وثائق تكشف تسميم الجيش الإسرائيلي آبار الفلسطينيين في حرب 1948

الخطة بمعرفة بن غوريون وديان... وشملت بيروت والقاهرة ثم اقتصرت على فلسطين

إسرائيليون يسيرون قرب نهر الأردن ومدينة أريحا أمس (أ.ف.ب)
إسرائيليون يسيرون قرب نهر الأردن ومدينة أريحا أمس (أ.ف.ب)
TT

وثائق تكشف تسميم الجيش الإسرائيلي آبار الفلسطينيين في حرب 1948

إسرائيليون يسيرون قرب نهر الأردن ومدينة أريحا أمس (أ.ف.ب)
إسرائيليون يسيرون قرب نهر الأردن ومدينة أريحا أمس (أ.ف.ب)

كُشف النقاب عن عدة وثائق في أرشيف الجيش الإسرائيلي تبين أنه استخدم الأسلحة الكيماوية والبيولوجية خلال حرب 1948، شملت تسميم آبار المياه في عدة بلدات فلسطينية. واتضح أن القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين وبعض العلماء كانوا شركاء في القرار، وخططوا حتى لتسميم المياه في القاهرة وبيروت، ولكنهم تراجعوا واكتفوا بتسميم الآبار في فلسطين.
وقال مراسل صحيفة «هآرتس»، عوفر أديرت، يوم الجمعة، إن قصة التسميم هذه معروفة، ولكن النشر عنها كان جزئياً، ومن مصادر عربية، ولم تسمح الرقابة العسكرية في الجيش الإسرائيلي بالنشر عنها، إلا أن الباحثين بيني موريس وبنيامين زئيف كيدار، اللذين أعدا بحثاً في إطار معهد الدراسات الشرق أوسطية «Middle Eastern Studies»، حول استخدام إسرائيل الأسلحة البيولوجية في حرب 1948، اكتشفا أن الرقابة لم تنتبه لعدد كبير من الوثائق التي تتناول هذا الموضوع، وسمحت بنشرها بما يتناقض مع قرارها الإبقاء على الأمر طي الكتمان.
ويقول المؤرخان، موريس وكيدار، إن التسميم حسب الوثائق شمل عشرات الآبار الفلسطينية، من أريحا وغزة وبئر السبع في الجنوب، وحتى عكا وعيلبون في الشمال، والبلدات المحيطة بالقدس مثل بيدو وبيت سوريك وبيت محسير. وأعربا عن اعتقادهما بأن الهدف منها لم يكن التسميم الجماعي للفلسطينيين، بل تسميم القرى التي هجرها الفلسطينيون كي لا يعودوا إليها، أو بعض البلدات اليهودية التي تم الانسحاب منها وقرروا تسميم مياهها حتى يمنعوا الفلسطينيين من الاستقرار فيها، ولكنهما يؤكدان أن المادة التي استُخدمت في عملية التسميم كانت تتسبب في إصابات جماعية بأمراض «الديزنتريا» و«التفوئيد». وقد حصل أن انتشرت أمراض كهذه في عكا.
ويتضح من هذه الوثائق، أن عملية التسميم بدأت في أول أبريل (نيسان) من سنة 1948، بمعرفة وإشراف عدد كبير من القادة، في مقدمتهم دافيد بن غوريون، رئيس الوزراء، وموشيه ديان، رئيس أركان الجيش (الذي أصبح لاحقاً وزير الدفاع ووزير الخارجية)، ويغئال يادين، رئيس أركان الجيش (الذي أصبح لاحقاً نائباً لرئيس الحكومة)، والبروفسور أفرايم كتسير، عالم الكيمياء (الذي أصبح لاحقاً رئيساً للدولة)، وشقيقه العالم أهرون كتسير (الذي قُتل في سنة 1972 خلال عملية فلسطينية مسلحة في مطار بن غوريون). وقام بتنفيذها مباشرة عدد كبير من القادة العسكريين بدرجات عليا ومتوسطة في البداية من كتيبة «هرئيل» الرابعة، ثم قوة «المستعربين» في تنظيم «البلماح» العسكري. وتولى المسؤولية عن الجانب العلمي وحدة عسكرية في سلاح العلوم، التي كانت متخصصة في مكافحة الحرب الكيماوية والبيولوجية، بقيادة ألكس كينان (الذي تولى لاحقاً تأسيس المعهد البيولوجي في نس تسيونة، الذي يقال إنه كان يطوّر أسلحة بيولوجية)، وأشرف على العمل «الأخوان كتسير»، المذكوران سابقاً، ومعهما عدد من العلماء الصغار الذين أصبحوا فيما بعد يحملون درجة بروفسور، ويعتبرون علماء كباراً على الصعيد الدولي.
ويكشف الباحثان، عن أن هناك من كان قد اعترض على هذه العملية، وأبرزهم عالم الآثار شمرياه غوتمان، الذي كان في ذلك الوقت قائداً لوحدة «المستعربين». وحسب شهادة موثقة باسمه، أدلى بها أمام قسم البحوث وأرشيف في الجيش سنة 1988، قال إن اعتراضه نبع من الخوف على الجنود الإسرائيليين، الذين يحتلون هذه البلدات. وتساءل في حينه: «من يضمن ألا يشرب جنودنا من تلك الآبار فيصابون هم بالتسمم؟». وعندما لم يقبلوا رأيه، طلب أن يعطوه أوامر خطية، فرفضوا. وقال إنه اضطر لتنفيذ الأوامر، رغم أنه يرى أنها غير أخلاقية، ويعرف أنها تتناقض مع ميثاق جنيف من سنة 1925 بهذا الخصوص.
أما بخصوص بيروت والقاهرة، فإن العالمين يكشفان عن أن الخطة استهدفت توجيه ضربة أليمة انتقاماً من الجيوش العربية التي حاولت غزو البلاد لطرد اليهود. وتم اختيار الأشخاص الذين سيكلفون بالسفر إلى العاصمتين لتسميم مياههما، كما تم تسليم المواد السامة لهم، ولكن بشكل مفاجئ تلقوا أوامر بالتوقف وعدم التنفيذ في الوقت الحاضر. وتبين أن وقف العملية جاء بعد أن قبضت السلطات المصرية على الجنديين الإسرائيليين، دافيد مزراحي وعزرا حورين، في 22 مايو (أيار) 1948، وهما يحاولان تسميم مياه غزة. وقد تم الحكم عليهما بالإعدام، وتم إعدامهما فعلاً.
وقد تأكدت هذه الرواية من مصدر آخر، هو آشر بن نتان، رجل المخابرات الذي أصبح لاحقاً سفيراً لدى عدة دول، حيث قال في شهادة للمؤرخ نير مان في سنة 2008، إنه وُجد بحكم عمله في باريس، فجاءه قائده بنيامين جيبلي وسلمه المواد السامة. وعندما أبلغوه بأن العملية توقفت، بقيت المواد لديه فترة، ثم تخلص منها، عن طريق رميها في مجاري المياه العادمة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

غارة إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية قبل اتفاق وشيك لوقف النار

TT

غارة إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية قبل اتفاق وشيك لوقف النار

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، اليوم (الثلاثاء)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 6 مواقع.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان مناطقتي برج البراجنة تحويطة الغدير.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

وتأتي الغارة وسط ترقب لاتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار الثلاثاء مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 14 شهرا.

وأضاف المسؤول أن من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت لاحق اليوم الثلاثاء لمناقشة النص والموافقة عليه على الأرجح.

وأعلن في الولايات المتحدة وفرنسا أمس (الاثنين) أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح وأن الدولتين توشكان على إصدار بيان مشترك تعلنان فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وفيما تضاربت التصريحات ومعلومات المصادر حول موعد إعلان البيان، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في واشنطن، أن الجانبين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً بإجلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية. وسيستند الإعلان المرتقب إلى القرار 1701 وسيتضمن إنشاء «آلية مراقبة».