشهد البلاد سلسلة من الاعتقالات والمحاكمات والتضييقات، آخرها اعتقال المعارضين السياسيين شيماء عيسى والعياشي الهمامي، وأحمد نجيب الشابي بعد صدور الأحكام النهائية في قضية (التآمر)».

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)

وأكد الداعون أن «رواية (المؤامرة) تحولت إلى أداة للهيمنة والشيطنة، يستخدمها النظام الحالي لقمع معارضيه، والزج بهم في السجون، وتثبيت حكم فردي استبدادي بالقوة والعقاب، بينما فشل النظام في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية التي تعيشها البلاد».

وشدّدت هذه المكونات على أن «الوضع القاتم الذي يسعى النظام لفرضه عبر العقاب والتخويف، لا يمكن مواجهته إلا بمواصلة النضال المدني والسياسي الديمقراطي، والتمسك بحق التعبير عن المعارضة، الذي يحاول النظام تجريمه بالسجون والمحاكم».

ودعت المكونات المعارضة إلى «مسيرة ضد الظلم وضد تجريم العمل السياسي المعارض»، للتأكيد على حق المواطنين في التظاهر السلمي والمطالبة بالحرية والعدالة.