اعتقال طيار هدد بصدم طائرته بمركز تجاري في أميركا

الطائرة التي سرقها باترسون بعد هبوطها في أحد الحقول الزراعية (أ.ب)
الطائرة التي سرقها باترسون بعد هبوطها في أحد الحقول الزراعية (أ.ب)
TT

اعتقال طيار هدد بصدم طائرته بمركز تجاري في أميركا

الطائرة التي سرقها باترسون بعد هبوطها في أحد الحقول الزراعية (أ.ب)
الطائرة التي سرقها باترسون بعد هبوطها في أحد الحقول الزراعية (أ.ب)

أفاد مسؤولون بأنّ طياراً هدد بصدم طائرته الصغيرة بمبنى مركز «وول مارت» التجاري في ولاية ميسيسيبي الأميركية قد جرى أمس (السبت)، احتجازه بعد هبوطه في أحد الحقول الزراعية.
وقالت كوني ستريكلاند، الملحقة بمكتب شريف مقاطعة بنتون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطائرة ذات المحركين من طراز «بيتشكرافت» التي حلّقت لساعات فوق مدينة توبيلو والمنطقة المجاورة هبطت قرابة الساعة 11:25 صباحاً بالتوقيت الشرقي (15:25 بتوقيت غرينيتش).
https://www.youtube.com/watch?v=uQxKggcjB3s
وذكرت شبكة «سي إن إن» أن الطيار الذي قال جون كواكا، رئيس شرطة توبيلو، إنه يُدعى كوري واين باترسون وهو من سكان مدينة شانون المجاورة، سوف تُوجَّه إليه تهم ارتكاب سرقة كبرى وتوجيه تهديدات إرهابية.
وقال كواكا إنه من المرجح أن تكون هناك اتهامات فيدرالية إضافية، مشيراً إلى أن الدافع وراء فعلته غير واضح.

وأضاف كواكا أن باترسون عمل لمدة 10 سنوات في شركة «توبيلو للطيران» وتضمنت وظيفته تزويد الطائرات بالوقود، وهو لديه إلمام بالطيران لكن لا يبدو أنه يحمل رخصة طيران.
وقال بيان سابق للشرطة إن الطيار اتصل برقم الطوارئ 911 في توبيلو قرابة الساعة الخامسة صباحاً «مهدداً بالاصطدام عمداً بوول مارت في وست ماين».
وتم إخلاء المركز التجاري الكبير ومحطة وقود مجاورة، مع تحذير الناس بضرورة الابتعاد.
وقال كواكا إن مفاوضي شرطة توبيلو اتصلوا لاسلكياً بباترسون وتمكنوا من إقناعه بعدم صدم طائرته بالمتجر والهبوط بها في المطار.

ولأنه كان يفتقر إلى الخبرة في الهبوط تم تجنيد طيار خاص لمرافقة باترسون خلال العملية.
وقال قائد الشرطة إن باترسون شارك منشور كتب فيه «وداعاً» على صفحته على «فيسبوك» في هذا الوقت تقريباً، حيث نفد الوقود على ما يبدو، لكنه تمكن من الهبوط في حقل.

ولم يتضح ما إذا كان باترسون قد أُصيب. وقال كواكا للصحافيين إنه كان على اتصال بأسرة باترسون التي كانت «قلقة للغاية» بشأن سلامته.
وقالت إدارة الطيران الفيدرالية إنها تحقق في الحادث.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

إيلون ماسك ينتقد الاتحاد الأوروبي بعد فرضه غرامة على «إكس»

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
TT

إيلون ماسك ينتقد الاتحاد الأوروبي بعد فرضه غرامة على «إكس»

ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)
ملياردير التكنولوجيا ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك (د.ب.أ)

انتقد إيلون ماسك الاتحاد الأوروبي، اليوم السبت، بعدما فرضت المفوضية الأوروبية غرامة كبيرة على منصة «إكس» التي يمتلكها.

وكتب ماسك عبر منصة «إكس»: «يجب أن يتم إلغاء الاتحاد الأوروبي، وأن تعود السيادة للدول المنفردة، بحيث تتمكن الحكومات من تمثيل شعوبها بصورة أفضل». وأضاف أن «بيروقراطية الاتحاد الأوروبي تخنق أوروبا ببطء حتى الموت»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وفرض الاتحاد الأوروبي، أمس الجمعة، غرامة على «إكس» بقيمة 120 مليون يورو (140 مليون دولار)؛ بسبب انتهاك قواعد الشفافية، واتهم المنصة بتوثيق حسابات مستخدمين بصورة مضللة بعلامات زرقاء، وحجب بيانات عن باحثين وعدم توثيق البيانات على المنصة بشفافية. وذكرت المفوضية أن حجم الغرامة متناسب مع الانتهاك.

وأثارت الغرامة أيضاً انتقاداً من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وكتب روبيو على المنصة المملوكة لملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك: «غرامة المفوضية الأوروبية البالغة 140 مليون دولار ليست مجرد هجوم على (إكس)، بل هي هجوم من الحكومات الأجنبية على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي».

وأضاف: «لقد ولت أيام الرقابة على الأميركيين عبر الإنترنت».


استراتيجيّة ترمب للأمن القومي تعيد صياغة دور أميركا في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إلقائه كلمة أمام كبار القادة العسكريين في قاعدة «كوانتيكو» التابعة لمشاة البحرية في فرجينيا يوم 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إلقائه كلمة أمام كبار القادة العسكريين في قاعدة «كوانتيكو» التابعة لمشاة البحرية في فرجينيا يوم 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

استراتيجيّة ترمب للأمن القومي تعيد صياغة دور أميركا في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إلقائه كلمة أمام كبار القادة العسكريين في قاعدة «كوانتيكو» التابعة لمشاة البحرية في فرجينيا يوم 30 سبتمبر (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إلقائه كلمة أمام كبار القادة العسكريين في قاعدة «كوانتيكو» التابعة لمشاة البحرية في فرجينيا يوم 30 سبتمبر (أ.ف.ب)

«أنت مطرود». جملة تعوّدنا سماعها من الرئيس دونالد ترمب عندما كان يُقدّم برنامج «The Apprentice». يتعامل الرئيس ترمب بصراحة مطلقة وعلنية مع الحلفاء، كما الأعداء. لم يعد هناك مستويات بيروقراطية لصناعة وإعداد السياسة الخارجيّة الأميركيّة. كل شيء يأتي ويُعلن من البيت الأبيض مباشرة، أو عبر منصّة الرئيس ترمب «تروث سوشيال». تُمارس السياسة الخارجيّة عبر رجال أعمال مقربين من الرئيس. وقياس النجاح في هذه المقاربة متعلق مباشرة بقيمة الاستثمارات لمرحلة ما بعد وقف الحرب.

كانت مؤشرات هذه الاستراتيجيّة علنية وظاهرة من خلال سلوك وتصريحات كل من الرئيس ترمب ونائبه جي دي فانس. وإذا جُمعت هذه المؤشرات، فقد يمكن استنتاج سياسة جديدة مختلفة جذرياً عن الإدارات السابقة. لكن الفارق اليوم مع استراتيجية الأمن القومي الجديدة، هو في النظرة الشاملة للولايات المتحدة الأميركية تجاه الأعداء والمنافسين كما الحلفاء.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقاء مع قادة عسكريين بقاعدة في فرجينيا يوم 30 سبتمبر الماضي (رويترز)

وبناء على الوثيقة التي نشرت الجمعة، سوف تبدأ الوزارات والوكالات الأميركية التخطيط كل فيما خصّه، بهدف تنفيذ هذه الاستراتيجيّة، وخصوصاً البنتاغون. إنها «مانيفستو» يضرب بالكامل ما كان قائماً، ليرسي واقعاً جديداً لم يتخيّله أحد. إنه تحول جذريّ في العقيدة الاستراتيجية الأميركيّة، يستلزم تحوّلات كبرى على صعيد الثقافة الاستراتيجية، كما على صعيد المؤسسات والأشخاص. يقول أحد الخبراء إن هذه الاستراتيجية تعكس قناعات الرئيس ترمب، وتتجاهل الحزب الديمقراطي. وإنها انطوائيّة تركّز على الداخل الأميركيّ وحمايته عبر مشروع القبّة الذهبيّة. ويقول عنها البعض الآخر، إنها لن تؤدّي إلى انسحاب الولايات المتحدة الأميركيّة من العالم، بل هي استراتيجيّة تعتمد مبدأ الإكراه عبر التهديد بالقوة العسكرية، بهدف تحقيق مكاسب اقتصاديّة. وفي مقاربة كهذه، لا خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. كل شيء ممكن ومسموح، كالتخلّي عن الحلفاء إذا كانت الصفقة مُربحة.

تعديلات ترمب على عقيدة مونرو

تركّز الاستراتيجيّة على المحيط المباشر، ضمن ترتيب جديد للأولويات الجيوسياسيّة. في المركز الأول، الداخل الأميركي كما المحيط المباشر. تأتي آسيا في المركز الثاني، والمركز الثالث يتأرجح بين الشرق الأوسط وأوروبا. فهل عدنا إلى عقيدة الرئيس الأميركي جيمس مونرو عام 1823؟ لكن مع تعديلات ترمب؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث عن «القبة الذهبية» في البيت الأبيض يوم 20 مايو (رويترز)

إذا كان الأمر كذلك، ولتطبيق هذه الاستراتيجيّة والأولويات، وبهدف تأمين الوسائل العسكريّة، لا بد للرئيس ترمب من إعادة تموضع القوات الأميركية في العالم، كما تعديل خرائط المناطق العسكرية للقوات الأميركيّة، وعددها 11. ولأن أوروبا لم تعد أولويّة للرئيس ترمب، فماذا عن القوات الأميركية المنتشرة في أوروبا من ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي يصل عددها إلى نحو 100 ألف؟ هل سيتم تخفيضها؟ أم تبقى مع إلزام أوروبا بتحمّل التكلفة المالية؟ أم هل سيتم سحبها بالكامل وتعريض حلف «الناتو» للانحلال؟ وماذا عن المظلّة النووية الأميركية لحلف «الناتو»؟ وهل سيلتزم الرئيس ترمب بالبند الخامس للحلف، هو الذي قال إن هناك الكثير من التفسيرات لهذا البند؟

وإذا اعتبر الرئيس ترمب في هذه الاستراتيجيّة أن أوروبا ضعيفة، متراجعة وتعاني من تآكل حضاريّ، وإذا كانت الاستراتيجيّة لا تذكر حتى ولو مرّة واحدة أن روسيا تشكل خطراً على الأمن القوميّ، فلماذا سيبقى حلف «الناتو»؟ وضد من ستكون المظلّة النووية الأميركيّة؟ فهل سنشهد قريباً وعبر تقرير إعادة تموضع القوات الأميركيّة في العالم، الانسحاب الأميركي الكامل من القارة العجوز؟

ألم يعتبر الرئيس ترمب أميركا أنها وسيط، وليست لاعباً مؤسساً للحلف، بين روسيا و«الناتو» خلال التفاوض حول وقف الحرب في أوكرانيا؟ ألم يُحيّد أوروبا عن التفاوض المباشر حول أوكرانيا، وحاول أن يفرض عليها اقتراحاً من 28 نقطة؟

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)

هذا في القارة العجوز، أما الصين فهي مرحلة جديدة وهي التحدّي الأكبر للولايات المتحدة الأميركيّة وفي كل الأبعاد. ألم تصل الرسالة الصينية للبيت الأبيض خلال العرض العسكري الصيني الهائل في سبتمبر (أيلول) الماضي؟

في الشق الأمني - العسكري، لم تذكر الوثيقة الصين مباشرة. لكنها شدّدت على الحفاظ على خط الجزر الأول حول الصين (First Chain Island)، كون الصين بدأت تحضر بحريتها الزرقاء لتجاوز هذا الخط. كذلك الأمر، ودون ذكر الصين، انتقدت الوثيقة بعض الدول التي تحاول التوسع في بحر الصين الجنوبيّ. وشدّدت الوثيقة على ضرورة استعداد الدول الحليفة في تلك المنطقة على التعاون، والاستثمار في القدرات العسكرية لإبقاء الخطوط البحرية التجارية مفتوحة وآمنة. وأخيراً وليس آخراً، تشدد الوثيقة على الحفاظ على موازين القوى في تلك المنطقة، بهدف إبقاء إمكانيّة الدفاع عن تايوان قائمة.

قواعد جديدة

إنها استراتيجيّة بوقع حدث «البجعة السوداء». فهو حدث يضرب كل ما كان قائماً، ليُرسي ديناميكيّة جديدة، قواعد جديدة، باتجاه تشكيل نظام مستقبلي لم يحصل بعد. وفي المرحلة الانتقالية، تدبّ الفوضى، وتستعر الحروب، وتطلّ الصراعات القديمة برأسها. ويبدأ كل من يقدر من اللاعبين استغلال الفرص الجيوسياسيّة لفرض أمر واقع في محيطه المباشر.

جانب من اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع قادة أوروبا حول حرب أوكرانيا يوم 15 أغسطس (إ.ب.أ)

فماذا عن التحوّلات في الاستراتيجيّات الأميركية الكبرى؟ خلال الحرب الباردة، كانت أوروبا المسرح الأساسيّ ضد الاتحاد السوفياتي. يليها المسرح الآسيوي، وبعده منطقة الشرق الأوسط التي كانت تُسمّى بـ«الحزام المُتصدّع» (Shatterbelt). فهي منطقة مُجزأة سياسياً، وغير مستقرّة، وتشكل مسرح صراع بين القوى العظمى.

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، تبوّأت أميركا مركز الصدارة العالمية، بحيث سُمي النظام العالمي آنذاك بـ«النظام الآحادي». في هذه المرحلة، تحوّل مركز الثقل العالمي إلى واشنطن، الأمر الذي حدا بالرئيس بوش الأب إلى إعلان قيام نظام عالميّ جديد.

وبعد كارثة 11 سبتمبر، احتل الشرق الأوسط، من ضمن الحرب الاستباقية والحرب العالمية على الإرهاب، المركز الأولّ في الاهتمامات الجيوسياسيّة الأميركيّة وفي كل استراتيجيات الأمن القومي آنذاك. وتراجعت حينها أوروبا إلى المركز الثاني.

ترمب يؤدّي رقصته الشهيرة خلال حفل قرعة كأس العالم لكرة القدم بمركز كيندي يوم 5 ديسمبر (أ.ب)

وفي عام 2011، كتبت وزيرة الخارجيّة الأميركيّة مقالاً نُشر في مجلة «فورين بوليسي» تحت عنوان «المحور» (The Pivot)، أو القرن الأميركي في الهادئ، وذلك إعلاناً بانتقال اهتمام الولايات المتحدة إلى شرق آسيا. وعليه، احتلت الصين المركز الأول.

بعد الحرب على أوكرانيا، عادت أوروبا إلى المركز الأولّ. فتوسّع «الناتو»، وعادت أميركا مع الرئيس جو بايدن بكامل ثقلها لدعم أوكرانيا والحلف الأطلسي. في تلك المرحلة، احتلّ الشرق الأوسط المركز الثاني بعد كارثة 7 أكتوبر (تشرين الأول). أما الصين، فهي كانت حرّة تقريباً بسبب الانشغال الأميركيّ في أماكن أخرى.


واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

إطفائي يتعامل مع نيران أشعلها هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف (أ.ف.ب)
إطفائي يتعامل مع نيران أشعلها هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف (أ.ف.ب)
TT

واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

إطفائي يتعامل مع نيران أشعلها هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف (أ.ف.ب)
إطفائي يتعامل مع نيران أشعلها هجوم جوي روسي على العاصمة الأوكرانية كييف (أ.ف.ب)

تتواصل في فلوريدا لليوم الثالث على التوالي المحادثات الأميركية – الأوكرانية حول خطة واشنطن لإنهاء الحرب مع روسيا، في وقت تواصل فيه القوات الروسية توسيع مكاسبها الميدانية على عدة جبهات، وتكثّف عمليات القصف بالطائرات المسيّرة والصواريخ ضد منشآت الطاقة والبنى التحتية الحيوية في أوكرانيا، ما يلقي بظلال ثقيلة على آفاق التوصل إلى تسوية سياسية ويزيد من تعقيد حسابات الطرفين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف يتصافحان خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو 6 أغسطس 2025 (أ.ب)

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن الجانبين «اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل»، وأن كبير المفاوضين رستم عميروف أكد مجدداً أن أولوية أوكرانيا هي التوصل إلى اتفاق «يحمي استقلالها وسيادتها».

وأشار البيان إلى توافق على «إطار للترتيبات الأمنية وقدرات الردع الضرورية للحفاظ على سلام دائم»، من دون الإفصاح عن طبيعة هذه الضمانات، التي تبقى جوهر الخلاف بين كييف وواشنطن من جهة، وموسكو من جهة أخرى.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط جاريد كوشنر إلى يساره وستيف ويتكوف خلال لقائهم وفدا أوكرانيا في فلوريدا الأحد الماضي (أ.ب)

ويقود المحادثات في الجانب الأميركي المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، ويرافقه جاريد كوشنر، في مؤشر إلى رغبة الإدارة الأميركية في دمج قنوات سياسية غير تقليدية في مسار الوساطة. وتمثل كييف في المفاوضات شخصيات بارزة، بينها كبير المفاوضين رستم عميروف والجنرال أندريه هناتوف. وجاءت جلسات فلوريدا بعد سلسلة اجتماعات في جنيف وميامي، وفي أعقاب زيارة قام بها ويتكوف وكوشنر إلى موسكو حيث عرضا النسخة المعدلة من الخطة على الرئيس فلاديمير بوتين.

ومنذ عرض الخطة الأميركية قبل نحو ثلاثة أسابيع، جرت جلسات محادثات عدة مع الأوكرانيين في جنيف وميامي بهدف تعديل النص لمراعاة مصالح كييف. كما عُرضت الوثيقة الأربعاء على الرئيس الروسي خلال زيارة لموسكو أجراها ويتكوف وكوشنر.

الجمعة، أشار المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، إلى أنّ اجتماع الثلاثاء في موسكو جرى في جو ودي، مرحّباً بمشاركة جاريد كوشنر في المناقشات. وصرح أوشاكوف للتلفزيون الرسمي بأن الرئيس الروسي وويتكوف أجريا «محادثة ودية حقيقية ويفهم كل منهما الآخر». وفي إشارة إلى جاريد كوشنر، وأضاف: «انضمّ إلينا شخص جديد وأود القول إنّه كان مفيداً للغاية».

ولم يعلن عن تفاصيل كثيرة على صلة بالخطة المعدلة، في حين عُدّت النسخة الأولية منها مراعية إلى حد كبير لمصالح روسيا.

بوتين ومستشاره للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف (يسار) والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف (يمين) (أ.ب)

وقد تضمنت المسودة الأولى لخطة واشنطن تنازل أوكرانيا عن أراض بعضها لم تتمكن روسيا من احتلالها حتى الآن، مقابل وعود أمنية لا ترقى إلى مستوى تطلعات كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

ورغم أن التفاصيل لا تزال محاطة بالغموض، فإن النسخة الأولية من الخطة وُصفت بأنها «مائلة لمصلحة موسكو»، إذ تضمّنت تنازلات إقليمية من جانب أوكرانيا، بعضها في مناطق لم تحتلها روسيا بعد، مقابل ضمانات أمنية دون مستوى الانضمام إلى «الناتو». وفي حين تطالب كييف بضمانات صارمة تمنع تجدد العدوان الروسي، تبدي واشنطن حذراً في التعهد بخطوات قد تثير مواجهة مباشرة مع موسكو. وبين هذين الموقفين، تواصل روسيا توظيف مكاسبها العسكرية في المفاوضات، وفق مراقبين.

تقدّم روسي يفرض منطقه

على الأرض، كانت موسكو تُرسل إشارات واضحة إلى أنها ماضية في خيار الحسم الميداني. وأعلن الجيش الروسي سيطرته على بلدة بيزيمينيه في دونيتسك، فيما تتواصل محاولات التقدم باتجاه محاور أخرى في باخموت وسيفرسك وكوبينسك. وبحسب خرائط معارك نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» لـ«معهد دراسات الحرب في واشنطن»، ومحللين في منصات مراقبة مستقلة، فإن القوات الروسية تحقق مكاسب بطيئة، ولكن ثابتة، بعدما كثّفت خلال الأسابيع الماضية اعتمادها على الطائرات المسيّرة الهجومية، والمسيّرات الانتحارية الصغيرة التي تصعّب مهمة الدفاع الأوكراني.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف يتصافحان خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو 6 أغسطس 2025 (أ.ب)

ويشير التقرير إلى أن روسيا استولت خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) على نحو 505 كيلومترات مربعة من الأراضي، أي ضعف ما حققته في أكتوبر (تشرين الأول). ويرى محللون أن هذه المكاسب تُغري الكرملين بتشديد شروطه السياسية، وتمنحه شعوراً بأنه قادر على فرض إملاءاته في المفاوضات.

وبعد مناقشاته مع الوفد الأميركي، قال بوتين في تصريحات للتلفزيون الروسي إن اللقاءات جرت «في جو ودي»، لكنه شدد على أن روسيا «لن تغيّر مطالبها الأساسية»، وهو ما فُسر بأنه رفض غير معلن لأي تنازل كبير في الخطة الأميركية.

تصعيد واسع على البنية التحتية

وفي موازاة مسار المفاوضات، شنّت روسيا واحدة من أعنف موجات القصف منذ أشهر، مستخدمة أكثر من 650 طائرة مسيّرة و51 صاروخاً، وفق الجيش الأوكراني الذي أعلن إسقاط الغالبية منها، لكنه أقر بوقوع أضرار جسيمة في منشآت الطاقة ومحطات التدفئة والسكك الحديدية.

وأفاد حاكم العاصمة كييف بأن هجوماً واسعاً بالصواريخ والمسيّرات استهدف ضواحي المدينة ومنطقة فاستيف، حيث تعرض مركز رئيسي للسكك الحديدية للقصف، ما أدى إلى تدمير عربات ومحطات شحن وإلغاء عدد من الرحلات. كما تعرّضت البنية التحتية في تشيرنيهيف، وزابوريجيا، وأوديسا، ودنيبروبتروفسك لضربات تسببت في انقطاع الكهرباء والمياه عن عشرات الآلاف.

جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

وأوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن «منشآت الطاقة كانت الهدف الرئيس للهجمات» التي وصفها بأنها محاولة لـ«إلحاق المعاناة بملايين الأوكرانيين، وانحدروا إلى حد إطلاق الصواريخ على مدن مسالمة في يوم القديس نيكولاس»، في إشارة إلى بداية فترة عيد الميلاد في السادس من ديسمبر (كانون الأول)، ويصادف هذا التاريخ أيضاً يوم القوات المسلحة الأوكرانية، حسب «وكالة الأنباء الألمانية»، اليوم السبت. وجدّد دعوته لزيادة الضغط على موسكو وتعزيز الدعم العسكري لكييف، مشدداً على أن «روسيا لا تسعى للسلام، بل لفرض الاستسلام بالقوة».

وفي المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن «ضربة كبيرة» نُفذت رداً على ما قالت إنه «هجمات أوكرانية على أهداف مدنية داخل روسيا»، مؤكدة استهداف «منشآت عسكرية وصناعية وموانٍ وبنية طاقة» في مختلف أنحاء أوكرانيا.

أوكرانيا تردّ بقدرات محدودة

جندي روسي يرفع علم بلاده في إحدى البلدات بإقليم دونيستك الأوكراني الثلاثاء (إ.ب.أ)

ورغم تراجع قدراتها الهجومية، قالت القوات الأوكرانية إنها قصفت مصفاة ريازان الروسية لتكرير النفط ومنشأة لصناعة أغلفة القذائف في منطقة لوهانسك، في محاولة لتهديد القدرات اللوجيستية الروسية. غير أن حجم هذه الضربات يبقى أقل بكثير من تأثير الهجمات الروسية واسعة النطاق، وفق محللين عسكريين.

وتشير شهادات جنود أوكرانيين إلى حالة «إرهاق» في الخطوط الأمامية، وخصوصاً في محيط مدينة بوكروفسك التي تشهد معارك ضارية منذ 18 شهراً. وتصف قوات أوكرانية الوضع هناك بأنه «انهيار تدريجي» ناجم عن تفوق روسي في الطائرات المسيّرة والذخيرة والاستطلاع الليلي، وبسبب نقص الاحتياطيات البشرية في الجيش الأوكراني.

يرى مراقبون أن المفاوضات الجارية في فلوريدا تتأثر مباشرة بالتطورات الميدانية. إذ تدخل كييف المفاوضات من موقع أضعف نسبياً مقارنة بفترات سابقة، بينما يسعى بوتين إلى استثمار التقدم العسكري لفرض خطوط تماس جديدة كأساس لأي تسوية، وربما لانتزاع تنازلات سياسية من واشنطن نفسها.

ورغم تأكيد الجانب الأميركي أن المناقشات «بنّاءة»، فإن طبيعة الوفد الأميركي، الذي يضم شخصيات قريبة من ترمب، تثير تساؤلات حول الاتجاه المستقبلي للسياسة الأميركية تجاه الحرب، خصوصاً في ظل تراجع الحماسة في الكونغرس لتمويل دعم واسع لأوكرانيا. أما كييف، التي تصر على ضمانات أمنية راسخة واستعادة سيادتها، فتبدو في سباق مع الزمن لمنع روسيا من تحقيق مكاسب إضافية قد تفرض واقعاً تفاوضياً أكثر قسوة.