السلطة الفلسطينية ترد على الإسرائيليين: لا نعمل لديكم

رفضت ضغوطاً لتعقب المسلحين في الضفة... وطلبت وقف الاقتحامات أولاً

مدخل مخيم جنين (إ.ب.أ)
مدخل مخيم جنين (إ.ب.أ)
TT

السلطة الفلسطينية ترد على الإسرائيليين: لا نعمل لديكم

مدخل مخيم جنين (إ.ب.أ)
مدخل مخيم جنين (إ.ب.أ)

رفضت السلطة الفلسطينية العمل ضد المسلحين الفلسطينيين، على الرغم من ضغوط وتهديدات إسرائيلية، وطلبات تولت واشنطن نقلها إلى رام الله. وقال مصدر أمني مطلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين الفلسطينيين «طلبوا أولاً وقف اقتحامات المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية».
وأضاف المصدر الفلسطيني: «قلنا للجميع إننا لا نعمل في خدمة إسرائيل، لا نتلقى أوامر منها، ولا تجري الأمور بهذه الطريقة. التنسيق الأمني لا يعني أن نهاجم شعبنا لحساب إسرائيل، هذه محاولة لتحويلنا إلى متعاونين معها، وهذا لن يكون».
وأكد المصدر «أن التنسيق الأمني موجود، لكنه في أسوأ مراحله الآن؛ لأن إسرائيل تواصل إضعاف وإحراج السلطة وتأجيج الصراع في الضفة لغايات انتخابية».
وكان المصدر يردّ على رسائل نقلتها إسرائيل للسلطة مفادها «إنه في حال لم تتصرف في جنين ونابلس، فإن الجيش سيدخل إلى هناك كل ليلة، كما حدث في جنين مؤخراً». وقال: «إن السلطة غاضبة وترفض هذه الاقتحامات التي تجري، على الرغم من أن واشنطن نقلت رسائل مطَمئنة حول تخفيف إسرائيل التصعيد بعدما طلبنا منها الضغط عليها».
وتتهم إسرائيل السلطة بالضعف في شمال الضفة، وتقول إن قيادتها «معزولة عن الواقع على الأرض».
وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مسلحين من حركة «فتح» يشاركون في الاشتباكات في نابلس وجنين، في الوقت الذي يتحدث رئيس الحركة والسلطة الفلسطينية محمود عباس، مع وزير الدفاع بيني غانتس، ورئيس إسرائيل يتسحاق هيرتسوغ، «حول تعزيز التنسيق الأمني (...) إن القيادة الفلسطينية منعزلة عن الميدان، أو غير قادرة على فرض سلطتها عليه على الأقل».
وكانت إسرائيل قد حوّلت جنين، يوم الأربعاء، إلى ساحة مواجهة مفتوحة بعدما اشتبك فلسطينيون مع قوات الجيش، في أكثر من شارع ومحور. وشارك في هذه الاشتباكات، بعكس رغبة إسرائيل، عناصر في الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وجاء في تقرير «يديعوت أحرونوت»، أن ضلوع أفراد من أجهزة الأمن الفلسطينية في الاشتباكات ضد قوات الاحتلال «آخذ بالتزايد». وقال ضابط في وحدة المستعربين، التابعة لحرس الحدود التي نفذت العملية العسكرية في جنين، الأربعاء، إن الجنود واجهوا نيرانًا شديدة للغاية»، وأنه «بفضل الكثير من الحظ وقدرة عسكرية عالية انتهت العملية العسكرية بلا إصابات».
وقالت «يديعوت»: «هذه العملية العسكرية الصغيرة في جنين فرصة لإدراك كيف ستبدو عملية عسكرية واسعة هناك».
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن يشن عملية أوسع بالفعل قبل الانتخابات الإسرائيلية، مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، على الرغم من عدم رغبة الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ مثل هذه العملية.
وحسب صحيفة «هآرتس»، فإنه «توجد أمام إسرائيل حالياً ثلاثة سيناريوهات: لجم وتقييد العمليات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية في جنين ونابلس، مثلما تريد السلطة الفلسطينية، أو استمرار العمليات العسكرية بشكلها الحالي (محدودة وخاطفة)، أو الذهاب إلى عملية عسكرية أوسع وأطول (...) تفضل الحكومة الخيار الثاني، لكن من شأن أي تطور أن يدفع نحو الخيار الثالث».
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي «كان 11» أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «حذر السلطة الفلسطينية من التراخي في تنفيذ حملة اعتقالات لمطلوبين، وأرسل يقول إنه قد يكون مستعداً لتقليص عملياته ومداهماته الليلية، إذا ما أخذت أجهزة الأمن الفلسطينية دورها في جنين ونابلس».
وتحاول إسرائيل دفع السلطة إلى ذلك العمل، رغم حقيقة يعترف بها المسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي، بأنه «لا يوجد بديل حقيقي لعمل أجهزة السلطة في الضفة».
وردَّ مساعد محافظ جنين كمال أبو الرب، الخميس، على الدعوات والضغوط الإسرائيلية بقوله: «إن السلطة الفلسطينية لن تخون شعبها». ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية عنه قوله: «لن نخون شعبنا، ولن نطلب من شبابنا عدم مواجهة إسرائيل، هذا حقهم في الدفاع عن أنفسهم؛ لأن الجيش الإسرائيلي يهدد بالدخول في كل لحظة وإلى أي مكان».
ولفت إلى أن «التهديد الإسرائيلي يضعف السلطة الفلسطينية ويرفع درجة التوتر، ويفسد العلاقة بين الشارع والقيادة». وأضاف: «نحن يمكننا أن ندير شؤون شعبنا، والأجهزة الأمنية يمكنها حفظ الأمن والنظام في الحالات التي تعتقد أنه يجب فعل ذلك».
وتابع: «لا تعتقدوا أن الأجهزة الأمنية ستعمل تحت رعايتكم، عليكم أن تفهموا، نحن لا نعمل لديكم». وأردف: «هل هذا ما قصده رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد في خطابه؟ هل هكذا يرى حل الدولتين؟ أنتم تعتقدون بأنه بمزيد من القوة والعمليات العسكرية سيكون لكم أمن. لا، بل بالعكس، أنتم تتحدثون عن شيء وتفعلون شيئاً آخر، الشباب لدينا يرون القتل والاعتقالات، ويرون استفزازاتكم واقتحاماتكم، ولا يمكنهم القبول بذلك».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

«عميد المعتقلين السوريين»... من هو رغيد الططري الذي أمضى 43 عاماً خلف القضبان؟

صور متداولة للطيار السوري السابق رغيد الططري الذي أمضى أكثر من 4 عقود في السجن (إكس)
صور متداولة للطيار السوري السابق رغيد الططري الذي أمضى أكثر من 4 عقود في السجن (إكس)
TT

«عميد المعتقلين السوريين»... من هو رغيد الططري الذي أمضى 43 عاماً خلف القضبان؟

صور متداولة للطيار السوري السابق رغيد الططري الذي أمضى أكثر من 4 عقود في السجن (إكس)
صور متداولة للطيار السوري السابق رغيد الططري الذي أمضى أكثر من 4 عقود في السجن (إكس)

أطلقت قوات المعارضة السورية سراح عشرات الآلاف من المعتقلين بالسجون السورية بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وفرار الأخير إلى روسيا.

وبدأت منذ يوم الأحد الماضي تظهر إلى العلن صور وقصص المعتقلين المحررين، حيث قضوا أوقاتاً صعبة وأليمة داخل سجون النظام وسط ظروف إنسانية تدمع لها الأعين.

ومن أكثر الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، تلك التي تظهر الطيار رغيد الططري، الذي اعتقل عام 1981 عن عمر لا يتجاوز 27 سنة، وذاق أخيراً طعم الحرية.

وبعد 43 عاماً، أبصر الططري النور، وخرج لأول مرة من السجن، بعدما شاب شعره ورَسمت تجاعيدُ وجهه لوحةً لعمر ضاع خلف القضبان.

فمن هو الططري؟

وُلد رغيد الططري في دمشق عام 1955، وأصبح طياراً في القوات الجوية السورية عندما كان في العشرينات من عمره.

وتقول التقارير إنه بعدما رفض قصف مواقع بمحافظة حماة، أو الإبلاغ عن زملاء له انشقوا عن الجيش، فصلته الحكومة السورية من عمله ضابطاً وطياراً حربياً، ولم يعد له مورد للعيش مع عائلته، فاضطر للسفر إلى الأردن عام 1980 ومن ثم مصر، وحاول تقديم طلب لجوء لدى الأمم المتحدة عام 1981، لكن الأمر قوبل بالرفض.

وأجبره ذلك على العودة إلى بلاده أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1981، حيث اعتُقل بمطار دمشق الدولي من قبل نظام حافظ الأسد.

وتعدّ منظمات حقوقية أن الططري صاحب «أطول فترة اعتقال سياسي في سوريا»، وهو «عميد السجناء» كما يطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وتعرض الططري للتعذيب بصورة وحشية، وانتُزعت أقواله بالإكراه في سجن المخابرات العامة، ثم في سجن المزة العسكري، ولم تُوجه له أي تهمة، قبل أن يعرض لدقائق على محكمة استثنائية عسكرية في عام 1982، وهي المحكمة الميدانية الثانية بدمشق، التي أصدرت الحكم بالمذكرة رقم «433 - 2»، دون الإعلان عنه أو نشره أو إبلاغ صاحب العلاقة به.

بعد قضاء فترة عصيبة داخل أقبية فروع المخابرات، وصولاً إلى سجن المزة العسكري، بدأت رحلة القسوة الفظيعة؛ حيث انتقل الططري إلى سجن تدمر الصحراوي الرهيب في عام 1982، وبقي هناك 21 عاماً.

بعد ذلك، نُقل إلى سجن صيدنايا العسكري، ليمضي هناك 10 سنوات كانت الأصعب في تاريخ السجن، وفيها حدثت عمليات تمرد السجناء الذين ووجهوا بأقصى درجات الوحشية.

وسنة 2011، نقل الططري إلى سجن دمشق المركزي في عدرا، الخاضع لوزارة الداخلية، حيث مُنع من رؤية أقاربه وأصدقائه، وعاش في ظل ظروف إنسانية رهيبة، مثل باقي المعتقلين الذين انتهي بهم الأمر في سجون نظام الأسد.

واليوم، عاد الططري بعد معاناة طويلة ومريرة إلى شوارع سوريا، وأظهرت صور على موقع «إكس» الطيار السابق وهو يبتسم ويحمل باقة خجولاً من الزهور بعد نيله الحرية.