قمة الجزائر: هل تحبط التحفظات العربية تحركاً مصرياً لإدانة تركيا؟

القاهرة ستُركز على «الممارسات السلبية» رغم إشارات أنقرة «الإيجابية»

العاصمة الجزائرية تكمل ترتيباتها اللوجيستية والأمنية لاستقبال القمة (الشرق الأوسط)
العاصمة الجزائرية تكمل ترتيباتها اللوجيستية والأمنية لاستقبال القمة (الشرق الأوسط)
TT

قمة الجزائر: هل تحبط التحفظات العربية تحركاً مصرياً لإدانة تركيا؟

العاصمة الجزائرية تكمل ترتيباتها اللوجيستية والأمنية لاستقبال القمة (الشرق الأوسط)
العاصمة الجزائرية تكمل ترتيباتها اللوجيستية والأمنية لاستقبال القمة (الشرق الأوسط)

ثمة صعوبات في تبني موقف عربي جماعي يتعلق بإدانة صريحة للتدخلات التركية الإقليمية، خلال قمة الجزائر المرتقبة، في ظل التباين الواضح بين مواقف الدول العربية. ووفق سياسيين مصريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن هناك «تحفظات عربية» متوقعة تجاه تخصيص قرار أو إدانة واضحة لأنقرة؛ نظراً للمصالح المتشابكة معها، لكن هذا لن يثني القاهرة عن «التركيز خلال المداولات على الممارسات السلبية لأنقرة، خاصة في ليبيا والعراق، وهو ما سينتج عنه في النهاية إدانة شاملة تقليدية لكل التدخلات الإقليمية في المنطقة».
وعلى مدار يومي السبت والأحد، يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعات؛ تمهيداً لقمة الزعماء، في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي الأولى منذ تفشي جائحة «كورونا».
وعدّد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، الملفات السياسية المطروحة على أجندة القمة، بينها قرار يخص العراق بشأن «التدخلات التركية في أراضيه والاعتداء على سيادته».
لكن النائبة سهام كمال، عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المصري، تعتقد «ألا يتم اتخاذ موقف قوي تجاه تركيا، في ظل العلاقات الجيدة مع عدد من الدول العربية، وعلى رأسها الجزائر الدولة المستضيفة، فضلاً عن مصالح اقتصادية ممتدة تحول دون وقفة جدية».
وأضافت البرلمانية المصرية لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف بلادها واضح تجاه رفض ممارسات تركيا في المنطقة، رغم الإشارات الإيجابية التي بعثت بها لأنقرة من أجل استعادة علاقاتها بالقاهرة، لذلك ستسعى الرئاسة المصرية في القمة إلى إدانة هذه التدخلات وتسجيل موقف، حتى وإن لم يكن جماعياً».
وبين مصر وتركيا علاقات سياسية متوترة منذ سنوات، بسبب عدة قضايا، أبرزها علاقة أنقرة بجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة، وكذلك اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط.
ورغم بدء البلدين، العام الماضي، «محادثات دبلوماسية استكشافية»، لتذليل الخلافات، اتخذت على إثرها تركيا بعض الإشارات الإيجابية مثل وقف عمل محطات تلفزيونية معارضة لمصر، وتوقيف عدد من عناصر تنظيم الإخوان، إلا أن تلك الخطوات لم تكن كافية لمصر، وأعلن وزير الخارجية سامح شكري، الجمعة، تعثر المحادثات قائلاً: «لم تطرأ تغيرات في إطار ممارسات تركيا»، مطالباً أنقرة بـ«ضرورة الالتزام بالمعايير والقواعد الدولية».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أشار، مطلع الشهر الحالي، إلى أن العلاقات مع مصر «تتطور على أساس المصالح المشتركة».
وبغض النظر عن الآمال المعقودة بأن تتصالح تركيا مع مصر، فإن القمة -كما تشير النائبة- تشكل فرصة لانتقاد تدخل تركيا العسكري وتوقيعها مذكرة تفاهم في مجال الطاقة مع أحد أطراف النزاع في ليبيا، حتى وإن لم يتوّج ذلك ببيان شديد اللهجة عن الجامعة العربية.
ورغم إقراره بالسعي المصري الدائم لاتخاذ موقف عربي أكثر تشدداً في مواجهة الممارسات التركية في المنطقة، خاصة في ليبيا، فإن الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، لا يعتقد أن تتخذ مصر موقفاً منفرداً، مشيراً إلى أن القضية مطروحة ضمن جدول أعمال الجامعة للمناقشة.
وأشار فهمي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إلى «الدول العربية الوازنة»، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع تركيا، والتي ستحول «تحفظاتها» عن إثارة أي أزمة مع أنقرة، متوقعاً أن «ينحصر الأمر في إدانة شاملة للتدخلات في المنطقة».
وسجلت بين مندوبي الدول الأعضاء في الجامعة العربية، خلال اجتماعهم التمهيدي، السابق لاجتماع وزراء الخارجية، «نقاط خلافية» إزاء مسائل سياسية أبرزها علاقة الدول العربية مع كل من تركيا وإيران، وفقاً لمندوب الجزائر الدائم لدى الجامعة العربية، السفير عبد الحميد شبيرة.
وقال شبيرة، في مؤتمر صحافي، إن «هناك علاقات وتبادلات تجارية مع تركيا وإيران رغم بعض المسائل السياسية المطروحة»، مضيفاً: «وزراء الخارجية سيبتّون الخلاف بهذا الشأن خلال اجتماعهم السبت، وسيستمر لتعميق التفكير؛ من أجل التوصل إلى تصور مشترك حول مستقبل هذه العلاقات».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


وفاة العشرات بمرض غامض في بلدة سودانية تحاصرها «قوات الدعم السريع»

أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

وفاة العشرات بمرض غامض في بلدة سودانية تحاصرها «قوات الدعم السريع»

أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

قالت نقابة أطباء السودان في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء إن 73 شخصاً على الأقل توفوا بمرض غامض في بلدة الهلالية التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.

والهلالية، في ولاية الجزيرة بشرق السودان، واحدة من عشرات القرى التي تعرضت لهجمات انتقامية من «قوات الدعم السريع»، بعد انشقاق قائد كبير منها وانضمامه للجيش، ما أدى إلى نزوح أكثر من 135 ألف شخص.

وتسببت الحرب بين الجانبين في أكبر أزمة إنسانية في العالم، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص، وزيادة الجوع وتدخل قوى أجنبية، ما أثار مخاوف من انهيار الدولة.

ورغم أن ارتفاع أعداد القتلى في مناطق أخرى من ولاية الجزيرة ناجم عن قيام «قوات الدعم السريع» بأعمال قصف وإطلاق نار، أُصيب سكان في الهلالية بالإسهال، ما أثقل كاهل مستشفى محلي، وفق ما قالت النقابة و3 أشخاص من المنطقة.

ومن الصعب تحديد أسباب دقيقة للوفاة؛ نظراً لمنع «قوات الدعم السريع» الوصول لشبكة الإنترنت.

وقال رجل لـ«رويترز»: «إن 3 من أفراد أسرته ماتوا بالمرض نفسه، لكنه لم يكتشف ذلك إلا بعد أيام، عندما فر آخرون إلى منطقة يمكن الوصول فيها إلى الإنترنت».

وذكر رجل آخر أن «قوات الدعم السريع» تفرض على مَن يرغبون في المغادرة دفع مبالغ طائلة عند نقاط التفتيش التابعة لها.

وقال نشطاء مؤيدون للديمقراطية إن الحصار بدأ 29 أكتوبر (تشرين الأول) عندما داهمت «قوات الدعم السريع» البلدة وقتلت 5 أشخاص، وحاصرت سكاناً داخل 3 مساجد.

والهلالية مسقط رأس عائلة القائد المنشق أبو عاقلة كيكل، وهو ما يقول سكان محليون إنه قد يفسر سبب حصار البلدة التي كانت مركزاً تجارياً مستقراً يسكنه 50 ألف نسمة، من بينهم كثير من النازحين من مناطق أخرى.

وقال شهود إن الأسواق والمخازن في البلدة تعرضت للنهب.

وأظهرت صور بالأقمار الصناعية ضمن تقرير لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة «ييل» الأميركية زيادة سريعة في عدد المقابر داخل عدد من بلدات ولاية الجزيرة منذ بدء الهجمات الانتقامية الأخيرة في أواخر أكتوبر، كما أظهرت أدلة على حرق الحقول الزراعية في قرية أزرق.