ما مصير السلع الغذائية في مصر بعد ارتفاع الدولار؟

تخوف شعبي من رفع الأسعار... وتأكيد رسمي لـ«مراقبة الأسواق»

رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مجلس المحافظين (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مجلس المحافظين (مجلس الوزراء المصري)
TT

ما مصير السلع الغذائية في مصر بعد ارتفاع الدولار؟

رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مجلس المحافظين (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مجلس المحافظين (مجلس الوزراء المصري)

رغم التطمينات الرسمية المصرية التي تشدد على تكثيف الرقابة على الأسواق، عقب تحرير سعر الجنيه أخيراً أمام العملات الأجنبية، فإن هناك تخوفاً وترقباً في الشارع لما ستسفر عنه الأيام المقبلة بشأن أسعار السلع الغذائية.
حالة الترقب الشعبي والتخوف من ارتفاع أسعار السلع الغذائية بدأت منذ إعلان البنك المركزي المصري (الخميس) الماضي تحرير سعر صرف الجنيه، وزيادة أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس خلال اجتماع للجنة السياسات النقدية، وهو ما تبعه ارتفاع متتالٍ، غير مسبوق، في سعر الدولار، وانخفاض تاريخي في قيمة الجنيه (بلغ سعر الدولار، السبت، 23.05 جنيه مصري) وسط توقعات بمواصلة الارتفاع.
وفي محاولة لإرسال رسالة «طمأنة» للشارع، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية عن طرح كميات كبيرة من السلع الغذائية عبر منافذ البيع الخاصة بالشركة القابضة للصناعات الغذائية (المجمعات الاستهلاكية). وقالت الوزارة، في بيان صحافي (السبت)، إنه «تم منذ يوم (الجمعة) فتح جميع مخازن الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وعددها 1500 مخزن، لتوفير جميع السلع الغذائية عبر أكثر من 40 ألف منفذ بيع»، وبحسب البيان، «سيتم ضخ كميات كبيرة من السلع بنفس الأسعار لضبط الأسواق»، وفي محاولة لمراقبة الأسعار وضبطها، أعلنت وزارة التموين «تشكيل غرفة عمليات مركزية لتلقي شكاوى المواطنين»، و«تكثيف حملات الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار ومراقبة الأسعار».
وأعلن رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، السبت، أنه «لن يتم السماح بإخفاء السلع أو المبالغة في الأسعار والمضاربة أو الاحتكار»، وأضاف، خلال اجتماع مجلس المحافظين، أنه «سيتم التعامل بمنتهى الحسم مع المخالفين وفق الإجراءات القانونية»
لكن الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس قلل من تأثير هذه الخطوة على ضبط الأسعار، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما تملكه وزارة التموين من سلع غذائية في مخازنها لن يكفي، ولن يحل الأزمة، ولن يلبي ولو جزءاً ضئيلاً من احتياجات السوق». ووصف وضع السلع الغذائية في المرحلة المقبلة بـ«مرحلة التضخم الحلزوني»، موضحاً أن «التضخم الحلزوني هو صعود عنيف للأسعار، وهو يشبه (السوستة) عندما تضغط عليها بقوة تنطلق إلى أقصى الاتجاه الآخر، لذلك نحن مقبلون على دوامة مفتوحة لارتفاع الأسعار ليس لها أفق زمني».

مراقبة الأسعار في الاسواق
ولفت النحاس إلى أن «قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف، كان يجب أن يتزامن مع حزمة إجراءات عاجلة، أهمها الإفراج الفوري عن جميع السلع الغذائية الموجودة في المخازن دون شروط، وذلك لإغراق السوق، فالمعادلة الاقتصادية الأساسية للأسعار هي الوفرة أو الندرة. لا يهم إلى كم سيرتفع الدولار، المهم أن تتوافر السلع فتنخفض أسعارها، فالمضاربة الآن لن تكون على الدولار، بل على السلع الغذائية».
وتوسعت مصر خلال السنوات الماضية في تطوير القطاع الزراعي وتدشين مشروعات قومية كبرى، أبرزها مشروع زراعة «مليون ونصف المليون فدان» والدلتا الجديدة، والريف المصري، ومشروعات الصوب الزراعية التي تم تدشينها في العديد من المحافظات، فضلاً عن المشروعات المرتبطة بتطوير الإنتاج الزراعي، ومنها المشروع القومي للبذور والتقاوي، ومحطات تحلية مياه البحر.
وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي أن صادرات مصر الزراعية بلغت أكثر من 5 ملايين طن من المنتجات الزراعية في الفترة من أول يناير (كانون الثاني) الماضي حتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بزيادة 335 ألفاً و639 طناً على العام الماضي، إذ بلغت نحو 4 ملايين و950 ألفاً و181 طناً خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي (الجمعة)، إن «أهم الصادرات الزراعية هي الموالح، والبطاطس، والبصل الطازج، والعنب، والطماطم الطازجة، والبطاطا، والفراولة، والفاصوليا الطازجة والجوافة، والثوم، والمانجو، والبطيخ، والرمان».
واعتبر الدكتور خيري حامد العشماوي، أستاذ الاقتصاد الزراعي في المركز القومي للبحوث، أن «السبيل الوحيد لمواجهة أزمات الغذاء المتتالية هو وضع استراتيجية علمية لزيادة الإنتاج». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار ستتفاقم بشكل كبير في العالم كله خلال السنوات المقبلة، وبعد نحو عام من الآن قد لا نجد ما نستورده حتى لو لدينا دولارات، لذلك يجب وضع استراتيجية علمية لتطبيق البحوث التطبيقية في مجال الزراعة في شكل خطط خمسية أو ثلاثية لزيادة الإنتاج، كما يجب فوراً دعم الفلاح بكل السبل».
وكلف مدبولي جهاز حماية المستهلك بتلقي شكاوى المواطنين في حالات المبالغة في الأسعار والمضاربة من خلال الخط الساخن وإجراءات ضد أي تاجر مُخالف يستغل الظروف.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.