الحركة الاحتجاجية في إيران تراهن على تخطي تکتیکات قمع الاحتجاجات

محللون لا يتوقعون أن تشكل تهديداً مباشراً للنظام

جانب من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران (تويتر)
جانب من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران (تويتر)
TT

الحركة الاحتجاجية في إيران تراهن على تخطي تکتیکات قمع الاحتجاجات

جانب من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران (تويتر)
جانب من الاحتجاجات المناهضة للنظام في إيران (تويتر)

بعد أسبوع على اندلاع أحدث موجة احتجاجات عامة في إيران، يراهن الحراك الاحتجاجي على التكيف مع الأوقات العصيبة للحفاظ على قوتهم في الشارع، ضد تكتيكات قوات الأمن لاحتواء توسع الحراك المنددة بالسلطة، رغم أن محللين لا يتوقعون أن تشكل الانتفاضة التي تتصدرها مطالب المرأة تهديداً مباشراً للنظام السياسي الذي تغلبت قواته الأمنية على احتجاج تلو الآخر في السنوات الماضية.
وانتقلت الاحتجاجات بسرعة من محافظة كردستان في غرب البلاد إلى العاصمة طهران، قبل أن تتوسع تدريجياً في المحافظات الأخرى. وعلى غرار الحركات الاحتجاجية العامة في 2019 و2017. يصطف الإيرانيون في احتجاجات عفوية في مواجهة فرق مكافحة الشغب وقوات الباسيج التي تدربت خلال السنوات الأخيرة على مواجهة الأوضاع المماثلة، نظراً لارتفاع في مستويات الاستياء العام وزيادة الشرخ بين فئات المجتمع الإيراني والمؤسسة الحاكمة.
وتشكل شبكات التواصل الاجتماعي بوصلة الاحتجاجات في المدن الكبيرة، إذ يتبادل الناشطون معلومات عن حركة وتمركز القوات الأمنية التي تستهدف نواة أي تجمع في وسط المدن.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1573691224027824129
ويهدد قطع الإنترنت بتكرار سيناريو احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. عندما غابت الصورة الشاملة عن نهج وحركة المحتجين والحملة الأمنية لإخماد الاحتجاجات، إلا أن التسجيلات التي اخترقت التعتيم الرسمي خلال الأيام الأخيرة تشير إلى إصرار المحتجين في الحفاظ على حضورهم في الشارع.
وخرج المحتجون في شيراز مركز محافظة فارس جنوب إيران، إلى الشوارع صباح السبت قبل ساعات من بدء قطع الإنترنت وعودة قوات الأمن للانتشار في وسط المدينة.
وقبل ذلك، تحولت طهران إلى ساحة معركة خلال يومي الخميس والجمعة، مع دخول المحتجين إلى حالة من الكر والفر في محاولة لتشتيت القوات الأمنية التي تعتمد على فرقة الدراجات النارية المدججة بأنواع معدات، بما في ذلك استخدام الغاز المسيل للدموع، والهراوات والصاعق الكهربائي.
وأظهرت مقاطع فيديو مساء الجمعة، إطلاق نار من القوات الأمنية على مبانٍ سكنية في منطقة أكباتان غرب العاصمة طهران، بينما تعتلي هتافات أهالي المنطقة من سقف المباني والشرفات والنوافذ، في تكرار بعض مشاهد شهدتها طهران خلال احتجاجات موجة الخضراء التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009.
وبموازاة المنطقة الغربية في طهران، استمرت عملية المطارد في أحياء وسط طهران لوقت متأخر من مساء الجمعة، بينما ساد هدوء نسبي في منطقة «طهران بارس» شرقي العاصمة. وأشار بعض منتسبي قوات الباسيج إلى انتشار فرق منهم في تلك المنطقة، التي تجاور مراكز قيادي للجيش و«الحرس الثوري».

*وتر حساس
ومن غير المرجح أن تشكل الانتفاضة الشعبية في إيران، تهديداً مباشراً لحكام إيران الذين أخمدوا الاحتجاجات في السنوات الماضية بقوة مفرطة.
لكن الانتفاضة الحالية أحدثت صدعاً آخر في المؤسسة الحاكمة الخبيرة في التعامل مع الاحتجاجات التي سببتها الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، لكنها ليست كذلك في مواجهة نساء يقدن أكبر المظاهرات منذ عام 2019.
وتحدت النساء القيود المفروضة عليهن في البلاد وأخذن المسؤولية على عاتقهن ولوحن بحجابهن وأحرقنه. وقامت بعض النساء بقص شعورهن علانية مع دعوة الحشود الغاضبة إلى سقوط المرشد علي خامنئي.
وبينما تدرس الحكومة خياراتها، لامست قضية أميني وتراً حساساً وأطلقت العنان لغضب ظل مكبوتاً لسنوات إزاء القوانين المتعلقة بالمرأة.
يقول محللون إن قضية الشابة مهسا أميني ستمنح الجرأة للمزيد من النساء على تحدي الحكومة فيما يتعلق بقيود الملبس، حتى لو خفتت شعلة الاحتجاجات التي امتدت إلى معظم محافظات إيران البالغ عددها 31 إقليماً أو تم القضاء عليها.
ويقول أوميد معمريان، وهو محلل إيراني مقيم في الولايات المتحدة لوكالة رويترز: «لقد أطلقت وفاة مهسا أميني الطاقة المكبوتة منذ عقود وإرادة المقاومة لدى النساء. إنها ليست المرة الأولى، لكن هذه المرة مختلفة». وأضاف معمريان أن السلطات قد تبدي في النهاية مرونة بشأن هذه القضية، وصرح أيضاً: «لا يحتمل أن تقبل الحكومة الإيرانية أبداً إذا تمت المطالبة بإجراء استفتاء على دستور إيران. لكن يمكن إلغاء فرض الحجاب».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1572648985441058816
* توقعات منخفضة
يرى مراقبون في إيران أن تصعيد عمليات «شرطة الأخلاق» بتقييد قوانين الحجاب خلال الشهور الأخيرة، استهدف في المقام الأول صرف الأنظار عن الأزمة المعيشية، وفي سياق الإجراءات التي اتخذتها السلطة تحسباً لتفجر احتجاجات معيشية.
ومع أن التحدي شائع فيما يتعلق بفرض قوانين الحجاب، إلا أن الصدمة التي خلفتها وفاة أميني والاحتجاجات التي انتشرت على مستوى البلاد زادت من المخاطر وسط مطالبات النساء الإيرانيات بمزيد من الحريات.
وتقول جيسو نيا، مديرة «مشروع التقاضي الاستراتيجي» في مؤسسة «المجلس الأطلسي» للأبحاث لوكالة رويترز: «الآن بعد أن خرج المتظاهرون بشكل واضح إلى الشوارع للاحتجاج على وفاة مهسا (جينا) أميني والمطالبة بالتغيير، لم يعد هناك مجال للجدل في أن الناس يسعون في نهاية المطاف إلى تغيير النظام ويرغبون في حقوق الإنسان وحكومة تمثلهم».
ووصف مئير جاودانفر، أستاذ السياسة الإيرانية في جامعة رايشمان في إسرائيل، أحدث الاحتجاجات بأنها علامة فارقة للإيرانيين الغاضبين من «نظام فاسد وغير كفء». وقال: «لن تكون هذه الاحتجاجات الأخيرة. سنرى المزيد. لكن من غير المرجح أن نشهد ثورة ما لم يبدأ أحد القادة وعلى الأقل بعض من القوات المسلحة الإيرانية في الوقوف إلى جانب الشعب ضد النظام. لم يحدث شيء من هذا بعد».
وتسود مخاوف بين المراقبين من انتشار قوات «الحرس الثوري» الإيراني و«الباسيج».
وقال هنري روم، المحلل في مجموعة أوراسيا: «الحرس الثوري والباسيج يتصرفون بوحشية، وهم مخلصون ولهم فعالية في نهاية المطاف في قمع الاحتجاج، ولديهم خبرة كبيرة على مر السنين في القيام بذلك». وأضاف: «خطر الاحتجاجات على الاستقرار الحالي للحكومة أقل منه على شرعيتها واستدامتها على المدى الطويل».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
TT

إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)

كشفت القوة البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، السبت، عن موقع لتخزين السفن تحت الأرض في «المياه الجنوبية» لإيران، وفق لقطات بثها التلفزيون الرسمي.

وأظهرت اللقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عشرات السفن الصغيرة المجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق المنشأة تحت الأرض.

وأوضح التلفزيون الرسمي أن «هذه المنشأة، حيث تخزن قطع بحرية هجومية وقطع قاذفة للصواريخ، تقع على عمق 500 متر في المياه الجنوبية لإيران»، دون مزيد من التفاصيل حول الموقع.

وتفقّد المنشأة قائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي، وقائد القوة البحرية في «الحرس الثوري» العميد علي رضا تنكسيري، وفق اللقطات التلفزيونية.

وقال سلامي: «نؤكد للأمة الإيرانية العظيمة أن شبابها قادرون على الخروج بشرف وتحقيق النصر من أي معركة بحرية ضد الأعداء الكبار والصغار».

وكُشف عن الموقع قبل يومين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي اعتمد خلال ولايته الأولى سياسة «ضغوط قصوى» على إيران.

وأكد التلفزيون الرسمي أن «بعض هذه السفن قادر على ضرب سفن ومدمرات أميركية».

وكان التلفزيون الرسمي عرض في 10 يناير (كانون الثاني) مشاهد نادرة ظهر فيها سلامي يزور قاعدة صاروخية تحت الأرض استخدمت، حسب القناة، في أكتوبر (تشرين الأول) لشن هجوم على إسرائيل بنحو 200 صاروخ، تضمنت لأول مرة صواريخ فرط صوتية.

وقالت طهران يومها إن هذه الضربات أتت رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران في يوليو (تموز)، وعلى مقتل جنرال إيراني في الضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية التي أودت في 27 سبتمبر (أيلول) بالأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران حسن نصر الله.

وأعلنت إسرائيل نهاية أكتوبر أنها شنت ضربات على مواقع عسكرية في إيران، رداً على هجوم طهران.